طعن رقم 19 لسنة 2007
صادر بتاريخ 25/03/2007(طعن مدني)
هيئة المحكمة: الرئيس: محمد محمود راسم والاعضاء: فتيحة محمود قره، زهير أحمد بسيوني، سعيد عبد الحميد فودة، عبد الوهاب صالح حموده.
1- ماهية الإقرار.
2- محل الإقرار.
3- تعريف الإقرار القضائي.
4- إعتبار الإقرار القضائي حجة على المقر.
5- إعتبار تسليم المدعى عليه بطلبات المدعي في الدعوى نزولاً منه عن حقه بمطالبة خصمة بإثبات الواقعة المدعى بها.
6- عدم ضرورة ثبوت صحة التصرف محل الإقرار لأجل ثبوت أثر هذا الإقرار.
7- بقاء الإقرار القضائي للخصم امام المحكمة الإبتدائية نافذاً امام محكمة الإستئناف.
8- إعتبار قاعدة "ان الطاعن لا يضار بطعنه" متعلقة بالنظام العام وتعلو على حجية الأحكام وعلى القواعد المتعلقة بالنظام العام.
9- عدم جواز قضاء محكمة الإستئناف في الإستئناف المرفوع اليها من المدعى وحده بما يترتب عليه الإضرار به سواء في منطوق حكمها او في اسباب هذا الحكم.
10- عدم جواز تعرض محكمة الإستئناف للفصل في أمر غير مطروح عليها وجعل مركز المستأنف الوحيد أسوأ من قبل.
الحكم
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر / .......... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق – في ان الطاعن (............) أقام على المطعون ضدهم 1- .............. 2- .............. 3- .............. 4- .............. 5- .............. 6- .............. 7- .............. (القاصر بوصاية والدته ................) بصفتهم من ورثة المتوفى ..............، الدعوى رقم 850 لسنة 2005 مدني كلي امام محكمة دبي الإبتدائية، بطلب الحكم بإلزامهم – من تركة المورث المذكور بأن – يدفعوا له مبلغ 49/4.999.621 درهماً، وقال في بيان ذلك انه يمتلك العقار المقام على قطعة الأرض رقم 220 بمنطقة الكرامة بالإشتراك مع المدعو .............. بطريق الشراء من والده المتوفى مورث الطرفين، وذلك بموجب المؤرخ 10-11-1982، ولما كان المورث قد قام بتأجير وحدات العقار محل النزاع قبل وفاته في 9-1-2005 وكان يقوم بتحصيل بدلات الإيجار وقد وصلت حصته فيها المبلغ المطالب به الذي أودعه والده في حسابه الخاص، وبعد وفاته طلب المدعى من المدعى عليهم تجنيب هذا المبلغ من تركة المتوفى، فوافق الجميع عدا المطعون ضده الأخير (..............) القاصر بوصاية والدته، ومن ثم فقد أقام الدعوى، وبعد ان قدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي، حكمت المحكمة بتاريخ 31-5-2006 بعدم سماع الدعوى لسبق حسم النزاع صلحاً. استأنف المدعى هذا الحكم بالإستئناف رقم 489 لسنة 2006 مدني، وبعد ان قدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي، حكمت المحكمة بتاريخ 30-11-2006 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المدعى في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 28-1-2007 طلب في ختامها نقض الحكم المطعون فيه، وقدمت الوصية على القاصر .............. (المطعون ضدها السابعة) مذكرة بالرد – في الميعاد – طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث ان الطعن بعد ان عرض على المحكمة في غرفة مشورة، رأت انه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره.
وحيث ان الطعن أقيم على ثمانية اسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وحاصلة ان الحكم بعدم سماع الدعوى الصادر من محكمة اول درجة من شأنه ان يمنع المحكمة من نظر الدعوى، مما لازمه ان محكمة الإستئناف إذا رأت رفض الدعوى لأسباب موضوعية، فإنه كان يتعين عليها إعادة الدعوى الى محكمة اول درجة لنظر الموضوع دون ان تتصدى للحكم في موضوعها عملاً بنص المادة 166 من قانون الإجراءات المدنية، وإذ خالف المطعون فيه هذا النظر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذه النعي غير سديد. ذلك ان النص في المادة 165/1، 2 من قانون الإجراءات المدنية على انه ((1- الإستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الإستئناف فقط. 2- وتنظر المحكمة الإستئناف على اساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك للمحكمة الإبتدائية)) وفي المادة 166 منه على ان ((إذا حكمت المحكمة الإبتدائية في الموضوع ورأت محكمة الإستئناف ان هناك بطلاناً في الحكم أو بطلاناً في الإجراءات أثر في الحكم، تقضى بإلغائه وتحكم في الدعوى اما اذا حكمت المحكمة الإبتدائية بعدم الإختصاص او بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في الدعوى وحكمت محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم وبإختصاص المحكمة او برفض الدفع الفرعي وبنظر الدعوى وجب عليها ان تعيد القضية للمحكمة الإبتدائية للحكم في موضوعها)) يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان وظيفة محكمة الإستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التكبيق القانوني فحسب، وإنما يترتب على رفع الإستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف الى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما إشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية سواء ما تعلق منها بالواقع او بتطبيق القانون، وتلتزم محكمة الإستئناف بالتصدي لموضوع النزاع والفصل فيه اذا ما فصلت محكمة اول درجة في دفع موضوعي يرمي الى عدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره، ولا تلتزم بإعادة الدعوى الى محكمة اول درجة إلا اذا قضت بإلغاء الحكم الإبتدائي الصادر بعدم الإختصاص او بقبول دفع ترتب عليه منع السير في نظر موضوع الدعوى. لما كان ذلك وكان الدفع بعدم سماع الدعوى لسبق الصلح فيها هو دفع للدعوى برمتها في ذات موضوعها، ومتى قبلته محكمة اول درجة فقد إنحسمت الخصومة في هذا الموضوع امامها، وإستنفدت ولايتها في موضوع النزاع، وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضى به الممحكمة من تلقاء نفسها، فإذا استأنف الخصم هذا الحكم فإنه يتعين على محكمة الإستئناف اذا ما رأت إلغاء الحكم المستأف ان تمضي في نظر النزاع، لأن محكمة الإستئناف بما لها من حق التصدي تستعيد كامل سلطتها كمحكمة موضوع على كافة عناصر النزاع وتقضي في موضوع طلبات المستأنف الذي سبق وطرحها على محكمة أول درجة. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق ان محكمة اول درجة قد اقامت قضاءها بعدم سماع دعوى الطاعن على سند من ان النزاع قد سبق حسمه بطريق الصلح بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1635 لسنة 1988 شرعي وانه لا يجوز العودة الى إقامة الدعوى الماثلة وبالتالي فإنها تكون قد فصلت في موضوع النزاع ولا يتعلق قضاؤها فيه بدفع فرعي يترتب عليه منع السير في الدعوى، وبالتالي فلا تلتزم محكمة الإستئناف بإعادتها الى محكمة اول درجة للفصل في موضوعها سواء قضت بتأييد الحكم المستأنف او بإلغائه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير اساس.
وحيث ان الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، ذلك ان دعوى الطاعن قد أقيمت ضد تركة مورثه، ممثله في جميع الورثة، وان الطلبات كانت موجهة الى المدعى عليهم جميعاً بما فيهم المدعى عليه السابع بوصاية والدته، ولما كان المدعى عليهم الستة الاول قد أقروا امام المحكمة الإبتدائية بصحة طلبات الطاعن فيعد هذا إقراراً قضائياً منهم بصحة ما يدعيه قبلهم، إلا أن الحكم المطعون فيه قد إعتبر ان الخصومة قد انحصرت بين الطاعن والمطعون ضدها الأخيرة، دون ان يعتد بهذه الإقرارات الصادرة من المطعون ضدهم الستة الأول، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي في محله - ذلك انه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان الإقرار هو إعتراف شخص بحق عليه لآخر بقصد اعتبار هذا الحق ثابتاً في ذمته وإعفاء الدائن من إثباته متى كان هذا الإقرار يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين.
وقد يقع الإقرار على الحق ذاته او على المصدر الذي أنشأ هذا الحق، وقد يتعلق بحق شخصي او بحق عيني وسواء أكانت الواقعة محل الإقرار تصرفاً قانونياً او مجرد واقعة مادية واياً كانت قيمة الحق محل الإقرار ولو كان يخالف او يجاوز ما هو ثابت بالكتابة.
ومن المقرر وفق ما تقضي به المادتان 51، 53 من قانون الإثبات ان الإقرار القضائي هو ما صدر من الخصم امام القضاء اثناء نظر الدعوى.
ويعد حجة على المقر بما أقر به على نفسه، ولا يقبل منه الرجوع فيه، بإعتباره مصدراً لإلتزامه بالحق المطالب به، وهو حجة قاصرة على المقر وحده وملزماً له دون ان يتعدى أثره الى غيره.
وعلى ذلك فإن تسليم المدعى عليه بطلبات المدعى في الدعوى يعد نزولاً منه عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات الواقعة المدعى بها.
ولا يحتاج ثبوت أثر هذا الإقرار قبل المقر ثبوت صحة التصرف محل الإقرار ما لم يكن بطلان هذا التصرف متعلقاً بالنظام العام.
ومن المقرر ايضاً ان إقرار الخصم إقراراً قضائياً امام المحكمة الإبتدائية يظل نافذ الأثر امام محكمة الإستئناف إذ لا يجوز له الرجوع فيه. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق ان الطاعن قد أقام دعواه قبل المطعون ضدهم جميعاً من الأول الى السابعة بطلب الحكم بإلزامهم – من تركة المورث .............. بأن يدفعوا له مبلغ 49/4999621 درهماً، وجرى دفاع الطاعن امام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن المطعون ضدهم من الأول الى السادسة قد أقروا قضائياً للطاعن بطلباته، مما مؤداه إلزام كل منهم بما أقر به وبقدر حصته في المبالغ المطالب بها من تركة المورث، وكان الثابت حسبما يبين من مطالعة ملف الحكم الإبتدائي ان المطعون ضدهم من الاول الى السادسة قد قدم كل منهم على حدة مذكرة بدفاعه موقعاً عليها منه امام محكمة اول درجة بجلسة 15-2-2006 ثابت في كل منها إقرار كل منهم بصحة الدعوى المقامة ضده سواء من حيث الوقائع او الطلبات، وكانت المحكمة المطعون في حكمها إذ لم تتفحص تلك المذكرات المؤثرة في الدعوى وما ورد بها والتي تمسك الطاعن بدلالتها امام محكمة الموضوع، ومدى التزام كل منهم بإقراره دون ان يتعداه الى غيره، وانتهت في حكمها الى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم سماع دعوى الطاعن برمتها بما فيها حصة كل من المطعون ضدهم من الاول الى السادسة في تركة مورثهم المتوفي، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفق ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 150 من قانون الإجراءات المدنية، ان الطاعن لا يضار بطعنه، وهي قاعدة أصولية تتعلق بالنظام العام وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها، وهي تعلو على حجية الأحكام وعلى ما تقضي به القواعد المتعلقة بالنظام العام. مما مفاده
انه لا يجوز لمحكمة الإستئناف ان تقضي في الإستئناف المرفوع اليها من المدعى وحده عن الحكم الصادر ضده من محكمة اول درجة بما يترتب عليه الإضرار به سواء ما يرد في منطوق حكمها او في اسباب هذا الحكم بأن تعمد الى وضع المستأنف في مركز قانوني جديد ضار به خلاف المركز الثابت له بالحكم الإبتدائي المستأنف.
ومن المقرر ايضاً وفق ما تقضي به المادة 165 من ذات القانون ان الإستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وذلك بالنسبة لما رفع عنه الإستئناف فقط، وتنظر المحكمة الإستئناف المرفوع إليها على اساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك امام محكمة اول درجة، إلا انه لا تقبل اية طلبات جديدة من الخصوم، وإن كان يجوز لهم مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، وهو ما لا تملك المحكمة تغييره من تلقاء نفسها، ولا يجوز لمحكمة الإستئناف ان تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها وان تسوىء مركز المستأنف بالإستئناف الذي قام هو وحده برفعه. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق ان محكمة اول درجة قد اقامت قضاءها بعدم سماع دعوى الطاعن على سند من ان طلباته فيها قد سبق ان حسم النزاع بشأنها صلحاً بين الطرفين بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1635 لسنة 1988 شرعي، وكان المدعى (الطاعن) وحده هو الذي استأنف هذا الحكم طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته المبداة في صحيفة الدعوى، إلا ان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الإستئناف وبتأييد الحكم المستأنف بعدم سماع الدعوى، وذهب في اسبابه الى ان التصرف الصادر من المورث الى الطاعن لا يعد عقد بيع بل هو تصرف مضاف الى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية لاحتفاظ المورث بحقه في الإنتفاع بالعين المبيعة من حيث الواقع فإنه يكون قد أضر الطاعن المستأنف بطعنه بتغيير مركزه القانوني الثابت له بموجب عقد البيع المسجل وهو ما لم يكن محل منازعه من خصومه في الدعوى واعتبر الحكم هذا التصرف وصية بما يسيء الى مركزه القانوني الاول، ورتب على ذلك قوله بأن الحكم المستأنف قد خلص لهذه النتيجة ((على نحو مختلف ولمصلحة المستأنف (الطاعن) فإنه يتعين القضاء في موضوع الإستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف حكماً وبقوة القانون حتى لا يضار المستأنف من استئنافه باعتبار ان عدم سماع الدعوى سنداً للصلح أصلح للمدعى (المستأنف) من رفض الدعوى لعدم الأحقية)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم لا يواجه دفاع الطاعن في استئنافه بشأن منازعته في أثر اتفاقية الصلح محل النزاع على أحقيته في العائدات المطالب بها قبل المطعون ضدها الأخيرة بصفتها وصية على القاصر ..............، ولم يقل قوله الفصل في هذا الخصوص إيجاباً أو رداً، ومن ثم فإن الحكم يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه ايضاً لهذا السبب، دون حاجة لبحث اسباب الطعن المتعلقة بهذا الخصوص.

* * *