نظام
التمويل
الإسلامي في
بعض
صوره

UAE-LC-Ar_1985-12-15_00005_Kait,art,694
إن
فكرة النظام
الإسلامي
للتمويل أو
البنك
الإسلامي
–
إن صح التعبير
–
هي فكرة
مطروحة منذ
فترة تعود إلى
منتصف القرن
الماضي حين
طرح عدد من
علماء
المسلمين
الفكرة كبديل
للإستعاضة عن
نظام المصارف
التي كانت وما
زالت قائمة
على أساس
الفوائد
الربوية التي
تتقاضها نظير
خدماتها
للعملاء.
ولأن
الفوائد
المذكورة
محرمة في
الشريعة
الإسلامية
الغراء، كان
لا بد من إيجاد
نظام يكفل
وجود هذه
المصارف
بإعتبارها
مصدرا مهماً
في الحركة
الإقتصادية
لأي مجتمع،
ولكن ضمن
الضوابط
والقيود
والأُطر التي
تسمح بها
شريعتنا
المقدسة.
إن
فكرة النظام
الإسلامي
للتمويل وإن
وجدت لتلبية
حاجات
المسلمين
المادية
والمعنوية.
وأقول
المعنوية
نظراً لحاجة
الفرد المسلم
لأن تكون
معاملاته
شرعية لا تحمل
شائبة مخالفة
لتعاليم
الدين الحنيف.
ولكن الفكرة
تطورت ببطء
نظراً لصعوبة
تطبيق النظام
الإسلامي
للمصارف من
جهة أنه نظام
غير مسبوق
بتجارب على
الرغم من أن
العلماء
الأعلام
كانوا قد
قصدوا
لمعالجة جُل
المعاملات
التي تتبعها
المصارف
الإسلامية في
وقتنا
الحاضر،
والسبب الآخر
يعود إلى أن
المصارف
التجارية
كانت قد
استقرت في
المجتمعات
منذ فترة
طويلة وروجت
لخدماتها
بطريقة يصعب
معها
المنافسة،
الأمر الذي
عزز في تباطئ
انتشار
البنوك
الإسلامية
خلال العقود
الثلاثة
الماضية على
الرغم من أن
الفكرة
مطروحة منذ
زمن بعيد كما
أشرنا.
إن
المتأمل في
مجريات حركة
المصارف
الإسلامية
للخمس سنوات
الماضية
تقريبا يجد أن
هنالك انتشار
سريع وإقبال
كبير على هذه
النوعية من
المؤسسات
المالية، ليس
في البلاد
الإسلامية
فحسب، بل في
أمريكا
وأوروبا أيضا.
فالإحصائيات
تشير إلى أن
عدد المصارف
الإسلامية قد
بلغ أكثر من (300)
مؤسسة مالية
حول العالم.
ولم يقف الأمر
عند هذا الحد
بل لوحظ أن
هنالك إهتمام
عالمي غير
مسبوق بموضوع
التمويل
الإسلامي
بحيث أصبح
الموضوع
عنواناً
للعديد من
المؤتمرات
والندوات
التي تعقد في
العديد من
العواصم
الغربية
والعربية بل
تجاوز الأمر
إلى درجة أن
قامت بعض
المصارف
التجارية
الأجنبية
بتخصيص بعض
خدماتها
لتنسجم مع
الفكرة
الإسلامية،
وبذلك أخذت
هذه المصارف
في العمل
بالفكرة
التجارية
المعهودة
مضافا اليها
بعض
المعاملات
والخدمات ذات
الصبغة
الإسلامية.
ولعلي لا
أُبالغ إن قلت
بأن إهتمام
الغربيين
بهذا الموضوع
فاق إهتمام
المسلمين
بكثير
وأصبحوا
يعقدون
الندوات
والمؤتمرات
التي تهتم
بأدق تفاصيل
فكرة النظام
الإسلامي
للتمويل، وفي
الحقيقة
فإنني لا أعلم
عمّا إذا كان
إهتمام هؤلاء
نابعاً من
اقتناعهم
بهذا النظام
على إعتبار
أنه الأفضل من
ناحية الفكرة
التي يطرحها
مقارنة مع
فكرة المصارف
التجارية، أم
أن الإهتمام
في مجمله نابع
من منطلق أنه
طالما أن
النظام
الإسلامي
يلبي متطلبات
شريحة كبيرة
من أفراد
المجتمعات
الإسلامية
وبعض
الجاليات
المسلمة
الموجودة في
الغرب،
فلماذا لا يتم
اللجوء إلى
ترويجه كخدمة
تسويقية ضمن
خدمات
المصارف تحت
أي غطاء أو
مسمى
إسلامي؟!
عموماً
أياً كان
الأمر ففي
رأينا أن طرح
الفكرة
وتطبيقها
عمليا قد أسهم
كثيرا في طرح
خيار لطالما
كان الناس
بحاجة اليه،
وعسى أن يكون
هذا الطرح
بداية لنشر
مختلف العلوم
الإسلامية
وتطبيقها
عملياً، لا
سيما وأنها
وُجدت لتسع
وتلبي حاجات
المجتمع
البشري
بمختلف
أطيافه.
بعض
تطبيقات
النظام
الإسلامي
للتمويل:
لا
شك أن هنالك
العديد من
المعاملات
الإسلامية
التي تنتهجها
المصارف
الإسلامية في
معاملاتها
كالمضاربة،
المشاركة،
المرابحة،
الإجارة،
والإستصناع...
الخ. ولكننا
آثرنا الحديث
عن بعض هذه
المعاملات
نظرا لأنها
تمثل أهم
الخيارات
المطروحة في
معاملات
المصارف
الإسلامية من
جهة، ومن جهة
أخرى فإن
الحديث عن
جميع
المعاملات قد
يطول ويحتاج
إلى بحوث
كثيرة، لذا
رأينا
الإكتفاء
بعرض بعض صور
هذه
المعاملات
تاركين
الحديث عن
باقي
المعاملات
إلى مقالات
أخرى إن شاء
الله.
أولاً
–
المضاربة
كخيار إسلامي
مطروح:
إن
المضاربة
تعدُّ من أهم
صور
المعاملات
الإسلامية
على إعتبار أن
الفقهاء
أفردوا باباً
خاصاً للحديث
عنها، كما أن
قانون
المعاملات
المدنية رقم 5/1985
لدولة
الإمارات
العربية
المتحدة أفرد
فصلاً من
المواد
القانونية
التي تطرقت
لماهية
المضاربة
وشروطها.
تأتي
أهمية
المضاربة من
منطلق أنها
تهدف أساساً
لإيجاد تعاون
بين صاحب
المال (الممول
أو المالك)
والعامل
(المضارب) من
أجل إستثمار
الأموال
المجمدة
المملوكة
لصاحب رأس
المال
وبالتالي
استفادتهما
من أرباحها.
والأهمية
الأخرى تأتي
من ناحية
تشغيل قطاع
مهم في
المجتمع وهو
قطاع العمال.
وأخيراً فإن
إضفاء صفة
الشرعية على
المعاملة
المنبثقة عن
نظام
المضاربة من
خلال سد باب
الربا يعد
العنصر الأهم
في المعاملة
إذ أن استفادة
كلا الطرفين
(المالك
والمضارب)
تأتي من الربح
الذي يجنى
لقاء إستثمار
المال.
وهنا
قد يثار
التساؤل بأن
رأس المال
المسدد من
المالك ليس له
دور في الربح
وإنما الدور
كله للعمل
الذي يقوم به
المضارب
(العامل)؟
إن
المفهوم
المشار إليه
خاطئ بكل
المقاييس،
ذلك أن المالك
(صاحب رأس
المال) يعتبر
شريك في العمل
وان كان
المضارب أو
العامل هو من
يقوم فعلياً
بتشغيل هذه
الأموال
وإستثمارها،
حيث أن المالك
لم يجمع هذه
الأموال إلا
بعد تعب
وعناء، لذا لا
يصح القول بأن
أمواله
المستثمرة لا
تؤدي دوراً في
الربح!!
-
تعريف
المضاربة: هو
عقد شراكه بين
مالك المال (رب
العمل)
والمضارب
(العامل)،
ليستخدم هذا
الاخير خبرته
في إستثمار
هذا المال، ثم
يتقاسم
الطرفين
الأرباح
بالنسبة
المتفق عليها
سلفاً دون
ضمان الربح
إلا اذا نتجت
الخسارة عن
إهمال وسوء
إدارة
المضارب
ومخالفته
لتعليمات
المالك.
-
الفرق بين
المضاربة
والقرض:
1.
المضاربة
والقرض
كلاهما مال
مأخوذ من
الغير، إلا أن
الربح إذا ذهب
للعامل فهو
قرض بضمان
مثله، أي أن
المقترض عليه
أن يعيد المال
المقترض دون
الربح وإلا
عدت الأرباح
الزائدة عن
القرض فائدة
محرمة وغير
جائزة شرعاً
سواء وجد شرط
الزيادة قبل
المعاملة أو
بعدها.
2.
في المضاربة،
المالك هو
الضامن
للخسارة وليس
المضارب،
بخلاف القرض،
فإن الخسارة
على المقترض
الذي هو
بمنزلة
العامل أو
المضارب.
3.
الربح
ليس مضموناً
في المضاربة
ولكنه مضمون
في القرض
الربوي، من
خلال الفائدة
التي يدفعها
المقترض إلى
البنك.
4.
مقدار الربح
غير معلوم في
المضاربة لا
سيما وأن حصة
كل من المالك
والمضارب
معلومة،
بخلاف القرض
الربوي فإن
مقدار الربح
معين سلفاً.
5.
في المضاربة
لا يستطيع
المضارب ترك
التجارة
(الإستثمار)
وصرف المال في
غير ما خصص له،
أما في القرض
فإن المقترض
يستطيع صرف
المال في غير
ما خصص له.
6.
في المضاربة
يُسلم
المضارب
المال على
سبيل
الأمانة، أما
في القرض فإن
المقترض
وبحسب
القوانين
العرفية
يُسلم المال
(القرض) بضمان
رد المثل خلال
الأجل
المحدد.
-
شروط
المضاربة
طبقا لقانون
المعاملات
المدنية
الإماراتي
رقم 5/1985 م:
طبقاً لنص
المادة (694) من
القانون آنف
الذكر، يشترط
لصحة
المضاربة:
1.
أهلية رب
المال
للتوكيل
والمضارب
للوكالة.
2.
أن يكون رأس
المال
معلوماً
وصالحاً
للتعامل
فيه.
3.
ألا يكون رأس
المال ديناً
أو وديعة لرب
المال في ذمة
المضارب. ذلك
أن المضاربة
تنشئ علاقة
بين عمل
المضارب
والمال، أما
الدين فهو في
حقيقته ليس
بمال حتى يقع
طرفاً في
العلاقة.
4.
أن تكون حصة كل
من
المتعاقدين
في الربح
جزءاً
معلوماً
وشائعاً،
بمعنى أنه
للمالك
الخيار بين
إعطاء
المضارب حصة
من الربح أو
أجره المثل،
فهنالك شركة
بين المال
والعمل، لذا
فإن الذي
يقابل العمل
هو حصة من
الربح حسب
إتفاق
الطرفين
المسبق.
-
بعض أحكام
المضاربة
طبقا لقانون
المعاملات
المدنية
الإماراتي:
1.
توافقت
المادة (696) من
قانون
المعاملات
المدنية مع
آراء فقهاء
الشريعة
الإسلامية من
عدم جواز
اشتراط ضمان
المضارب لرأس
المال في حال
ضياعه أو تلفه
بغير تفريط
منه. ذلك أن
المضاربة
تفترض أن
المضارب أمين
على المال
المسلم اليه،
ومقتضى كونه
أميناً عدم
الضمان بموجب
النصوص
الشرعية
الدالة على
هذا المعنى.
2.
تنص
المادة (697) من
القانون سالف
الذكر:
"يصح
أن تكون
المضاربة
عامة مطلقة أو
خاصة مقيدة
بزمان أو مكان
أو بنوع من
التجارة أو
بغير ذلك من
الشروط
المقيدة".
مفاد
نص المادة
المذكورة أنه
يجوز إطلاق
المضاربة
بحيث يترك
للمضارب حرية
التصرف فيما
يراد
الإستثمار
فيه من ناحية
المكان،
الزمان،
الأشخاص
والجهات التي
سيتعامل معها
أو تقييده،
شريطة أن لا
يؤدي هذا
التقييد إلى
تعطيل
المضاربة
وندرة الربح
بحيث يصبح
العقد عملاً
لغواً. ولقد
تعرض فقهائنا
إلى هذه
النقطة، فنقل
ابن قدامة في
الصفحة (184)
الجزء الخامس
من المغني ما
يلي:
"الشروط
في المضاربة
تنقسم قسمين:
صحيح وفاسد،
فالصحيح مثل
أن يشترط على
العامل أن لا
يسافر
بالمال، أو أن
يسافر به، أو
لا يتاجر إلا
في بلد بعينه،
أو نوع بعينه
أو لا يشتري
إلا من رجل
بعينه، فهذا
كله صحيح،
سواء كان
النوع مما يعم
وجوده أو لا
يعم والرجل
ممن يكثر عند
المتاع أو
يقل، وبهذا
قال أبو حنيفة.
وقال مالك
والشافعي: "إذا
شرط أن لا
يشتري إلا من
رجل بعينه أو
سلعة بعينها،
أو ما لا يعم
وجوده
كالياقوت
الاحمر
والخيل
الأبلق لم يصح
لأنه يمنع
مقصود
المضاربة وهو
التقليب وطلب
الربح، فلم
يصح كما لو
اشترط أن لا
يبيع ويشتري
إلا من فلان،
أو أن لا يبيع
إلا بمثل ما
اشترى به".
3.
طبقاً للمادة
(698) فإن
المضاربة
المطلقة تجيز
المضارب
بالعمل
والتصرف برأس
المال في شئون
المضاربة وما
يتفرغ عنها
ولا يجوز خلط
مال المضاربة
بماله ولا
إعطاؤه للغير
إلا إذا جرى
العرف بذلك أو
بتفويض من رب
المال. كما
تطرقت المادة
المذكورة
لعدم جواز هبة
مال المضاربة
ولا إقراضه
ولا الإقتراض
إلى حد يصبح
معه الدين
أكثر من رأس
المال إلا
بإذن صريح من
رب المال.
هذه
بعض الأحكام
العامة بشأن
عقد
المضاربة،
وهنالك بعض
الأحكام
التفصيلية
الأخرى التي
وردت في
المواد من 699-705 من
قانون
المعاملات
المدنية 5/1985
والمعدل
بالقانون رقم
1/1987، بالإضافة
إلى التفاصيل
الدقيقة التي
وردت في كتب
الفقه لدى
جمهور
المسلمين فمن
شاء مزيد من
التفاصيل
فليرجع إليها
منعاً
للإطالة.
-
المضاربة
كنظام إسلامي
متبع في
معاملات
المصارف
الإسلامية:
وفي
نظام المصارف
الإسلامية قد
تقع المضاربة
بين المصرف
كممول
بالنيابة عن
نفسه أو عن
المودعين إلى
المضارب
(المستثمر)،
وبعد جني
الأرباح من
هذا
الإستثمار
توزع بحسب
الحصص المتفق
عليها، وقد
تقع المضارب
بين مودعي
المصرف
كممولين
والمصرف
الإسلامي
كمضارب.
ومن
صور المضاربة
أيضاً هو لجوء
العديد من
المستثمرين
لأن يكونوا
مساهمين في
تمويل
المشاريع
الكبيرة
كالمشاريع
العقارية.
وهنا يقوم
المصرف
الإسلامي
بدور المضارب
عن طريق
استخدام
أموال هؤلاء
المستثمرين
في تمويل هذه
المشاريع
العقارية
العملاقة
وجني الأرباح
عبر العمليات
اللاحقة التي
تأتي بعد
انتهاء
المشروع
كبيعها
واقتسام
الأرباح
(المشاركة) أو
تأجيرها
والاستفادة
من الإيجار
(إجاره).
ثانياً
–
المرابحة
كخيار إسلامي
مطروح:
وهي
النموذج
الرائج
لعمليات
المصارف
الإسلامية،
ففي عقد
المرابحة
يتفق المصرف
الإسلامي
والعميل على
قيام المصرف
بتنفيذ
تعليمات
العميل نحو
تمويل شراء
منقول أو عقار
من المشتري
(طرف ثالث)،
ومن ثم يقوم
المصرف
بإعادة بيع
هذا المنقول
أو العقار إلى
عميله إما
نقداً أو بأجل
لقاء ربح
محدد.
يشتبه
الكثير من
أفراد
المجتمع
–
لا سيما
الطبقة
المثقفة منهم
–
بين هذه
النوعية من
المعاملات
وتلك التي
تتبعها
المصارف
التجارية،
حيث يطرح
التساءل عن
الفرق بين
الأرباح التي
تتقاضاها
المصارف
الإسلامية
بالصورة
المطروحة في
المعاملة
المشار اليها
اعلاه، وتلك
الفوائد
الربوية التي
تتقاضها
المصارف
التجارية؟
خصوصاً عندما
تروج المصارف
الإسلامية عن
معاملاتها في
وسائل
الإعلام
المختلفة بأن
نسبة
المرابحة 3٪
مثلاً؟
للرد
على هذه
الشبهة، نذكر
أن هنالك فرق
شاسع بين
الأمرين من
عدة نقاط
نجملها فيما
يلي:
1.
إن الربح الذي
يتقاضاه
المصرف
الإسلامي
(المرابحة) هو
نظير الخدمة
التي يقدمها
البنك نحو
البحث عن
البضاعة التي
يرغب العميل
باقتنائها
وبأفضل سعر،
أي أن البنك
يبذل جهداً
لقاء الربح
الذي يتقاضاه
من عميله.
2.
إن الربح الذي
يتقاضاه
المصرف
الإسلامي
(المرابحة) غير
مقترن بعامل
الزمن، بحيث
لو تأخر
العميل عن دفع
قسط من
الأقساط أو
تأخر في سداد
كامل المبلغ
خلال الأجل
المحدد، فلا
تفرض عليه أي
فوائد
تأخيرية،
فالربح محدد
وثابت منذ
البداية
بخلاف
الفوائد
الربوية التي
تتراكم كلما
تأخر العميل
في الوفاء
بالأقساط
المفروضة
عليه في
وقتها.
3.
النقطة
المهمة التي
قد يغفلها
الكثيرون هي
أن المصرف
الإسلامي
يتحمل مخاطرة
جسيمة حينما
يقبل تمويل
شراء العقار
أو المنقول
ليعيد بيعه
بعد ذلك إلى
عميله. هذه
المخاطرة تقع
غالباً في
الفترة التي
تفصل عملية
الشراء من
الطرف الثالث
ومن ثم إعادة
البيع
للعميل، اذ أن
المصرف يتحمل
تبعة كافة ما
قد يقع من
عوارض طارئة
خلال هذه
الفترة كتلف
المبيع قبل
تسليمه إلى
العميل سواء
نجم التلف عن
قوة قاهرة أو
حادث عرضي أثر
في المبيع.
والأخطر من
ذلك أن العميل
(المشتري)
يستطيع رفض
إعادة شراء
المبيع من
المصرف دون
مبرر
وبالتالي فإن
المصرف لا
يستطيع من
الناحية
العملية
إلزام العميل
بشراء المبيع
وإن كان
يستطيع
الزامه
بالتعويضات
الناشئة عن
المصاريف
التي تكبدها
المصرف في
سبيل شراء
المبيع من
الطرف
الثالث.
لذا
فإن المخاطرة
التي تواجه
المصارف
الإسلامية من
جراء عقد
المرابحة تعد
كبيرة الأمر
الذي يبرر فرض
نسبة الأرباح
التي لا يمكن
قياسها بأي
حال من
الأحوال مع
الفوائد
الربوية التي
تتقاضها
المصارف
التجارية حيث
تضمن هذه
الأخيرة
حقوقها
مسبقاً ولا
تتحمل أي
مخاطرة في
عملية تمويل
العميل على
الإطلاق.
ثالثاً
–
المشاركة
كخيار إسلامي
آخر مطروح:
هي
فكرة قديمة في
نظام
التمويل،
ومشابهة لعقد
المضاربة
المشار إليها
سلفاً، غاية
ما في الأمر أن
جميع أطرافها
يشتركون في
تمويل
الإستثمار
ويقتسمون
الأرباح حسب
الإتفاق،
ولكن الخسارة
يتحملها كل
طرف بحسب
نسبته في
تمويل
الإستثمار.
في
المشاركة،
يستطيع جميع
الشركاء
إدارة
الإستثمار
وإن كان هذا
ليس ضرورياً
ومطلوباً من
الجميع. كما أن
هنالك بعض
النقاط
المهمة التي
يجب إدراكها
عند الحديث عن
المشاركة،
حيث أن نسبة
الأرباح
تتفاوت فيما
بين الشركاء
وإن كانت
مساهمتهم في
رأس المال
متساوية وعلى
الرغم من أن
الجميع
يتحملون
الخسارة بحسب
حصصهم في
المساهمة
برأس المال.
ولعل السبب في
تفاوت نسبة
الربح يعود
إلى تحمل بعض
الشركاء عناء
إدارة
المشروع
وتحمل كافة
تبعاته، لذا
فمن البديهي
أن تكون نسب
هؤلاء أعلى من
غيرهم كما هو
شأن علاقة
المصارف
بعملائها من
المستثمرين،
فعندما يكون
المصرف
مرتبطا مع
عميله بعقد
مشاركة،
يلاحظ أنه عند
توزيع
الأرباح يأخذ
كل طرف نصيبه
من الأرباح
بحسب
الإتفاق،
علاوة على ذلك
يقوم العميل
بدفع مبلغ
إضافي إلى
البنك بطريقة
تؤدي في نهاية
الأمر إلى
تقليل نسبة
مساهمة البنك
في المشروع
بحيث يملك
العميل كامل
المشروع في
نهاية الأمر
ويصبح مالكاً
وحيداً
للمشروع دون
مشاركة
البنك، بمعنى
آخر يمكن
إعتبار ما
يدفعه العميل
للبنك من
مبالغ إضافية
علاوة على
نسبة الأرباح
من قبيل شراء
العميل لحصة
البنك في رأس
مال المشروع
بحيث يمتلك هو
–
أي العميل
–
كامل المشروع
مستفيداً من
مساهمة البنك
في بداية
المشروع.
مشابهة
لعقد
الإيجار،
وفيها يشتري
البنك
المنفعة
(المأجور) سواء
كان عقاراً أو
منقولاً
ويؤجره على
العميل
(المستأجر)
لقاء أجر يتم
الإتفاق عليه
ويجوز زيادته
طبقا للسعر
السائد في
السوق بنهاية
كل فترة
تعاقدية.
خلال
فترة الإيجار
تكون ملكية
المأجور بيد
(البنك) ضمانا
وتقليلا من
نسبة
المخاطرة
التي قد تترتب
على مثل هذه
المعاملات.
كما وأن البنك
بصفته مؤجر
يبقى مسئولا
عن أعمال
صيانة
المأجور فترة
العقد.
في
نهاية العقد
بعد استيفاء
البنك لكافة
التكاليف
يقوم ببيع
العقار إلى
العميل نظير
قيمة رمزية.
في
مثل هذه
المعاملة
يتحمل البنك
الإسلامي
مخاطرة كبيرة
تكمن في تحمل
المسئولية
كاملة في حال
تلف أو هلاك
المنفعة، وهو
ما لا نجده في
معاملات
المصارف
التجارية،
فالمصرف
التجاري
حينما يقرض
العميل أو
يمول شراء
عقار مثلا،
فهو لا يضمن أي
أعراض قد تصيب
المنفعة ولا
يعفي العميل
من سداد قيمة
هذه المنفعة
بصرف النظر
عما قد يلحقها
من تلف أو هلاك
أما المصرف
الإسلامي فهو
ضامن ومؤمن
على المنفعة
ولا يحمل
العميل تبعة
أي تلف أو
هلاك.
أثناء
إعداد هذا
البحث استعنت
بالعديد من
المراجع
الفقهية
والقانونية،
ولعل كتاب
البنك
اللاربوي في
الإسلام
للسيد/ محمد
باقر الصدر
–
من علماء
الإمامية
–
تضمّن على
أطروحة رائعة
لكافة أوجه
نشاطات
البنوك في ضوء
الفقه
الإسلامي،
وفي الحقيقة
لفت انتباهي
ما جاء في
مقدمة هذا
الكتاب حينما
عرض المؤلف
المعالم
الأساسية
للسياسة
المصرفية
الجديدة
ورأيت من
المناسب عرض
بعض هذه
المعالم بما
ينسجم وخاتمة
البحث. وذلك
على النحو
التالي:
1.
يجب أن تتجه
المصارف
الإسلامية
إلى إبراز
عنصر العمل
البشري في
نشاطاتها،
بحيث يتم
التركيز على
صفتها كعامل
يستقي دخله من
العمولات
التي تمثل
أجرة عمل.
2.
الإتجاه إلى
الوساطة بين
المودعين
والمستثمرين
وصياغة
الموقف
القانوني
منهما بصورة
تجسد
الوساطة.
3.
إستعداد
البنك
اللاربوي
لتحمل أعباء
التجربة
الجديدة في
سبيل بث الروح
الإسلامية
واستعداده
للتضحية بشيء
من الربح أو
المخاطرة اذا
تطلب الأمر
ذلك. فالبنك
الإسلامي يجب
أن يتحلى بقيم
الرسالة
الإسلامية
وروحها
العظيمة إلى
جانب الروح
التجارية.
إذن،
كانت هذه نبذة
وجيزة عن بعض
صور
المعاملات
التي تقوم بها
المصارف
الإسلامية،
تاركين
الحديث عن
باقي
المعاملات
إلى مقالات
أخرى مع
التأكيد
مجددا بأننا
نأمل أن تكون
الاستفادة من
تطبيق فكرة
النظام
الإسلامي
للمصارف
بداية مشرقة
للإستفادة من
تطبيق سائر
المعاملات
الإسلامية
التي تحدث
عنها كتب
الفقه فعلماء
المسلمين
أفردوا
فصولاً مهمة
في شرح سائر
المعاملات
والعقود التي
تواجهنا في
الحياة
العملية
فاستنبطوا
الأدلة
الشرعية
الخاصة بكل
معاملة
ووضحوا الرأي
الفقهي
السديد لها.
وكما استنار
المجتمع من
النظام
الإسلامي
للمصارف
مستفيداً من
جهود علمائنا
الأبرار، فإن
المأمول أن
يستطيع
المجتمع
الإستفادة من
سائر الآراء
الخاصة بباقي
المعاملات
الأخرى التي
تطرق لها
العلماء لجعل
معاملاتهم
ضمن نطاق
شرعي.
وختاماً
فإن فكرة
المصارف
الإسلامية
وإن كنت أعتقد
بأن الغاية
الاساسية
منها يجب أن
تقوم على فكرة
التكافل
الإجتماعي،
بحيث تكون
غاية المصرف
الإسلامي
الأساسية هي
مساعدة أفراد
المجتمع
الإسلامي عبر
الخدمات التي
تقدمها، إلا
أن طرح الفكرة
وتطبيقها
بهذا الإتساع
يعد إنجازاً
جديراً
بالإعتزاز،
طالما أنه
يعرف
المجتمعات
الأخرى بأن
ديننا الحنيف
أوجد الحلول
المختلفة
لسائر
المعاملات
الطارئة في
حياة أفراده
بل ولديه
الحلول لأي
معاملات
مستقبلية
أينما وجدت
ومهما كانت
شائكة،
فالدين
الإسلامي وجد
لتلبية حاجات
المجتمعات في
أي زمان
ومكان.
هذا
والحمد لله رب
العالمين.