طعن رقم 203 لسنة 2009(طعن مدني)
صادر بتاريخ 15/11/2009
1- اعتبار المحكمة مختصة في الأصل بنظر كافة أنواع المنازعات إلا عند سلب الاختصاص منها بقانون خاص.
2- عدم اعتبار توزيع إختصاص المحكمة الابتدائية بنوع معين من القضايا على دوائر هذه المحكمة متعلقاً بالاختصاص النوعي أو القيمي.
3- اعتبار اختصاص محاكم دبي بالنظر في المنازعات المتعلقه بالعقارات الكائنة بإمارة دبي مرتبطاً بقيمة المنازعة دون جواز قصر هذا النظر على محاكم معينة دون غيرها.
4- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع المبدي من الطاعنة باختصاص محاكم دبي العقارية بنظر الدعوى لا محكمة أول درجة المدنية بالإستناد إلى عدم مساس توزيع الدوائر بالمحكمة الابتدائية بالنظام العام أو قواعد الاختصاص سائغا بما له أصل ثابت بالأوراق وغير مخالف للقانون.
5- سلطة محكمة الموضوع في فهم واقع الدعوى وتقدير الأدلة وتقارير الخبراء دون إلزامها بتتبع الخصم في كافة مناحي دفاعه وفي الإعتراضات على تقرير الخبير المنتدب أو الرد على أوجه الدفاع المقدمة بدون دليل.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر ---------------------- وبعد المداولة .
حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصـل في أن المطعون ضده ( -----------------------) أقام الدعوى رقم 935 لسنة 2007 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية على الشركة الطاعنة ( شركة ------------------) لإلزامها بأن تسدد له مبلغ 378000 درهم والفائدة القانونية 9% من تاريخ الاستحقاق في 25-6-2007 وحتى تمام السداد، وقال شرحا لذلك انه بتاريخ 23-5-2007 أبرمت المدعي عليها اتفاقية بينها كوكيل وبين المدعي كبائع وبين المدعو -----------------------كمشتر بموجبها يبيع المدعي الشقة رقم ------------- الكائنة في برج دبي مقابل مبلغ اجمالي 5.263321 درهما بالاضافة إلى مبلغ 12430 درهما كعمولة للشركة المدعي عليها ورسوم تسجيل ونقل ملكية المبيع، واتفق أطراف العقد على أن يقوم المشتري بدفع مبلغ 540000 درهم كدفعة أولى إلى المدعي عليها تكون تأمينا من قيمة الشقة على ان يقوم المشتري بسداد باقي قيمة الشقة في تاريخ غايته 24-6-2007 وفي حالة عدم السداد لا يجوز للمشتري استرداد الدفعة الأولى " التأمين "، وفي هذه الحالة توزع الدفعة بواقع 70% للبائع "المدعي" و 30% للوكيل "الشركة المدعي عليها"، ولم يلتزم المشتري بسداد باقي قيمة الشقة في الموعد المتفق عليه، وامتنعت الشركة المدعي عليها عن سداد نسبة 70% من مبلغ التأمين الذي تسلمته إلى المدعي والبالغه 378000 درهم، ومن ثم فقد أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره، حكمت المحكمة بتاريخ 14-9-2008 بإلزام الشركة المدعي عليها بأن تؤدي إلى المدعي المبلغ المطالب به والفائدة التأخيرية بواقع 9% من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائيا وحتى تمام السداد. استأنفت الشركة المحكوم عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 783 لسنة 2008 مدني، وبتاريخ 26-11-2008 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بحالتها. طعن المدعي على هذا الحكم بالتمييز رقم 35 لسنة 2009 مدني، وبتاريخ 29-3-2009 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه اخطأ في تطبيق القانون فيما انتهى إليه من ان دعوى الطاعن هي " دعوى اخلال بعقد بيع "، في حين أن الطاعن أقام دعواه استنادا إلى العقد المؤرخ 23-5-2007 وفيما تضمنه من اتفاق بين اطرافه ( البائع الطاعن ـ المشتري ـ شركة ------------------" المطعون ضدها " ) على أن يدفع المشتري مبلغ 540000 درهم كتأمين من قيمة الشقة تسلمته المطعون ضدها ـ بما لا خلاف فيه بين الطرفين ـ يوزع بنسبة 70% للبائع "الطاعن" و 30% للمطعون ضدها مقابل المصاريف الادارية، وتكون المحكمة لم تتقيد بسبب الدعوى، وجرها ذلك إلى الفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 14-5-2009 قضت محكمة الاحالة في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف بشأن الفائدة على ألا تتجاوز الفائدة المبلغ المقضى به، وتأييد الحكم فيما قضى به عدا ذلك. طعنت الشركة المحكوم عليها على هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22-6-2009 طالبة نقضه وارفقت به مستند تلتفت عنه المحكمة لعدم جواز تقديم مستندات جديدة أمامها، وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فقد رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره .
وحيث ان الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال، إذ أن الطاعنة سبق أن دفعت بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى تأسيسا على ان الدعوى المنظورة في المطالبة بمبلغ 37800 درهم للمطعون ضده نظرا لاخلال المشتري حسب زعم المطعون ضده بما ورد بالبند رقم 4 / 2 من اتفاقية بيع الشقه رقم 5507 برج دبي، وبالتالي تكون الدعوى من اختصاص محاكم دبي العقارية وفقا لما ورد بالمرسوم رقم 28 لسنة 2008 والذي قضى بإلغاء المرسوم رقم 30 لسنة 2007 وجعل الاختصاص بالعقارات الكائنة بإمارة دبي من اختصاص محاكم دبي العقارية، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل هو ان تختص المحاكم بنظر كافة المنازعات أياً كان نوعها مالم يسلب منها الاختصاص بقانون خاص.
ومن المقرر ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن النص في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون الإجراءات المدنية ونص المادة 23 من القانون رقم 3 لسنة 1992 بتشكيل المحاكم في إمارة دبي يدل على أنه إذا اختصت المحكمة الابتدائية بنوع معين من القضايا، فان توزيعها على دوائر هذه المحكمة يكون من الأمور المتعلقه بتنظيم عمل هذه الدوائر تنظيما إداريا ولا تتعلق بالاختصاص النوعي أو القيمي فلا يكون ثمة ما يمنع احدى الدوائر من أن تفصل في أية مسألة تختص بها الدوائر الكلية ولو خالف ذلك التنظيم الاداري في توزيع القضايا فيما بينها.
وان النص في المادة الثانية من المرسوم رقم ( 28 ) لسنة 2008 بالغاء المرسوم رقم ( 30 ) لسنة 2007 بتشكيل لجنة قضائية خاصة للفصل في المنازعات العقارية في إمارة دبي على أن ((تختص محاكم دبي بالنظر في المنازعات المتعلقه بالعقارات الكائنة بإمارة دبي بما في ذلك المناطق المنصوص عليها بنظام تحديد مناطق تملك غير المواطنين المشار إليه ))، مؤداه اختصاص محاكم دبي بالنظر في هذه المنازعات وفقا لقيمة المنازعة دون أن يقصر هذا النظر على محاكم معينة دون غيرها.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدي من الطاعنة باختصاص محاكم دبي العقارية بنظر الدعوى على ما أورده بأسبابه من أنه (( عن الدفع المبدي من المستأنفة بعدم اختصاص محكمة أول درجة المدنية نوعيا بنظر الدعوى واختصاص الدوائر العقارية، فانه لما كان توزيع الدوائر بالمحكمة الابتدائية وانشاء محاكم تخصصيه بها هو لغرض تنظيم العمل بها ولا يمس النظام العام أو قواعد الاختصاص، ومن ثم يكون الدفع في غير محله...الأمر الذي تقضي معه المحكمة برفض الدفع وتكتفي بورود ذلك بالأسباب دون المنطوق))، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا بما له أصل ثابت بالأوراق، ولا مخالفة فيه للقانون، وكان المرسوم رقم 28 لسن 2008 السابق الاشارة إليه لم ينص على انشاء محاكم عقارية تختص دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالعقارات الكائنة بإمارة دبي، ومن ثم فان النعي على الحكم بما سلف يكون على غير أساس صحيح من القانون .
وحيث ان الطاعنه تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، وحاصلها ان الحكم المطعون فيه أيد الحكم المستأنف لأسبابه والذي أقام قضاءه محمولا على تقرير الخبير المنتدب، في حين أن هذا التقرير مشوبا بالبطلان، إذ أن الخبير انتهى إلى أن الطاعنة هي التي أخلت بالتزاماتها المحددة بالاتفاقية موضوع الدعوى بمقولة أن الطاعنة لم تزوده بالمستندات التي تخص المطالبة في حين أن الطاعنة طلبت من الخبير بجلسة 26-6-2008 اجلا لتقديم المستندات إلا أنه لم يقم بالتأجيل وأعد تقريره، وبالتالي يكون التقرير مشوبا بالقصور، كما ان الطاعنة طلبت أمام محكمتي الموضوع إعادة الدعوى للخبير للرد على الاعتراضات التي أبدتها على تقريره، إلا أن المحكمة أعرضت عن ذلك، كما تمسكت بأن الاخلال ببنود الاتفاقية من قبل المطعون ضده وقدمت لمحكمة الاستئناف ما يفيد أنه تم رد مبلغ التأمين إلى المشتري ----------------------------- وبالتالي لا يوجد تحت يدها مبلغ التأمين الذي يطالب به المطعون ضده، إلا أن المحكمة اعرضت عن هذا الدفاع الجوهري ولم ترد عليه وانه كان لزاما على المطعون ضـده أن يختصم المشتري، الأمر الذي يعيب الحكـم بمايستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن تحصيل وفهم الواقع في الدعوى هو من سلطة محكمة الموضوع، ولها تقدير سائر الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بما في ذلك تقارير الخبراء المقدمة إليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة بماله أصل ثابت بالأوراق، وهي لا تلتزم بتتبع الخصم في كافة مناحي دفاعه والاعتراضات التي يبديها على تقرير الخبير المنتدب إذ في أخذها به محمولا على أسبابه لاطمئنانها إلى النتيجة التي خلص إليها ما يفيد اطراحها لما ابداه الخصم من دفاع في هذا الخصوص، ولا تثريب عليها ان هي لم ترد على أوجه الدفاع التي لم يقدم إليها الخصم دليلا على ما يدعيه فيها.
لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المحكوم به على ما أورده بأسبابه من أنه (( باشر الخبير المنتدب المأمورية التي نيطت به وقدم تقريرا من النتائج التالية: 1ـ أن الشركة المدعي عليها وقعت على الاتفاقية المؤرخة 23-5-2007 بصفتها وكيله عن المدعي. 2ـ ان تلك الشركة قد استلمت من المشتري مبلغ 540000 درهم دون أن تممكن من الاثبات مستنديا عن اسباب فشل عملية البيع وانها هي التي أخلت بالتزاماتها نحو المدعي. 3ـ ان المدعي يستحق بذمة الشركة المدعي عليها مبلغ 37800 درهم.....وكان البين من الاطلاع على هذا التقرير انه قد بنى على أسس سليمة وأسباب سائغة فانها لذلك تطمئن إلى النتيجة التي خلص إليها وتقضي لذلك بالمبلغ المبين به للمدعي دون الرد على الاعتراضات التي أبديت من الشركة المدعي عليها بحسب أن تلك الاعتراضات موضوعيه وان الخبير المنتدب قد تكفل بمناقشتها والرد عليها...))، وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغا بماله أصل ثابت بالأوراق، وكافيا لحمل قضائها، ولا مخالفة فيه للقانون، وكان الثابت من الاوراق ان الطاعنة لم تقدم لمحكمة الموضوع ثمة مستندات لتأييد دفاعها، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه ان لم يرد على دفاع لم يقدم دليله، كما لا يغير من ذلك ما أوردته الطاعنة بوجه النعي من انها قدمت لمحكمة الاستئناف ما يفيد من انه تم رد مبلغ التأمين إلى المشتري -------------------، إذ أن هذا الوفاء وعلى فرض صحته لا يترتب عليه ابراء ذمتها قبل المطعون ضده، ومن ثم فان النعي لايعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بسلطة تحصيله وتقديره من أدلة الدعوى وهو مالا يجوز اثارته أمام محكمة التمييز، وبالتالي فهو غير مقبول .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .

* * *