طعن رقم 71 و87 و88 لسنة 2007
تاريخ 28/5/2007(طعن تجاري)
هيئة المحكمة: الرئيس: د. علي إبراهيم الإمام والاعضاء: محمد نبيل رياض، عبد المنعم محمد وفا، عبد العزيز عبد الله الزرعوني، ضياء الدين علي أبو الحسن.
1- حالات تطبيق قاعدة المصلحة مناط الدعوى.
2- إعتبار مناط المصلحة إضرار الحكم المطعون فيه بالطاعن.
3- إعتبار قضاء الحكم هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب او في المنطوق.
4- إعتبار عدم قضاء الحكم المطعون فيه على الطاعنة بشيء لخصمها بل صدوره محققاً لمقصودها وقضائه بعدم سماع الدعوى قبلها موجباً عدم قبول طعنها لإنتفاء المصلحة.
5- ماهية سند الشحن.
6- إعتبار صاحب الحق في تسلم البضاعة المشحونة بموجب سند الشحن في ميناء التفريغ هو المرسل إليه او نائبه.
7- تعريف المرسل إليه البضاعة المشحونة.
8- تحديد أصحاب الصفة في رفع الدعوى على الناقل للمطالبة بالتعويض عن هلاك او تلف البضاعة المشحونة.
9- صدور حوالة سند الشحن بموجب حوالة الحق صراحة او ضمناً.
10- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص حوالة الحق الثابت في سند الشحن بغير معقب عليها.
11- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بتوفر صفة المدعية في رفع دعوى المطالبة بقيمة البضاعة موضوع سند الشحن والتعويض عن تلفها بسبب التنازل عنها لصالح المدعية بالإستناد الى أصل فاتورة الإستيراد سائغاً وله اصله الثابت في الأوراق.
12- تحديد مقاول الشحن ومسئوليته.
13- سلطة محكمة الموضوع في تقدير عمل أهل الخبرة.
14- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية وتحديد الضرر والتعويض الجابر له.
15- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية الطاعنة عن هلاك البضاعة موضوع سند الشحن لتأخرها بشحنها عن المدة المتفق عليها وبمسئولية المستأنف ضدها الثالثة بصفتها الناقلة للبضاعة لعدم تقيدها بشروط التخزين والتبريد المطلوبة بالإستناد الى تقرير الخبير والتعهد بإختيار الناقل وسند الشحن سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق.
16- لا تناقض في الحكم المطعون فيه لدى اعتباره الطاعنة هي الشاحن والمرسل إليه.
17- إعتبار سند الشحن في حالة عدم تحرير عقد النقل البحري دليلاً على هذا العقد ومرجعاً في بيان أطرافه وصفاتهم.
18- إعتبار الناقل صاحب الصفة في رفع دعوى المسئولية عن تنفيذ عقد النقل البحري.
19- إعتبار المطعون ضدها الثالثة صاحبة الصفة في رفع دعوى المسئولية عليها لا على مالكي السفينة لكون الأولى هي الناقل بحسب بيانات سند الشحن موضوع الدعوى.
20- أثر إغفال المحكمة لطلب موضوعي مطروح عليها على نحو واضع وجازم إغفالاً كلياً عن غلط او سهو.
الحكم
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر .................. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث ان الطعنين رقمي 71 و88/ 2007 استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث ان الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في ان شركة .................. أقامت الدعوى رقم 283 لسنة 2005 تجاري كلي على كل من 1- .................. دبي 2- مالكو الباخرة / .................. وطلبت الحكم بإلزامهما بأن يؤديا لها بالتضامن فيما بينهما مبلغ 100,479 دولاراً او ما يعادله بدرهم الإمارات مبلغ 762,369 درهماً والفائدة بواقع 9 ٪ من تاريخ إقامة الدعوى وحتى تمام السداد وقالت بياناً لدعواها انها اتفقت مع المدعى عليها الأولى على ان تقوم بشحن كمية من النباتات الحية في حاويتين على متن إحدى السفن القادمة من جنوب افريقيا الى موانئ دبي، وقد قامت المدعى عليها الأولى بشحن البضاعة على الباخرة .................. القادمة من جنوب افرايقيا الى جبل علي بموجب بوليصة الشحن رقم بي.او.ال.سي.بي.تي. 191001265 المؤرخة 24-4-2004 على الرحلة رقم 23 اس، وقد وصلت الشحنة الى ميناء جبل علي بتاريخ 2-6-2004 بحالة مشوهة وتالفة، وبعد 36 يوماً وهي مدة تعتبر طويلة بالنسبة للرحلة. وتبين لوزارة الزراعة والتروة السمكية عند تفتيش ومعاينة الحاويتين تلف وفساد محتوياتهما من النباتات، وتمت معاينة مشتركة من قبل روبرت ليون انترناشيونال والذي أعد تقريراً بذلك في 29-7-2004. وبتاريخ 12-4-2004 ارسلت وزارة الزراعة كتاباً لمركز الحجر الزراعي بإعدام الشحنة وبإعادة تصديرها نظراً لتلفها، ثم قامت الوزارة بعد ذلك بإتلاف الشحنة. وان المدعى عليها الأولى هي المسئولة عن تلف البضاعة نتيجة لإهمالها وعدم تأمينها على البضاعة وعدم اتباعها الوسائل الفنية لإيصال الشحنة سالمة كما ان المدعى عليها الثانية مسئولة باعتبارها الناقل. وبجلسة 26-5-2005 قامت المدعية بإدخال شركة .................. وطلبت إلزامها بالتضامن مع المدعى عليها بالمبلغ المطالب به على سند من انها التي أصدرت بوليصة الشحن موضوع الدعوى.
دفعت المدعى عليهما والخصم المدخل بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على غير ذي صفة كما دفع الخصم المدخل بعدم سماع الدعوى لتقادمها عملاً بنص المادة 278/1 من القانون التجاري البحري. وبتاريخ 30-11-2005 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. استأنفت المدعية هذا الحكم بالإستئناف رقم 796 لسنة 2005 تجاري وبتاريخ 26-2-2006 حكمت المحكمة بندب خبير في الدعوى لتقدير قيمة الأضرار التي لحقت بالبضاعة وأوردت بمدونات حكمها ان المدعية ذات صفة في رفع الدعوى، وان دعوى المدعية قبل الخصم المدخل غير مسموعة لمضي المدة وبعد ان قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 28-1-2007 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإلزام المدعى عليها - .................. دبي – بأن تؤدي للمدعية مبلغ 50239,5 دولار أمريكي او ما يعادله بالدرهم الإماراتي بتاريخ الوفاء. طعنت المدعية في هذا الحكم بالتمييز رقم 71/2007 تجاري بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 4-3-2007 طلبت فيها نقضه كما طعن الخصم المدخل – شركة .................. – في ذات الحكم بالطعن بالتمييز رقم 87/ 2007 تجاري بصحيفة اودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 21-3-2007 طلبت فيها نقض الحكم والقضاء بعدم سماع الدعوى في مواجهتها عملاً بنص المادة 287/أ من القانون التجاري البحري. وايضاً طعنت المدعى عليها الأولى - .................. دبي – في ذلك الحكم بالتمييز رقم 88/2007 تجاري بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 21-3-2007 طلبت فيها نقضه. وقدم محامي المطعون ضدهما الثانية والثالثة مذكرة بدفاعهما في كل من الطعنين رقمي 71 و78 لسنة 2007 تجاري طلب في كل منهما رفض الطعن كما قدم محامي المطعون ضدها الأولى في الطعن رقم 71/ 2007 تجاري مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
وبجلسة المرافعة قررت المحكمة ضم الطعون الثلاثة ليصدر فيهما حكم واحد.
اولاً: الطعن رقم 87/2007 تجاري.
حيث انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، ان قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفقاً للمادة الثانية من قانون الإجراءات المدنية تطبق حين الطعن بالتمييز كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها.
ومناط المصلحة الحقة، سواء كانت حالة او محتملة انما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن، حين قضى برفض طلباته كلها او قضى له ببعضها دون البعض الآخر، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفق طلباته او محققاً لمقصوده منها.
وأيضاً من المقرر ان قضاء الحكم ليس هو منطوقة وحده وانما هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب او في المنطوق.
وإذ كان الحكم الصادر من محكمة الإستئناف بتاريخ 26-2-2006 قد خلص الى ان دفع الطاعنة بعدم سماع الدعوى قبلها لشمولها بالتقادم المسقط لمضي سنة عملاً بنص المادة 287 من القانون التجاري البحري في محله، وان دعوى المطعون ضدها الأولى قبلها غير مسموعة لمضي المدة. وكان الحكم المطعون فيه – الصادر بتاريخ 28-1-2007 لم يحكم على الطاعنة بشيء لخصمها، وكان الحكم السابق قد صدر محققاً لمقصود الطاعنة ووفق طلبها وقضى بعدم سماع الدعوى قبلها فإن مصلحة الطاعنة في الطعن تنتفي ويتعين والحال كذلك القضاء بعدم جواز الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 88/2007 تجاري.
حيث ان الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب إذ فصل الحكم التمهيدي في الدفع بإنعدام صفة المطعون ضدها الأولى بقوله ان الطاعنة قد تنازلت عن البضاعة إليها ومن ثم يجوز لها الرجوع على الطاعنة للمطالبة بقيمة البضاعة وبالتعويض عن الضرار التي لحقت بها، في حين ان الحجية لإثبات عقد النقل البحري وبيان أطرافه تكون لسند الشحن والثابت بسند الشحن ان المرسل إليه هو الطاعنة ولم يتم تنازلها عن البضاعة الى المطعون ضدها الأولى كما لم تتبع الأخيرة الإجراءات القانونية النافذة في حوالة الحق في سند الشحن فقد خلا سند الشحن من وجود أي عبارة تدل على التنازل عنه. وقد تناقض الحكم النهائي بقضائه بتحميل الطاعنة المسئولية عن تلف البضاعة على سند من انها وكيل في شحن البضاعة مع الحكم التمهيدي الذي اعتبر الطاعنة هي المرسل إليه وانها تنازلت عن البضاعة للمطعون ضدها الأولى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان سند الشحن يمثل البضاعة المشحونة ذاتها ويقوم مقامها بحيث تندرج فيه.
وان صاحب الحق في تسلم البضاعة المشحونة بموجب سند الشحن – في ميناء التفريغ – وعلى ما تفيده الفقرة الأولى من المادة 267 من القانون التجاري البحري، هو المرسل إليه او نائبه.
والمرسل إليه هو ذكر اسمه في سند الشحن الاسمي، او المظهر اليه الأخير في سند الشحن لأمره، او من يتقدم بسند الشحن عند الوصول إذا كان السند لحامله.
ويكون لأي من هؤلاء – بالإضافة الى المتنازل له عن سند الشحن بموجب حوالة حق – الصفة في رفع الدعوى على الناقل للمطالبة بالتعويض عن هلاك او تلف البضاعة المشحونة.
ومن المقرر ان حوالة سند الشحن بموجب حوالة الحق قد تكون صادرة صراحة ممن له الحق في التنازل عن سند الشحن ومشار فيها الى اسم المحال له، وقد تكون ضمناً باتخاذ المرسل اليه الصادر باسمه سند الشحن مسلكاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصده التنازل عنه للغير.
واستخلاص حوالة الحق الثابت في سند الشحن – هو مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز متى كان استخلاصها سائغاً وله اصله الثابت في الأوراق.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن المطعون ضدها صاحبة الصفة بالنسبة للبضاعة موضوع الدعوى على ما أورده بأسبابه من ان (الثابت من مطالعة أصل فاتورة الاستيراد المبرزة من المدعية (المطعون ضدها الأولى) امام محكمة اول درجة والصادرة من المدعى عليها الأولى (الطاعنة) المؤرخة 3-6-2004 انها قد تضمنت ما يفيد انها خاصة بالبضاعة موضوع سند الشحن رقم سي.بي.تي. 011218010 وان البضاعة مرسلة الى .................. "المدعية" (المطعون ضدها الأولى) الأمر الذي تستخلص منه المحكمة ان البضاعة موضوع سند الشحن قد تم التنازل عنها لصالح المدعية، ومن ثم تنعقد لها الصفة في رفع الدعوى للمطالبة بقيمتها والتعويض عن تلفها) ولما كان ما استخلصه الحكم من تنازل الطاعنة عن سند الشحن للمطعون ضدها الأولى – بما يعني حوالة الحق في هذا السند الى المطعون ضدها الأولى – هو استخلاص سائغ وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي يكون على غير اساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال من خمسة أوجه حاصلها ان الحكم ساير الخبير المنتدب في تحميل الطاعنة المسئولية عن تلف البضاعة مع الناقل في حين ان الثابت ان الناقل هو السبب في تلف البضاعة وانه هو المسئول حصرياً عن تأخير وصول البضاعة من ميناء الشحن الى ميناء الوصول، وقد ثبت بتقرير الخبير ان تلف البضاعة هو بسبب سوء التخزين أثناء الرحلة وترك الحاويات بميناء دوربان لمدة اسبوع بدون تبريد وان البضاعة شحنت بتاريخ 27-4-2004 ووصلت الى ميناء جبل علي بتاريخ 2-6-2004 أي بعد 36 يوماً من شحنها فيكون المتسبب في التأخير هو الناقل ويتحمل وحده النتائج المترتبة عليه. ولا شأن للطاعنة كوكيل للشاحن بهذه المسئولية لأن الشاحن هو .................. وهي كيان مستقل وله شخصية قانونية منفصلة عن الطاعنة. وقد اعتبر الحكم التمهيدي الطاعنة مرسل إليه واعتبرها الحكم الإنتهائي وكيلاً في شحن البضاعة وهو تناقض مبطل للحكم. كما ان الأوراق خلت مما يفيد ثبوت مبلغ التعويض المحكوم به وتقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه لم يقم ببيان عناصر وقيمة الضرر المحكوم به ولم يقم بفحص المستندات والبحث في صحتها واحتساب ما احتوته من مبالغ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود ذلك انه من المقرر ان مقاول الشحن هو من يقوم بشحن البضائع في السفن ويرتبط مع المرسل اليه بعقد مقاولة يتعهد بمقتضاه بأن يقوم بشحن البضاعة لقاء أجر. وتقوم مسئوليته عن الأخطاء التي يرتكبها في أداء الأعمال التي يعهد اليه القيام بها والمتصلة بالشحن.
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة ان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت ما تقتنع به ويتفق انه وجه الحق في الدعوى.
وايضاً لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وتحديد الضرر وتقدير التعويض الجابر له متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضى به على ما أورده في اسبابه من انه (بالإطلاع على كافة أوراق الدعوى ومستنداتها يتبين للمحكمة ان المستأنفة (المطعون ضده الأولى) سبق وان اتفقت مع المستأنف ضدها الأولى (الطاعنة) على قيام الأخيرة بشحن نباتات حية في حاويتين من كيب تاون في جنوب افريقيا الى ميناء جبل علي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى ان يقوم فرع المستأنف ضدها الأولى في جنوب افريقيا باختيار الناقل وتحميل الشحنة، وعلى ان تصل الشحنة الى دولة الإمارات العربية خلال مدة ثلاثة وعشرين يوماً، وذلك وفق التعهد الصادر عن المستأنف ضدها الأولى باختيار الناقل / المستأنف ضدها الثالثة لنقل البضاعة الى ميناء جبل علي، حيث قامت المستأنف ضدها الثالثة بنقل البضاعة على مرحلتين الأولي على متن السفينة .................. من ميناء كيب تاون الى ميناء دوربان، ومن ثم عل متن السفينة .................. من جنوب افريقيا الى ميناء جبل علي، وان المستأنف ضدها الثالثة هي المستأجرة لهاتين السفينتين، وقد قامت الشركة الناقلة بإصدار سند الشحن الخاص بالبضاعة موضوع سند الشحن ولم تصل الى ميناء جبل علي خلال المدة المتفق عليها حيث وصلت بعد ستة وثلاثين يوماً بدلاً من ثلاثة وعشرين يوماً ولدى وصول البضاعة تبين بأنها تالفة ومشوهة وفاسدة وان سبب الهلاك والتلف عائد لطول مدة النقل وبسبب أوضاع التخزين غير المناسب خلال الشحن، مما دفع وزارة الزراعة والثروة السمكية بدولة الإمارات الى إعدام البضاعة. وان الثابت للمحكمة ان المسئول عن هلاك البضاعة موضوع سند الشحن هما المستأنف ضدها الأولى كونها أخلت بتعهدها بشحن البضاعة وايصالها خلال مدة ثلاثة وعشرين يوماً إلا انها تأخرت بشحنها وايصالها وكذلك المستأنف ضدها الثالثة بصفتها الناقلة للبضاعة كونها لم تتقيد بشروط التخزين والتبريد المطلوبة، وان المسئولية بينهما مناصفة، وهذا ثابت للمحكمة من تقرير الخبير والذي اطمأنت إليه المحكمة وأخذت به محمولاً على أسبابه التي بنى عليها الأبحاث التي أجراها الخبير... ولما كان البين للمحكمة ان قيمة الأضرار اللاحقة بالمستأنفة مبلغ 100479 دولار أمريكي وان المسئولية مناصفة بين المستأنف ضدها الأولى والمستأنف ضدها الثالثة وعليه فإن المستأنف ضدها الأولى ملزمة بتأدية نصف قيمة تلك الأضرار للمستأنفة) وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم في هذا الشأن، وتتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنة.
وكان لا تناقض في الحكم اعتباره الطاعنة هي الشاحن والمرسل اليه لأنه يجوز للشاحن ان يكون هو المرسل اليه في سند الشحن. ومن ثم فإن النعي لا يعدو ان يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين الأدلة ومنها تقرير الخبير المقدم فيها وهو ما لا يجوز إثارته امام محكمة التمييز.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثالثاً: الطعن رقم 71/2007 تجاري.
حيث ان الطعن أقيم على ستة اسباب تنعى الطاعنة بالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الإستدلال إذ اعتبر الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 26-2-2006 ان الطاعنة استلمت البضاعة فعلياً بتاريخ 5-6-2004 واختصمت المطعون ضدها الثالثة بتاريخ 26-9-2005 بعد مضي أكثر من سنة على تاريخ تسلمها للبضاعة، وانتهى الى ان دعواها قبلها غير مسموعة لمضي المدة، في حين ان الطاعنة تمسكت في دفاعها بأن البين من تقرير المعاينة ان وكيل المرسل إليه للتخليص والشحن قام بعمل الترتيبات من اجل تخليص الحاويتين من الميناء بتاريخ 5-6-2004 إلا انه تم التبليغ بأن وزارة الزراعة والثروة السمكية وجدت النباتات في كلا الحاويتين فاسدة وتالفة بدرجة متفاوتة وتم سحب عينات من اجل تفتيش أكثر تفصيلاً وتم حجز الحاويتين في الميناء ثم أخطرت وزارة الزراعة بعدم السماح بالإفراج عن البضاعة مما يعني انه لم يتم استلام الشحنة اصلاً وان البيان الجمركي لا يعني استلام البضاعة، كما التفت الحكم المطعون فيه عما جاء بتقرير الخبير لجهة توافر العذر الشرعي الذي أشارت إليه الطاعنة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك ان مفاد الفقرة (أ) من المادة 287 من القانون التجاري البحري – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان مدة عدم سماع دعوى المسئولية الناشئة عن عقد النقل البحري سنة – يبدأ سريانها عند الإنكار وعدم العذر الشرعي في حالة هلاك البضاعة هلاكاً كلياً من اليوم الذي كان يجب تسليمها فيها وفي حالة الهلاك الجزئي او التلف من يوم حصول التسليم الفعلي الى المرسل اليه او نائبه بحيث يتمكن من فحص البضاعة والوقوف على حالتها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم سماع دعوى الطاعنة على الناقل – المطعون ضدها الثالثة – على ما أورده في أسبابه من ان ((الثابت ان البضاعة قد وصلت لميناء جبل علي بتاريخ 2-6-2004 وانه قد تم تخليصها جمركياً بتاريخ 5-6-2004 من قبل المستأنفة (الطاعنة) حسبما هو واضح بالبيان الجمركي المرفق وتم معاينتها من قبل روبرت ليون بطلب من المدعية (الطاعنة) بتاريخ 10-6-2004 الأمر الذي يفيد استلام المستأنفة للبضاعة فعلياً بتاريخ 5-6-2004 وحيث ان المدعية قد اختصمت المدعى عليها الثالثة: شركة .................. بتاريخ 26-9-2005 أي بعد مضي أكثر من سنة على تاريخ تسلمها البضاعة ومن ثم فإن دعواها قبل المدعى عليها الثالثة تكون غير مسموعة لمضي المدة)). ولما كانت هذه الأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم، وكان ما أثارته الطاعنة يوجه النعي من توافر العذر الشرعي وقد جاء مجهلاً لا يكشف بجلاء ووضوح عن العذر الشرعي الذي تدعيه والدليل على قيامه ومن ثم فهو غير مقبول – ويضحى النعي برمته على غير اساس.
وحيث ان الطاعنة تنعى بأسباب الطعن من الأول حتى الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال والتناقض إذ قضى بمسئولية المطعون ضدها الأولى (الشاحنة) والمطعون ضده الثالثة (بصفتها الناقلة) ورفض القضاء عليهما بالمبلغ المطالب به بالتضامن واقتصر قضاؤه على نصفه بالنسبة للمطعون ضدها الأولى وكذلك رفض إلزام المطعون ضدها الثانية بالمبلغ ذاته بالتضامن تأسيساً على ان السفينتين مؤجرتين للمطعون ضدها الثالثة مع ان ذلك لا ينفي المسئولية عنهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان سند الشحن – في حالة عدم تحرير عقد النقل البحري – يعتبر طبقاً للمادة 257 من القانون التجاري البحري – دليلاً على هذا العقد ومرجعاً في بيان أطرافه وصفاتهم، وفي بيان حقوق والتزامات كل منهم قبل الآخر.
ويكون الناقل هو صاحب الصفة في ان ترفع عليه دعوى المسئولية عن تنفيذ عقد النقل البحري لأنه هو الذي ارتبط مع الشاحن بعقد النقل سواء كان مالكاً للسفينة او مستأجراً لها.
لما كان ذلك، وكان الثابت ببيانات سند الشحن موضوع الدعوى – وبما لا خلاف عليه بين الخصوم – ان المطعون ضدها الثالثة هي الناقل – ومن ثم فإنها هي صاحبة الصفة في رفع دعوى المسئولية عليها، وليس لمالكي السفينة – المطعون ضدها الثانية – صفة في هذا الشأن. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون. ولما كانت محكمة الإستئناف قد قضت بعدم سماع الدعوى بالنسبة لدين المطعون ضدها الثالثة، وبإنقضاء دينها بمضي المدة، فإن ما تثيره الطاعنة بوجه النعي من قيام تضامن في الدين بين المطعون ضدها الأولى والثالثة – أياً كان وجه الرأي فيه – يضحى غير منتج ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث ان الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ تجاهل طلبها الفائدة 9 ٪ من تاريخ رفع لدعوى وحتى السداد التام على المبلغ المطالب به مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير مقبول ذلك ان مؤدى نص المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز – ان اغفال المحكمة لطلب موضوعي مطروح عليها على نحو واضح جازم، اغفالاً كلياً عن غلط او سهو دون ان يرد في شأنه في أسباب الحكم او منطوقه قضاء صريح او ضمني يجعله باقياً معلقاً امامها ويتعين العودة الى المحكمة التي أصدرت الحكم بالوسيلة التي حددها النص للفصل فيما أغفلت الفصل فيه. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق ان الطاعنة طلبت الحكم بالمبلغ المطالب به والفائدة التأخيرية بواقع 9 ٪ من تاريخ إقامة الدعوى وحتى السداد التام وإذ كانت محكمة أول درجة قد قضت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فاستأنفت هذا الحكم وصممت على طلباتها سالفة الذكر وكان الحكم المطعون فيه بعد ان قضى بإلغاء الحكم المستأنف وقضى بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 50239,5 دولار أمريكي او ما يعادله بالدرهم الإماراتي بتاريخ الوفاء قد أغفل بحث طلب الفائدة فإن سبيل تدارك ذلك يكون بالرجوع الى محكمة الإستئناف ولا يصلح ذلك سبباً للطعن بالتمييز ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *