طعن رقم 1 لسنة 2008 (طعن تجاري)
صادر بتاريخ 05/05/2008
هيئة المحكمة : الرئيس: علي إبراهيم الإمام والاعضاء: محمد نبيل رياض، عبد المنعم محمد وفا، عبد العزيز عبد اللّه الزرعوني، ماجد علي قطب.
1- عدم جواز تمسك الطاعن بسبب طعن غير متعلق به.
2- عدم قبول نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه إطراحه طلب أو دفاع مبدى من غيره من الخصوم.
3- تمييز الطلب العارض المقدم من المدعى عليه عن ما يقدمه من دفاع وأوجه دفوع موضوعية في الدعوى.
4- عدم قبول طلب الطاعنة العارض المقدم أمام محكمة الإستئناف والمتعلق بطلب ندب خبير لتحديد التعويض المستحق لها لعدم تقديمه أمام محكمة أول درجة بعد سداد الرسم المستحق عنه.
5- وجوب إشتمال حكم محكمة الموضوع عند فصلها في الخصومة على تمحيص للأدلة وتحقيق كافة عناصر الدفاع الجوهري.
6- عدم إعتبار عدم إلتزام المشتري بإتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادتان 110 و 111 من قانون المعاملات التجارية وما هو مترتب عليها من آثار مانعاً من حقه في التمسك بطريق الدفع قبل البائع إذا طالبه بقيمة المبيع برفض تسديد ثمن البضاعة المبيعة أو الناقصة أو خصمه قيمة الأضرار.
7- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعنة ندب خبير لعدم مطابقة البضاعة محل النزاع للمواصفات إستناداً لعدم إقامة الطاعنة دعوى فسخ العقد وإنقاص الثمن وضمان العيب خطأ في تطبيق القانون وقصوراً في التسبيب وإخلالاً بحق الدفاع مستوجب النقض.
الحكم
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر/....... وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 189 لسنة 2007 تجاري كلي على الشركة الطاعنة وطلبت الحكم اصليا بفسخ عقد البيع المبرم بين الطرفين وإلزام المدعى عليها برد المبيع اليها وبدفع عشرة آلاف جنية استرليني شهرياً اجرة الانتفاع او ما يعادله بدرهم الإمارات مبلغا وقدره 71500 درهم اعتباراً من تاريخ 30-11-2005 وحتى تسليم المعدات بالكامل وبالتناوب إلزام المدعى عليها بدفع كامل الأقساط البالغة 934740 جنيهاً إسترلينيا او ما يعادله بدرهم الإمارات مبلغاً وقدره 6.683.391 درهماً والفائدة بواقع 12% من تاريخ الإستحقاق وحتى السداد التام وبدفع عشرة آلاف جنيه إسترليني أجرة الانتفاع او ما يعادلها بدرهم الإمارات مبلغاً وقدره 71500 درهم اعتباراً من تاريخ 30-11-2005 وحتى تاريخ تسليم المعدات بالكامل. وقالت بياناً لدعواها انها باعت للمدعى عليها مواد تستخدم في اعمال الإنشاءات والبناء لقاء المبلغ المتفق عليه وقدره 5.600.000 درهم. واتفق الطرفان على جدولة قيمة المبيع وعلى ان يتم سداده على أقساط شهرية بالجنيه الإسترليني بدءاً من 31-10-2005 وحتى 30-9-2008 بحيث تكون قيمة الأقساط 961.740 جنيهاً استرلينيا، وقامت المدعية بتسليم المدعى عليها المواد المبيعة الا انها زعمت التأخير في التسليم ونقص في مكونات النظام وانها توافق على تحويل القيمة ناقص الخسائر وسددت مبلغ 27000 جنيه استرليني في 17-1-2006 وامتنعت عن سداد باقي الأقساط دون مسوغ مما يجيز للمدعية طلب الفسخ والتعويض وكذلك أجرة الإنتفاع الشهري وهو ما تقدره بمبلغ عشرة آلاف جنيه إسترليني ومن ثم اقامت الدعوى. وبتاريخ 11-7-2007 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بان تؤدي للمدعية مبلغ 534300 جنيه استرليني او ما يعادله بالدرهم الإماراتي وقت الدفع والفوائد بواقع 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى تمام السداد على الا تتحاوز الفوائد المبلغ المقضى به ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استانفت المدعى عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 521 لسنة 2007 تجاري وبتاريخ 4-11-2007 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت المدعى عليها في هذا الحكم بطريق التمييز بصحيفة اودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 3-1-2008 طلبت فيها نقضه وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطعن اقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ أيد حكم محكمة اول درجة على إطلاقه محمولاً على أسبابه، ولما كان الثابت من لائحة الدعوى ان المطعون ضدها طلبت فسخ العقد مع القضاء بإعادة المعدات وتسليمها اليها ودفع مقابل الإنتفاع بتلك المعدات وهو طلبها الأصلي في الدعوى الأصلية لعملها ان استعمال تلك المواد لا يؤدي الى استهلاكها او هلاكها بالكامل في هذه المدة وهي مسألة فنية لا يمكن للمحكمة البت فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة.
وحيث إن المحكمة جزمت في حكمها بإستحالة إعادة الحال الى ما كان عليه بعد الفسخ وهو استدلال فاسد لأنه من طبيعة المواد المبيعة انه يمكن استخدامها لمدد طويلة ولمرات عدة ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك ان من المقرر عملاً بنص المادة الثانية من قانون الإجراءات المدنية انه لا يقبل اي طلب او دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة ومشروعة ومن ثم لا يجوز للطاعن التمسك بسبب للطعن لا يتعلق به،
ولا يقبل منه النعي على الحكم المطعون فيه اطراحه طلب او دفاع لم يبد منه وإنما أبداه غيره من الخصوم طالما هو لم يتمسك بهذا الدفاع امام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى ان المطعون ضدها هي التي أقامت الدعوى وطلبت الحكم أصلياً بفسخ عقد البيع مثار النزاع وعلى سبيل الاحتياط اداء ثمن المبيع، وقد صدر الحكم بإلزام الطاعنة بأقساط الثمن التي حل أجل الوفاء بها، وكان دفاع الطاعنة امام محكمة الموضوع قد تمثل في طلب رفض الدعوى، ومن ثم فلا مصلحة لها في النعي فيما انتهى اليه من رفض طلب فسخ العقد ويضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه اذ تمسكت في دفاعها بتأخر المطعون ضدها في تسليم البضائع المبيعة إليها وفق الجدول الزمني الذي حدد فيه موعد تسليم البضائع حسب احتياجاتها لإرتباطها بجدول زمني في تنفيذ مشورع مرسى دبي وقد اكدتها المطعون ضدها بموجب رسالتها المؤرخة 27-9-2005 الا ان الحكم المطعون فيه لم يبحث هذا الدفاع الجوهري، والذي يترتب على بحثه إنقاص ثمن المبيع، ورد عليه بعبارة مقتضية بأن المحكمة تلتفت عنه لانه لم يكن موضوع دعوى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك ان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان الطلب العارض المقدم من المدعى عليه يختلف عما يقدمه من دفاع وأوجه دفوع موضوعية في الدعوى، وأنه ولئن كان يترتب على كل منهما عدم القضاء للمدعي بكل او بعض طلباته، إلا ان الطلب العارض هو موقف ايجابي من المدعى عليه يطلب فيه من المحكمة صراحة وبصورة جازمة إلزام خصمه المدعي بحق يدعيه قبله، أما الدفاع او الدفوع الموضوعية في الدعوى فهو موقف سلبي من جانب المدعى عليه، يقتصر فيه على إبداء دفاعه في عدم استحقاق المدعي لما يطالب به من حقوق دون ان يطلب من المحكمة الحكم له بشيء على المدعي فيما يدعيه قبله من حقوق.
لما كان ذلك وكان الطلب الذي طرحته الشركة الطاعنة على محكمة الاستئناف هو طلب ندب خبير لتحديد التعويض المستحق لها نتيجة عدم التزام المطعون ضدها بالجدول الزمني المتفق عليه لتسليم البضائع محل الدعوى ومن ثم إنقاص الثمن المطالب به نتيجة لذلك. ولما كان هذا الطلب من قبيل الطلبات العارضة، وأنه لم يقدم من الطاعنة امام محكمة اول درجة وفقاً للإجراءات المبينة بنص المادتين 97، 99 من قانون الإجراءات المدنية وذلك بعد سداد الرسم المستحق عنه ومن ثم لا يجوز قبوله، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ تمسكت الطاعنة في دفاعها بأن المطعون ضدها أخلت بالتزاماتها التعاقدية وذلك بتسليمها البضاعة المباعة ناقصة ومخالفة للمواصفات وانها قدمت المستندات التي تثبت دفاعها كما طلبت إحالة الدعوى للخبرة لإثبات ذلك إلا أن الحكم لم يجبها الى طلبها، ولم يتفحص المستندات المقدمة منها ويرد عليها ورفض دفعها بإنقاص الثمن على سند من القول بأنها لم تتبع الإجراءات في المواعيد المحددة في المادتين 110، 111 من قانون المعاملات التجارية، في حين أن عدم التزامها بإتباع هذه الإجراءات لا يحرمها حقها في التمسك بطريق الدفع بعدم التزامها بدفع ثمن البضاعة المعيبة والناقصة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان محكمة الموضوع تلتزم إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها ان يشتمل حكمها على ما يدل بأنها قد محصت سائر الأدلة المطروحة عليها وحققت كافة عناصر الدفاع الجوهري الذي يكون من شأنه – لو صح – ان يتغير به وجه الرأي في الدعوى وذلك وصولاً الى ما ترى انه الواقع الثابت فيها بحيث يكون استدلال الحكم بما ساقه في مدوناته مؤدياً بأسباب سائغة ومعقولة الى النتيجة التي بنى عليها قضاءه فلا يكفي ان يطرح الحكم دفاع الخصم والأدلة التي ركن إليها لإثباته دون أن يسعى الى استبيان وجه الحق في هذا الدفاع ومدى ثبوت او نفي ما تمسك به، بما فيها إجابته الى طلب ندب خبير في الدعوى خاصة إذا كان هذا الطلب هو السبيل الوحيد لتمكينه من تحقيق هذا الدفاع،
وكان عدم التزام المشتري – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بإتباع الإجراءات التي نصت عليها المادتان 110، 111 من قانون المعاملات التجارية وما يترتب على ذلك من آثار على حقه في رفع دعوى الفسخ او إنقاص الثمن او ضمان العيب لا يحرمه من حقه في التمسك بطريق الدفع قبل البائع إذا طالبه بقيمة المبيع بعدم التزامه بدفع ثمن البضاعة المعيبة او الناقصة او حقه في خصم قيمة الأضرار التي لحقت به من جراء عيوب المبيع او نقصه.
لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى ان الطاعنة تمسكت في دفاعها امام محكمة الموضوع بأن البضاعة محل النزاع لم تكن مطابقة للمواصفات وبها نقص وركنت في إثبات ذلك الى المستندات المقدمة منها والى طلب ندب خبير لتحقيق هذا الدفع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يجبها الى هذا الطلب مستنداً الى ان الطاعنة لم تبادر الى اقامة الدعوى بفسخ العقد وإنقاص الثمن وضمان العيب خلال المدة القانونية. وهو ما لا يعد رداً سائغاً على دفاع الطاعنة ولا ينهض بمجرده مبرراً كافياً لرفض طلبها بندب خبير لتحقيقه وهو ما تحجب به الحكم المطعون فيه عن قول كلمته في دفاع الطاعنة ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه لهذا السبب.

* * *