طعن رقم 174 لسنة 2008 (طعن مدني)
صادر بتاريخ 28/09/2008
هيئة المحكمة: الرئيس محمد محمود راسم والأعضاء فتحية محمود قره، زهير أحمد بسيوني، حسن محمود الأبياري، سيد محمود قايد.
1- وقوع الملكية الشائعة على مال معين بالذات مملوك من أكثر من شخص.
2- تناول الملكية الشائعة للمال الشائع كله.
3- عدم جواز إستئثار الشريك في المال الشائع بالإنتفاع بالمال الشائع وإستثماره كله أو جزء مفرز منه.
4- ماهية الريع.
5- سلطة قاضي الموضوع في فهم واقع الدعوى وبحث الأدلة والمستندات والموازنة بينها وتقدير الأدلة وتقرير الخبير دون الرد على المطاعن الموجهة إليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
6- وجوب بيان الطاعن لسبب الطعن بشكل كاشف عن المقصود منه كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة.
الحكم
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر .......وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده (...........) أقام الدعوى رقم 880 لسنة 2005 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية على كل من: 1) .......... 2) ............... 3) ........... 4) (الطاعنين) طالباً الحكم بندب خبير حسابي لتقدير ريع المحلات المقامة على قطعة الأرض رقم 398 بمنطقة الطوار منذ وفاة مورثه وحتى تاريخ اقامة الدعوى ثم تقدير حصته فيها، وكذا تقدير حصته أيضا نظير استغلال المدعى عليهم للعقار القائم على الأرض رقم ....... بمنطقة الطوار في الفترة المذكورة آنفا والحكم له بها، وقال شرحاً لذلك انه بتاريخ 14-4-1988 توفى مورث الطرفين (.......) وآلت اليهم ميراثا قطعتي الأرض رقمي ......... الكائنة بمنطقة المرر ومساحتها 3198 قدماً مربعا وأخرى رقم ........ بمنطقة الطوار ومساحتها 9000 قدم مربع، وان المدعى عليه قد استأثروا بإيراد المحلات المقامة على قطعة الأرض الأولى، واستغلوا المنزل المقام على قطعة الأرض الثانية بمنطقة الطوار، ومن ثم فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 23-4-2006 حكمت المحكمة وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير حسابي لتقدير ريع المحلات المقامة على قطعة الأرض رقم ........ منذ تاريخ وفاة مورث طرفي الخصومة وحتى تاريخ بيع العقار المذكور في 29-11-2005 وتحديد قيمة حصة المدعى فيها، وكذلك تقدير قيمة حصته نظير استغلال المدعى عليهم للعقار القائم على قطعة الأرض رقم ......... بمنطقة الطوار وحتى تخارج المدعي عن حصته في هذا العقار في 29-11-2005 وبعد أن قدم الخبير تقريره والتقرير التكميلي ردا على اعتراضات المدعى، طلب الحكم بالزام المدعى عليهم بالتضامن بأن يؤدوا له مبلغ 451722 درهما حسب تقريري الخبره، وبتاريخ 26-12-2006 أقام المدعى عليهم دعوى متقابلة بطلب ندب خبير حسابي لتقدير ريع العقار رقم ......... شرق 30 بمدينة أبوظبي المملوك لمورثهم منذ وفاته وحتى تاريخ الادعاء وتقدير حصتهم فيه والحكم لهم بها حيث استأثر المدعي بذلك العقار وقام ببيعه وبتاريخ 24-4-2007 حكمت المحكمة أولاً: في الدعوى الأصلية بالزام المدعى عليهم بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا للمدعي مبلغ 451722 درهما، ثانياً: وفي الدعوى المتقابلة برفضها.
استأنف المدعى عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 334 لسنة 2007 مدني بطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا حسابيا من ديوان سمو الحاكم، ثم ندبت خبيراً عقاريا من دائرة الاراضي بدبي لاستكمال مأمورية الخبير الحسابي السابق، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 21-4-2008 بتعديل الحكم المستأنف فيما بتعلق بالمبلغ المقضى به في الدعوى الاصلية ليصبح مبلغ 397276 درهما وتأييده فيما عدا ذلك. طعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 19-6-2008 طالبين نقضه، وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن واذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فقد رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره.
وحيث ان الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال بشأن احتساب الريع المستحق للمطعون ضده عن استغلالهم للمنزلين الموروثين، ذلك ان الملكية الشائعة تبيح لجميع المالكين على الشيوع الحق في الانتفاع بالمال المملوك على الشيوع ولا يختص بالانتفاع به اي من الشركاء دون الآخرين والثابت من أوراق الدعوى وما تضمنته المذكرات المقدمة من المطعون ضده أنه لم يدع بأن الطاعنين منعوه من استغلال ملكيته للمال الشائع وان العقارين كان متاحا لكافة الورثة بصفتهم ملاك على الشيوع استغلالهما إلا أن المطعون ضده امتنع وبارادته المنفردة من هذا الانتفاع، واستغل الطاعنون هذا المال في منفعتهم الخاصة ودون ان يمنعوا المطعون ضده من هذا الانتفاع، ولم يثبت انهم قاموا بتأجيرهما أو تحقيق أي ريع من ورائهما إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر اعتمادا على تقرير الخبير المقدم امام محكمة أول درجة وقرر احقية المطعون ضده لمبلغ الايجار عن المنزلين والزام الطاعنين بمبالغ غير مستحقة في ذمتهم كما أن الطريقة التي تم احتساب المبلغ المستحق للمطعون ضده شابها الغموض وعدم الوضوح اذ قرر الحكم المطعون فيه احتساب المبالغ المحكموم بها من واقع تقرير الخبير بأن أعتمد تقديره للايجار عن فترة النزاع بمبلغ 406980 درهم للمنزل الكائن على قطعة الأرض رقم ....... بمنطقة المرر، كذلك حدد بدل الايجار بالنسبة للمنزل القائم على قطعة الارض رقم .......... الكائنة بمنطقة الطوار بواقع 501903 درهماً، وانتهى الى أن نصيب المطعون ضده في ايجار محلات العقار الاول 412233 درهما وبعد خصمه مصاريف الصيانة والتشغيل بنسبة 15% اي مبلغ 61834 درهما وكذا خصم المبالغ التي توصل الى أن المستأنف ضده (المطعون ضده) قد استلمها من المحاكم وهي مبلغ 62418 درهما ليصبح الرصيد المتبقى له مبلغ 287971 درهما، واتبع نفس الشيء في تحديد نصيب المطعون ضده من العقار الكائن بمنطقة الطوار، وهي طريقة يشوبها الغموض لاحتساب المبلغ بشكل مبهم واحتساب بدل ايجار عن المنزلين القائمين على قطعتي الأرض في ذات الفترة الزمنية الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود في حملته، ذلك أن من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 1152 من قانون المعاملات المدنية يدل على أن الملكية الشائعة تقع على مال معين بالذات يملكه اكثر من شخص واحد،
وتتناول هذه الملكية المال الشائع كله غير منقسم ويكون محل حق الشريك هو حصته الشائعة،
ومن ثم فليس لأي شريك الاستئثار بالانتفاع بالمال الشائع واستثماره كله أو جزء مفرز منه ولو كان معادلا لنصيبه في المال،
وأن الريع يمثل تعويضاً لمالك العقار عن حرمانه من الانتفاع بملكه يلتزم به حائزة سواء قام بالانتفاع به بنفسه أو بواسطة غيره اذ هو يضمن منافعه باعتبار أن حكم كل ما هو مساو للغصب كحكم الغصب عملا بالمادتين 304، 312 من قانون المعاملات المدنية، ويقدر الريع في هذه الحالة بأجر المثل للعقار الذي يحوزه.
ومن المقرر ايضا ان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الادلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن نفسه إليه، وتقدير الادلة المقدمة فيها ومنها تقرير الخبير الذي ندبته وفي الأخذ به متى اطمأنت إليه، كما أن في أخذها بذلك التقرير ما يفيد أنها لم تر حاجة للرد على المطاعن الموجهة اليه بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستحقاق المطعون ضده للريع المقضى به على ما اورده بأسبابه من أن (( المستأنفين (الطاعنين) لا ينكرون أن المستأنف ضده وريث معهم في هذين العقارين والتي آلت اليهم جميعا أرثا عن مورثهم ........... المتوفي بتاريخ 14-4-1988 ولا ينكرون حصة المستأنف ضده في ريع هذين العقارين وانما يدعون أن نصيبه في هذا الريع قد تسلمه فقد ورد في مذكرة المستأنفين الجوابية امام محكمة اول درجة بجلسة 11-3-2006 وعلى الصفحة 2 منها قولهم (" تم الانتفاع بالعقار وهو قطعة الأرض رقم ......... الكائنة بمنطقة المرر بعد وفاة مورثهم عن طريق تأجيرها بمعرفة المدعى عليهم والمدعي بموجب عقود ايجار ثابت بها القيمة الايجارية لكل وحده من وحدات العقار وان المدعى عليهم لا ينكرون حصة المدعى من ريع العقار المشار اليه") ... كما أفاد المستأنفون بمذكرتهم المشار اليها اعلاه وعلى الصفحة 2 منها بشأن المنزل المقام على العقار رقم ....... بمنطقة الطوار بقولهم (ان زعم المدعى بعدم استلام حصته من استغلال المنزل المقام على قطعة الأرض الثانية بمنطقة الطوار تكذبه المستندات التي تقدم بها المدعى عليهم للمحكمة التي تشير وتؤكد على أن نصيب المدعي من ريع المنزل المشار اليه كان يتم ايداعه لدى محكمة دبي الشرعية بشكل منتظم)...... وأما ما ينعاه المستأنفون على الحكم المستأنف لاعتماده على تقرير الخبير رغم الاخطاء التي شابت اسس تقدير مقابل الايجار ففي غير محله ........ وقد قدر الخبير المنتدب ايجار المحلات المقامة على قطعة الأرض رقم ........ بمنطقة المرر معتمدا على عشرة عقود مختلفة لعدد من هذه المحلات قدمها له المدعى وذلك للتوصل الى متوسط الايجار السنوي لكل موقع ايجار ثم راعى في التقدير عدم امكانية تأجير جميع المواقع الثمانية خلال السنة في وقت واحد واعتبر نسبة تأجير 90% من تلك المواقع بشكل دائم ومن ثم احتسب ما نسبته 7% لمصاريف الصيانة و 8% لمصاريف التشغيل كما احتسب الخبير المبالغ التي ثبت للخبير أن المستأنف ضده استلمها من المحاكم ليصل الى الرصيد المتبقى للمستأنف ضده وفقاً للتفصيل الوارد في الصفحة 2 من تقريره المؤرخ 30-5-2006 وهي اسس سليمة في تقدير ريع ايجار العقار لمدة تمتد الى 17 سنة سابقة لتاريخ الخبرة، ولم يتقدم المستأنفون (الطاعنون) للخبير بثمة مستندات تناهض هذه الأسس او تخالفها، كما قدر الخبير المنتدب نصيب المستأنف ضده (المطعون ضده) في إيجار المنزل المقام على قطعة الأرض رقم .......... بمنطقة الطوار استنادا على علمه وتقديراته التي اساسها سؤال أهل الاختصاص في تأجير العقارات وبعد احتساب وطرح مصاريف الصيانة والتشغيل بواقع 15% واحتمالات عدم التأجير بنسبة 10% ليصل الى حصة المدعى في هذا الريع وفقاً للتفصيل الوارد في الصفحة 1-2 من تقريره التكميلي المؤرخ في 15-7-2006 وهي أسس سليمة ايضا في تقدير هذا الريع لهذه المدة الطويلة)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا بماله أصل ثابت بالأوراق، ولا مخالفة فيه للقانون، ويحمل الرد المسقط لكل حجج الطاعنين واوجه دفاعهم، ومن ثم فان النعي لا يعدو ان يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بسلطة تحصيله وتقديره من ادلة الدعوى، وهو ما لا يجوز اثارته امام محكمة التمييز، ومن ثم فهو غير مقبول ولا محل لما ذهب إليه الطاعنون بسبب النعي من القول بأن الحكم المطعون فيه احتسب المبالغ المستحقة بطريقة يشوبها الغموض وبشكل مبهم واحتسب بدل ايجار عن المنزلين القائمين على قطعتي الارض في ذات الفترة الزمنية، ذلك
أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، وجوب بيان الطاعن لسبب الطعن بحيث يكون كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا نافيا عنه الغموض والجهالة، وبحيث يبين منه العيب الذي يعززه الى الحكم المطعون فيه واثر ذلك العيب في قضائه وبالتالي فان النعي بما سلف يكون مجهلاً، وبالتالي فهو غير مقبول.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *