طعن رقم 3 لسنة 2008 (طعن مدني)
صادر بتاريخ 24/02/2008
هيئة المحكمة: الرئيس: محمد محمود راسم الاعضاء: فتحية محمود قره، زهير أحمد بسيوني، حسن محمود الأبياري، سيد محمود قايد.
1- حالة تمتع القضاء النهائي بقوة الأمر المقضي.
2- أثر حيازة الحكم النهائي قوة الأمر المقضي .
3- ورود حجية الأمر المقضي على منطوق الحكم لا على أسبابه .
4- مناط حجية الأمر المقضي المانعة من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها .
5- إعتبارالأحكام الصادرة في إحدى الإمارات في حدود الولاية القضائية للمحكمة متمتعة بحجية الأمر المقضي أمام محاكم جهات القضاء الوطنية الأخرى .
6- مناط الحكم بوقف السير في الدعوى .
7- إعتبار الأصل عدم جواز الطعن في الأحكام غير المنهية للخصومة بإستثناء الحالات المنصوص عليها في المادة 151 من قانون الإجراءات المدنية ومنها الأحكام الصادرة بوقف الدعوى .
8- إكتساب الحكم بوقف الدعوى حجية الأمر المقضي عندما يصبح نهائياً لعدم الطعن فيه بالإستئناف أو الحكم بتأييده إستئنافياً ولو كان مخالفاً قواعد الإختصاص .
الحكم
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي اعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر...... وبعد المداولة.
حيث ان الطعن استوفي اوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق – تتحصل في ان الشركة....... – (الطاعنة) اقامت على شركة ......... – شركة ..........- (المطعون ضدها) الدعوى رقم 151 لسنة 2004 مدني كلي امام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بالتصديق على الحكم التحكيمي الصادر عن مركز دبي للتوفيق والتحكيم التجاري لدى غرفة وتجارة وصناعة دبي بتاريخ 29 نوفمبر 2003 في الدعوى التحكيمية رقم 13/2001، وذلك تأسيساً على ان الطرفين قد اتفقا على تنفيذ هذا الحكم في دبي، وبتاريخ 18-10-2004 حكمت المحكمة بوقف السير في الدعوى لحين صدور حكم نهائي في الدعوى رقم 80 لسنة 2004 مدني رأس الخيمة بشأن بطلان حكم المحكمين رقم 13 لسنة 2001 الصادر من غرفة وتجارة دبي، وبعد ان تم تعجيل السير في الدعوى بصدور الحكم من محكمة رأس الخيمة في دعوى بطلان حكم المحكمين حكمت المحكمة بتاريخ 30-7-2007 برفض الدعوى، استأنفت المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم 668 لسنة 2007 مدني، وبتاريخ 15-11-2007 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة المدعية في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة اودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 7-1-2008 طلبت فيها نقضه، وقدم محامي الشركة المطعون ضدها مذكرة بدفاعها – في الميعاد – طلب فيها رفض الطعن، وبعد ان عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت انه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث ان الطعن اقيم على سببين تنعي بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، اذ قضى برفض دعواها الراهنة بطلب التصديق على حكم المحكمين رقم 13 لسنة 2001 الصادر لصالحها من غرفة تجارة وصناعة دبي استناداً الى حجية الحكم الصادر من محكمة رأس الخيمة في الدعوى رقم 80 لسنة 2004 مدني كلي ببطلان حكم المحكمين محل النزاع بمقولة ان الاتفاق على التحكيم قد تم بين اشخاص ليست لهم الصلاحية في ذلك، هذا في حين انه لا حجية لهذا الحكم لان اجراءات التحكيم تمت في دبي والطعن ببطلان حكم المحكم لا يكون الا امام المحكمة التي تنظر التصديق عليه وهي محكمة دبي التي يقدم طلب البطلان اليها مما تنتفي معه ولاية محكمة رأس الخيمة في نظر دعوى بطلان حكم المحكمين وبالتالي فإن محاكم دبي لا تتقيد بالحكم الصادر من تلك المحكمة، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير سديد، ذلك ان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان النص في المادة 49 من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية على ان ((الاحكام التي حازت حجية الامر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة ولكن لا تكون لتلك الاحكام هذه الحجية الا في نزاع قام بين الخصوم انفسهم دون ان تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً. 2- وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها)) يدل على ان للقضاء النهائي قوة الامر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة او ضمنية حتمية
ومتى جاز الحكم هذه القوة فانه يمتنع على ذات الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة الى مناقشة ذات المسألة ولو بأدلة قانونية او واقعية لم يسبق اثارتها او اثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها.
وان حجية الامر المقضي ترد على منطوق الحكم وعلى اسبابه المرتبطة به ارتباطاً وثيقاً،
ومناط حجية الامر المقضي المانعة من اعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها هي ان تكون هناك مسألة اساسية لم تتغير تناضل فيها الطرفان في الدعوى الاولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم النهائي الاول استقراراً جامعاً مانعاً من اعادة مناقشتها وكانت هي بذاتها الاساس فيما يدعيه من بعد في الدعوى اللاحقة احد الطرفين قبل الاخر من حقوق متفرعة عنها،
ومن المقرر انه وان كان القضاء في كل من امارة دبي وامارة رأس الخيمة يمثل جهة قضائية مستقلة عن الاخرى، الا ان ما يصدر في دائرتها من احكام في حدود الولاية القضائية للمحكمة تكون لها حجية الامر المقضي امام محاكم جهات القضاء الوطنية الاخرى وان النص في المادة 102 من قانون الاجراءات المدنية على ان ((تأمر المحكمة بوقف الدعوى اذ رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة يتوقف عليها الحكم..)) يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على ان مناط الحكم بوقف السير في الدعوى وفقاً لهذا النص ان يثير احد الخصوم نزاعاً متفرعاً عن موضوع الخصومة بحيث يكون الفصل فيه متوقفاً عليه الحكم في الدعوى متى كانت هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة، ومن المقرر ايضا ان النص في المادة 151 من ذات القانون على انه ((لا يجوز الطعن في الاحكام التي تصدر اثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة الا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الاحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والاحكام القابلة للتنفيذ الجبري والاحكام الصادرة بعدم الاختصاص وكذلك الاحكام الصادرة بالاختصاص اذا لم يكن للمحكمة ولاية الحكم في الدعوى)) يدل على ان الاصل هو عدم جواز الطعن في الاحكام متى كانت غير منهية للخصومة كلها المرددة بين طرفي الخصومة ولا يستثني من ذلك سوى الاحكام الواردة على سبيل الحصر في هذه المادة والتي يحق فيها للمحكوم عليه الطعن فيها على استقلال ولو لم تكن منهية للخصومة كلها ومنها الاحكام الصادرة بوقف الدعوى،
وانه متى اصبح الحكم بوقف الدعوى نهائياً لعدم الطعن فيه بالاستئناف او بالحكم بتأييده استئنافياً فإنه يكون قد حاز قوة الامر المقضي حتى ولو كان قد خالف قواعد الاختصاص ذلك لان حجية الامر المقضي به تسمو على قواعد النظام العام فلا يصح اهدار هذه الحجية، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر من محكمة اول درجة بتاريخ 18-10-2004 بوقف السير في الدعوى لحين صدور حكم نهائي في الدعوى رقم 80 لسنة 2004 مدني رأس الخيمة بشأن بطلان حكم المحكمين رقم 13 لسنة 2001 – محل النزاع – الصادر من غرفة وتجارة دبي قد اقام قضاءه تأسيساً على ما اورده بأسبابه من ان ((الثابت من الشهادة المقدمة من الحاضر عن المدعي عليها (المطعون ضدها) الصادرة من دائرة المحاكم بإمارة رأس الخيمة بتاريخ 24-5-2004 ان المدعي عليها بتاريخ 23-3-2004 رفعت دعوى قبل المدعية (الطاعنة) امام محكمة رأس الخيمة الابتدائية للحكم ببطلان حكم المحكمين رقم 13 لسنة 2001 الصادر من غرفة صناعة وتجارة دبي بتاريخ 29-11-2003 ولا تزال الدعوى منظورة امامها حتى تاريخ الشهادة، وكان حكم المحكمين السالف هو ذات الحكم المراد التصديق عليه بالدعوى الماثلة، فإن المحكمة ترى الحكم بوقف السير فيها لحين صدور حكم نهائي في الدعوى المنظورة امام محكمة رأس الخيمة)) ولما كان هذا الذي خلص اليه الحكم يشتمل على قضاء ضمني بإختصاص محاكم رأس الخيمة بنظر دعوى بطلان حكم المحكمين محل النزاع وقد حاز قوة الامر المقضي لعدم استئناف الشركة الطاعنة له في حينه، وكان البين من الاوراق ان الحكم الصادر بتاريخ 3-1-2005 من محكمة رأس الخيمة في الدعوى رقم 80 لسنة 2004 مدني كلي – المردد بين ذات الخصوم في الدعوى الماثلة – والذي صار نهائيا وباتاً قد قضى ببطلان حكم المحكمين الصادر بتاريخ 29-11-2003 من مركز دبي للتوفيق والتحكيم التجاري بغرفة تجارة وصناعة دبي في الدعوى التحكيمية رقم 13 لسنة 2001 ومن ثم فإن ذلك الحكم – الذي قضى بالبطلان – تكون له حجية الامر المقضي امام محاكم دبي ويتعين عليها الالتزام به، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوى تأسيساً على ما اورده بأسبابه من ان ((الثابت من الاوراق انه في الدعوى رقم 80/2004 حقوق مدني كلي رأس الخيمة قضى ببطلان حكم التحكيم الصادر عن مركز دبي للتوفيق والتحكيم التجاري المطلوب التصديق عليه في الدعوى الماثلة وان هذا الحكم قد اصبح نهائياً بتأييده من محكمة الاستئناف برأس الخيمة في الاستئناف رقم 275/2005 مدني والحكم بعدم جواز الطعن عليه الصادر عن محكمة تمييز رأس الخيمة في الطعن رقم 5 لسنة 1 ق مدني، وان المستأنفة (الطاعنة) لا تماري في وقوع ذلك وفي صدور هذه الاحكام، وحيث ان الحكم ببطلان حكم التحكيم المشار اليه صادر بين ذات الخصوم وبذات موضوع النزاع في الدعوى الماثلة وصادر عن محكمة ذات ولاية وذات اختصاص في نظر النزاع المقضي به لذا فإن له حجية الامر المقضي في الدعوى الماثلة فيما قضى به من بطلان حكم التحكيم الامر الذي يجعل طلب المستأنفة التصديق عليه لا محل له)) ومن ثم فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بما سلف على غير اساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *