طعن رقم 61 و 80 لسنة 2008 (طعن مدني)
صادر بتاريخ 01/06/2008
هيئة المحكمة: الرئيس: محمد محمود راسم والاعضاء: فتحية محمود قره، زهير أحمد بسيوني، سيد محمود قايد، حسن محمود الأبياري.
1- شروط إنعقاد الوعد المتبادل بين المتعاقدين أو الوعد من جانب واحد بإبرام عقد معين بالمستقبل.
2- عدم إعتبار الوعد بالبيع مرتباً بذاته آثار عقد البيع .
3- إعتبار إنقضاء المدة المحددة بالإتفاق على الوعد البيع دون إبداء الرغبة في إبرام العقد النهائي مرتباً عدم إنعقاد الوعد ولو كان مشتملاً على المسائل الجوهرية لعقد البيع وإلزام الواعد برد ما تسلمه من الثمن .
4- سلطة محكمة الموضوع في تكييف العقد وتفسير عباراته بما هو متفق مع النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ .
5- لا فائدة من النعي على إحدى دعامات الحكم متى أقام قضائه على دعامة أخرى كافية لحمله في النتيجة التي خلص إليها .
6- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده في إسترداد ما دفعه من مقدم الثمن بالإستناد إلى ما إستخلصه من خطاب الضمان بأن ما دفعه جزء من الثمن لا عربوناً خاضعاً لخيار العدول سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق .
7- جواز أن يكون السمسار مسئولاً بوصفها ضامناً للصفقة بالرغم من عدم مسئوليته عن تنفيذها .
الحكم
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص – في كل من الطعنين – الذي اعده وتلاه بجلسة المرافعه السيد القاضي المقرر........وبعد المداولة.
حيث ان الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية.
وحيث ان الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق – تتحصل في ان........اقام على كل من: 1-..........2-.........للعقارات (ذ.م.م) (الدعوى رقم 564 لسنة 2006 مدني كلي امام محكمة دبي الابتدائية انتهى فيها – وفق طلباته الختامية – الى طلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا له مبلغ ستمائة الف درهم وفوائده بواقع 9% سنويا من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، واحتياطياً ببطلان عقد البيع المبرم في 19-4-2006 بينه وبينهما بشأن قطعة الارض موضوع النزاع والزامهما بالتضامن بان يردا له المبلغ الذي دفعه على سبيل العربون وقدره ثلاثمائه الف درهم وفوائده القانونية بواقع 9% سنويا من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، وذلك تأسيساً على انه في 19-4-2006 باع المدعي عليه الاول للمدعي قطعة الارض المملوكه له رقم 127 الكائنه بتلال الامارات بدبي والبالغ مساحتها 40975 قدماً مربعاً لقاء ثمن قدره 8.604750 درهماً دفع المدعي منه على سبيل العربون مبلغ ثلاثمائة الف درهم، وقد تعهد المدعي عليه الاول بأتمام عقد البيع النهائي والتوقيع عليه وبان يصدر للمدعي توكيلاً خاصاً مصدقاً عليه لدى الكاتب العدل في موعد غايته 18-5-2006 والا بات ملتزماً برد مبلغ العربون اليه، وقد اقرت المدعي عليها الثانية بأنها تضمن وتكفل المدعي عليه الاول في رد مبلغ العربون للمدعي في حالة عدم اتمامه للبيع وعدم توقيعه العقد النهائي في الموعد المحدد، ولما كان البائع قد عدل عن البيع وامتنع عن رد العربون ومثله دون مبرر، وكان عقد البيع المبرم بين (تلال الامارت المرحله الاولى ش.م.م) وبين المدعي عليه الاول والذي بموجبه اشترى منها ذات قطعة الارض لا يرتب له اي حق من حقوق الملكية قبل ان يسدد ثمنها وانه يحظر عليه التصرف بالبيع او التنازل للغير عن قطعة الارض المبيعه بدون الحصول على موافقتها والتي لا تعطيها قبل ان ينجز المدعي عليه الاول اقامة المنشآت في 11-11-2007 على الارض المبيعه له، ولم يستطع الحصول على موافقة تلك الشركة، وكان عقد البيع سند الدعوى قد ابرم في 19-4-2006 بواسطة الشركة المدعي عليها الثانية قبل ان يقوم المدعي عليه الاول بانجاز تلك المنشآت فان البيع الصادر منه يكون باطلاً بما يوجب عليه رد العربون، ومن ثم فقط اقام الدعوى، وبتاريخ 11-6-2007 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى الى التحقيق ليثبت المدعي عليه الاول ان المدعي هو الذي عدل عن العقد، وبعد ان اسمتعت المحكمة الى اقوال شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 22-11-2007 برفض الدعوى. استأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم 816 لسنة 2007 مدني. وبتاريخ 31-1-2008 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المدعي عليهما بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ ثلاثمائة الف درهم والفائدة بواقع 9% سنوياً بدءًا من تاريخ اقامة الدعوى في 12-9-2006 وحتى السداد التام ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، طعن المدعي عليه الاول في هذا الحكم بالتمييز رقم 61 لسنة 2008 مدني بصحيفة اودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 5-3-2008 طلب فيها نقضه، ولم يقدم المطعون ضده مذكره بدفاعه، كما طعنت المدعي عليها الثانية في ذات الحكم بالتمييز رقم 80 مدني بصحيفه اودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 24-3-2008 طلبت فيها نقضه، وقدم المطعون ضده الثاني مذكره في هذا الطعن طلب فيها ضمه الى الطعن المرفوع منه؛ وبعد ان عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة رأت انهما جديران بالنظر وحددت جلسه لنظرهما، وبجلسة المرافعه قررت المحكمة ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
اولا- في الطعن رقم 61 2008 لسنة مدني.
حيث ان الطعن على ثلاثة اسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالاوراق، اذ ذهب الى ان خطاب التفاهم المؤرخ 19-4-2006 سند الدعوى ليس عقد بيع تام، وانه لا يعدو ان يكون تعهداً بالتبايع خلال اجل محدد وانه يلزم لتمامه موافقة تلال الامارات وفقاً لللبند 8 من عقد البيع المبرم بينهما وبين الطاعن، وان عدم توقيع الطاعن على عقد البيع النهائي خلال الاجل المحدد وهو 18-5-2006 وعدم تقديمه للوكاله المتفق عليها الى المطعون ضده يترتب عليه التزام الطاعن بإعادة المبلغ المدفوع من مقدم الثمن وقدرة 300000 درهم الى المطعون ضده، هذا في حين ان المعنى الظاهر لعبارات خطاب التفاهم المشار اليه ان ارادة المتعاقدين قد تلاقت على بيع قطعه ارض معلومة المساحة والحدود ومحددة القيمة، كما ان العقد المبرم بين (شركه تلال الامارات) وبين الطاعن الذي اتخذه الحكم دعامه لحكمه هو صورة ضوئية جحدها الطاعن وتمسك بعدم حجيتها في الاثبات، والثابت من اقوال شهود الطرفين ومن عبارات خطاب التفاهم سند الدعوى انهما قد اتفقا على جميع المسائل الجوهريه للبيع من تعيين المبيع وتحديد الثمن فيكون المبلغ المدفوع هو عربون في عقد بيع ابتدائي مصحوب بخيار العدول، وقد اخفق المطعون ضده في اثبات ما يدعيه من عدول الطاعن عن ابرام العقد النهائي مما لازمه القضاء برفض الدعوى، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان النص في المادة 146 من قانون المعاملات المدنية على ان ((1- الاتفاق الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين او احدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد الا اذا عينت جميع المسائل الجوهريه للعقد المراد ابرامه والمدة التي يجب ابرامه فيها 2-.........)) يدل على ان الوعد المتبادل بين المتعاقدين او الوعد من جانب واحد بإبرام عقد معين في المستقبل يشترط لانعقاده بيان جميع المسائل الجوهريه للعقد الموعد بإبرامه فضلاً عن تحديد المدة التي يجب ابرامه فيها،
مما مؤاده ان الوعد بالبيع سواء من جانب واحد او بموجب اتفاق متبادل لا يرتب بذاته آثار عقد البيع لأن ارادة الواعد لم تتجه الى ترتيب هذه الآثار،
ولذلك فإن انقضاء المدة المحددة في الاتفاق دون ابداء الرغبة في ابرام العقد النهائي خلال المدة المتفق عليها يترتب عليه عدم انعقاد الوعد ولو اشتمل على المسائل الجوهريه لعقد البيع من بيان المبيع وتحديد الثمن، مما لازمه وجوب الزام الواعد بالبيع برد ما يكون قد تسلمه من الثمن عملاً بالمادة 321 من ذات القانون باعتبار ان الوفاء بجزء من الثمن قد تم تنفيذًا لدين زال سببه،
ومن المقرر ان لمحكمه الموضوع السلطة في تكييف العقد والتعرف على ما قصده المتعاقدان منه، وان العبره في ذلك هو بحقيقة الواقع وليس بما يسبغه الخصوم عليه من اوصاف غير صحيحة، وهو ما تستخلصه المحكمة من الواقع المطروح في الدعوى مستعينة بظروفها وملابساتها، ولها ايضا تفسير عبارات العقد بما يتفق والنيه المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وذلك وفقاً لما تقضى به المادة 265/2 من ذات القانون،
ومن المقرر ايضًا انه متى اقيم الحكم على دعامتين مستقلتين سنداً لقضائه وكانت احداهما كافيه لحمله في النتيجة التي خلص اليها، فإن النعي عليه في دعامته الاخرى – وايا كان وجه الرأي فيها – يكون غير منتج،
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من خطاب التفاهم الصادر عن الطاعن وحده المؤرخ 19-4-2006 ان الاتفاق سند الدعوى هو مجرد وعد بالبيع، وان ما دفعه المطعون ضده هو جزء من الثمن وليس عربوناُ خاضعاً لخيار العدول، ورتب على ذلك قضاءه بأحقية المطعون ضده في استرداد ما دفعه من مقدم الثمن تأسيساً على ما اورده بأسبابه من انه (يتبين من خطاب التفاهم المؤرخ في 19-4-2006 الموقع من ....المستأنف ضده الاول (الطاعن) بصفته بائع ومن المستأنف ضدها الثانية بصفتها وسيط في عمليه البيع ان المستأنف (المطعون ضده) قد سدد للمستأنف ضده الاول مبلغ 300000 درهم كعربون مقابل بيعه لأرضه رقم ال 27 في تلال الامارات كما تضمن هذا الخطاب انه تم الاتفاق على ان هذا المبلغ هو جزء من اجمالي سعر البيع المتفق عليه وان آخر ميعاد لانهاء عملية البيع هو في 18-5-2006 وان هذا العربون قابل للاعادة في حالتين وهي: أ- حالة عدم توقيع البائع على اتفاقيه البيع والشراء ب– حالة عدم تقديم الوكالة القانونية الخاصة والصادرة من الكاتب العدل بدبي.......، وحيث انه وان كان للعربون احكامه القانونية وفقا لاحكام المادة 148 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي الا ان ما هو معول عليه في هذه القضيه هو اتفاق المتعاقدين بهذا الشأن وشروط هذا الاتفاق المشار اليها انفاً في خطاب التفاهم والتي تم الاتفاق فيه على ان اخر ميعاد لانهاء عمليه البيع هو في 18-5-2006، وان العربون المدفوع قابل للاعادة في حالة عدم توقيع البائع على اتفاقية البيع والشراء وفي حالة عدم تقديم الوكالة القانونيه الخاصة (الصادرة من الكاتب العدل بدبي) وغيرها من الشروط المتفق عليها ضمن اتفاقية البيع والشراء للمشتري، كما اقرت المستأنف ضدها الثانية في هذا الخطاب بأنها الوسيط في عمليه البيع والشراء لهذا العقار. وحيث تبين من مجمل هذه الشروط......ان عمليه بيع العقار لم تكن تامه ولم تنعقد بتاريخ توقيع خطاب التفاهم في 19-4-2006........، وحيث انه يستخلص من كل ذلك ان خطاب التفاهم هذا لا يمكن اعتباره عقد بيع تام مستكملاً كافة شروطه الاساسيه وهو لا يعدو تعهداً بالتبايع بين الطرفين خلال اجل محدد، ومن ثم فإن مجرد عدم حصول توقيع المستأنف ضده الاول......على عقد البيع والشراء اشعاراً بإبرامه نهائياً خلال الاجل لترتيب آثاره، وكذلك عدم تقديمه الوكالة القانونية الخاصة الملزم بتقديمها للمستأنف خلال الاجل فإن مجرد عدم تحقق اي من هاتين الحالتين موجب لاعادة المبلغ المدفوع من الثمن وقدره 300000 درهم الى المستأنف مهما كانت الاسباب))، واذ كان هذا الذي خلص اليه الحكم سائغاً بما له اصل ثابت بالاوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويتفق والتكييف القانوني للعقد بحسب التفسير الصحيح لشروط خطاب التفاهم – محل النزاع – ويعد دعامة كافيه لحمل قضائه باجابه طلب المطعون ضده باسترداد ما دفعه من مقدم الثمن، وبالتالي فإن النعي عليه فيما استطرد اليه الحكم بشأن عقد شراء الطاعن للأرض محل الوعد من شركة تلال الامارات واثره في النزاع المطروح – وايا كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير اساس مما يتعين معه رفض الطعن.
ثانيا- في الطعن رقم 80 لسنة 2008 مدني.
حيث ان حاصل ما تنعى به الشركة الطاعنه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، اذ اعتبر ان التصرف بالبيع لم يتم في تاريخ توقيع خطاب التفاهم في 19-4-2006 وقضى بإلزامها مع المطعون ضده الثاني بالتضامن برد ما دفعه المطعون ضده الاول من الثمن دون ان يبين سنده في ذلك، هذا في حين او الواضح من عبارات هذا الخطاب ان نية المتعاقدين قد انصرفت بجعل العربون المدفوع في بيع مصحوب بخيار العدول، والثابت من اقوال الشهود والمراسلات التي جرت بين المطعون ضدهما ان المطعون ضده الاول هو المتسبب في عدم اتمام اتفاقيه البيع والشراء للعقار، وبالتالي لا يجوز رد مبلغ العربون اليه، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك انه من المقرر وفق ما تقضي به المادة 267 من قانون المعاملات التجاريه ان السمسار وان كان غير مسئول عن تنفيذ الصفقه التي يتوسط في ابرامها، الا انه يجوز ان يكون مسئولا بوصفه ضامناً بموجب الاتفاق او القانون، ولما كانت هذه المحكمة – وعلى النحو السالف بيانه في الطعن بالتمييز رقم 61 لسنة 2008 مدني المرفوع من المطعون ضده الثاني – قد انتهت الى ان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحاً بأسباب سائغه بما لها اصل ثابت في الاوراق الى ان الاتفاق سند الدعوى هو وعد بالبيع، وان ما دفعه الموعود له(........) الى الطرف الاخر (..........) هو جزء من الثمن وليس عربوناً للعدول عن العقد، ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الاخير مع الشركة الطاعنه بالتضامن برد ما قيضه من مقدم الثمن، وكان الثابت ان الشركة الطاعنه هي الوسيط بين الطرفين وقد التزمت في خطاب التفاهم سند الدعوى بأنها تضمن المتعاقد (........) في اعادة مقدم الثمن في حالة عدم اتمام عقد البيع، وبالتالي فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير اساس، ولا يغير من ذلك ما تدعيه الشركة الطاعنه بأن المطعون ضده الاول هو المتسبب في عدم اتمام عقد البيع طالما انه لم يلتزم في الوعد بالبيع الصادر من المطعون ضده الثاني بشىء قبله بل ثبت اخلال الاخير بالتزامه بإبرام عقد البيع.
في الموعد الذي حدده لذلك.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض هذا الطعن ايضا.

* * *