طعن رقم 313 لسنة 2007 (طعن تجاري)
صادر بتاريخ 21/04/2008
هيئة المحكمة : الرئيس: د. علي إبراهيم الإمام والاعضاء: محمد نبيل رياض، عبد المنعم محمد وفا، عبد العزيز عبد اللّه الزرعوني، ماجد علي قطب.
1- إعتبار المتوسط بين البائع والمشتري منحصراً دوره في التقريب بين طرفي العقد دون المسئولية عن تنفيذ العقد إلا إذا كان ضامناً بموجب الإتفاق أو القانون.
2- سلطة محكمة الموضوع إستخلاص توافر الصفة في الدعوى.
3- إعتبار الوعد بالتعاقد ملزماً لطف واحد أو لكل من المتعاقدين بإبرام عقد معين خلال مدة معينة.
4- عدم ترتيب آثار المبيع على الوعد بالبيع أو الشراء.
5- سقوط الوعد بالتعاقد بمضي المدة لإظهار الرغبة في إتمام العقد النهائي دون إبداء هذه الرغبة.
6- عدم إعتبار إتجاه إرادة المتعاقدين صراحة بمقتضى الإيجاب والقبول المتبادل بينهما على أن يكون المبيع منجزاً وعداً بالبيع طالما أن العقد غير مقترن بخيار الشرط.
7- إنعقاد العقد بمطابقة الإيجاب والقبول.
8- ماهية الإيجاب.
9- إعتبار العقد تاماً وملزماً بقيام الدليل على تلاقي الإرادتين على قيام الإلتزام .
10- ماهية عقد البيع.
11- ماهية الثمن.
12- إنتقال ملكية المبيع بمجرد قيام البيع إلا عند نص القانون على غير ذلك.
13- وجوب مبادرة كل من المتعاقدين إلى تنفيذ إلتزامه إلا ما كان منه مؤجلاً.
14- سلطة محكمة الموضوع في تكييف العقود.
15- عبرة تكييف العقد.
16- وجوب تضمين محكمة الموضوع حكمها ما هو مطمئن إلى تفهمها نقطة النزاع موضوع الدعوى والمسألة القانونية المطروحة فيها وعرضها لها للفصل فيها.
17- جواز تدخل محكمة التمييز عند مخالفة الأسباب المبني عليها الحكم للقانون أو للثابت في الأوراق أو شابها قصور أو فساد في الإستدلال.
الحكم
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر ....... وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعن (المدعي) أقام الدعوى رقم 53 لسنة 2007 تجاري على المطعون ضدهما – المدعى عليهما – بطلب الحكم أولا: بتنفيذ عقد البيع الموقع في 17-4-2006 عن بيع الفيلا المبينة بصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 1636200 درهم واحتياطيا 1- إلزام المدعى عليه الأول برد مبلغ 100000 درهم التي تم سداده عند توقيع العقد للمدعى عليه الأول والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ 17-4-2006 وحتى تمام السداد 2- والزام المدعى عليهما بالتكافل والتضامن والانفراد بأداء مبلغ 500000 درهم كتعويض عن الخسائر المادية والمعنوية من جراء فسخ العقد مع الفائدة بواقع 12% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد تأسيسا على أنه بتاريخ 17-4-2006 وقع المدعي والمدعى عليه الأول بحضور المدعى عليها الثانية إتفاقية بيع الفيلا محل النزاع مقابل ثمن قدره 1636200 درهم على أن يسدد المدعي مبلغ 100000 درهم عند التوقيع على الاتفاقية – ويتم تسليم الفيلا واتفاقية البيع الأصلية والمستندات خلال خمسة أيام بعد سداد كامل الثمن وبتاريخ 29-5-2006 تلقى المدعي من المدعى عليه الأول رسالة تفيد عدم تمكنه من تنفيذ بنود العقد واعتباره مفسوخاً وطلب من المدعي استلام مبلغ 10000 درهم وإذ طالب المدعي المدعى عليهما بتنفيذ العقد إلا أنهما رفضا دون مبرر. فأقام الدعوى وبتاريخ 5-6-2007 حكمت المحكمة بفسخ العقد المبرم بين المدعي والمدعى عليه الأول بتاريخ 15-4-2006 طعن المدعي في هذا الحكم بالاستئناف رقم 417/2007 تجاري كما طعن عليه المدعى عليه الأول بالاستئناف رقم 421/2007 وبتاريخ 7-10-2007 حكمت المحكمة باستكمال الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المدعى عليها ....... بأن يؤدي للمدعي مبلغ 10000 درهم وإلغاءه فيما قضى به بشأن المصروفات. والقضاء مجددا بإلزام المدعي ....... بمصروفات دعواه وتأييد الحكم فيما عدا ذلك طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 4-12-2007 طلب فيها نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن الثابت من عقد البيع المؤرخ 17-4-2006 انه تمت طباعته على الأوراق الرسمية للمطعون ضدها الثانية كما تلاحظ في العقد من البيانات المتعلقة بالإطراف ورود اسم المطعون ضدها الثانية تمثل الطاعن والمطعون ضده الأول كما أودع المطعون ضده الأول أصل الاتفاقية وكافة المستندات المتعلقة بالفيلا موضوع عقد البيع لدى المطعون ضدها الثانية حتى يتم تسليمها للطاعن بعد سداد كامل الثمن وعندما أبدى المطعون ضده الأول رغبته في عدم إكمال عقد البيع وبرد المبلغ الذي سدد فان المطعون ضدها الثانية هي حررت شيكين بمبلغ 103000 درهم وطلبت من الطاعن التوقيع بالاستلام مما يثبت أن دور المطعون ضدها الثانية لم يقتصر على دور الوسيط وإنما تعداه الى دور الضامن فإذا قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية لرفعها على غير ذي صفة فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النص مردود ذلك ان مفاد نص المادتين 254، 267 من قانون المعاملات التجارية الصادر بالقانون رقم 18/1993 ان من يتوسط ويقرب بين البائع والمشتري في عقد البيع ينحصر دوره في التقريب والتوفيق بين طرفي العقد لا يكون مسئولا عن تنفيذ العقد الذي تم مباشرة بينهما او عن قيمة المبيع الا اذا كان ضامنا بموجب الاتفاق او القانون –
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها ومما تستقل بتقديره واستخلاصه محكمة الموضوع متى اقامت قضاءها على اسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق ويؤدي الى النتيجة التي انتهت إليها وتكفي لحمله. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق ان المطعون ضدها الثانية لم تكن طرفا في عقد البيع موضوع النزاع كما خلت الأوراق أيضا مما يفيد وجود اتفاق بين الطاعن والمطعون ضده الأول على أن تكون المطعون ضدها الثانية ضامنة لتنفيذ عقد البيع قبل طرفيه وان دورها لم يتعدى محاولة التقريب والتوفيق بين طرفي التعاقد وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده في اسبابه (وحيث أن الثابت من أوراق الدعوى ان المدعى عليها الثانية لم تكن طرفا في العقد ولم يثبت خطأها او غشها بل الثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها أنها كانت حاضرة توقيع العقد وأنها كانت تقوم بدور الوسيط بينهما في نقل وإستلام الأوراق والمستندات والشيكات) وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافيا لحمل النتيجة الصحيحة التي انتهى اليها ومن ثم فان النعي عليه بما ورد بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تكييف عقد الاتفاق المؤرخ 17-4-2006 المبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول بأنه وعد بالبيع استناداً الى ما ورد بالبند السادس ب منه بخصوص اتفاق الطرفين على إبرام عقد جديد بعد قيام المشتري بسداد الوديعة عند التوقيع على العقد وسداد كامل الثمن خلال فترة انجاز الفيلا – مما يدل على الفهم الخاطئ لمحكمة الموضوع لوقائع الدعوى هو الذي أدى بها الى هذا التكييف الخاطئ في حين أن كافة الوقائع المطروحة في الدعوى تفيد أن إرادة الطرفين قد اتجهت الى اعتباره عقد منجزاً وليس وعدا بالبيع بدليل قيام المطعون ضده الأول بإخطاره الطاعن برسالة مؤرخة 29-5-2006 بعدم رغبته في إتمام عقد البيع استناداً لما ورد في البند السادس ب من الاتفاق والذي اعتبره الحكم شرط فاسخ صريح أعطى للمطعون ضده الأول وحده حق الفسخ حال عدم وفاء الطاعن بالتزاماته – بيد أن النص الوارد في الاتفاق هو شرط فاسخ ضمني يرد عادة في العقود التبادلية والتي تمنح طرفي العقد الحق في فسخ العقد حال اخلال احدهما بإلتزامه قبل الآخر ولا يكون في هذه الحالة مفسوخاً من تلقاء نفسه كما لا يفسخ إلا بحكم – ولا يحكم بفسخ العقد في هذه الحالة إلا بعد أن تتثبت المحكمة من توافر أسبابه ومن ضمنها تعمد المشتري عدم سداد ثمن المبيع بالرغم من أمهالة – وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد حكم اول درجة فيما قضى به من فسخ عقد البيع محل النزاع على اعتبار أنه وعد بالبيع دون أن يتحقق من مدى توافر أسباب فسخ العقد وإمهال الطاعن فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 146 من قانون المعاملات المدنية على أن: "1- الاتفاق الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين او احدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها" مما مفاده أن الوعد بالتعاقد هو عقد ملزم لطرف واحد وقد يلتزم به كل من المتعاقدين بإبرام عقد معين خلال مدة معينة،
فالوعد بالبيع او الشراء لا يترتب بذاته أثار المبيع لان أراده طرفيه لم تتجه الى ذلك
ولهذا السبب فان مضي المدة لإظهار الرغبة في إتمام العقد النهائي دون أبداء هذه الرغبة يترتب عليها سقوط الوعد –
اما حيث تتجه إرادة المتعاقدين صراحة بمقتضى الإيجاب والقبول المتبادل بينهما في العقد على أن يكون البيع منجزا فانه لا يعد وعدا بالبيع ولو تراخى فيه التزام المشتري طالما لم يقترن العقد بخيار الشرط الذي يجعل العقد غير لازم بالنسبة لأحد عاقديه او لكليهما رغم صحته ونفاذه إذا شرط له حق فسخه دون تراضي او تقاضي وذلك عملا بالمادة 218 من ذات القانون –
وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نصوص المواد 125، 129، 130، 489، 490، 503، 511 من قانون المعاملات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن شرط إنعقاد العقد هو مطابقة الإيجاب والقبول
وأن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين فإذا ما اقترن به قبول مطابق له إنعقد العقد –
ويعتبر العقد تاما وملزما بقيام الدليل على تلاقي الإرادتين على قيام الالتزام محل العقد ونفاذه –
وأن عقد البيع هو مبادلة مال غير نقدي بمال نقدي وبشرط أن يكون المبيع معلوما عند المشتري علماً نافيا للجهالة الفاحشة وذلك ببيان أحواله وأوصافه المميزة –
وأن الثمن هو ما تراضى عليه المتعاقدان في مقابله المبيع سواء زاد على القيمة او قل.
وان ملكية المبيع تنتقل بمجرد قيام البيع ما لم يقض القانون بغير ذلك –
ويجب على كل من المتعاقدين المبادرة الى تنفيذ التزامه الا ما كان منه مؤجلا –
ومن المقرر أيضا ان لمحكمة الموضوع السلطة في تكييف العقود للتعرف على ما قصده المتعاقدان منه
وان العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة الواقع وليس بما يسبغه الخصوم عليه من أوصاف غير صحيحة وتخضع محكمة الموضوع في تكييفها للعقد وتطبيق حكم القانون عليه لرقابة محكمة التمييز
وأن المقرر أيضا في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على محكمة الموضوع ان تضمن حكمها ما يطمئن المطلع عليه بأنها قد تفهمت نقطة النزاع في الدعوى والمسألة القانونية المطروحة فيها وعرضت لها للفصل فيها وإلا كان حكمها قاصراً
وأن لمحكمة التمييز أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم قضاءه مخالفة للقانون او مخالفة للثبات بالأوراق او لقصور شاب أسبابه او فساد في استدلاله – لما كان ذلك وكان التكييف الصحيح لعقد الاتفاق المبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول بتاريخ 17-4-2006 هو وفقا لظروف تحريره ولما قصده الطرفان منه هو عقد بيع اكتملت له أركانه وشروط صحته – وإذ خلص الحكم المطعون فيه في تكييفه للعقد بأنه وعد بالبيع ثم قضى بفسخ عقد البيع بما أورده في أسبابه (أن البين للمحكمة أيضا أن العقد المبرم بين الطرفيين وما تضمنه البند السادس منه هو وعد بالبيع وليس بيعا نهائيا ما دام انه قد تم الاتفاق على ابرام عقد بيع نهائي بين الطرفين بعد قيام المشتري بتنفيذ التزاماته المترتبة عليه وهي دفع مبلغ الوديعة عند توقيع العقد بالإضافة الى سداد باقي الثمن كاملا خلال فترة الانجاز وإكمال الفيلا بتاريخ 29-5-2006 وقد أخل المشتري بتلك الالتزامات سواء من حيث مبلغ الوديعة بتاريخه او سداد باقي الثمن خلال فترة الانجاز يضاف الى ذلك ان المدعى عليه الأول أبدى رغبته في عدم إتمام العقد النهائي مستخدما حقه في خيار الشرط خلال المدة مما يتعين معه القضاء بفسخ العقد المبرم بين المدعي والمدعى عليه الأول وإعادة الحال الى ما كانت عليه قبل التعاقد) ودون أن يعرض في أسبابه بالبحث والتمحيص لما أورده المطعون ضده الأول في رسالته للطاعن بأنه ليس في وضع يسمح له بإكمال الانجاز في الحاضر والمستقبل ويدعوه فيها الى استلام المبلغ الذي سدده كوديعة او ضمان وكذلك كيفية اخلال الطاعن بالتزاماته قبل المطعون ضده وكان مفاد ما تقدم أن الحكم اخطأ في فهم الواقع في الدعوى ذلك ان الطاعن لم يطلب الحكم بفسخ العقد المبرم بينه وبينه المطعون ضده الأول بل أفصح بصحيفة دعواه أنه يطلب أولا تنفيذ العقد المحرر بينهما ثانيا وفي حالة استحالة التنفيذ إلزامه برد مبلغ الضمان مع التعويض استنادا الى ان المطعون ضده الأول هو الذي فسخ العقد بإرادته المنفردة فإذا قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من فسخ عقد البيع المبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول ورفض طلب التعويض استنادا الى هذا الفهم الخاطئ لواقع الدعوى الذي أدى به الى تكييف عقد البيع تكييفا خاطئا بأنه وعد بالبيع دون أن يبحث ويستظهر مدى إلتزام كل طرف في العقد بما التزم به والأسباب التي أدت الى عدول المطعون ضده الاول عن تنفيذ العقد وما إذا كانت خارجة عن إرادته فعلا بحيث تجعل تنفيذ العقد مستحيلا ومدى توافر الشروط اللازمة لفسخ عقد البيع وأثر ذلك على طلب الطاعن بالتعويض. ومن ثم فان الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على الواقع المطروح في الدعوى مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث طلب الطاعن للتعويض فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

* * *