أنواع الاستجواب  
11 - نبذة:
الاستجواب جوهر التحقيق الجزائي وأهم إجراءات الدعوى الجزائية، وهو مناقشة المتهم تفصيلاً في الأدلة القائمة ضده ومواجهته بغيره من الشهود أو المتهمين، وعلى ذلك فالاستجواب نوعان: استجواب حقيقي واستجواب حكمي كما يلي:
12 - الاستجواب الحقيقي:
هو مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه ومطالبته بإبداء رأيه فيها ثم مناقشته تفصيلاً في أدلة الدعوى إثباتاً ونفياً. ويبين لنا أن الاستجواب الحقيقي يتعين أن يتوافر فيه عنصران هما، الأول: مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه ومطالبته برده عليها، والثاني: مواجهته بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيلاً عنها. بمعنى أن مواجهته بالتهمة ومطالبة المتهم برده عليها تأتي أولاً، ثم مواجهته بالأدلة ثانياً، فلا يجوز مواجهته بالأدلة قبل مواجهته بالتهمة المنسوبة إليه عملاً بنص المادة (99) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي وتعديلاته سالفة الذكر.
وقد جاء نص (م 99) المشار إليها آنفاً بالوجوب وليس بالجواز محدداً ما يجب على المحقق عمله عند استجواب المتهم عند حضوره أمامه لأول مرة في التحقيق.
واستجواب المتهم واجباً سواء كان موقوفاً أم مكفولاً، حيث لم يحدد النص وضعاً معيناً للمتهم، ويستثنى من ذلك المتهمون في قضايا الجنح، حيث يجوز للنيابة العامة إحالتهم إلى المحكمة مباشرة متى رأت ذلك حال كونهم مكفولين. كما نصت المادة (47) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي وتعديلاته على استجواب المتهم من قبل النيابة العامة بعد إحضاره من جهة الضبط القضائي موقوفاً وذلك خلال (24) ساعة ثم تأمر النيابة العامة إما بالقبض عليه أو إطلاق سراحه. كما أن الاستجواب كإجراء من إجراءات التحقيق تختص به سلطة التحقيق وهي النيابة العامة دون
واها عملاً بنص المادة (68) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي وتعديلاته -المقابلة للمادة (70) من قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته.
وعليه يمكن القول بإنه إذا تخلف أحد عنصري الاستجواب السالف بيانهما انهار ركن هام له، وأصبح إجراء آخر لا يتمتع بالشكليات أو الضمانات التي تنص عليها التشريعات المختلفة بالنسبة للاستجواب الحقيقي.
13 - الاستجواب الحكمي (المواجهة):
ويعني مواجهة المتهم بغيره من الشهود أو المتهمين، والمواجهة هنا نوعان:
أ مواجهة شخصية: أي يقوم المحقق بمواجهة المتهم بشخص متهم آخر أو شاهد آخر فيما يتعلق بما أدلى به كل منهما من أقوال، ويثبت المحقق هذه المواجهة وما أدلى به كل منهما.
ب – مواجهة قولية: وهي أن يواجه المحقق المتهم بما أدلى به شاهد أو متهم آخر بالتحقيق، وهذه المواجهة ليست إجراء مستقلاً من إجراءات التحقيق وإنما يعتبر مكملاً للاستجواب باعتبار أن الاستجواب يتضمن مواجهة المتهم بأدلة الثبوت ضده.
وتأييداً لذلك قضت المادة (88) من تعليمات النيابة العامة الاتحادية "يجب عند تعدد الشهود سؤال كل شاهد على انفراد، ولعضو النيابة العامة أن يواجههم بعضهم ببعض أو بالمتهم إذا استدعى الأمر، ويدون إجراءات المواجهة ونتيجتها بمحضر التحقيق، كما يجب أن يتم سؤال الشهود في حضور المتهم إلا إذا كانت هناك اعتبارات جدية يخشى فيها تأثر الشاهد بوجوده على نحو يضر بصالح التحقيق، على أن يحاط المتهم بتفاصيل الشهادة بعد انتهاء الشاهد منها وسماع ما قد يعقب به عليها ويثبت كل ذلك بمحضر التحقيق".
وتتفق المواجهة مع الاستجواب في أن كلاً منهما يتضمن مواجهة المتهم بدليل أو بأدلة قائمة ضده كيما يفندها إثباتاً أو نفياً، ولكنها تختلف عنه باقتصارها على دليل معين أو أكثر يرى عضو النيابة العامة أهميته، حيث يتبين له من التحقيقات الاختلاف الواضح بين ما أدلى به المتهم وما أدلى به شاهد أو متهم آخر، فيريد الجمع بينهما لمواجهة كل منهما بالآخر في هذا الخصوص ويثبت ما تسفر عنه المواجهة من أقوال.
14 - قيمة الاستجواب:
تظهر قيمته إذا أسفر الاستجواب عن نتائج مثمرة كاعتراف المتهم بارتكابه الجريمة، أو أسفر عن إدلاء المتهم بمعلومات تفيد في كشف الحقيقة أو تضع تفسيراً لوقائع الدعوى، إلا أن هذا الاعتراف الذي أسفر عنه الاستجواب والذي كان يطلق عليه "سيد الأدلة" فقد مصداقيته وأصبح الاستجواب خاضعاً إلى قناعة القاضي ووجدانه واطمئنانه. فله حق رفض الاعتراف بأكمله الناتج عن هذا الاستجواب، وله أن يرفض ما لم يستقر في وجدانه.

❖ ❖ ❖