طعن رقم 276 و44 لسنة 2007
تاريخ 22/5/2007(طعن تجاري)
هيئة المحكمة: الرئيس: احمد عبد الرحمن الزواوي والاعضاء: سيد عبد الرحيم الشيمي، سعيد عبد الحميد فودة، عبد الوهاب صالح حموده، ضياء الدين علي أبو الحسن.
1- عدم جواز عدول المحكمة عن الحكم الذي أصدرته لإستنفاد ولايتها بالفصل في النزاع.
2- أسباب عدم جواز إستئناف المحكوم عليه إبتدائياً الحكم لإعادة طرح النزاع على محكمة الإستئناف إذا كان قد سبق لها الفصل فيه في الإستئناف المرفوع من المحكوم له المختصم فيه المحكوم عليه والمقضي فيه بكل طلباته قبل المحكوم عليه.
الحكم
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقريري التلخيص الذي أعدهما وتلاهما بالجلسة القاضي المقرر / ................ وبعد المداولة.
حيث ان الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية.
وحيث ان الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق – تتحصل في ان ورثة المرحوم ............... أقاموا الدعوى رقم 476 لسنة 1998 تجاري كلي امام محكمة دبي الإبتدائية على بنك ............... بطلب الحكم ببراءة ذمة مورثهم من الدين محل المنازعة ومقداره 369,608,663,80 درهماً وما يترتب على ذلك من آثار وكف منازعة البنك المدعى عليه لهم، وذلك تأسيساً على ان مورثهم وهو كويتي الجنسية توفى بتاريخ 25-9-1995 فحضروا من دولة الكويت الى الإمارات لحصر وجرد تركته والتي تتمثل في عقارات وبنايات وأراضي فضاء ومجموعة شركات وأموال سائلة مودعة في العديد من البنوك، وكان القائم على إدارتها مكاتب ................ برأس الخيمة، المملوكة ................، وعند مطالبتهما بتسليم عناصر التركة إليهم امتنعا بغير حق مما حدا بهم الى اللجوء الى القضاء، وبعد ان أحتدمت المنازعات بين الطرفين فوجئ المدعون بالبنك المدعى عليه يقوم بالحجز على عقارات وأموال وشركات مورثهم استناداً الى أمر الحجز الإحتياطي رقم 358 لسنة 1996 الصادر بتاريخ 11-8-1996 من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة رأس الخيمة وإدعائه في الدعوى رقم 359 لسنة 1996 مدني رأس الخيمة ان مورثهم وآخرين مدينين له في مبلغ 369,608,663,80 درهماً حتى تاريخ 3-8-1996 والفوائد بمعدل 13 ٪ حتى تمام السداد، رغم ان مورثهم والبنك المذكور لم تكن بينهما أية تعليمات ولم يكن مديناً للبنك في أية مبالغ وان ذمته بريئة من الدين المدعى به وان الحجز على التركة تم بغير سند، من ثم فقد أقاموا الدعوى، قام البنك المدعى عليه بإدخال كل من: 1- شركة ................ 2- ................ 3- ................ خصوماً في الدعوى وطلب إلزامهم والمدعين بأن يؤدوا إليه بالتضامن مبلغ 506,990,631,72 درهماً والفائدة، وذلك تأسيساً على ان هذا المبلغ هو المترصد في ذمتهم حتى تاريخ 28-12-1998 نتيجة تعاملات مصرفية، ومحكمة أول درجة بعد ان ندبت خبيراً في الدعوى وقدم تقريريه ندبت دائرة المراجعة المالية ليقوم أحد خبرائها بذات المهمة وبعد ان قدم الخبير تقريره ألأصلي والتكميلي حكمت بتاريخ 18-10-2003 أولاً: في الدعوى الأصلية بثبوت براءة تركة مورث المدعين من الدين محل الدعوى ثانياً: في الطلب العارض 1- برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها 2- بإلزام الخصمين المدخلين الثاني والثالث (................ و ................) بأن يؤديا للبنك المدعى في الطلب العارض مبلغ 119,529,550,27 درهماً والفائدة 8 ٪ سنوياً اعتباراً من 31-12-1998 وحتى تمام السداد، وبتاريخ 1-11-2003 استأنف البنك هذا الحكم بالإستئناف رقم 1444/2003 حقوق مختصماً فيه المحكوم عليهما ................ و................ بطلب الحكم بكامل طلباته قبل كل الخصوم، وبتاريخ 8-12-2004 قضت محكمة الإستئناف بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة لورثة المرحوم ................ ليكون بعدم سماع الدعوى الأصلية والطلب العارض بمرور الزمان وتأييده فيما عدا ذلك طعن البنك في هذا الحكم بالتمييز رقم 21 لسنة 2005 تجاري ضد جميع الخصوم وبتاريخ 6-5-2006 قضت محكمة التمييز برفض الطعن، وبتاريخ 30-11-2004 استأنف ................ الحكم الإبتدائي بالإستئناف رقم 997 لسنة 2004 تجاري، كما استأنفه ................ بتاريخ 1-12-2004 بالإستئناف رقم 998 لسنة 2004 تجاري – اي بعد صدور الحكم في الإستئناف رقم 1444/2003 حقوق المرفوع من البنك المطعون ضده – ومحكمة الإستئناف بعد ان ضمت الإستئنافين رقمي 997، 998 لسنة 2004 تجاري للإرتباط قضت فيهما بتاريخ 17-12-2006 برفضهما، طعن المستأنفان (................ و................) في هذا الحكم بالتمييز رقم 276 لسنة 2006 تجاري بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 26-12-2006 طالبين نقضه، كما طعن فيه المستأنف ................ بتمييز مستقل برقم 44 لسنة 2007 تجاري بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 14-2-2007 طالباً نقضه، قدم محامي البنك المطعون ضده الثاني مذكرة بالرد في كلا الطعنين بطلب رفض كل منهما. وإذ عرض الطعنين على هذه المحكمة في غرفة مشورة فقد رأت أنهما جديرين بالنظر فحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت المحكمة ضم الطعنين للإرتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث ان حاصل ما ينعاه الطاعنان بأسباب الطعنين على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، ذلك انه أقام قضاءه برفض استئنافيهما على ان موضوعهما قد صدر فيه حكم نهائي في الإستئناف رقم 1444/2003 المقام من البنك المطعون ضده والذي اختصما فيه وقد صار هذا الحكم باتاً حائزاً قوة الأمر المقضى فيه في مواجهتهما بصدور حكم محكمة التمييز في الطعن رقم 21 لسنة 2005 تجاري، هذا في حين انه لا حجية لهذه الأحكام قبلهما لأنهما لم يحضرا امام محكمة الإستئناف عند نظر الإستئناف رقم 1444 لسنة 2003 كما لم يحضرا امام محكمة التمييز عند نظرها للطعن رقم 21/2005 المرفوعين من البنك المطعون ضده، كما ان الحكم الإبتدائي صدر بمثابة الحضوري في حقهما ولم يعلنا به ومن ثم فإن باب الطعن عليه بالإستئناف يظل مفتوحاً، وانه لا يغنى عن إعلانهما بالحكم الإبتدائي أي إجراء آخر، وانه بمجرد استئنافه تزول حجيته المؤقتة، وإذ خالف الحكم المطعون هذا النظر واعمل في حقهما حجية حكمي الإستئناف والتمييز المشار إليهما فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع الإستئنافين وما قدماه من دفاع فيهما ونعي على قضاء الحكم المستأنف فإنه يكون معيباً ايضاً بالقصور في التسبيب بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان النص في المادة 92 من قانون الإجراءات المدنية على ان ((الدفع بعد جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها)) يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على انه متى أصدرت المحكمة حكماً فإنه يمتنع عليها العدول عنه إذ تكون بذلك الحكم قد استنفذت ولايتها بالفصل في النزاع وهو امر يتعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
ومن ثم فإنه لا يجوز للمحكوم عليه ابتدائياً ان يستأنف هذا الحكم لإعادة طرح ذات النزاع على محكمة الإستئناف إذا كان قد سبق لها الفصل فيه في الإستئناف المرفوع من المحكوم له والذي اختصم فيه المحكوم عليه وقضت فيه للمحكوم له بكافة طلباته قبل المحكوم عليه يستوى في ذلك ان يكون الحكم الإبتدائي صحيحاً او باطلاً او معيباً على إجراء باطل ولو كان ميعاد الإستئناف لم ينقض بعد عند رفع المحكوم عليه إستئنافه طالما انه قد اقامه بعد ان استنفذت محكمة الإستئناف ولايتها بالفصل في الإستئناف السابق، ذلك لأن القاضي لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وبالتالي لا يملك الخصم المحكوم عليه تصحيح الحكم الصادر ضده في الإستئناف إلا بالطعن عليه بالطرق المقررة قانوناً. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق ان محكمة الإستئناف في قضائها السابق صدوره في الإستئناف رقم 1444/ 2003 حقوق بتاريخ 8-12-2004 المقام من البنك المدعى في الطلب العارض عن ذات الحكم الإبتدائي الصادر لصالحه بالنسبة لجزء من المبلغ المطالب به على المدعى عليهما الثاني والثالث في طلبه العارض (الطاعنين ................ و................) قد فصل في ذات النزاع بين الطرفين وقضى بتأييد الحكم الإبتدائي في خصوص المبلغ المقضى به، وكان الثابت ان الطاعنين قد تم اختصاصهما في الإستئناف المذكور، ومن ثم فإنه يكون لهذا القضاء حجيته قبل الطاعنين وبصدوره تستنفذ محكمة الإستئناف ولايتها بالفصل في ذات الخصومة بين الطرفين، وترتيباً على ذلك فإنه لا يجوز للطاعنين المحكوم عليهما إعادة طرح النزاع الذي فصل فيه برفع استئنافين آخرين عن ذات الحكم الإبتدائي حتى ولو كان ميعاد الإستئناف لم ينقض بعد، ولا يغير من ذلك تخلفهما عن الحضور امام المحكمة الإبتدائية وامام محكمة الإستئناف عند نظر الإستئناف السابق رقم 1444/ 2003 حقوق الذي تم اختصامهما فيه، إذ كان يتعين عليهما المثول فيه ورفع استئناف مقابل او استئناف فرعي حسب الأحوال ثم الطعن عليه بالتمييز ان كان له محل، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجيه الحكم السابق الصادر في الإستئناف رقم 1444/ 2003 حقوق وقضى برفض الإستئنافين رقمي 997، 998/ 2004 تجاري وهو ما يتساوى من حيث النتيجة مع القضاء بعدم جواز نظرهما، ومن ثم فإنه لا يكون قد خالف القانون او الخطأ في تطبيقه ولا تثريب عليه بعد ذلك إن هو لم يعرض لدفاع الطاعنين في موضوع الدعوى ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يصادف محلاً من قضائه ويكون النعي برمته قائماً على غير اساس.
وحيث انه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.

* * *