طعن رقم 211 لسنة 2009(طعن مدني)
صادر بتاريخ 1/11/2009
1- ماهية الصورية وأثرها.
2- عدم جواز إثبات صورية العقد الثابت بالكتابة من قبل أحد طرفيه إلا بالكتابة ما لم يكن هنالك تحايلاً على القانون فيجوز في هذه الحالة لمن كان التحايل موجها ضد مصلحته إثبات صورتيه بجميع الطرق.
3- سلطة قاضي الموضوع في تحصيل وفهم واقع الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها دون إلزامه بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية مدلى بها من الخصوم أو تتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد استقلالاً على كل منها.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر --------------------- وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في ان المطعون ضدها 1- شركة --------------- للتجارة العامة (ش.ذ.م.م)2- ---------------- بصفته الشخصية وبصفته شريك ومدير في شركة ------------ للتجارة العامة (ش.ذ.م.م) أقاما الدعوى رقم 516 لسنة 2008 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية على الطاعن ------------------، ابتغاء الحكم أولاً: بإثبات صورية العقد المؤرخ 11-5-1997 المبرم بين المدعي الثاني و------------- وصديقه ------------------ من ناحية والمدعى عليه من ناحية أخرى والذي بموجبه تم إدخال الأخير شريك في شركة ---------------للتجارة العامة (ش.ذ.م.م) بنسبة 51% من حصص الشركة مقابل مبلغ 153000 درهم وحلوله محل الكفيل السابق للشركة والأمر بمحو شهر هذا العقد من السجل التجاري ودائرة التنمية الاقتصادية وغرفة التجارة وانتفاء أثر قيده واعتباره عديم الأثر قانوناً وشطب قيده من السجلات بكل ما يترتب على ذلك من آثار تمهيداً لإدخال مواطن في الشركة بنسبة 51% من حصصها، ثانياً : بفسخ عقد الكفالة الخاص بشركة ----------- للتجارة العامة (ذ.م.م) بين كل من مالكي الشركة من ناحية والمدعى عليه من ناحية أخرى بما يترتب على ذلك من آثار، على سند من القول انه في عام 1996 قام المدعي الثاني وآخر يدعى ----------------- ومن مالهما الخاص بتأسيس مشروع باسم شركة ------------للتجارة العامة (ذ.م.م) المدعية الأولى لممارسة نشاط التجارة العامة بالدولة على أن يكون للمشروع كفيل للرخصة - مواطن - يتقاضى منهما مبلغ مالي سنوي لقاء كفالة الرخصة دون ان يكون له أي دخل بإدارة المشروع، وتنفيذاً لذلك تم استخراج رخصة للشركة وقيدها رسمياً بالسجل التجاري بدائرة التنمية الاقتصادية، وإذ كان ترخيصها يستلزم وجود اسم أحد مواطني الدولة بنسبة 51% من حصص الشركة فقد تم إبرام عقد تأسيس شركة بين كل من المالكين السابقين وكفيلة مواطنة للرخصة صديقة ----------------- وتم إدراج اسمها في هذا العقد صورياً كمالكة بنسبة 51% من حصص الشركة، وفي عام 1997 حل المدعي عليه ككفيل لرخصة الشركة محل الكفيلة السابقة -------------------------- وذلك بموجب عقد صوري مع بقاء علاقة المدعى عليه بالمشروع ككفيل للرخصة مقابل مبلغ مالي مقطوع يتقاضاه سنوياً, ووقع المدعى عليه للمدعيين على إقرار كتابي بأنه مجرد كفيل لرخصة الشركة ولم يدفع أي حصص في رأسمالها وانه لا يملك فيها ولا علاقة له بإدارتها وان حقوقه تقتصر على المبلغ المقطوع الذي يتقاضاه سنوياً مقابل الكفالة، كما حرر المدعى عليه توكيلاً للتوقيع على معاملات الشركة أمام دائرة العمل والجوازات والهجرة، واستمر المدعى عليه في تقاضي مبلغ الكفالة سنوياً لمدة عشر سنوات بموجب شيكات من حساب الشركة والتوقيع على سند استلام الشيك إلا انه في 14-8-2007 قام المدعى عليه بإلغاء التوكيل الصادر منه للمدعي الثاني وامتنع عن التوقيع على أي معاملات بما يعيق عمل الشركة، ومن ثم فقد أقاما الدعوى، وبتاريخ 7-10-2008 حكمت المحكمة أولاً: بإثبات صورية العقد المبرم بتاريخ 11-5-1997 المبرم بين كل من المدعي الثاني و-------------وصديقه ------------------- من ناحية والمدعى عليه من ناحية أخرى والذي بموجبه تم إدخال الأخير شريكاً (صورياً) في شركة -------------للتجارة العامة بنسبة 51% من حصص الشركة مقابل مبلغ 15300 درهم وحلوله محل الكفيلة السابقة للشركة المدعوة -----------------------------اعتباره عديم الأثر قانوناً وشطب بنده من هذه السجلات وكل ما يترتب على ذل من آثار، ثانياً : بفسخ اتفاقية الكفالة الخاصة بشركة -------------- للتجارة العامة ذ.م.م بين كل من مالكي الشركة من ناحية والمدعى عليه من ناحية أخرى بكل ما يترتب على ذلك الفسخ من آثار، استأنف المدعى عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 851 /2008 مدني، وبتاريخ 17-5-2009 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعن المدعى عليه على هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 1-7-2009 طالباً نقضه، وقدم محامي المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فقد رأت انه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره.
وحيث ان الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وحاصلهما ان الحكم انتهى إلى ان عقد الشركة المكتوب صوري صورية مطلقة في حين ان ذلك العقد نص فيه على ان الطاعن شريكاً في الشركة بحصة قدرها 51% استناداً لأحكام القانون واللوائح وتم شهره من قبل الجهات الإدارية ونصت المادة العاشرة من قانون الشركات التجارية رقم 8 لسنة 1984 المعدل بالقانون 13 لسنة 1988 و4 لسنة 1994 على اشتراط الكتابة لقيام عقد الشركة وإثباتها، ولا يقبل الشهادة بين الشركاء لإثبات ما يخالف ما ورد بعقد الشركة أو يجاوزه، وبالتالي لا يحق للشركاء إثبات ما يخالف الثابت بعقد الشركة بغير دليل كتابي، وان مدير الشركة المطعون ضده الثاني هو المسئول عن تسجيل وقيد عقد الشركة وشهرها بالجهات المختصة ويلزم بكافة ما ورد بقانون الشركات، وان الحكم المطعون فيه استند إلى الصورة الضوئية للإقرار المنسوب للطاعن والمتضمن انه كفيل رخصة فقط وليس شريكاً فيها بمقولة ان هذا الإقرار لم يطعن عليه بأي مطعن في حين ان الطاعن تمسك في مذكرته الشارحة لأسباب الاستئناف بجحد هذه الصورة الضوئية ولم يقدم المطعون ضدهما أصلها ولم تلزمهما المحكمة بتقديمه بالمخالفة لنص المادتين 11 و 24 من قانون الإثبات، وان الثابت بالأوراق ان الطاعن انتقلت إليه حصته البالغة 51% من رأس مال الشركة المطعون ضدها الأولى بطريق التنازل من السيدة /-------------------------- بموجب التعديل المحرر في 11-5-1997 وثبت فيه استلامها لكافة حقوقها مقابل هذا التنازل، ومن ثم تكون هي صاحبة الحق في أي ادعاء على الطاعن إذا أخل بأي من التزاماته التعاقدية بما في ذلك صورية العقد، والتفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود في جملته، ذلك انه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ان المقصود بالصورية اتفاق الطرفين على إجراء تصرف ظاهر غير حقيقي يخفى العلاقة بينهما، ويترتب على ذلك ان التصرف الصوري غير موجود وان العقد النافذ بين المتعاقدين هو العقد الحقيقي إعمالاً لنص المادة 395 من قانون المعاملات المدنية، وانه إذا كان العقد الظاهر يخفي عقداً مخالفاً للقانون كان هذا العقد باطلاً،
وانه ولئن كان الأصل ان العقد الثابت بالكتابة لا يجوز لأحد طرفيه إثبات صوريته طبقاً للقواعد العامة في الإثبات إلا بالكتابة إلا انه إذا كان هناك تحايلاً على القانون فيجوز في هذه الحالة لمن كان التحايل موجها ضد مصلحته إثبات صورتيه بجميع الطرق،
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة ان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه، وهو غير ملتزم بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلى بها الخصوم، ولا بأن يتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم، ويرد استقلالاً على كل منها، ما دام ان الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال وحجج الخصوم، وكان حكمه يقوم على أسباب تكفي لحمله وتسوغ النتيجة التي انتهى إليها.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون وبعد ان التزم بالقواعد القانونية على المسار المتقدم, قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على ما أورده بأسبابه من أن ((الثابت بالأوراق ولا سيما الإقرار المنسوب للمدعى عليه والذي جاء لاحقاً للعقد الذي تم إبرامه بين طرفيه والمطلوب إثباته قد أقر بأنه لم يسدد حصة رأس مال شركة ---------------- للتجارة العامة (شركة ذات مسئولية محدودة) والتي تبلغ 51% وبذلك لا تكون له أية حقوق في أرباح وموجودات الشركة وان ---------------و---------------- (المدعيين) قد قاما بسداد هذه الحصة بدلاً عنه وعليه فإن كافة أرباح وموجودات الشركة تؤول إليهما ولا يتحمل أي التزامات تنشأ عن الشركة وكان الثابت بأن المدعى عليه كان مجرد كفيل بجعل سنوي كان يتقاضاه بموجب المستندات التي تم تقديمها من قبل المدعيين والتي لم ينعى عليها المدعى عليه بأي مأخذ أو دفع أو دفوع بما يمكن ان ينازع فيما جاء بها من بيانات وبتوقيع المدعى عليه بما يضفي عليها الحجية عملاً بنص المادة 11 من قانون الإثبات بشأن المعاملات المدنية والتجارية... وبما يؤكد حقيقة الإقرار المنسوب للمدعى عليه والذي جاء لاحقاً للعقد المبرم بين الطرفين.. تأسيساً على ما تقدم وحيث ان الاستئناف قد جاء في غير محله وعلى غير سند من واقع أو قانون مما يتعين معه القضاء في موضوع الاستئناف بالرفض وبتأييد الحكم المستأنف لها))، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق، ولا مخالفة فيه للقانون، ويتضمن الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن بوجه النعي، وكان لا صحة لما أورده الطاعن بوجه النعي من ان الحكم اعتمد في قضائه على صورة ضوئية مجحودة لإقرار منسوب له والمتضمن انه كفيل للرخصة فقط وليس شريكاً فيها، إذ ان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما قدما أصل هذا الإقرار بجلسة 22-9-2009، كما لا يغير من ذلك أيضاً ما أورده الطاعن بأن حصته في الشركة انتقلت إليه بالتنازل عنها من السيدة/ ------------------------- وهي وحدها التي يحق لها رفع أي ادعاء عليه إذا أخل بأي من التزاماته العقدية بما في ذلك صورية العقد، إذ انه دفاع ظاهر الفساد ذلك ان الإقرار الصادر من الطاعن تضمن انه لم يسهم في رأس المال، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه ان اعرض عنه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بما سلف يكون على غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *