طعن رقم 57 لسنة 2008 (طعن مدني)
صادر بتاريخ 20/04/2008
هيئة المحكمة : الرئيس: محمد محمود راسم والاعضاء: فتيحة محمود قره، زهير أحمد بسيوني، حسن محمود الأبياري، سيد محمود قايد
1- حصول فرض الحراسة على الأموال وتعيين حارس عليها إما بموجب إتفاق خاص بين ذوي الشأن أو بحكم قضائي صادر عن قاضي الأمور المستعجلة.
2- حيازة الأحكام الصادرة في الأمور الوقتية حجية مؤقتة دون جواز اللجوء الى القاضي المختص لإستصدار أمر على عريضة مخالف لما قضت تلك الأحكام به في ظل عدم حصول أي تغيير مادي او قانوني في مركز خصوم الدعوى.
3- جواز إصدار القاضي المختص أو رئيس الدائرة التي تنظر الدعوى الأمر على عريضة كتابة دون الحاجة لذكر الأسباب إلا إذا كان مخالفاً لأمر سبق صدوره.
4- ماهية نظام الأوامر على العرائض.
5- إستناد القاضي المختص في إصدار الأوامر على العرائض إلى سلطته الولائية لا سلطته القضائية.
6- جواز اللجوء الى القاضي المختص لإستصدار أمر على عريضة بغير مرافعة رغم عدم توفر الهدف من الحماية القضائية الوقتية في حالة تقدير مصروفات الخبير المنتدب المعين من قبل المحكمة ومقابل أتعابه.
7- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم إختصاص القاضي بزيادة أتعاب الحراسة القضائية مخطئاً في تطبيق القانون لتجاوزه نطاق ولايته بسبب عدم دخولها ضمن الحالات الجائز إستصدار أمر على عريضة بشأنها ومخالفتها حجية الحكم الوقتي السابق المتضمن تحديد الأجر الشهري للحارس.
الحكم
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعدهما وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي / ....... وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى كافة مقوماته الشكلية المقررة قانونا.
وحيث إن وقائع الدعوى تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضده (........) إستصدار أمرا على عريضة بتاريخ 15-5-2006 قُيد برقم 202 لسنة 2006 وذلك بزيادة أتعاب الحراسة القضائية المقررة له كحارس قضائي في الدعوى رقم 34 لسنة 2004 أمور مستعجلة ليكون إجمالي أتعابه ثلاثين الف درهم تضاف على عاتق الحراسة. تظلم الطاعن (......) من هذا الأمر بالتظلم رقم 117 لسنة 2006، وبتاريخ 9-10-2006 حكمت المحكمة بقبول التظلم شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد الأمر المتظلم منه. إستأنف المتظلم هذا الحكم بالاستئناف رقم 112 لسنة 2006 مستعجل. وبتاريخ 6-12-2006 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الأمر المتظلم منه (لعدم تقديمه للتنفيذ خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره). طعن المتظلم ضده (الحارس القضائي ...... في هذا الحكم بالتمييز رقم 23 لسنة 2007 مدني. وبتاريخ 18-3-2007 قضت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون وأحالت الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وذلك تأسيسا على أنه خالف الأوضاع الشكلية المقررة قانونا لتحرير وإصدار الحكم إذ لم يوقع على نسخته الأصلية رئيس الدائرة الذي اشترك في إصداره دون بيان قيام مانع لديه حال دون توقيعه على الحكم بل وقعه رئيس الدائرة التي نطقت به بالمخالفة لأحكام القانون التي توجب توقيع رئيس المحكمة او من ينوب عنه على نسخته الأصلية في حالة قيام مانع لدى رئيس الدائرة الذي إشترك في إصداره. وبتاريخ 30-5-2007 قضت محكمة الإحالة بالغاء الحكم المستأنف الصادر في التظلم، وبسقوط الأمر المتظلم منه. طعن المتظلم ضده (الحارس القضائي) في هذا الحكم بالتمييز رقم 159 لسنة 2007 مدني، وبتاريخ 28-10-2007 قضت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وذلك تأسيساً على ان الحارس القضائي الصادر لصالحه الأمر بوصفه حارسا قضائياً على شركة ...... قد باشر بالفعل إجراءات تنفيذ هذا الأمر – حسبما هو ثابت بالأوراق – بإعلانه الى تلك الشركة في 27-5-2006 في مقرها، خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره في 15-5-2006 وفق ما تقضي به المادة 140 من قانون الإجراءات المدنية. وبتاريخ 30 يناير سنة 2008 قضت محكمة الإحالة في موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعن (.....) برفضه وبتأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتأييد الأمر الصادر لصالح الحارس القضائي (.....) طعن الصادر ضده الأمر في هذا الحكم بالتمييز الماثل وذلك بموجب صحيفة أودعت بقلم كتاب المحكمة في 2-3-2008 طلب فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بعد أن عرض على المحكمة في غرفة مشورة، فقد رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي إنتهى الى تأييد الأمر على عريضة الصادر لصالح الحارس القضائي (المطعون ضده) بزيادة الأتعاب المقدرة له بموجب الحكم الصادر بتعيينه حارسا قضائيا على الشركة، هذا في حين ان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام المحكمة بعدم اختصاص القاضي الأمر بإصدار ذلك الأمر وذلك تأسيساً على أن اتعاب الحارس لا تتحدد إلا بموجب إتفاق او حكم قضائي وفق ما تقضي به المادة 1003 من قانون المعاملات المدنية بحيث إذا ما تقرر أجر الحارس سواء باتفاق أصحاب الشأن او بموجب حكم فانه يظل ساريا حتى يلغي او يعدل بموجب حكم واتفاق جديد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بمقولة إن قاضي الأمور المستعجلة الذي قضى بتعيين الحارس القضائي هو المختص بزيادة أتعابه، هذا رغم أن المطعون ضده (الحارس) لم يعترض على تقدير قيمة الاتعاب التي قدرها الحكم الصادرة بتعيينه كما لم يطعن فيه بأي مطعن فلا يجوز للقاضي الآمر ان يصدر أمره على خلاف ذلك الحكم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 1003 من قانون المعاملات المدنية الواردة في الفرع الخاص بالتزامات الحارس القضائي وحقوقه على أنه ((يحدد الاتفاق او الحكم الصادر بفرض الحراسة حقوق الحارس والتزاماته وما له من سلطة وإلا طبقت أحكام الوديعة والوكالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة الحراسة ...) وفي المادة 1008 من ذات الفرع على أنه ((إذا إشترط الحارس أجرا إستحقه بايفاء العمل، وإن لم يشترطه وكان ممن يعملون بأجر فله أجر مثله)) والنص في المادة 28 من قانون الاجراءات المدنية على أن ((1- يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاض من قضائها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت .....)) وفي المادة 29 من ذات القانون على أن (( يختص القضاء المستعجل بالحكم بفرض الحراسة القضائية على منقول او عقار او مجموع من الأموال قام في شأنه نزاع ....)) تدل مجتمعة على أن فرض الحراسة على الأموال وتعيين حارس عليها لحفظها والقيام بادارتها وتحديد حقوقه والتزاماته، قد تكون اما بموجب اتفاق خاص بين ذوي الشأن، او بموجب حكم قضائي مما يختص به قاضي الأمور المستعجلة ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق بفرض الحراسة وتحديد حقوق الحارس القضائي والتزاماته،
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة ان الأصل في الاحكام الصادرة في الأمور الوقتية انها تحوز حجية مؤقتة طالما أن مركز الخصوم في الدعوى والظروف التي صدر الحكم في ظلها هي بعينها لم يطرأ عليها أي تغيير، مما يترتب عليه ان الحكم السابق صدوره في النزاع بين طرفي الخصومة يكتسب حجية الأمر المقضي بالنسبة لما فصل فيه ما دام لم يحصل اي تغيير مادي او قانوني في مركز الطرفين، وإلا فانه يحق لصاحب الشأن الالتجاء مرة أخرى الى القضاء بطريق الدعوى العادية للفصل فيما قد يستجد من تغييرات مادية او قانونية تستدعي إعادة النظر فيما فصل فيه الحكم السابق، ولا يجوز الالتجاء الى القاضي المختص لإستصدار أمر على عريضة بما يخالف ما قضى به ذلك الحكم ولو ثبت ان الظروف التي صدر فيها قد تغيرت ذلك
أن من المقرر وفق ما تقضي به المادة 140 من قانون الإجراءات المدنية الواردة في الفصل الخاص بالأوامر على العرائض انه في الأحوال التي يكون فيها للخصم وجه في إستصدار أمر يقدم عريضة بطلب الى القاضي المختص او الى رئيس الدائرة التي تنظر الدعوى ليصدر أمره كتابة دون حاجة لذكر الأسباب إلا إذا كان مخالفا لأمر سبق صدوره فعندئذ يجب ذكر الأسباب التي اقتضت إصدار الأمر الجديد وإلا كان باطلا، ويحق لذوي الشأن التظلم من هذا الأمر أمام المحكمة المختصة او أمام القاضي الذي أصدره حسب الأحوال،
ومن المقرر أيضا أن نظام الأوامر على العرائض، هو نظام قانوني إجرائي يهدف به الطالب الى الحصول على الحماية القضائية الوقتية في الحالات التي تقضي بطبيعتها السرعة والمباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه لدرء خطر أو دفع ضرر يخشى وقوعه،
ويستند القاضي المختص بإصدار تلك الأوامر الى سلطته الولائية وليست سلطته القضائية إذ هو لا يفصل في نزاع قائم أمامه بين طرفين في مواجهتهما،
كما أن هناك حالات معينة ينص فيها القانون على جواز الالتجاء الى القاضي المختص لاستصدار امر على عريضة بغير مرافعة رغم عدم توافر الهدف من الحماية القضائية الوقتية وذلك على نحو ما ورد في المادة 91 من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية رقم 10 لسنة 1992 من أن تقدير مصروفات الخبير المنتدب المعين من قبل المحكمة ومقابل جهده (أتعابه) يكون بموجب أمر على عريضة يصدر من ذات المحكمة التي عينته،
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة دبي الابتدائية كان قد أصدر حكما بتاريخ 13-2-2004 في الدعوى رقم 34 لسنة 2004 امور مستعجلة بفرض الحراسة القضائية على شركات ...... (ذ.م.م) بناء على طلب الطاعن (......) والشريكة فيها (.......) مع تعيين الحارس القضائي صاحب الدور حارسا عليها ليتولى ادارتها وتسيير شئونها وتقديم بيان تفصيلي كل ثلاثة أشهر عن إدارتها وحددت المحكمة للحارس القضائي أجرا شهرياً مقداره خمسة آلاف درهم تضاف على عاتق الحراسة، وقد تم تعيين المطعون ضده (حارسا قضائيا) في ملف التنفيذ رقم 57 لسنة 2004 وقام بمباشرة المهمة المسندة إليه إعتباراً من أول فبراير 2005، وقدم عدة تقارير متوالية عن نتيجة إدارته لتلك الشركات. وبتاريخ 14-5-2006 قدم الحارس القضائي (المطعون ضده) طلبا على عريضة الى القاضي المختص بالمحكمة الابتدائية بغية الأمر بزيادة أتعاب الحراسة الشهرية لتكون ثلاثين الف درهم بدلا من خمسة آلاف درهم السابق تقديرها بالحكم الصادر بفرض الحراسة بمقولة إنها لا تتناسب مع المجهود الذي يبذله في سبيل أداء مهمته، وبتاريخ 15-5-2006 أمر السيد القاضي ((بزيادة أتعاب الحراسة القضائية بمبلغ خمسة وعشرون الف درهم إضافة للمبلغ المقضى به سابقا ليكون الإجمالي مبلغ ثلاثون الف درهم تضاف على عاتق الحراسة)) وبالتالي وتأسيساً على ما سلف بيانه من قواعد بشأن حجية الأحكام ونظام الأوامر على العرائض، فإن القاضي الذي أمر بزيادة أتعاب الحراسة القضائية للمطعون ضده يكون قد تجاوز نطاق ولايته بإصدار هذا الأمر إذ هو ليس من بين الحالات التي يجوز فيها لصاحب الشأن إستصدار أمر على عريضة لأن طلب زيادة أتعاب الحارس لا تقتضي طبيعته الإلتجاء الى هذا الطريق لدرء خطر عاجل، كما خلت نصوص القانون مما يبيح للحارس القضائي طلب زيادة أتعابه بأمر على عريضة، ولا يجوز قياس هذه الحالة على ما نص عليه قانون الاثبات في المادة 91 من – سالفة البيان – بشأن تقدير المحكمة لمصروفات الخبير الذي ندبته بأمر على عريضة لإختلاف طبيعة الحق ومصدره في كل منهما، هذا فضلا عن أن ذلك الأمر بزيادة الأتعاب الصادر في 15-5-2006 قد جاء مخالفا لحجية الحكم الوقتي الصادر بتاريخ 23-2-2004 بفرض الحراسة على الشركات محل النزاع وتحديد حقوق الحارس القضائي بقصر الأجر الشهري المستحق له على مبلغ خمسة آلاف درهم، مما كان لازمه الالتجاء الى طريق الدعوى العادية في مواجهة أطراف الخصومة، للفصل في مدى أحقية الحارس القضائي (المطعون ضده) في طلب زيادة الأجر المقدر له بموجب الحكم السابق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم إختصاص القاضي الآمر بزيادة أتعاب الحارس القضائي، مجتزئا القول بأن القاضي الذي عين الحارس القضائي هو المختص بتقدير أجره ما دام لا يوجد إتفاق بهذا الخصوص، ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم بيانه من أسباب فإنه يتعين الغاء الحكم الابتدائي الصادر في التظلم رقم 117 لسنة 2006 والذي قضى بتأييد الأمر على عريضة بزيادة أتعاب الحارس القضائي (المطعون ضده) والقضاء مجددا بالغاء ذلك الأمر لتجاوز القاضي الآمر نطاق سلطته الولائية وبالمخالفة لحجية الحكم السابق صدوره في الدعوى رقم 34 لسنة 2004 أمور مستعجلة بشأن تقدير أتعاب الحارس القضائي.
مما يترتب عليه بطلان ذلك الأمر.

* * *