طعن رقم 148 لسنة 2008 (طعن مدني)
صادر بتاريخ 14/09/2008
هيئة المحكمة: الرئيس محمد محمود راسم والأعضاء فتحية محمود قره، زهير احمد بسيوني، حسن محمود الأبياري، سيد محمود قايد
1- عدم جواز إعمال حكم القانون الجديد على الوقائع السابقة على العمل به بالرغم من إقامة المدعي دعواه في ظل هذا القانون .
2- إعتبار إستحداث القانون الجديد المتعلق بعدم سماع الدعوى بمضي الزمان مدة أقصر من القانون القديم موجباً تطبيق المدة الجديدة إلا إذا كان الباقي من مدة عدم السماع في القانون القديم أقصر من المدة المقررة في القانون الجديد .
3- إعتبار التعامل بالشيك عملاً تجارياً في جميع الأحوال .
4- شروط عدم سماع دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب وغيره من الملتزمين بدفع قيمته بعد إنقضاء سنتان على إنتهاء ميعاد تقديمه إلى المصرف المسحوب عليه .
5- شروط سريان ميعاد عدم سماع دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب وغيره من الملتزمين الحاصلين على كسب غير مشروع .
6- تطبيق قانون المعاملات التجارية الذي نص على حكم جديد بشأن مدة عدم سماع دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب وغيره على الوقائع السابقة لتاريخ العمل به ولو كانت مدة عدم السماع في قانون المعاملات المدنية أطول من المدة الجديدة .
الحكم
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر........ وبعد المداوله.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في ان المطعون ضده (......) أقام على كل من الطاعنين ......... زوجة المتوفي ........ عن نفسها وبصفتها من ورثته و..... و ...... و ........ – باقي ورثة المتوفي – الدعوى رقم 524 لسنة 2005 مدني كلي امام محكمة دبي الابتدائية بتاريخ 19-7-2005 بطلب الحكم – وفقا لطلباته الختامية – بإلزام المدعي عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وارثة للمتوفي المذكور بأن تؤدي له مبلغ 600000 درهم بالتضامن مع باقي المدعى عليهم في حدود ما آل إليهم من تركه مورثهم والفوائد بواقع 9% من تاريخ 26-11-1991 وحتى تمام السداد.
وقال في بيان ذلك أنه أقرض المدعى عليها الأولى المبلغ المشار إليه، ووفاء لهذا القرض حرر له المورث المذكور – زوج المدعي عليها الأولى – الشيك رقم 2020132 بتاريخ 10-3-1992، ولدى تقديم الشيك للصرف من البنك المسحوب عليه أعيد دون صرف لعدم وجود رصيد، ثم توفي مورث المدعى عليهم، وإمتنعت المدعى عليها الأولى وباقي الورثة عن السداد، ومن ثم فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 12-4-2006 حكمت المحكمة بعدم إختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها الى لجنة الحراسة القضائية المختصة بنظرها وفقا للمرسوم رقم 3 لسنة 1984 الصادر من سمو الحاكم. إستأنف المدعي هذا الحكم بالإستئناف رقم 309 لسنة 2006 مدني.
وبتاريخ 28-1-2007 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى الى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. وبتاريخ 26-4-2007 قضت المحكمة الإبتدائية بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الطعن بالتمييز رقم 46 لسنة 2007 المرفوع من المدعى عليهم. وإذ قضت محكمة التمييز بعدم جواز الطعن، فقد عاودت المحكمة نظر الدعوى، وقضت بتاريخ 27-6-2007 بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليها الأولى بناء على طلب المدعي بالصيغة الآتية (( أقسم بالله العظيم بأني لم أقبض من المدعي مبلغ 600000 درهم بموجب الشيك المسحوب من المدعي ........ على بنك أبوظبي الوطني بتاريخ 26-11-1991 كقرض)) بيد أن المدعي قام بالعدول عن توجيه اليمين قبل الحلف. وبتاريخ 21-1-2008 حكمت المحكمة حضوريا أولا: برفض الدفع بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان. ثانياً: وفي الموضوع بإلزام المدعى عليها الأولى بالتضامن مع باقي المدعى عليهم في حدود ما آل إليهم من تركه مورثهم بأن يؤدوا للمدعي مبلغ 600000 درهم والفوائد بواقع 9% سنوياً من تاريخ الإستحقاق الحاصل في 26-11-1991 وحتى تمام السداد على الا تتعدى الفائدة قيمة اصل الدين. استأنف المدعى عليهم هذا الحكم بالإستئناف رقم 99 لسنة 2008 مدني، كما أستأنفه المدعي بالإستئناف رقم 123 لسنة 2008 مدني. وبعد أن ضمت المحكمة الإستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، حكمت بتاريخ 31-3-2008 بتعديل الحكم المستأنف فيما يتعلق بالفائدة لتصبح بواقع 9% سنويا من تاريخ الإستحقاق الحاصل في 10-3-1992 وحتى تمام السداد، وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن المدعي عليهم في هذا الحكم بالتمييز.
الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 28-5-2008 طلبوا في ختامها نقضه، وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بالرد – في الميعاد – التمس فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بعد أن عرض على المحكمة في غرفة مشورة، رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره.
وحيث ان مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، ذلك أنهم دفعوا أمام محكمة الموضوع بعدم سماع دعوى المطعون ضده لمرور الزمان، تأسيسا على ان جميع العمليات المتعلقة بالأوراق التجارية – ومن ضمنها الشيك محل النزاع رقم 2020132 والمؤرخ في 10-3-1992- وأيا كانت صفة ذوي الشأن فيها وأيا كانت طبيعة العمليات التي حُررت من أجلها، تعد أعمالا تجارية وفقا لنص المادة 5/5 من قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993 المعمول به اعتبارا من 7-12-1993، ولما كانت المادة 638 من هذا القانون قد حددت مدة عدم سماع دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمته بمضي سنتين من تاريخ إنقضاء ميعاد تقديم الشيك، وهي مدة أقصر من المدة المحدده في قانون المعاملات المدنية، ومن ثم ووفقا لأحكام المادتين 6 و 7 من قانون المعاملات المدنية تسري مدة التقادم الأقصر المنصوص عليها في المادة 368 سالفه الذكر وهي مدة السنتين من وقت العمل بقانون المعاملات التجارية، ولما كان الثابت ان تاريخ إستحقاق الشيك – وبإفتراض صحة صدوره عن مورثهم وهذا ما أنكروه صراحه – هو 10-3-1992، وأقيمت الدعوى في 19-7-2005 وبالتالي فإن مدة عدم السماع تكون قد إكتملت. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وإنتهى الى رفض الدفع بعدم السماع بمقولة ان الواقعة تسري عليها مدة عدم السماع وفق أحكام قانون المعاملات المدنية بإنقضاء 15 سنة، ومن ثم فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك انه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان مفاد نص المادتين 6، 7 من قانون المعاملات المدنية، انه وإن كان الأصل انه لا يجوز إعمال حكم القانون الجديد على الوقائع السابقة على العمل به حتى ولو أقام المدعي دعواه في ظل هذا القانون تطبيقا لقاعدة عدم سريان القانون بأثر رجعي، إلا
إن النصوص الجديدة المتعلقة بعدم سماع الدعوى بمضي الزمان تسري من وقت العمل بها على كل مدة عدم سماع لم تكتمل سواء كان القانون الجديد يطيل هذه المدة او يقصرها، غير انه في حالة ما إذا كان القانون الجديد قد استحدث مدة أقصر من المدة التي كان يقضي بها القانون القديم لعدم سماع الدعوى بمضي الزمان فإن المدة الجديدة تسري بدءاً من وقت العمل بالنص الجديد، ومع ذلك إذا كان الباقي من مدة عدم السماع في القانون القديم أقصر من المدة التي قررها القانون الجديد، فإن التقادم يتم بإنقضاء المدة الباقية طبقا للقانون القديم، وهذه القاعدة يتعين إعمال مقتضاها على المعاملات التجارية، وذلك وفقا لما تقضي به المادة الثانية من قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993 المعمول به إعتباراً من 21-12-1993 من انه (( إذا لم يوجد عرف تجاري وجب تطبيق الأحكام الخاصة بالمسائل المدنية فيما لا يتعارض مع المبادئ العامة للنشاط التجاري ))، كما نصت المادة الأولى منه على ان (( تسري أحكام هذا القانون على التجار، وعلى جميع الأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص ولو كان غير تاجر ))، كما نصت المادة الخامسة من ذات القانون على انه (( تعد الأعمال التالية أعمالا تجارية بحكم ماهيتها: ....... 5- جميع العمليات المتعلقة بالأوراق التجارية أيا كانت صفة ذوي الشأن فيها وأيا كانت طبيعة العمليات التي أنشئت من أجلها ))، ونصت المادة 479 منه – الواردة في الكتاب الرابع المتعلق بالأوراق التجارية – على أن (( تشمل الأوراق التجارية الكمبيالة والسند الإذني والسند لحامله والشيك وغيرها من الأوراق المحرره لأعمال تجارية والتي يجري العرف على قبولها كأداة وفاء في المعاملات )) ونصت المادة 617/1 منه على ان (( يكون الشيك مستحق الوفاء في اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره)) كما نصت المادة 618 على ان (( 1- الشيك المسحوب في الدولة او خارجها والمستحق الوفاء فيها يجب تقديمه للوفاء خلال ستة أشهر. 2- ويبدأ الميعاد المذكور في الفقرة السابقة من التاريخ المبين في الشيك انه تاريخ إصداره ))، وقضت المادة 638 من ذات القانون على انه (( لا تسمع عند الإنكار وعدم العذر الشرعي: 1- دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمته بمضي سنتين من انقضاء ميعاد تقديمه.2-....... 3- ....... 4- ولا تسري المواعيد المتقدمة بالنسبة للدعاوى على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء او قدمه ثم سحبه كله او بعضه والدعاوى على سائر الملتزمين الذين حصلوا على كسب غير مشروع))، كما نصت المادة 639 على انه (( 1- يجب على المدعى عليهم رغم إنقضاء مدة سماع الدعوى ان يعززوا باليمين براءة ذمتهم من الدين إذا طلب منهم حلفها. 2- وعلى ورثتهم او خلفائهم الآخرين ان يحلفوا اليمين على أنهم لا يعلمون ان مورثهم مات وذمته مشغولة بالدين))، كما نصت المادة 640/2 على انه ((1- ....... 2- ولا تسري المدد المذكورة إذا صدر حكم بالدين او اقر به المدين بصك مستقل إقرارا يترتب عليه تجديد الدين)) ومفاد ذلك كله ان التعامل بالشيك يعد عملا تجاريا في جميع الأحوال ولو لم يكن متعلقا بأعمال تجارية بين التجار،
وانه متى إنقضت سنتان بعد إنقضاء ميعاد تقديمه الى المصرف المسحوب عليه، فإنه لا تسمع دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب وغيره من الملتزمين بدفع قيمته متى كان محل إنكار منهم ودون توافر عذر شرعي من جانب حامله،
وانه وإن كان هذا الميعاد لا يسري بالنسبة لدعوى الرجوع على الساحب إذا لم يقدم مقابل الوفاء او قدمه للمصرف المسحوب عليه ثم سحبه كله او بعضه كما لا يسري على سائر الملتزمين الذين حصلوا على كسب غير مشروع، إلا ان عبء إثبات ذلك كله يقع على عاتق حامل الشيك،
ولما كان قانون المعاملات التجارية هو الذي نص على حكم جديد في الفقرة الأولى من المادة 638 – كما سلف البيان – بشأن مدة عدم سماع الدعوى في هذه الحالة وحددها بسنتين إعتباراً من تاريخ العمل به في 21-12-1993 وبالتالي فإنه يكون هو القانون الواجب التطبيق على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به ولو كانت مدة عدم السماع في قانون المعاملات المدنية أطول من المدة الجديدة لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى ان الشيك محل النزاع رقم 2020132 والمؤرخ 10-3-1992 والمنسوب صدوره الى مورث الطاعنيين مستحق الوفاء به قبل تاريخ العمل بقانون المعاملات التجارية في 21-12-1993، وقد نشأ في ظل قانون المعاملات المدنية والذي كان يتعين اعمال مدة عدم السماع المنصوص عليها فيه بمضي المدة الطويلة (15 سنة)، إلا انه وقبل إكتمال هذه المدة صدر قانون المعاملات التجارية والذي عمل به اعتبارا من 21-12-1993 وأدرك سريان مدة عدم السماع التي كانت قد بدأت قبل سريانه، وبالتالي فإنه يتعين إعمال الحكم المستحدث في قانون المعاملات التجارية بشأن مدة عدم سماع دعوى المطالبة بقيمة ذلك الشيك بشروطها الواردة في هذا القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم سماع الدعوى بمرور الزمان وفق أحكام قانون المعاملات التجارية، وذلك تأسيسا على ما أورده بمدوناته من أن (( الثابت بالأوراق أنها جاءت خالية مما يفيد أن الشيك محل التداعي (المطالبة) وهو الشيك رقم 2020132 والصادر بتاريخ 10-3-1992 يتعلق بعمل تجاري بين طرفي التداعي بل حسبما جاء بصحيفة إفتتاح الدعوى بأن المدعي (المستأنف ضده) أقر بأن هذا الشيك ناتج عن قرض ممنوح للمستأنفة الأولى، مما لا ينطبق معه حكم المادة السالفة (95 من قانون المعاملات التجارية) على واقعة الدعوى ولا يسري على الشيك محل المطالبة مدة عدم السماع المنصوص عليها بقانون المعاملات التجارية ويسري على الشيك أحكام قانون المعاملات المدنية في شأن التقادم الطويل خمسة عشر سنة. ولما كان الثابت بالأوراق ان الشيك محل المطالبة حرر في 10-3-1992 وان الدعوى محل المطالبة أقيمت في 19-7-2005 أي قبل مضي أكثر من خمسة عشر سنة، مما يكون الدفع في غير محله متعين رفضه)) وإذ كان ما خلص إليه الحكم في هذا الخصوص مخالفا لصحيح القانون، إذ أعمل القواعد العامة في قانون المعاملات المدنية، وإستبعد تطبيق القواعد المنصوص عليها في قانون المعاملات التجارية بشأن عدم سماع دعوى المطالبة بقيمة الشيك محل النزاع، وهو ما تمسك به الطاعنون في دفاعهم أمام محكمة الموضوع، بما يوجب نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

* * *