طعن رقم 83 لسنة 2007
تاريخ 24/6/2007(طعن مدني)
هيئه المحكمة: الرئيس: ‏محمد محمود راسم والاعضاء: ‏فتحية محمود قره، زهير أحمد بسيوني، سعيد عبد الحميد فودة، حسن محمود الأبياري.
‏‏1- إنتقال ملكية العقار بعد التسجيل من وقت تحقق سبب الملكية.
2- عدم إنتقال ملكية العقار الموهوب غير المسجل بمجرد إنعقاد عقد الهبة.
3- إنعقاد الهبة بمجرد الإيجاب والقبول أو بالإيجاب وحده دون قبول الموهوب له إذا كان الواهب ولياً للموهوب له أو وصياً عليه أو يقوم بتربيته.
4- عدم نفاذ الهبة إلا بقبض المال الموهوب وذلك بتسليمه الى الموهوب له.
5- جواز قبض الموهوب له للشيء بعد موت الواهب لدى سعيه في قبضه في حياة الواهب دون تمكنه من قبضه بالفعل إلا بعد موت الواهب لإعتبار السعي في القبض قبل موت الواهب بمنزلة القبض بالفعل.
6- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص تحقق قبض الموهوب له للشيء الموهوب بلا رقابة محكمة التمييز.
7- لا فائدة من النعي على إحدى دعامات الحكم متى أقام قضائه على دعامة أخرى كافية لحمله في النتيجة التي خلص إليها.
8- عدم إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الهبة لعدم إنتقال المال الموهوب بعد تسجيله بإسم الواهب والى تاريخ وفاته او قبضه من الموهوب له أو ثبوت سعي الأخير الى قبضه حال حياة الواهب مخالفاً القانون.
9- ماهية الإقرار.
10- تحديد محل الإقرار.
11- ماهية الإقرار القضائي ومفاعيله.
12- أثر تسليم الخصم بالطلبات في الدعوى.
13- عدم ضرورة ثبوت صحة التصرف المقر به أو بطلانه لثبوت الإقرار قبل المقر.
14- بقاء أثر إقرار الخصم إقراراً قضائياً أمام المحكمة الإبتدائية نافذاً أمام محكمة الإستئناف.
15- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بإنعدام أثر الإقرارات لورودها على تصرف باطل مخطئاً في تطبيق القانون.
الحكم
‏‏‏‏‏بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر .....................، وبعد المداولة.
‏حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية .
‏وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن (.....................) أقام على المطعون ضدهم (....................، و.....................، و.................، و.................، و.................، و.................، و................. بصفتها وصية على إبنها القاصر .....................) الدعوى رقم 854 ‏لسنة 2005 ‏مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية، بطلب الحكم بصحة ونفاذ إقرار التنازل المؤرخ 27-6-1994 ‏ونقل ملكية المزرعة محل النزاع من اسم المورث لإسمه وإخطار دائرة الأراضي بذلك، وقال في بيان ذلك ان والده (مورث الطرفين) ..................... قد تنازل له بموجب الإقرار المشار إليه عن المزرعة الكائنة بمنطقة المرقب (254 - 800‏) وانه قام بوضع يده عليها وأصبحت في حيازته المادية والقانونية، وبعد وفاة المورث في 9-8-2005 طلب المدعي من المدعي عليهم وهم باقي الورثة بتحويل ملكية المزرعة الى إسمه في دائرة الأراضي فوافق المدعي عليهم جميعاً ما عدا الوصية الشرعية على القاصر (المدعي عليها الأخيرة)، وإذ عرض النزاع على دائرة الأراضي والأملاك وأحالته الى المحكمة، ومن ثم فقد أقام الدعوى. وبعد أن قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، حكمت المحكمة بتاريخ 31-5-2006 برفض الدعوى. إستأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم 482 ‏لسنة 2006 ‏مدني، وبعد أن قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، حكمت المحكمة بتاريخ 28-2-2007 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المدعي في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 26-4-2007 طلب في ختامها نقض الحكم المطعون فيه، وقدمت الوصية على القاصر المطعون ضدها السابعة مذكرة بالرد - في الميعاد - طلبت فيها رفض الطعن بالنسبة للقاصر وأرفقت بها مستندات تستبعدها المحكمة لعدم جواز تقديم مستندات أمام محكمة التمييز.
وحيث إن الطعن بعد أن عرض على المحكمة في غرفة مشورة فقد رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره.
‏وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من بطلان التصرف الصادر له من والده (المورث) لعدم حصوله على إذن من سمو الحاكم بإعتبار ان المزرعة محل التنازل هي منحة من سموه قبل تسجيلها بإسم المورث، كما ذهب الحكم أيضاً الى ان هذا التنازل الصادر من المورث الى الطاعن يعد هبة باطلة لعدم قبضه المال الموهوب وتسجيله هذا في حين أن حكومة دبي قد أجازت ملكية المورث للأرض المذكورة عام 2003 ‏بموجب عقد شرائه لها من مالكها السابق مما يترتب عليه صحة تصرفه فيها الى الطاعن، هذا فضلاً عن ان الأوراق تفيد إستلامه لها حكماً، وقد تضمن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1635 ‏لسنة 1988 ‏ما يفيد استمرار المورث في إدارة أموال الطاعن وأموال أخيه بعد بلوغهما سن الرشد، والتسجيل ليس شرطاً لإنعقاد الهبة مع وجود المانع الأدبي بين الطاعن ووالده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
‏وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لما تقضي به المادتان 1219/1، 1277 ‏من قانون المعاملات المدنية ان الوارث يكتسب بطريق الميراث ملكية العقارات والمنقولات والحقوق الموجودة في التركة، وان ملكية العقار والحقوق العينية العقارية الأخرى لا تنتقل بين المتعاقدين وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به، ومتى تم التسجيل تعتبر الملكية قد إنتقلت من وقت تحقق سبب الملكية.
ومن ثم فإن عقد هبة العقار غير المسجل لا تنتقل به ملكيته من الواهب الى الموهوب له بمجرد إنعقاد العقد. ومن المقرر أيضاً أن النص في المادة 615 ‏من قانون المعاملات المدنية على انه ((1- تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول وتتم بالقبض. 2- ويكفي في الهبة مجرد الإيجاب إذا كان الواهب ولي الموهوب له أو وصيه والمال الموهوب في حوزته وكذا لو كان الموهوب له صغيراً يقوم الواهب على تربيته)) وفي المادة 633 منه على انه ((إذا توفى أحد طرفي الهبة أو أفلس قبل قبض المال الموهوب بطلت الهبة ولو كانت بغير عوض)) وفي المادة 634 ‏من ذات القانون على انه ((وكذلك يصح قبض المال الموهوب بعد موت الواهب إن سعى في قبضه في حياة الواهب ولكنه لم يتمكن من ذلك إلا بعد موته)). وفي المادة 636 ‏من القانون المذكور على انه ((يتوقف نفاذ عقد الهبة على أي إجراء تعلق القوانين نقل الملكية عليه ويجوز لكل من طرفي العقد إستكمال الإجراءات اللازمة)) تدل مجتمعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة –
ان الهبه سواء كانت بعوض أو بغير عوض، تنعقد بمجرد الإيجاب والقبول أو بالإيجاب وحده دون قبول الموهوب له إذا كان الواهب ولياً للموهوب له أو وصياً عليه والمال الموهوب في حوزته أو كان الموهوب له صغيراً ويقوم الواهب على تربيته.
إلا أنها لا تنفذ - في جميع الأحوال - إلا بقبض المال الموهوب وذلك بتسليم المال الموهوب الى الموهوب له فعلياً أو حكمياً بحيث تنتقل حيازة هذا المال أو الحق المقوم بالمال حيازة كاملة الى الموهوب له بوصفه مالكاً للمال الموهوب وذلك على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء محل الهبة.
وان كان يصح قبض الموهوب له للشيء الموهوب بعد موت الواهب ان سعى في قبضه في حياة الواهب ولكنه لم يتمكن من قبضه بالفعل إلا بعد موت الواهب، إذ انزل المشرع - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية - السعي في القبض قبل موت الواهب منزلة القبض بالفعل لأن السعي كان وسيلة للقبض الفعلي والوسيلة تعطي حكم المقصد، فإذا توفى الواهب قبل قبض الموهوب له للمال الموهوب فإن الهبه تكون باطلة وفقاً لما تقضي به المادة 633 ‏المشار اليها.
كما ‏أن استخلاص تحقق قبض الموهوب له للشيء الموهوب والذي تتم به الهبه فعلياً أو حكمياً هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديره محكمة الموضوع بلا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائها.
ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة انه إذا أقام الحكم قضاءه على دعامات مستقلة وكان احداها تكفي تكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي على ما عداها وأياً ما كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن قبل القاصر المشمول بوصاية والدته (المطعون ضدها السابعة) على سند مما أورده بمدوناته من ان ((المال الموهوب في 27-6-1994 وبعد ستسجيله بإسم الواهب والى تاريخ وفاته لم ينتقل ولم يقبضه الموهوب له ولم يثبت أن هذا الأخير قد سعى في قبضه حال حياة الواهب وإذ توفى الواهب قبل أن يقبض الموهوب له المال الموهوب فإن الهبه تكون باطلة ولا يجدي المستأنف (الطاعن) ما ذهب إليه من أنه قبض المال حكماً، وان إدارة الواهب للمال الموهوب كان بصفته الولي الطبيعي للموهوب له الذي كان قاصراً وان استمرارها بعد بلوغه سن الرشد لقيامه بالدراسه خارج الدولة إذ أن الثابت من صوره جواز سفر المستأنف انه من مواليد 22-1-1970 ‏بما مفاده انه لم يكن قاصراً في تاريخ إصدار الهبه ولم يثبت من الأوراق ان الواهب قد تخلى عن ملكيته للمال الموهوب للموهوب له أو أنه أداره لحسابه ولا يجدي المستأنف قوله أن عدم تسجيل المال الموهوب بإسمه بعد أن أصبح بإسم الواهب وجود المانع الأدبي إذ أنه بعد إصدار الهبة وإفراغها في محرر مكتوب من الواهب لا يمكن معه القول بوجود مانع أدبي طالما ان الهبه كانت برغبة الواهب)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً بما له أصل ثابت في الأوراق، ودعامه كافية لحمل قضائه وبما لا مخالفة فيه للقانون، وبالتالي فإن النعي عليه فيما إستطراد إليه من تأييد الحكم المستأنف بشأن بطلان عقد شراء مورث الطاعن للعين محل النزاع من مالكها السابق باعتبارها منحه له من سمو الحاكم - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج ولا جدوى منه بعد أن ثبت بطلان الهبة الصادرة للطاعن على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون إذ لم يعتد بالإقرار الصادر من المطعون ضدهم الستة الأول بصحة طلبات الطاعن بمقولة إنعدام أثرها لوروده على تصرف باطل هذا في حين أن هذا الإقرار يعد قرينة موضوعية على صحة ادعائه قبل القاصر المشمول بولاية والدته (المطعون ضدها السابقة)، وانه على سبيل الإحتياط فإن ذلك الإقرار القضائي الصادر من المطعون ضدهم الستة الأول يعد مصدراً لإلتزام المقرين بالحق المطالب به ويكون ملزماً لهم، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى قبل المذكورين، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
‏وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفق ما تقضي به المواد 51، 52، 53، من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية رقم 10 ‏لسنة 1992 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان الإقرار هو إعتراف شخص بحق عليه لآخر بقصد اعتبار هذا الحق ثابتاً في ذمته وأعفاء الدائن من إثباته متى كان هذا الإقرار يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين،
وقد يقع الإقرار على الحق ذاته أو على المصدر الذي أنشأ هذا الحق، وسواء تعلق الإقرار بحق شخصي او بحق عيني وسواء كانت الواقعة محل الإقرار تصرفاً قانونياً او مجرد واقعة مادية أياً كانت قيمة الحق محل الإقرار ولو كان يخالف او يجاوز ما هو ثابت بالكتابة.
والإقرار القضائي هو اعتراف الخصم امام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها عليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة متى كان المقر عاقلاً بالغاً مختاراً غير محجور عليه فيما أقر به، ويعد هذا الإقرار مصدراً لإلترام المقر بالحق المطالب به، ويكون حجه قاصره عليه وحده وملزماً له دون ان يتعدى أثره الى غيره ولا يقبل منه الرجوع فيه.
ومن المقرر أيضاً أن تسليم الخصم بالطلبات في الدعوى يعد نزولاً من المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات الواقعة المدعى بها.
ولا يحتاج ثبوت الإقرار قبل المقر ثبوت صحة التصرف المقر به او بطلانه طالما أن هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام.
كما إن إقرار الخصم إقراراً قضائياً أمام المحكمة الابتدائية يظل نافذ الأثر أمام محكمة الإستئناف.
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق - وحسبما يبين من مطالعة الملف الإبتدائي – ان كلا من المطعون ضدهم من الأول الى السادسة (المدعي عليهم من الأول الى السادسه) قد قدم مذكرة بدفاعه موقعة من كل منهم شخصياً سلم فيها بصحة الدعوى والطلبات المقدمة فيها من الطاعن، إلا أن الأوراق قد خلت مما يدل على ان الوصية على القاصر (المطعون ضدها السابعة) قد أقرت بصحة الدعوى والطلبات المقدمة فيها سواء أمام محكمة أول درجة أو محكمة الاستئناف بل طلبت رفض الدعوى قبلها، مما مؤداه ان المطعون ضدهم - عدا السابعة - هم وحدهم الذين أقروا صراحة بالتسليم بكافة طلبات الطاعن في الدعوى الماثلة مما يترتب عليه نفاذ التصرف محل النزاع الصادر من المورث للطاعن في حدود أنصبة كل منهم في العين محل التصرف. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه النظر وأيد الحكم الابتدائي لأسبابه فيما إنتهى إليه من ‏انه لا أثر لهذه الإقرارات لورودها على تصرف باطل، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض الدعوى قبل المطعون ضدهم من الأول الى السادسة، إلا انه لا محل لإعمال أثر تلك الإقرارات في مواجهة المطعون ضدها السابعة باعتبار ان الإقرار حجه قاصره على المقر ولا يتعدى أثره الى غير من صدر منه وبالتالي فلا محل لما يدعيه الطاعن من ان الإقرارات الصادرة ‏من باقي المطعون ضدهم تعد قرينه على صحة دعواه، إذ لا يجوز الإحتجاج بتلك الإقرارات قبل القاصر المشمول بوصاية والدته المطعون ضدها السابعة.
‏وحيث إنه ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهم الستة الأول، وبرفضه بالنسبة للمطعون ضدها السابعة.

* * *