طعن رقم 213 لسنة 2008 (تجاري)
صادر بتاريخ 19/01/2009
1- مناط مسئولية المقاول الأصلي عن اخطاء مقاول الباطن في تنفيذ العمل.
2- سلطة محكمة الموضوع في تقدير تقرير الخبير المنتدب في الدعوى بلا معقب عليها.
3- تحديد أركان المسئولية وطرق نفيها.
4-اعتبار ثبوت عدم تنفيذ المدين لإلتزامه التعاقدي بغير مبرر خطأ مستوجب المسئولية عن تعويض الضرر الناتج عنه وواقع عبء إثباته على عاتق الدائن.
5- سلطة محكمة الموضوع في تقدير ثبوت أو نفي توافر الضرر بلا رقابة عليها من محكمة التمييز.
6- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعنة التعويض عن التأخير في إنجاز الأعمال بالإستناد إلى عدم تضمين العقد سند الدعوى نصاً بفرض غرامة تأخير في هذه الحالة وأن الطاعنة لا تستحق أي تعويض استنادا للقواعد العامة في المسئولية العقدية لأنها لم تثبت أن ضررا قد لحق بها من جراء هذا الأخير سائغا بماله أصل ثابت بالأوراق.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر ------------ وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن ----------- أقام الدعوى رقم 658 لسنة 2006 تجاري كلي على شركة ---------------- وطلب الحكم بندب خبير هندسي متخصص في اعمال الإنشاءات المدنية للإطلاع على المخططات وعقد المقاولة ومعاينة البناية وبيان المخالفات التي قامت بها المدعي عليها وتحديد المبلغ الذي يستحقه وإلزام المدعي عليها به بالإضافة إلى الفائدة القانونية. وقال بيانا لدعواه أنه تعاقد بتاريخ 12-5-2003 مع المدعي عليها على إنشاء بناية تتكون من سرداب وطابق أرضي وسبعة طوابق على قطعة الأرض المملوكة له رقم ------------- بمنطقة المرقبات وتم الاتفاق على مواصفات البناء وقيمة اعمال المقاولة وطريقة سدادها وكذلك على تاريخ الإنجاز وهو مده 365 يوما، وعلى أن تتحمل المدعي عليها غرامة التأخير المحددة في العقد إذا تأخرت عن تسليم البناء في الوقت المحدد، وقد خالفت المدعي عليها المواصفات ولم تقم بتركيب المواد المتفق عليها وشاب عملها عيوب في التنفيذ وتأخرت في تسليم البناء عن الموعد المحدد مما أصاب المدعي بكثير من الأضرار كما رفضت صيانة البناية خلال المدة المتفق عليها ومن ثم أقام الدعوى. قدمت المدعي عليها طلبا عارضا طلبت فيه تكليف الخبير ببيان المبالغ المستحقة لها قبل المدعي والأضرار التي لحقت بها بسبب التأخير في إنجاز الأعمال لأسباب ترجع إلى المدعي والاستشاري ومقاولي الباطن المختارين من المدعي والزامه بالمبلغ الذي تسفر عنه اعمال الخبرة والفائدة 9% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريريه الأصلي والتكميلي طلبت المدعي عليها الحكم بإلزام المدعي بأن يؤدي لها مبلغ 368.428 درهما مع الفائدة بواقع 12% سنويا عن مبلغ 197.469 درهم اعتبارا من تاريخ 11-10-2005 وحتى السداد التام والفائدة بواقع 12% سنويا عن مبلغ 170.959 درهما من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام. وبتاريخ 31-3-2008 حكمت المحكمة بقبول الطلب العارض شكلا وفي موضوع الدعوى الأصلية بإنتهاء الخصومة فيها وفي موضوع الدعوى المتقابلة بإلزام المدعي عليه تقابلا (المدعي أصلا) بأن يؤدي إلى المدعية تقابلا (المدعي عليها أصليا) مبلغ 368428 درهما والفائدة بواقع 9% سنويا من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وحتى تمام السداد. استأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم 215 لسنة 2008 تجاري، كما استانفته المدعي عليها بالإستئناف رقم 236 لسنة 2008 تجاري. وبتاريخ 25-6-2008 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المقضى به لصالح المدعية في الدعوى المتقابلة 197.469 درهما والفائدة عليه بواقع 9% سنويا اعتبارا من 11-10-2005 وحتى تمام السداد وتأييده فيما عدا ذلك. طعن المدعي في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 213 لسنة 2008 تجاري بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 14-7-2008 طلب فيها نقضه. كما طعنت المدعي عليها في ذات الحكم بالتمييز رقم 253 لسنة 2008 تجاري بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 19-8-2008 طلبت فيها نقضه جزئيا بخصوص التعويض.
وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
وبجلسة المرافعة قررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد.
أولا: الطعن رقم 213 لسنة 2008 تجاري
حيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل ما ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في فهم الواقع والاخلال بحق الدفاع إذ أخذ بتقرير الخبير رغم أن خبير الدعوى لا تتوافر فيه الحيدة ويتعين طرح تقريره لأنه أبدى رأيه في الدعوى الماثلة في التقرير الخاص بالقضية 657 لسنة 2006 تجاري بما أدى إلى التزامه برأيه السابق. ولقد أسس الخبير النتيجة التي إنتهى إليها بشأن تأخير الطاعن في التزاماته وفي اعتماد مواد وخامات المقاولة على ان الطاعن هو الذي اختار مقاولي الباطن في حين أن المقاول الرئيسي مسئول مسئولية كاملة عن الالتزامات الخاصة بتنفيذ المقاولة تجاه رب العمل بصرف النظر عن من قام بإختيار المقاول من الباطن وسواء كان ذلك تحت اشراف رب العمل أو بإذن منه أو بتكليف صادر منه إلى المقاول، وواقع الدعوى أن المقاولين من الباطن الذين تولوا الأعمال التنفيذيه المساعدة ابرموا اتفاقيات من الباطن بينهم وبين المطعون ضدها بصفتها المقاول الرئيسي فتبقى مسئولية الأخير عن اخلالهم بإلتزاماتهم، وقد قضى الحكم للمطعون ضدها بقيمة المبالغ المحتجزة في حين انها لا تستحقها لأنها مقابل بند السيراميك الجرانيتي الذي تم الغائه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك انه
من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن مناط مسئولية المقاول الأصلي عن اخطاء مقاول الباطن في تنفيذ العمل ـ وفق ما تقضي به المادة 890 من قانون المعاملات المدنية ـ أن يكون المقاول الأصلي هو الذي أوكل هذا العمل كله أو بعضه إلى مقاول الباطن ـ أما إذا كان من أوكل إليه العمل هو مالك المشروع أو الإستشاري التابع له فإن اية اخطاء في التنفيذ أو أي تأخير في انجاز العمل عن المدة المتفق عليها يسأل عنها من قام بتعيين مقاول الباطن ولا يسأل عنها المقاول الأصلي،
ومن المقرر أيضا ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى لايعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات ودليلا مطروحا على محكمة الموضوع لها تقديره بلا معقب عليها في ذلك،
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته ما اقتنع به من تقرير الخبير المنتدب لإطمئنانه بسلامة الأسس التي بنى عليها، واستخلص منه النتيجة التي انتهى إليها من قيام المطعون ضدها بتنفيذ كافة التزاماتها، ومن أن التأخير في تنفيذ الأعمال بسبب يرجع إلى الطاعن والاستشاري لتأخرهما في اختيار مواد التشطيب واعتمادها وتوريدها وإلى أنهما تأخرا في اختيار مقاولي الباطن وقاما بفرضهما على المطعون ضدها. وكان استخلاص الحكم المطعون فيه سائغا ومؤديا إلى النتيجة التي انتهى إليها وهو بذاته يحمل الرد الكافي على ما أثير من دفاع ولا ينال من اعتماد المحكمة لتقرير الخبير وأخذها به مباشرته لمأمورية أخرى بين طرفي الدعوى لأن ذلك لا يؤثر في حيدته، ومن ثم فإن النعي برمته لايعدو أن يكون جدلا موضوعيا في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع وهو مالا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 253 لسنة 2008 تجاري
حيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل ما تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون واخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى إذ قضى برفض طلب التعويض عن الضرر الذي لحق بالطاعنة من جراء خطأ المطعون ضده والذي ترتب عليه تأخرها في إنجاز المشروع مدة 316 يوما عن الموعد المحدد للتسليم مما أصابها بأضرار تتمثل فيما تحملته من تكاليف ومصاريف إدارية وعطل للمعدات خلال مدة التأخير، وقد أقام الحكم قضاءه على أن الطاعنة تطالب بالتعويض استنادا لغرامات التأخير المنصوص عليها في العقد في حين أنها لم تستند في طلبها للتعويض على ذلك وإنما أسست طلبها على القواعد العامة للمسئولية العقدية، مما يعيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المسئولية العقدية لا تتحقق إلا بتوافر اركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث إذا أنقضى ركن منها إنقضت المسئولية وعلى الدائن إثبات خطأ المدين والضرر الذي اصابه أما رابطة السببية فهي مفترضة، فلا يستطيع المدين التخلص من المسئولية إلا إذا أثبت أن الضرر يرجع إلى القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو خطأ المدين أو فعل الغير،
وانه ولئن كان ثبوت عدم تنفيذ المدين لإلتزامه التعاقدي بغير مبرر يعد خطأ يوجب مسئوليته عن تعويض الضرر الناتج عنه إلا أن عبء إثبات الضرر يقع على عاتق الدائن وذلك وفقا للأصل العام المقرر في المادة الأولى من قانون الإثبات من أن ((على المدعي أن يثبت حقه وللمدعي عليه نفيه))
ومن المقرر ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن ثبوت أو نفي توافر الضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن التأخير في إنجاز الأعمال يعزي إلى المطعون ضده، وأقام قضاءه برفض طلب الطاعنة التعويض عن هذا التأخير على أن العقد سند الدعوى لم يتضمن نصاً بفرض غرامة تأخير في هذه الحالة، وأن الطاعنة لا تستحق أي تعويض استنادا للقواعد العامة في المسئولية العقدية لأنها لم تثبت أن ضررا قد لحق بها من جراء هذا الأخير، ولما كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغا بماله أصل ثابت بالأوراق ـ إذ عجزت الطاعنة عن إثبات توافر ركن الضرر الذي تدعي أنه لحق بها ـ ومن ثم فإن النعي يكون قائما على غير أساس صحيح من الواقع أو القانون.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *