طعن رقم 216 لسنة 2009(مدني)
صادر بتاريخ 13/12/2009
1- عدم اعتبار اختصاص المستشارين القانونين المذكورين في المرسوم رقم 16 لسنة 2009 بشأن دعاوى الحكومة في تمثيل حكومة إمارة دبي وأية دائرة من دوائرها وكذلك الهيئات والمؤسسات العامة التابعة لها في الدعاوى المختصمه فيها بذاتها المحددة في المرسوم شاملاً الدعوى المرفوعة على شخص طبيعي لمطالبته بأداء ما هو مدعى به عليه.
2- جواز إنتقال مال الشخص إلى شخص آخر في حالتي اتفاق الشخصين على ذلك أو إذا كان القانون قد قضى بانتقال ذلك المال وإلا وجبت إعادته إلى صاحبه عملاً بقاعدة الإثراء بلا سبب.
3- وجوب قيام المدعي عند إنتقال ماله في غير الحالات الجائز إنتقالها فيه بإثبات انتقال ماله للشخص الآخر وأن انتقال ماله إلى ذلك الشخص تم بدون سبب شرعي.
4-لا محل لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب في حالة وجود عقد يحكم العلاقة بين الطرفين.
5- وجوب تقيد محكمة الموضوع بسبب الدعوى.
6- ماهية التناقض المعيب للحكم.
7- عدم اعتبار وجود عبارات في أسباب الحكم توهم بوقوع مخالفة فيما بينها من قبيل التناقض المعيب للحكم.
8- سلطة محكمة الموضوع في تقدير لزوم أو عدم لزوم احالة الدعوى للتحقيق.
9-لا محل لليمين المتممة في الدعوى الخالية من الدليل أو الدعوى المكتملة الدليل وهي ليست حقاً للخصوم تلتزم المحكمة باجابتهم إليه وانما هي من حق المحكمة توجهها رغبة منها في تحري الحقيقة وتخضع لتقديرها دون معقب عليها من محكمة التمييز.
10- سلطة محكمة الموضوع في قبول شهادة الشهود كاستثناء من القاعدة العامة بعدم سماع شهادة الشهود فيما كان يجب اثباته بالكتابة إذا رأت لاسباب وجيهة تقدرها هي اتخاذ هذا الاجراء دون معقب عليها.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر ---------------------- وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل في ان الطاعن أقام الدعوى رقم 817/ 2007 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية على مؤسسة -----------------بصفتها قيما على المحجور عليه ----------------------- ويمثلها النائب العام بصفته ممثلا للحكومة وطلب المدعى الحكم بإلزام المدعى عليه بنقل ملكية الأرض المبينة بصحيفة الدعوى إلى اسم المدعى، وبالتناوب بفسخ مبايعة الأرض وإلزام المدعى عليه بإعادة مبلغ 6.420.050 درهماً وفائدته بواقع 9% من تاريخ استلامه لهذا المبلغ. وقال في بيان دعواه إنه في غضون شهر يناير عرض عليه المدعى عليه ان يبيعه قطعة الأرض المملوكة للأخير والكائنة في منطقة مردف القطعة رقم-------، -------بمبلغ إجمالي مقداره 6.420.050 درهماً ووافق المدعى على العرض وقام بدفع المبلغ للمدعى عليه بموجب أربعة شيكات قيمتها 5.950.000 درهم بالإضافة إلى مبلغ 470.000 درهم حوله من حسابه بالبنك ----------- بدبي إلى حساب المدعى عليه البائع ببنك -----------------ورغم استلام المدعى عليه لثمن الأرض الا انه لم يقم بنقل ملكيتها للمدعى مما حدا به لإقامة هذه الدعوى.
وأثناء نظر الدعوى قدم المدعى صورة من الحكم الصادر في المادة رقم 203 لسنة 2007 أحوال مسلمين بالحجر على المدعى عليه --------------------- وتثبيت مؤسسة -------------------- قيما عليه لإدارة أمواله وشئونه، وقام المدعى بإدخال النائب العام بصفته ممثلاً للحكومة ولمؤسسة الأوقاف والشئون الإسلامية بصفتها قيما على المحجور عليه. ودفع ممثل النائب العام بعدم قبول الدعوى لمخالفتها لأحـــكام الـمادة 3/ د من قانون دعاوى الحكومة رقم 3 لسنة 1996 وتعديلاته واحتياطياً رفض الدعوى.
وبتاريخ 25-9-2008 قضت المحكمة بندب خبير للقيام بالمأمورية المبينة بمنطوق حكمها. وبعد ان أودع الخبير تقريره صحح المدعى شكل الدعوى بإقامتها عن نفسه وبصفته مدير شركة ----------------- للتجارة العامة وطلب رد المبلغ الذي استلمه منه وقدره 6.420.050 درهماً والفائدة بواقع 12% من تاريخ تسليمه للمبلغ وحتى السداد واحتياطياً إحالة الدعوى للتحقيق لتحقيق دفاعه.
وبتاريخ 16-2-2009 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بصفته بان يؤدي للمدعى مبلغ 6.420.000 درهم والفائدة بواقع 9% سنوياً من تاريخ استلام المدعى عليه للمبلغ وحتى تمام السداد، وتضمنت أسباب حكمها قضاءاً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بمقوله مخالفتها لأحكام المادة 3/ د من قانون دعاوى الحكومة رقم 3 لسنة 1996 وتعديلاته.
استأنف النائب العام بصفته ممثلاً لمؤسسة -------------------------- القيم على المحجور عليه ------------------هذا الحكم بالاستئناف رقم 237/ 2009 مدني، ثم صحح شكل الاستئناف ليصبح مقاماً من مؤسسة ---------------------بصفتها القيم على المحجور عليه ممثله برئيس النيابة المدنية. وبتاريخ 17-6-2009 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
طعن المدعى بصفته في هذا الحكم بطريق التمييز بموجب صحيفة أودعت بقلم كتاب هذه المحكمة في 8-7-2009 طلب فيها نقضه. وأودع رئيس النيابة المدنية ممثل المؤسسة المطعون ضدها - في الميعاد - مذكرة بدفاعها دفع فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة هو انه بصدور القانون رقم 32 لسنة 2008 بشأن إنشاء دائرة الشئون القانونية والمعمول به اعتباراً من 30-3-2009 انتقلت بموجب المادة التاسعة منه إلى دائرة الشئون القانونية مهام واختصاصات النائب العام في تمثيل الحكومة أو الجهات الحكومية في الدعاوى التي تقام منها أو عليها بموجب قانون دعاوى الحكومة رقم 3 لسنة 1996 وتعديلاته. وقد أصدر صاحب السمو الحاكم المرسوم رقم 16 لسنة 2009 والذي ندب بموجبه كل من السيدين -----------رئيس نيابه أول و-------------------رئيس نيابة مساعد إداري أو أي منهما لتمثيل حكومة دبي والدوائر والهيئات والمؤسسات العامة التابعة للحكومة في جميع الدعاوى والطعون المرفوعة منها أو عليها قبل الأول من ابريل 2009 بما في ذلك الأحكام الصادرة في تلك الدعاوى أو ما يطعن فيه على تلك الأحكام بعد ذلك التاريخ. ولما كان الطاعن لا زال يخاصم في طعنه الماثل النائب العام بصفته ممثلاً للمطعون ضدها حال ان نيابة النائب العام قد انتهت قانوناً بمقتضى المادة التاسعة السالف ذكرها وأصبحت دائرة الشئون القانونية هي الممثل القانوني لمؤسسة ---------------------أمام المحاكم بالإضافة إلى المستشارين المسميين في المرسوم رقم 16 لسنة 2009 وكان قد تم تصحيح شكل الاستئناف في الجلسة الأولى بتاريخ 10-5-2009 حيث حضر رئيس النيابة وقدم مذكرة بتصحيح شكل الاستئناف وأورد الحكم المطعون فيه ما تم من تصحيح في شكل الاستئناف بما يكون معه مخاصمة الطاعن بصفته للنائب العام بالطعن الماثل كمطعون ضده بصفته ممثلاً لمؤسسة ----------------------- بعد انتهاء نيابته القانونية حرياً بعدم القبول لإقامة الطعن على غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك ان النص في المادة الأولى من المرسوم رقم 16 لسنة 2009 بشأن دعاوى الحكومة على انه ((مع مراعاة أحكام المادة (8) من قانون إنشاء دائرة الشئون القانونية لحكومة دبي المشار إليه، يندب كل من السيد/ ---------------------- رئيس نيابه أول والسيد ------------------------ رئيس نيابة مساعد أو أي منهما لتمثيل حكومة دبي والدوائر والهيئات والمؤسسات العامة التابعة للحكومة في جميع الدعاوى والطعون المرفوعة منها أو عليها قبل الأول من ابريل 2009 بما في ذلك الأحكام الصادرة في تلك الدعاوى أو ما يطعن على تلك الأحكام بعد ذلك التاريخ)) والنص في المادة الثامنة من القانون رقم 32 لسنة 2008 بإنشاء دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي على انه ((على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر تختص الدائرة بتمثيل الجهات الحكومية في الدعاوى والمنازعات التي تقام منها أو عليها أمام الجهات القضائية المختصة ولجان ومراكز التوفيق والتحكيم. وللدائرة في سبيل ذلك توكيل من تراه مناسباً من ذوي الاختصاص أو الخبرة لتمثيل الحكومة أو الجهات الحكومية في تلك الدعاوى والمنازعات)) مفاده ان المشرع أناط بالمستشارين القانونين المذكورين في المرسوم رقم 16 لسنة 2009 بشأن دعاوى الحكومة مهمة تمثيل حكومة إمارة دبي وأية دائرة من دوائرها وكذلك الهيئات والمؤسسات العامة التابعة لها في الدعاوى المختصمه فيها بذاتها المحددة في المرسوم، أي ان مناط اختصاصهما يقتصر على تمثيل الهيئة أو المؤسسة العامة في الدعوى المختصمه فيها هي ذاتها باعتبارها مدعية تطالب بحق لها أو باعتبارها مدعى عليها وان المدعى يدعى ان له حقاً في مواجهتها هي ذاتها الا ان ذلك الاختصاص لا يشمل الدعوى المرفوعة على شخص طبيعي لمطالبته بأداء ما هو مدعى به عليه وان كان القانون قد اسند إلى الهيئة أو المؤسسه العامة رعاية مصالحه وجعلها قيماً عليه كما هو الحال بالنسبة لمؤسسة ---------------------التي اسند إليها القانون مهمة القوامه على القصر والمحجور عليهم رعاية لمصالحهم وحفاظاً على حقوقهم، ففي هذه الحالة يحق للمؤسسة ان توكل من تراه لتمثيلها في مباشرة الدعوى المقامه منها أو عليها كما يحق للمدعى ان يقيم دعواه على هذه المؤسسة مباشرة باعتبارها قيما على المحجور عليه الذي يدعى ان له حقاً عليه.
لما كان ذلك وكان الطاعن قد اختصم في الدعوى الماثلة رقم 817/ 2008 مدني كلي مؤسسة ---------------القيم على المحجور عليه --------------------------ممثلة بالنائب العام واختصم في الطعن المنبثق عنها - الطعن الماثل - مؤسسة ---------------------- القيم على المحجور عليه المذكور ممثله بالنائب العام وكانت الدعوى مقامة في الأساس في مواجهة المحجور عليه لمطالبته بمبالغ يدعى الطاعن انها مستحقة عليه وليست على مؤسسة --------------------ومن ثم لا يوجد أساس لاختصام المستشارين المذكورين آنفاً في هذا الطعن لعدم وجود صفه لهما فيه وبالتالي يغدو الدفع بمقوله إقامة الطعن على غير ذي صفة على غير أساس.
وحيث إن الطعن بالتمييز قدم خلال المدة القانونية مستوفيا لكل موجباته الشكلية فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بتطبيقه المادة 35 (1) من قانون الإثبات بما مؤداه عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود وتبعاً لذلك رفضت المحكمة إحالة الدعوى للتحقيق ومضت في نظرها على أساس عدم وجود عقد بيع لفشل الطاعن في تقديم عقد البيع الذي استند إليه حال أن الطاعن طلب في طلبه الختامي إلزام المدعى عليه برد 6.420.050 درهماً وكان محكمة أول درجة قد تصدت إلى هذا الطلب وانتهت إلى ثبوت هذا المبلغ في ذمة المدعى عليه وألزمته بأدائه للطاعن. وكان الطاعن قد طالب باسترداد المبلغ المذكور لان المدعى عليه استلمه منه بدون حق ولم يستطع الرد على الدعوى فيكون بذلك قد أثرى بلا سبب على حساب الطاعن مما لا يجوز له طبقاً للمادة 318 من قانون المعاملات المدنية. وإن استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة 35 (1) من قانون الإثبات هو استناد في غير محله لان واقعة إستلام المدعى عليه للمبلغ ثابتة بموجب مستندات مكتوبة قدمها الطاعن، وبالتالي فان عقد البيع يكون صحيحا حتى ولو لم يكن مكتوباً. وإن الطاعن لم يطلب إحالة الدعوى للتحقيق ليثبت عقد البيع نفسه وانما طلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات واقعه مادية بحته وهي إقرار المدعى عليه (المحجور عليه) بالبيع للشهود الذين قدم الطاعن إفاداتهم بملف الدعوى أمام محكمة أول درجة.
ولما كانت المادة 37 من قانون الإثبات تبيح الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا كانت هناك أسباب وجيهه لذلك وكان المدعى عليه لا يستطيع الرد على الدعوى للظروف الماثله فانه يجوز الإثبات بشهادة الشهود. ورغم ان المحكمة قد انتهت إلى عدم وجود عقد بيع الا انها ناقضت نفسها حين قضت بإلغاء الحكم المستأنف على أساس ان الطاعن يتمسك بوجود عقد البيع واعتبرته سبباً لاستلام المبلغ فقط دون ان تعتبر فسخ العقد سبباً لإعادة المبلغ، وبالتالي لا يُفهم الأساس الذي استندت إليه في قضائها إذ تارة تقضي على أساس عدم وجود العقد وتارة أخرى ترفض تطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب على أساس تمسك الطاعن بعقد البيع. هذا في حين ان الطاعن تمسك في مذكرته الأخيرة أمام محكمة أول درجة ومذكرته الختامية أمام محكمة الاستئناف برد المبلغ الذي استلمه المحجور عليه بدون حق طبقاً للمادة 318 من قانون المعاملات المدنية إذ استلم هذا المبلغ بموجب شيكات وتحويل مصرفي، ومن المعلوم ان الشيكات وكذلك التحويل المصرفي جميعها لا تتضمن سبب سحبها. وقد انتهى الخبير إلى صحة طلبات الطاعن والى قيام المطعون ضده باستلام مبلغ 6.420.050 درهماً من حسابات شركة -------------- للتجارة العامة. وقد كيفت محكمة أول درجة الدعوى التكييف الصحيح وطبقت عليها صحيح القانون خاصة وان في زعم المدعى عليه المحجور عليه بان إيصالات الاستلام لم تتضمن ان استلامها هو بيع الأرض ما يفيد استلامه لتلك المبالغ. وإذ لم يرد على الدعوى ويفندها يكون استلامه لها إثراء بلا سبب على حساب الطاعن. وكان على المحكمة - وفق ما تقضي به المادة 62 من قانون الإثبات - إذا رأت ان الدليل غير كاف ان تقوم بتوجيه اليمين المتممة لاستكمال الدليل. وإذ لم تفعل ذلك فان حكمها يكون مستوجباً النقض.
وحيث ان هذا النعى غير سديد ذلك ان النص في المادة 318 من قانون المعاملات المدنيه على انه ((لا يسوغ لأحد ان يأخذ مال غيره بلا سبب شرعي فان أخذه فعليه رده)) مفاده - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - ان الأصل ان مال الشخص لا ينتقل إلى شخص آخر الا في حالتين اثنتين هما اتفاق الشخصين على ذلك أو إذا كان القانون قد قضى بانتقال ذلك المال. فإذا انتقل المال في غير هاتين الحالتين وجبت إعادته إلى صاحبه، وهذه هي قاعدة الإثراء بلا سبب.
وإن على صاحب المال الذي يدعى انتقاله إلى شخص آخر في غير إحدى الحالتين المذكورتين ان يثبت مدعاه بان يقيم الدليل أولاً:- على انتقال ماله للشخص الآخر، وثانياً:- ان انتقال ماله إلى ذلك الشخص تم بدون سبب شرعي؛ وهو ما تستخلص وجوده من عدمه محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة
ولا محل لتطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب في حالة وجود عقد يحكم العلاقة بين الطرفين، وفي حالة عدم وجود عقد فان الدعوى تقام على أساس الإثراء بلا سبب اذا توافرت شروطها.
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة ان سبب الدعوى هو المصدر القانوني للحق المدعى به وان محكمة الموضوع تتقيد بسبب الدعوى وهي لا تملك تغييره من تلقاء نفسها، وإنها وإن كانت ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح إلا ان ذلك يكون في حدود السبب الذي يستند إليه المدعى وفي نطاق طلباته المقدمة منه.
لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الدعوى الماثلة للمطالبة بنقل ملكية قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى من اسم المدعى إلى اسمه واحتياطياً بفسخ عقد بيع قطعة الأرض وإلزام المدعى عليه برد الثمن الذي استلمه من المدعى والبالغ 6.420.050 درهماً وكان البين من ذلك ان الدعوى بحسب الغرض الذي أقيمت من اجله والأساس الذي بنيت عليه هي في صحيح الوصف دعوى للمطالبة باسترداد مبلغ مدفوع للبائع كثمن لقطعة الأرض المباعة وذلك لإخلاله بتنفيذ عقد البيع، أي ان المبلغ المطالب به والبالغ 6.420.050 درهماً - حصرا - سداداً لقيمة قطعة الأرض التي يدعى الطاعن انه قد اشتراها من المدعى عليه.
ولما كان من المقرر - وفق ما تقضي به المادة 35 (1) من قانون الإثبات في المعاملات المدنيه والتجاريه - انه في غير المواد التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسة آلاف درهم أو كان غير مقدر القيمة فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق خاص أو نص يقضي بغير ذلك.
وكان من المقرر ان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما تتماحى به اسبابه ويعارض بعضها بعضا بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن فهم الاساس الذي اقام عليه قضاءه،
ولا يُعد من قبيل التناقض ان توجد في أسباب الحكم عبارات توهم بوقوع مخالفة فيما بينها ما دام ان قصد المحكمة ظاهراً وواضحاً.
وكان المقرر ان تقدير لزوم أو عدم لزوم احالة الدعوى للتحقيق من سلطة محكمة الموضوع ولا تثريب عليها ان هي لم تجب الخصم إلى طلبه باحالة الدعوى للتحقيق متى وجدت في الاوراق ما يغنيها عن هذا الاجراء وما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن الواقعه المراد اثباتها أو إذا كانت المسألة المطلوب احالة الدعوى لتحقيقها غير منتجة في الوصول إلى وجه الحق أو كانت غير جائزه
وكان الطاعن قد طلب احالة الدعوى للتحقيق للاسباب المبينة بوجه نعيه لتقديم شهوده ليثبتوا اقرار المحجور عليه ببيع قطعة الأرض موضوع الدعوى للمدعى الطاعن وهو ما لا يجوز قانونا طبقا للمادة 35 (1) من قانون الاثبات،
وكان مفاد نص المادة 62 من قانون الاثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ان اليمين المتممة توجهها المحكمة من تلقاء نفسها لاي من الخصمين في الدعوى في محاولة منها لاستكمال اقتناعها إذا لم تكن الأدلة المقدمة في الدعوى كافية لتكوين عقيدتها، أي أن المحكمة توجهها للخصم لتتم حجته وتكمل بيمينه بينته وكي تستهدي بها المحكمة عند الحكم في موضوع الدعوى، وبالتالي فهي لا محل لها في الدعوى الخالية من الدليل أو الدعوى المكتملة الدليل، وهي ليست حقاً للخصوم تلتزم المحكمة باجابتهم إليه وانما هي من حق المحكمة توجهها رغبة منها في تحري الحقيقة وهو ما يخضع لتقديرها دون معقب عليها من محكمة التمييز.
ولما كان النص في المادة 37 من قانون الاثبات على انه ((يجوز الاثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب اثباته بالكتابة في الأحوال (1) ... (2) ... (3) ... (4) إذا رأت المحكمة لأسباب وجيهة السماح بالاثبات بالشهادة)) مفاده ان هذه السلطة هي سلطة منحها المشرع لمحكمة الموضوع لقبول شهادة الشهود - كاستثناء - من القاعدة العامة بعدم سماع شهادة الشهود فيما كان يجب اثباته بالكتابة - إذا رأت لاسباب وجيهة تقدرها هي اتخاذ هذا الاجراء، أي ان تقدير وجاهة الاسباب التي تبرر اتخاذ هذا الاجراء متروك لمحكمة الموضوع دون معقب عليها.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد علل قضاءه برفض الدعوى المقامه من الطاعن بقوله إن ((العقد الذي اشار إليه المستأنف ضده (الطاعن) في دفاعه - عقد بيع الارض - تبلغ قيمته 6.420.050 درهماً فلا يجوز اجابة الأخير إلى طلبه احالة الدعوى للتحقيق لاثبات وجوده ... وتقضي المحكمة تبعاً لذلك برفض الاحالة للتحقيق ... وإذ فشل في تقديم عقد البيع الذي استند إليه على نحو ما دار عليه دفاعه وأكد ان عقداً لم يتحرر بين الطرفين فان المحكمة تمضي في الدعوى على اساس عدم وجود عقد بيع ... وكانت المحكمة قد انتهت إلى عدم وجود عقد بيع مبرم بين الطرفين فلا محل لاستناد المستأنف ضده لطلب استرداد ما دفعه من ثمن استناداً إلى زعمه بوجود عقد. وحيث انه عن طلب المستأنف ضده استرداد المبالغ التي اثبت تحويلها إلى حساب المستأنف بمقولة استناده إلى نص المادة 318 من قانون المعاملات المدنية حتى لا يثرى المستأنف بلا سبب على حسابه فان المستأنف ضده ما انفك يتمسك بسبب دفعه المبلغ المطالب به متمثلاً في عقد البيع الذي يدعيه، وإذ انتهت المحكمة إلى عدم وجود مثل هذا العقد، ولا ترى في مجرد تحويل مبالغ من حساب المستأنف ضده لحساب المستأنف ما يدل على ان هذا التحويل كان ثمناً لبيع الأرض موضوع التداعى ذلك ان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير ودفاع الطرفين ان الطرفين تاجران ولكل منهما حساب بنكي، فكان للمستأنف حساباً بنكياً لدى بنك دبي الاسلامي وهو الذي تم التحويل عليه من حساب شركة المستأنف ضده ومن ثم يضحى هذا التحويل الذي تم بين التاجرين بمجرده غير دال على انشغال ذمة المحول اليه بقيمته، يؤيد هذا النظر ان المستأنف ضده أورد في دفاعه ان الاتفاق على البيع - بيع الارض - تم في خلال شهر يناير 2006، في حين ان تواريخ شيكات الدفع وحسبما ما ورد بتقرير الخبير كانت في 20-6-2006، 10-10-2006، 15-11-2006، أما التحويل البنكي فكان في 28-12-2006 وهذه التواريخ المختلفة لدفع المبالغ غير معاصره لتاريخ البيع المدعى به، ويؤيد هذا النظر أيضاً صحة دفاع المستأنف المتمثل في قوله انه من غير المتصور عقلاً ان يبرم تاجر صفقة شراء ارض بمبلغ 6.420.000 درهم دون تحرير سند أو عقد بالصفة، ويؤيد هذا النظر أيضاً ان البيع المزعوم اعطى له المستأنف ضده تاريخ يناير 2006 بينما أقام الدعوى في 7-10-2007 في الوقت الذي سجلت فيه دعوى الحجر في 31-10-2007 ... ومن ثم ترى المحكمة ان المستأنف ضده فشل في إثبات انشغال ذمة المستأنف المحجور عليه بمبلغ المطالبه)) ولما كانت هذه الاسباب سائغة ولها ما يساندها في الاوراق ولا تناقض فيها فان كافة ما اثاره الطاعن في نعيه على الحكم لا يعدو كونه مجرد جدل فيما تستقل بتحصيله وتقديره محكمة الموضوع من أدلة الدعوى وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *