طعن رقم 203 لسنة 2008 (طعن مدني)
صادر بتاريخ 19/10/2008
هيئة المحكمة: الرئيس : محمد محمود راسم والاعضاء: فتحية محمود قره، زهير أحمد بسيوني، عبد الوهاب صالح حموده، محمد خميس البسيوني.
1- تمتع محكمة التمييز إذا كان موضوع الطعن بطريق التمييز في المسائل المدنية والتجارية صالحاً للحكم فيه أو كان الطعن للمرة الثانية بسلطة تقديرية للتصدي باللفصل فيه أو القضاء بنقض الحكم وإحالة الدعوى الى محكمة الإستئناف لتقضي فيها من جديد .
2- إعتبار قضاء محكمة التمييز بنقض الحكم والإحالة الى محكمة الإستئناف مشتملاً ضمناً على القضاء بإختصاص المحكمة المحال اليها بنظر الدعوى والفصل فيها من جديد .
3- عدم جواز قبول تعييب الخصوم لحكم محكمة التمييز فيما قضى به من إحالة الى الدعوى الى المحكمة التي أصدرت الحكم .
4- إعتبار تعليمات سمو حاكم دبي بشأن حظر التصرف في الأراضي الممنوحة للمواطنين في إمارة دبي إلا بإذن خاص من سمو الحاكم تعليمات آمرة متعلقة بالنظام العام من شأنها حظر نفاذ عقود البيع المتعلقة بتلك الأراضي أو تسجيلها بالرغم من إبرام عقد البيع بتاريخ سابق لتلك التعليمات .
5- عدم إنتقال ملكية العقار والحقوق العينية العقارية الأخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير إلا بالتسجيل .
6- عدم قبول طلب مشتري العقار بعقد غير مسجل إبطال العقد المسجل من البائع لمشتر آخر إلا بعد ثبوت صحة عقده ولو كان المتصرف والمتصرف إليه الثاني سيىء النية ومتواطئين على حرمانه من الصفقة .
7- عدم إعتبار مجرد حيازة العقار ولو توافرت فيها الشروط القانونية للحيازة مترتباً عليها إكتساب الحائز ملكية هذا العقار أياً كان مدة حيازته طالما كان العقار محل الحيازة مسجلاً.
8- إعتبار العقار غير المسجل شرطاً لإكتساب حائز العقار ملكيته .
9- أثر نقض محكمة التمييز للحكم وإحالتها الى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
10- شرط جواز تقديم المدعى عليه في الدعوى طلبات عارضة ومنها أي طلب مترتب على إجابته عدم الحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو الحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعى عليه .
11- تعلق قاعدة عدم جواز إبداء الخصم طلبات عارضة لأول مرة أمام محكمة الإستئناف بالنظام العام
12- إعتبار طلب المدعى عليه إجراء المقاصة القضائية بخصم قيمة ما يستحقه من المبالغ المستحقة للمدعي من قبيل الطلبات العارضة لا من قبيل الدفوع الموضوعية الجائز إثارتها لأول مرة أمام محكمة الإستئناف .
13- عدم جواز تقديم المدعى عليهم طلباً عارضاً بقيمة ما يدعون إقامته من بناء وتصليحات وصيانة لأول مرة أمام محكمة الإستئناف .
الحكم
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي اعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر ............، وبعد المداولة.
حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث ان الوقائع تتحصل – على ما يبين الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق في ان المطعون ضدهن: 1- .........عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها القاصر........2-..........3-.........أقمن على الطاعنين: 1-.........2-...........3-..........4-...........5-.........6-...........، الدعوى رقم 695 لسنة 2005 مدني كلي امام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بإخلاء العقار المبين بالاوراق وتسليمه لهن خاليا من الشواغل وسداد الريع المستحق لهن اعتبارا من شهر مارس 2001 وحتى تمام الاخلاء بما في ذلك رسوم الكهرباء والمياه. وقلن في بيان ذلك ان المدعية الأولى (.......) قد تملكت العقار محل النزاع رسوم الكهرباء والمياه وقلن في بيان ذلك ان المدعية الأولى (........) قد تملكت العقار محل النزاع بتاريخ 13-1-2001 بموجب اتفاقية التسوية المعتمدة من محكمة دبي والمبرمة بينها وبين زوجها في التنفيذ رقم 928 لسنة 1994 احوال شخصية دبي، وتم تسجيل العقار بإسمها في دائرة الاراضي والاملاك بدبي، ثم وهبت جزاء منه لبناتها (المدعيات الثانية والثالثة والرابعة) وتم تعديل التسجيل على هذا الاساس بدائرة الاراضي والاملاك. ولما كان المدعي عليهم يقيمون في هذا العقار بدون وجه حق منذ عام 1986، وامتنعو عن اخلائه وتسليمه للمدعيات (المطعون ضدهن) رغم انذارهم، ومن ثم فقد اقمن الدعوى دفع المدعي عليهم بأن لجنة الايجارات هي المختصة ولائيا بنظر الدعوى، كما دفعو ببطلان التسوية المبرمة بين المدعية الأولى وبين زوجها ......والتي تم بموجبها تسجيل المنزل بإسمها بالمخالفة لتعليمات سمو الحاكم الصادرة في 18-11-1994 بمنع التصرف في الاراضي الممنوحة من الحكومة للمواطنين الا بإذن خاص من سمو الحاكم فضلا عن سابقة قيام زوجها المذكور بالتصرف في العقار بالبيع لمورث المدعي عليهم في 13/5/1986 وتراخى في تسجيله تم توطأ مع زوجته المدعية الأولى بإبرام اتفاقية التسوية المشار اليها وتسجيله بالمخالفة لتعليمات سمو الحاكم انفه البيان، كما دفعو بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان لمضي اكثر من سبع سنوات على حيازتهم للمنزل وفقا لنص المادة 1318 من قانون المعاملات المدنية. وبعد ان تبين للمحكمة ان القاصر.....قد بلغت سن الرشد، حكمت بتاريخ 28-3-2006 باعتبار الخصومة منقطعه بالنسبة للمدعية المذكورة لعدم تقديم توكيل عنهاـ وبعدم سماع الدعوى لمرور الزمان. استأنفت المدعيات (المطعون ضدهن) هذا الحكم بالاستئناف رقم 274 لسنة 2006 مدني. وبتاريخ 12-7-2006 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت المدعيات على هذا الحكم بالتمييز رقم 219 لسنة 2006 مدني. وبتاريخ 26-11-2006 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وذلك تأسيسا على خطئه اذ اقام قضاءه بعدم سماع الدعوى بمرور الزمان على اساس ان دعوى المدعيات تعد دعوى استرداد حيازة هذا في حين ان سبب الدعوى هو حق المدعيات في ملكية العقار محل النزاع، دون الاستناد الى قواعد الحيازة. وبتاريخ 29-4-2007 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت المدعيات في هذا الحكم بالتمييز رقم 128 لسنة 2007 مدني. وبتاريح 30-9-2007 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، تأسيسا على ان الثابت بالاوراق وبما لا خلاف فيه بين طرفي الخصومة ان عقد البيع العرفي الصادر لمورث المدعي عليهم من .........والمؤرخ 14-5-1986 هو منحه للبائع من الحكومة، فأضحى مخالفا لتعليمات سمو الحاكم وبالتالي يكون باطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام ولا يجوز تسجيله ولو كان قد ابرم قبل العمل بهذه التعليمات، والثابت ايضا ان العقار محل النزاع مسجل لدى دائرة الاراضي والاملاك بدبي بإسم المدعيات حسبما ورد في شهادة الملكية المقدمة في الاوراق، وان لا يحق للمدعي عليهم التمسك ببطلان العقد المسجل بإسم المدعيات لأنه متى ثبت بطلان عقد بيع العقار غير المسجل، فإن المشتري لا يجاب الى طلبه ببطلان عقد بيع ذات العقار للغير متى تم تسجيله، طالما لم يثبت صحة عقد المشتري غير المسجل ولو كان المتعاقدان في العقد المسجل سيىء النية ومتواطئين على حرمانه من الصفقة لأن التواطؤ بفرض ثبوته لن يؤدي الى انتقال الملكية اليه بعد ان ثبت عدم صحة عقده غير المسجل، كما قضت محكمة التمييز ايضا بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار الخصومة منقطعة بالنسبة للمدعوه (.......) تأسيسا على انها كانت ممثله في الدعوى بالوصيه عليها (والدتها.......) وبتاريخ 28/11/2007 حكمت المحكمة بندب خبير حسابي للانتقال الى عقار النزاع ومعاينته وبيان اجر المثل وحساب ريع المنزل من تاريخ مارس سنة 2001 حتى الآن على هذا الاساس. وبعد ان قدم الخبير تقريره، حكمت المحكمة بتاريخ 29-6-2008 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المدعى عليهم بإخلاء العقار موضوع الدعوى وتسليمه خاليا للمدعيات، وبإلزام المدعي عليهم بأن يؤدوا للمدعيات مبلغ 664426 درهما، وبتأييده فيما قضى به من رفض المطالبة برسوم الكهرباء والمياه. طعن المدعي عليهم في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة اودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 17-7-2008 طلبوا في ختامها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدهن مذكره بالرد – في الميعاد – طلبن فيها رفض الطعن.
وحيث ان الطعن بعد ان عرض على المحكمة في غرفة مشوره، رأت انه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث ان الطعن اقيم على سبعة اسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون والخطأ في تطبيقه، وحاصله ان محكمة التمييز اذ نقضت الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 26/11/2006، كما قضت بتاريخ 30-9-2007 في الطعن رقم 128 لسنة 2007 بنقض الحكم الصادر من محكمة الاحالة بتاريخ 29/4/2007 للمرة الثانية، فانه يتعين عليها وفقا لنص المادة 184 من قانون الاجراءات المدنية – وقد قبلت الطعن للمرة الثانية – ان تعقد لنفسها الاختصاص وان تتصدى لنظر موضوع الطعن واستيفاء الاجراءات اللازمة لذلك، وهي قاعدة آمره تتعلق بالنظام العام، وبالتالي يمتنع على محكمة الاحالة نظر الموضوع ويتعين عليها ان تحكم بعدم اختصاصها بنظر الاستئناف بعد النقض والاحالة، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفصل في موضوع النزاع، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث انه هذا النعي غير سديد، ذلك ان النص في المادة 184 من قانون الاجراءات المدنية على انه ((اذا اقبلت المحكمة الطعن وكان الموضوع صالحا للحكم فيه او كان الطاعن للمرة الثانية فإنها تتصدى للفصل فيه ولها استيفاء الاجراءات اللازمة، اما في غير هذه الاحوال فتقضي المحكمة بنقض الحكم كله او بعضه وتحيل الدعوى الى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه مالم تر المحكمة نظرها امام دائرة مشكلة من قضاة آخرين او تحليها الى المحكمة المختصة لتقضي فيها من جديد، وتلتزم المحكمة المحال اليها الدعوى بحكم النقض في النقاط التي فصل فيها)) يدل على ان المشرع قد خول لمحكمة التمييز السلطة التقديريه اذا ما رأت ان موضوع الطعن بطريق التمييز في المسائل المدنية والتجارية صالح للحكم فيه او كان الطعن للمرة الثانية ان تتصدى للفصل فيه او ان تقضي بنقض الحكم واحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، ولم يوجب المشرع على محكمة التمييز التصدي للفصل في الموضوع على نحو ما نص عليه في المادة 13 من القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 في شأن الاحوال الشخصية من انه اذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه كله او بعضه وجب عليها ان تتصدى للفصل في الموضوع وذلك فيما عدا الحالات المستثناه المبينة بهذا النص
لما كانت المحكمة المحال اليها الدعوى تلتزم بما فصلت فيه محكمة التمييز باختصاص المحكمة المحال اليها بنظر الدعوى والفصل فيها من جديد
بحيث لا يقبل من الخصوم تعييب حكم محكمة التمييز فيما قضى به من احالة الدعوى الى المحكمة التي اصدرت الحكم بدعوى انها غير مختصة بنظره، اذ لا يجوز وفقا لما تقضي به المادة 187 من ذات القانون الطعن على احكام محكمة التمييز بأي طريق من طرق الطعن فيما عدا ما صدر منها في اصل النزاع في الحالات الوارده حصرا في المادة المشار اليها. لما كان ذلك وكانت محكمة التمييز قد قضت في الطعن رقم 128 لسنة 2007 مدني بنقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 29-4-2007 للمرة الثانية واحالتها الى هذه المحكمة للحكم فيها من جديد، وفقا للرخصة الممنوحة لها بموجب نص المادة 184/1 سالفة البيان، وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد التزمت كمحكمة احالة بالحكم الناقض. ومن ثم فإن حكمها يكون قد اصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه بما سلف على غير اساس.
وحيث ان حاصل ما ينعي به الطاعنون بالاسباب من الثاني الى السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقة والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، ذلك ان التنازل الصادر من زوج المطعون ضدها الأولى اليها بموجب التسوية التي تمت بينهما في 11-2-2001 وتسجيل العقار بإسمها في دائرة الارضي والاملاك بناء على قرار قاضي التنفيذ قد وقع باطلا اذ حصل بطريق الغش والتواطؤ، وذلك لسبق قيام زوجها ببيع ذات العقار الى مورث المطعون ضدهم في تاريخ سابق وهو 13-5-1986، حال انه لا يجوز بيع نفس العقار مرتين والا كان التصرف الثاني باطلا، ولا يحول دون ذلك قرار قاضي التنفيذ الصادر بإثبات هذا التنازل، ولا يمنع محكمة الاحالة من التصري للدفع المبدي من الطاعنين ببطلان التنازل المشار اليه، والقضاء ببطلانه، ولا عبره بتسجيله ذلك ان التسجيل لا يصحح عقدا باطلا، كما دفع الطاعنون ايضا ببطلان التصرف في الجزء الموهوب من عقار النزاع من جانب المطعون صدها الأولى الى باقي المطعون ضدهن، اذ ان ما بنى على باطل فهو باطل، كما ان الثابت بالاوراق ان الموهوب لهن لم يجوزوا ولم يقبضو العقار الموهوب لم تكن لهم السلطة الفعلية عليه، وان الطاعنيين هم الذين يحوزون العقار حيازه قانونية مستمرة ظاهره وبحسن نيه، فأضحى تسجيل العقار بإسم باقي المطعون ضدهن بدوره قد لحقه البطلان، كما دفع الطاعنون ايضا بعدم سماع الدعوى على سند من انهم قد حازوا العقار على نحو ما سلف بيانه بسبب صحيح بموجب عقد البيع العرفي غير المسجل الصادر لمورثهم مما يترتب عليه اعمالا لنص المادتين 1317، 1318 من قانون المعاملات المدنية انتقال ملكية العقار المبيع الى الطاعنيين بأثر رجعي من تاريخ بدء الحيازه، سيما وانه لا توجد ايه نصوص او قوانين او اوامر من صاحب السمو حاكم دبي بما يمس القواعد والاحكام المقرره لكسب الملكية عن طريق الحيازه، كما ان تعليمات سمو الحاكم الصادرة في 18/11/1994 والتي حظرت التصرف في الاراضي الممنوحة من الحكومة لا تسري بأثر رجعي على التصرف بالبيع الذي تم بتاريخ 13/5/1986 واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه
وحيث ان هذا النعي في جملته مردود، ذلك ان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وحسبما ورد في اسباب الحكم الناقض الصادر في الطعن بالتمييز رقم 128 لسنة 2007 مدني المشار اليه انفا ان تعليمات سمو الحاكم المعمول بها اعتبارا من 18-11-1994 بشأن حظر التصرف في الاراضي الممنوحة للمواطنين في امارة دبي الا بأذن خاص من سمو الحاكم، ويقع باطلا بطلانا مطلقا اي تصرف يتم خلافا لأحكامها، هي تعليمات آمره تتعلق بالنظام العام بما يوجب الالتزام بها وعدم نفاذ عقود البيع المتعلقة بأي قطعة ارض ممنوحة من الحكومة للمواطنين بدون اذن سمو الحاكم، وبالتالي فلا يجوز تسجيلها بإسم المشتري في سجل الاراضي لدى دائرة الاراضي والاملاك ولو كان عقد البيع قد ابرم في تاريخ سابق على تاريخ العمل بهذه التعليمات، وذلك باعتبار انه يتعين اعمال احكام القانون المتعلقة بالنظام العام بأثر فوري على الآثار التي تترتب على العقود التي ابرمت قبل صدوره،
وانه وفقا لنص المادة 1277 من قانون المعاملات المدنية – الواجب التطبيق على النزاع الماثل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ان ملكية العقار والحقوق العينية العقارية الاخرى لا تنتقل بين المتعاقدين وفي حق الغير الا بالتسجيل وفقا لاحكام القوانين الخاصة به
وانه وان كان من حق مشتري العقار بعقد غير مسجل طلب ابطال العقد المسجل الصادر من البائع لمشتر اخر بهدف ازالة العقبة القائمة في سبيل نفاذ أثر عقده بنقل ملكية العقار المبيع اليه، الا انه لا يجاب الى طلبه الا بعد ثبوت صحة عقده حتى ولو كان المتصرف والمتصرف اليه الثاني سيىء النية ومتواطئين على حرمانه من الصفقة، لان هذا التواطؤ بفرض ثبوته لن يؤدي الى انتقال الملكية اليه طالما ثبت ان عقده غير صحيح ولا يمكن تسجيله
ومن المقرر ايضا وفقا لنص المادتين 1317، 1318 من قانون المعاملات المدنية ان مجرد حيازة العقار ولو توافرت فيها الشروط القانونية للحيازة المنصوص عليها في الفرع الخاص بالاحكام العامة للحيازة لا يترتب عليه اكتساب الحائز لملكية هذا العقار ايا كانت مدة حيازته سواء بالمدة الطويلة المكسبه للملكية او بمرور الزمن القصير المؤسس على الحيازة بحسن نيه استنادا الى سبب صحيح، وذلك طالما كان العقار محل الحيازة مسجلا في السجل المعد لذلك لدى دائرة الاراضي والاملاك،
اذ اشترط المشترع في هذين النصين صراحة حتى يكتسب الحائز للعقار ملكيته ان يكون العقار غير مسجل لدى الدائرة المختصه ايا كان الشخص الذي تم تسجيله باسمه
ومن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وفقا لنص المادة 184 من قانون الاجراءات المدنية، انه اذا نقض الحكم واحيلت القضية الى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيه من جديد، فإنه يتحتم على تلك المحكمة ان تتبع حكم محكمة التمييز في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة وهي الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة التمييز وادلت فيها برأيها عن بصر وبصيره ويحوز حكمها في هذا الخصوص حجيه الشيء المحكوم فيه في حدود ما بتت فيه بحيث يمتنع على محكمة الاحالة عند نظر الدعوى المساس لهذه الحجية، كما يمتنع على الخصوم انفسهم العوده الى اثارة المنازعة في تلك المسألة التي بت فيها الحكم الناقض ولو بأدلة واقعية او قانونية لم يسبق اثارتها. لما كان ذلك وكان الحكم الناقض في الطعن رقم 128 لسنة 2008 الصادر بتاريخ 30-9-2007 قد انتهى الى ان الثابت بالاوراق بمالا خلاف فيه بين الطرفين ان عقار النزاع المباع من .......الى مورث المدعي عليهم بموجب عقد البيع غير المسجل الصادر لمورثهم والمدعي بأن تاريخه 14-5-1986 هو منحة للبائع من الحكومة، ومن ثم واعملا للامر الصادر من سمو الحاكم سالف البيان يكون هذا العقد مخالفا لتلك التعليمات، واضحى هذا التصرف باطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام ولا يجوز تسجيله ولو كان قد تم ابرامه قبل العمل بتلك التعليمات، وان العقار محل النزاع مسجل لدى الجهة المختصة (دائرة الاراضي والاملاك بدبي) باسم المدعيات حسبما ورد في شهادة الملكية المقدمة امام محكمة اول درجة، وهذا التسجيل يحول دون استناد المطعون ضدهم الى قواعد الحيازه المكسبه في العقارات بمضي المدة الطويله او المدة القصيرة المستند الى سبب صحيح، ولا يحق للمدعي عليهم منازعة المدعيات في الدعوى الماثلة استنادا الى عقد البيع العرفي الصادر لمورثهم والذي لم يتم تسجيله، حتى تم تسجيل عقد المدعيات في السجل المعد لذلك من دائرة الاراضي والاملاك بدبي. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم القواعد الوارده في المساق المتقدم وما انتهى اليه الحكم الناقض في الطعن رقم 128 لسنة 2007 سالف الذكر، فإنه لا يكون قد خالف القانون او اخطأ في تطبيقه، ولا يجدي الطاعنون التحدي ببطلان عقد الهبه المسجل الصادر من المطعون ضدها الأولى الى بناتها بمقولة انهن لم يتسلمن المال الموهوب، ذلك ان هذا الادعاء – وايا كان وجه الرأي فيه – غير مقبول قانونا بعد ان ثبت بطلان عقد البيع غير المسجل الذي استند اليه الطاعنون في ادعائهم، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير اساس.
وحيث ان حاصل ما ينعى به الطاعنون بالوجهين الأولين والاخير من السبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك ان حيازتهم للعقار محل النزاع منذ تاريخ ابرام عقد البيع الصادر لمورثهم في 14-5-1986 تستند الى سبب مشروع ولا تعد غصبا للعقار مما لا يحق معه للمطعون ضدهن المطالبة بريعه او بأجر المثل لأن انتفاع مورث الطاعنيين وورثته من بعده بالعين المبيعه هو مقابل الثمن الذي تم سداده للبائع، ومع فرض احقيه المطعون ضدهن في الحصول على الريع فإنه يتعين تحديده بدءاً من تاريخ المطالبة القضائية، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضدهن بالريع المستحق لهن وقدره 664426 درهما، ودون ان يبين حصة كل منهن في المبلغ المقضى به، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير سديد، ذلك ان الحكم الناقض في الطعن رقم 128 لسنة 2007 قد قضى بأن عقد البيع غير المسجل سند الطاعنيين قد وقع باطلا بطلانا مطلقا ولا يرتب اي اثر قانوني، كما انتهى الى ان ملكية عقار النزاع قد انتقل الى ملكية المطعون ضدهن من تاريخ تسجيله في السجل المعد لذلك في دائرة الاراضي والاملاك في مارس سنة 2001، وبالتالي يكون لهن وحدهن سلطة المالك في التصرف في ملكهم عينا ومنفعه واستغلال ولهن وحدهن من تاريخ التسجيل الآنتفاع بالعين وبغلتها وثمارها ونتاجها وبالتالي يكون لهن حق الآنتفاع بالعقار محل النزاع وحق اقتضاء الريع المستحق منذ هذا التاريخ ممن يحوزه دون سبب قانوني بعد ثبوت بطلان عقد البيع غير المسجل منذ صدوره، مما يعد معه الحائز في حكم الغاصب للعقار المبيع وذلك اعمالا لما تقضي به المادة 312 من قانون المعاملات المدنية من ان ((حكم كل ما هو مساء للغصب كحكم الغصب)) وبالتالي فإن الطاعنيين وقد تجردت حيازتهم من السبب القانوني فإنهم يلتزمون بأداء مقابل انتفاعهم بهذا العقار الى مالكه (المطعون ضدهن)، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وندب خبيرا في الدعوى لتقدير قيمة الريع المستحق للمطعون ضدهن منذ تاريخ مارس سنة 2001 على اساس اجر المثل، وقدم الخبير تقريره على هذا الاساس، وقضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضدهن بما اسفرت عنه نتيجة التقرير بالمبلغ المقضى به وقدره 664426 درهما، واقام قضاءه على ما اورده بمدوناته من ان ((الثابت من تقرير الخبير ان الريع المستحق للمستأنفات من مارس 2001 وحتى عام سنة 2008 هو مبلغ 664426 درهما فإن المحكمة تعتد بهذه القيمة، واما عن المطالبة بقيمة رسوم الكهرباء والمياه فلم تثبت المستأنفات انهن دفعنها حتى يطالبن المستأنف ضدهم بها)) واذ كان هذا الذي خلص اليه الحكم سائغا بماله اصل ثابت في الاوراق بمالا مخالفة فيه للقانون، وكان لا يجدي الطاعنون النعي على الحكم بأنه لم يحدد حصه كل من المطعون ضدهن في الريع المقضى به لهن، اذ لا مصلحة للطاعنيين في بيان كيفية توزيع الريع على مستحقيه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير اساس.
وحيث ان حاصل ما ينعي به الطاعنون بالوجهين الثالث والرابع من السبب السابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الاوراق والاخلال بحق الدفاع، اذ جرى دفاعهم بأن الخبير المنتدب في الدعوى من قبل محكمة الاحالة قد اثبت في تقريره قيام الطاعنيين ومورثهم ببناء غرفتين ومشتملات اخرى وقيامهم بإجراء تصليحات في العقار محل النزاع ومع ذلك لم يقم بتقدير قيمة هذه المستحقات في الوقت الحاضر بغية مطالبه الطاعنيين بها مستقبلا، واذ طلب الطاعنون من محكمة الاحالة خصم مقابل الصيانة والاضافات التي اقاموها على نحو ما سلف بيانه من المبالغ التي قد يستحقها المطعون ضدهن عند الحكم لهن بها، الا ان الحكم المطعون فيه التفت هذا الطلب بمقوله ان الطاعنيين لم يتقدموا بطلب عارض لاقتضائها، هذا في حين انه ماكان يحق لهم ان يتقدموا بأي طلبات جديدة امام محكمة الاستئناف والا قضى بعدم قبولها عملا بنص المادة 165 من قانون الاجراءات المدنية، ومن ثم فإن الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير سديد، ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة وعلى ما تقضى به المادتان 99.97 من قانون الاجراءات المدنية انه يجوز للمدعي عليه ان يقدم في الدعوى طلبات عارضه ومنها اي طلب يترتب على اجابته الا يحكم للمدعي بطلباته كلها او بعضها، او يحكم له بها مقيده بقيد لمصلحة المدعي عليه، الا ان شرط قبول هذا الطلب ان يقدمه الخصم امام محكمة اول درجة اما بالاجراءات المعتاده لرفع الدعوى او بطلب يقدم شفاهه بالجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها او بتقديم مذكرة تسلم للخصم وذلك اثناء نظر الدعوى، فضلا عن وجوب سداد الرسوم المستحقة عن هذا الطلب،
ومن المقرر وفقا لما تقضي به المادة 165 من ذات القانون لا يجوز للخصم ابداء طلبات عارضة لأول مرة امام محكمة الاستئناف وهذه القاعدة هي من اجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام التي لا يسوغ الخروج عنها، وتحكم بها المحكمة من تلقاء نفسها.
ومن المقرر ايضا في قضاء هذه المحكمة ان طلب اجراء المقاصة القضائية من جانب المدعي عليه بخصم قيمة ما قد يستحقه من المبالغ المستحقه للمدعي هي من قبيل الطلبات العارضه وليست من قبيل الدفوع الموضوعية التي يجوز للمدعي عليه اثارتها ولو لأول مرة امام محكمة الاستئناف.
لما كان ذلك وكان البين من الاوراق وبما لا خلاف فيه بين الخصوم ان الطاعنيين لم يقدموا كمدعي عليهم امام محكمة اول درجة طلبا عارضا بقيمة ما يدعون اقامته من بناء وقيمة التصليحات والصيانة المدعي بها من قبلهم – وذلك بالطريق الذي رسمه القانون – وبالتالي فلا يجوز لهم ابداء هذا الطلب لأول مرة امام محكمة الاستئناف. واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه بما سلف على غير اساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *