طعن رقم 131 لسنة 2009 (مدني)
صادر بتاريخ 14/06/2009
1- عدم امتداد حظر الطعن على الحكم الصادر في موضوع تعييـن المحكم أو استبداله الى ما عداه من احكام فاصله في الدفوع المتعلقة بالمسائل الاولية المتوقف عليها الفصل في طلب تعيين المحكم أو استبداله.
2-جواز قبول استئناف الحكم الابتدائي القاضي بتعيين محكم لفض النزاع بين طرفي الخصومة لبحث المسأله الاولية المتعلقة بتفسير العقد بالنسبة لتوافر الشرط اللازم توافره في تعيين المحكم من عدمه.
3- سلطة محكمة الموضوع في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى شرط إقامة قضائها على اسباب سائغة.
4- سلطة محكمة التمييز في التدخل اذا كانت الاسباب التي بنى عليها الحكم قضاءه مخالفة للقانون أو مخالفة للثابت في الاوراق أولا تكون من شأنها ان تؤدى الى النتيجة التي انتهى اليها لقصور في اسبابه أو فساد في استدلاله.
5- عدم اعتبار نص عقد التحكيم على إحالة الامر للتحكيم من قبل الطرفين حائلاً دون تفعيل شرط التحكيم بلجوء اي من الاطراف للمحكمة لتعيين ما يلزم من المحكمين طبقاً لنص المادة 204 فقرة 1 طالما لم يتفق الاطراف على تعيين المحكم.
6- عدم اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بالغاء حكم محكمة اول درجة بتعيين محكم لفض النزاع بين الطاعنة والمطعون ضدها بالاستناد إلى مصادرة ذلك لارادة الطرفين في ضرورة نشوء خلاف بشأن تسمية المحكم قبل اللجوء الى القضاء لتعيينه مخطئاً في تطبيق القانون.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر ------------------- وبعد المداولة.
حيث إن الطعن بالتمييز قدم خلال المدة القانونية مستوفياً لكل موجباته الشكلية فهو مقبول من ناحية الشكل.
وحيث إن الوقائع تتحصل في ان الشركة الطاعنة اقامت الدعوى رقم 393 / 2008 مدني كلي امام محكمة دبي الابتدائية على الشركة المطعون ضدها طالبة القضاء بتعيين المحكم الهندسي صاحب الدور بغرض الاطلاع على المستندات وبيان المبالغ المترصدة في ذمة المدعى عليها لصالح المدعية وتوابعها وملحقاتها. وبياناً لذلك قالت إنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ 14-5-2005 اتفقت كل من الشركة المدعية بصفتها (مقاول) والشركة المدعى عليها بصفتها (المالك) على ان تقوم الأولى بتطوير وتشييد وصيانة بجميع المكاتب والمستودعات على قطعة الأرض رقم ------------- في المنطقة الحرة بجبل علي وفق المخططات المعدة من المهندس الاستشاري للمشروع السادة ---------------------- مقابل مبلغ مقطوع وارده قيمته بالعقد بالزمن المحدد بالعقد. هذا وقد اتفق ثلاثتهم ـ المدعية بصفتها المقاول والمدعى عليها بصفتها المالك و--------------------- بصفتها المشرف على التنفيذ واستشاري المشروع ونائب المالك ـ على تنفيذ المشروع اعلاه بالشروط والبنود الوارده في عقد المقاوله وملاحقه المنوه عنها سلفاً. وباشرت المدعية تنفيذ اعمال المقاوله طبقاً للعقد وفي الاطار الزمني المحدد لها ووفق البرنامج المعهود اليها من استشاري المشروع مراعية في ذلك ان التنفيذ يجب ان يتم طبقاً للمخططات والتوجيهات الصادرة من ---------------------------- استشاري المشروع الأمر الذي بموجبه قامت المدعية بتنفيذ عملها الموكل اليها طبقاً للاصول الفنية المرعية وبموافقة المهندس الاستشاري نائب المالك ووكيل المالك. وقد ترصد لها في ذمة المدعى عليها مبلغ 16 / 664,235 درهما وذلك طبقاً للخطاب الصادر بتاريخ 12-12-2007 عن المهندس الاستشاري نائب المالك وبموجب شهاده الدفع رقم (20) الى المالك المدعى عليها والتي تضمنت ان استشاري المشروع يخطر المالك بضرورة سداد هذا المبلغ الى الشركة المدعية. وبتاريخ 17-12-2007 قام المهندس الاستشاري للمشروع ببيان تفاصيل الدفعة رقم (20) المستحقة في ذمة المالك المدعى عليها لصالح مقاول المشروع المدعية وقدرها وفق الحسابات والتفاصيل بمبلغ 16 / 664,335 درهماً ، وبتواريخ مختلفه قامت المدعية بمطالبة المهندس الاستشاري بطلب قيمة الدفعة رقم (20) المذكورة آنفا مراراً وتكراراً ، وبالرغم من ذلك لم تتهم المدعى عليها بدفعها برغم ان هذا المبلغ محدد المقدار ومعلوم ومستحق الاداء ولا يحمل اي مظنه شك في استحقاق المدعية له ، ولم تكتف المدعية بذلك بل قامت بتوجيه انذار على يد محضر الى المدعى عليها تهيب فيه بها بسرعة سداد هذه المبالغ المترصده في ذمتها الا ان المدعى عليها ـ برغم اعلانها بهذا الانذار ـ لم تحرك ساكناً وظلت ممتنعه عن السداد رغبة منها في الاستيلاء والاستحواذ على تلك المبالغ. وكانت الشهادة التي يصدرها المهندس الاستشاري باستحقاق المقاول مبلغاً معيناً أو بانجازه الاعمال المكلف بها تكون داخله في حدود نيابته عن صاحب العمل بما لا يجوز معه للأخير المنازعة فيها أو التنصل منها وكان الثابت في البند رقم (31) من العقد المبرم في 14-5-2005 بين المدعية والمدعى عليها انه قد ورد به شرط يتضمن احالة اي نزاع بين المدعية والمدعي عليها الى محكم يعينه الاطراف ، ولما فشل اطراف التداعى في تعيينه الامر الذي حدا بالمدعية الى اللجوء الى القضاء طالبة الحكم لها بطلباتها السالفة الذكر.
وفي جلسة 26-6-2008 طلب الحاضر عن الشركة المدعى عليها اجلاً لابراز سند الوكالة وللجواب على الدعوى فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لجلسة 17-7-2008 لتقديم سند الوكالة وللجواب. وفي تلك الجلسة قدم وكالة مسددة الرسم ومذكرة بدفاع المدعى عليها دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وعدم قبولها لوجود شرط التحكيم اعمالاً للبند رقم 34 (3) وخضوع العقد للشروط العامة لعقد المقاولات -------------------.
وبتاريخ 30-10-2008 حكمت المحكمة أولا : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم والقضاء باختصاصها. ثانيا : بتعيين الخبير الهندسي صاحب الدور بالجدول محكماً لفض النزاع بين الشركة المدعية والشركة المدعى عليها وفقاً لاحكام القانون وعقد المقاوله المؤرخ 14-5-2005 محل التداعي.
استأنفت الشركة المدعى عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 951 / 2008 استئناف مدني ، وبتاريخ 25-5-2009 حكمت المحكمة بالغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان.
طعنت الشركة المدعية في هذا الحكم بطريق التمييز بموجب صحيفة اودعت بقلم كتاب هذه المحكمة في 23-4-2009 طلبت فيها نقضه. واودع محامي المطعون ضدها ـ في الميعاد ـ مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطعن اقيم على سبب واحد من ثلاثة اوجه تنعى الطاعنة بالوجه الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك انها قد اقامت الدعوى طالبة تعيين محكم وقد اجيبت الى طلبها بتعيين محكم ، ومن ثم فإنه لا يجوز الطعن في هذا الحكم طبقاً للمادة 204 من قانون الاجراءات المدنية. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف فانه يكون مستوجباً النقض.
وحيث إن هذا النعي غير سديد إذ
من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان المشرع قصد بالحكم الذي لا يجوز الطعن فيه في مفهوم الفقرة الثانية من المادة 204 من قانون الاجراءات المدنية هو ما يصدر بتعيين أو استبدال من يلزم من المحكمين في الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأولى منها ، ويُعد استثناء من القواعد العامة التي تجيز الطعن في الاحكام بطريق الطعن المقرره في القانون ، فلا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه بحيث ينصب عدم قابليته للطعن على موضوع تعييـن المحكم أو استبداله ، فلا يستطيل الى ما عداه من احكام فاصله في الدفوع المتعلقة بالمسائل الاولية التي يتوقف عليها الفصل في طلب تعيين المحكم أو استبداله كتفسير شرط التحكيم للتحقق ان كان قد تضمن تعيين المحكم وكيفية تعيينه وعدد المحكمين والشروط الواجب تحققها قبل ان تقوم الجهة المناط بها تعيينه بتسميته.
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المستأنف قد قضى بتعيين محكم لفض النزاع بين طرفي الخصومة تأسيساً على انهما قد اتفقا في عقد المقاوله على التحكيم بنص البند 31 منه دون ان يعرض الى اشتراط تسمية المحكم بعد ان يبدى احد الطرفين للطرف الآخر رغبته في اللجوء للتحكيم فانه يجوز لمحكمة الاستئناف ان تقبل الاستئناف لتبحث المسأله الاولية المتعلقة بتفسير العقد بالنسبة لتوافر الشرط اللازم توافره في تعيين المحكم من عدمه. ومن ثم فان النعي على الحكم المطعون فيه على أساس انه لا يجوز الطعن في الحكم المستأنف بتعيين المحكم يكون على غير اساس صحيح من القانون.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجهين الأولين الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك انه قد نص في البند 31 من عقد المقاول محل النزاع على احالة النزاع الذي ينشأ بين المالك والاستشاري والمقـاول فيما يتعلق بالعقد للتحكيم من قبل محكم يعين بواسطة الطرفين ، وطالما انهما لم يتفقا ونشأ نزاع فيما بينهما تعذر عليهما حله ودياً فان لجوء الطاعنة الى المحكمة لتعيينه من قبل المحكمة يكون صحيحا وموافقاً للقانون إذ لو اتفق الطرفان لما لجأت الطاعنة للمحكمة. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالغاء حكم محكمة اول درجة بتعيين محكم لفض النزاع بين الطاعنة والمطعون ضده تأسيساً على ان في ذلك مصادرة لإرادة الطرفين في ضرورة نشؤ خلاف بشأن تعيين المحكم قبل اللجوء الى القضاء لتعيينه فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله اذ تنص المادة 204 (1) من قانون الاجراءات المدنية على انه اذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين ولم يكن هناك اتفاق بشأن تعيينهم بين الخصوم تعين المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين بناء على طلب احد الخصوم بالاجراءات المعتاده لرفع الدعوى.
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة انه وان كان تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع الا ان ذلك مشروط بان تقيم قضاءها على اسباب سائغة،
ولمحكمة التمييز ان تتدخل اذا كانت الاسباب التي بنى عليها الحكم قضاءه مخالفة للقانون أو مخالفة للثابت في الاوراق أولا تكون من شأنها ان تؤدى الى النتيجة التي انتهى اليها لقصور في اسبابه أو فساد في استدلاله.
لما كان ذلك وكان النص في البند 31 من شروط العقد العامة فيما بين الاطراف على انه ((في حالة اي نزاع ينشأ بين المالك أو الاستشاري والمقاول فيما يتعلق بالعقد فان الامر يتعين ان تتم احالته للتحكيم المعين من قبل الطرفين)) بما مؤداه انه قد نص في العقد على التحكيم وان يحال الامر للتحكيم من قبل الطرفين ، ولكن ذلك لا يحول من تفعيل شرط التحكيم بلجوء اي من الاطراف للمحكمة لتعيين ما يلزم من المحكمين طبقاً لنص المادة 204 (1) المتقدم ذكرها طالما لم يتفق الاطراف على تعيين المحكم.
ولما كان النزاع الذي نشأ بين الطرفين ينطوى على رفض المطعون ضدها للوصول لاي اتفاق من اي نوع مع الطاعنة رفضاً قاطعاً لا مناص معه ولا سبيل لحله سوى باعمال شرط التحكيم وتفعيله طبقا للمادة 204 (1) المذكورة وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالغاء حكم محكمة اول درجة بتعيين محكم لفض النزاع بين الطاعنة والمطعون ضدها تأسيساً على ان في ذلك مصادرة لارادة الطرفين في ضرورة نشوء خلاف بشأن تسمية المحكم قبل اللجوء الى القضاء لتعيينه فانه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها في هذا الخصوص فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بإحالة النزاع للتحكيم بواسطة المحكم صاحب الدور.

* * *