طعن رقم 110 (أحوال شخصية)
صادر بتاريخ 12/7/2016
الهيئة: برئاسة السيد/محمد خميس البسيوني رئيس الدائرة وعضوية: السيد/علي أحمد شلتوت القاضي بالمحكمة السيد/برعي محمد سيد أحمد علي القاضي بالمحكمة السيد/سعد محمد سعيد علي زويل القاضي بالمحكمة والسيد/محمد علي الهادي الجمري القاضي بالمحكمة وبحضور السيد/مثنى عبد اللطيف الفرحان كاتب الجلسة
1– وجوب بعث المحكمة حكمين في دعوى التفريق للضرر إذا لم يستطع الزوج طالب التطليق إثبات الضرر الواقع عليه من الزوج الآخر واستمر الشقاق بينهما وتعذر على القاضي ومن قبله قسم الإصلاح والتوجيه الأسري الإصلاح بينهمار.
2– اختلاف طبيعة عمل كل من الحكم والقاضي كون الهدف من بعثها هو الإصلاح ما أمكن بين الزوجين ويكفي لتسبيب قرارهما إثباتهما فيه عرض الصلح عليهما وتعيين أي من الزوجين الملزم بالبدل في حال استحقاقه.
3– وجوب أن يحكم القاضي بمقتضى قرار الحكمين إن اتفقا لأن طريقهما الحكم لا الشهادة أو الوكالة وعليه تعديل قرارهما في ما خالف أحكام القانون لجهة الإلزام بالبدل وتناسبه مع الإساءة وليس في التطليق.
4– صحة الحكم المطعون فيه لقضائه بالتفريق بين الزوجين بطلقة بائنة دون المساس بحقوق الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق إمضاء لقرار الحكمين الذي جاء مسبباً تسبيباً كافياً ولأن قانون الأحوال الشخصية لم يرتب أي أثر قانوني على عدم اجتماع كل حكم مع كل طرف.
5– اعتبار الحضانة حق للأم عند النزاع عليها سواء كانت الزوجية قائمة أو منتهية ما دامت صالحة لها وراغبة فيها وعلى من ينازعها عبء إثبات ما يدعيه لأن مدار الحضانة هو نفع المحضون ولو خالف في ذلك مصلحة ولي النفس.
6– اعتبار ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيحاً وموافقاً للقانون لقضائه بصلاحية المطعون ضدها للحضانة لأولادها وعدم توافر مقتضى حرمانها منها لعجز الطاعن إثبات خلاف ذلك أو قيامها بمحاولة الانتحار إذ خلت الأوراق من وجود تقرير طبي يفيد بذلك.
7– إلزام من تجب عليه النفقة بدفع أجرة مسكن حاضنة نقداً إلا إذا كانت تملك مسكناً تقيم فيه أو مخصصاً لسكناها يعده ولي المحضون ويكون مملوكاً ولا يغني عن ذلك قيامه بتأجير مسكن لها من الغير ولا يضيره أن يدفع للحاضنة أجرة المسكن بدلاً من دفعه للمؤجر.
8– صحة الحكم المطعون فيه لإلزامه الطاعن بأجرة مسكن حضانة لعدم إثبات ملكية المطعون ضدها لمسكن تقيم فيه أو مخصص لسكناها بل هي تقيم في نفس المسكن مع الطاعن والأولاد ولإقراره بأنه يسكن في شقة وأن الديون هو من يدفع بدل إيجارها عنه مما يعني استحقاقها لأجرة مسكن الحضانة وبدل أثاث اعتباراً من تاريخ خروجها من مسكن الزوجية.
9– اعتبار الأب ملزماً بنفقة خادم لولده في الحضانة إن احتاج إليه وكان الأب مليئاً.
أصدرت الحكم التالي:
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة سرية القاضي المقرر ع. ش.، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن ي. ب. – المطعون ضدها – أقامت الدعوى رقم 198 لسنة 2015 أحوال نفس مسلمين على زوجها م. ب. – الطاعن – للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر للهجر والشقاق وإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ 50,000 درهم مهر المثل ومبلغ 3000 درهم شهرياً متجمد نفقة زوجية عن ثلاث سنوات سابقة على المطالبة القضائية حتى صدور حكم بات في التطليق ومبلغ 9000 درهم أجرة مسكن العدة لمرة واحدة وإثبات حضانتها لأولادها ج. ول. وخ. وأمر المدعى عليه بعدم التعرض لها بشأنهم إلا فيما يبيحه الشرع وإلزامه أن يدفع لها مبلغ 9000 درهم شهرياً نفقة بنوة لأولادها المذكورين شاملة جميع أوجه النفقة عدا المسكن والخدمة اعتباراً من سنة سابقة على المطالبة القضائية ومبلغ 10,000 درهم قيمة كسوة العيد وغيرها من الحاجيات وفي كل عيد وبالتجديد الدوري لعقد إيجار الشقة المبينة بصحيفة الدعوى واعتبارها كمسكن حاضنة وبالعدم سداد مبلغ 110,000 درهم أجرة مسكن حاضنة اعتباراً من تاريخ خروجها من المسكن المذكور ومبلغ 50,000 درهم بدل أثاث كل خمس سنوات ومبلغ 2000 درهم أجر حضانة اعتباراً من تاريخ انتهاء عدتها ومبلغ 1000 درهم شهرياً خادمة ومصاريف استقدامها ورسوم الفحص الطبي وتثبيت الإقامة في جواز سفرها وإلزامه بتسليمها أصل البطاقة الصحية وبطاقة الهوية للمحضونين مع تسليمها صورة مصدقة من جوازات سفرهم وفصل اسمها من خلاصة قيده وتسليمها صورة مصدقة منها بعد الفصل وإلزامه بسداد كامل أقساط السيارة التي اشتراها باسمها لتنقلات المحضونين وحتى توفير ذلك إلزامه مبلغ 2000 درهم شهرياً اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية وذلك تأسيساً على أنها زوجته ومدخولته بصحيح العقد الشرعي ورزق منها بالأولاد ج. المولودة في 4 – 12 – 2001 ول. المولودة في 11 – 4 – 2004 وخالد المولود في 7 – 7 – 2010 وأنه يسيء معاملتها ويضربها وامتنع عن الإنفاق عليها وأولاده بعد عملها من مدة تزيد على ثلاث سنوات ولم يعد لها مسكناً شرعياً مستقلاً، وأنها صالحة لحضانة أولادها وتستحق عليه مهر المثل لعدم تحديد مهر في عقد الزواج، وأنه ميسور الحال إذ يتقاضى راتباً من عمله بالإدارة العامة للإقامة وشئون الأجانب لا يقل عن 30,000 درهم بخلاف ما يمتلكه من رخص تجارية وأسهم في شركات مساهمة عامة، وأنها سبق أن لجأت بالشكوى ضده إلى قسم الإصلاح والتوجيه الأسري في سنوات 2011، 2013، 2014 وأخرها هذا العام 2015 والتي أحالتها القسم إلى المحكمة لتعذر التسوية الودية بين الطرفين ولم يتم وندبت حكمين للإصلاح أو التفريق وأودعا تقريرهما حكمت حضورياً بتاريخ 4 – 11 – 2015 بتطليق المدعية على المدعى عليه طلقة بائنة إمضاء لقرار الحكمين وأمرها بإحصاء عدتها على الوجه الشرعي من تاريخ صيرورة الحكم باتاً وإلزامه أن يؤدي مبلغ 1500 درهم شهرياً نفقة زوجية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 12 – 2 – 2015 وحتى صيرورة الحكم بالطلاق باتاً ومبلغ 6000 درهم نفقة سكنى العدة لكامل مدة العدة وإثبات حضانتها لأولادها ج. ول. وخ. وأمر المدعى عليه بعدم التعرض لها بشأنهم إلا فيما يبيحه الشرع، وإلزامه أن يؤدي إليها مبلغ 6000 درهم شهرياً نفقة بنوة لأولاده ج. ول. وخ. بالتساوي بينهم لجميع لوازم النفقة عدا السكن وذلك اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 12 – 2 – 2015 ومبلغ 80.000 درهم سنوياً أجرة مسكن حضانة ومبلغ 30.000 درهم مصروفات تأثيثه تدفع مرة واحدة وذلك عند انتهاء عقد إيجار المسكن الحالي ومبلغ 500 درهم شهرياً أجر حضانة وذلك اعتباراً من تاريخ صيرورة الحكم بالتطليق باتاً وخروجها من عدتها الشرعية ومبلغ 1000 درهم شهرياً نفقة مواصلات الأولاد بينهم بالتساوي اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 12 – 2 – 2015 وأن يسلم المدعية أصل البطاقة الصحية وبطاقة الهوية للمحضونين جواهر ولطيفة وخالد مع تسليمها صورة مصدقة من جوازات سفرهم وإلزامه بفصل اسمها من خلاصة قيده وتسليمها صورة مصدقة بذلك ورفض ما زاد على ذلك من طلبات.
استأنف المدعى عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 971 لسنة 2015 أحوال شخصية ومواريث، وقدمت المدعية لائحة استئناف فرعي بجلسة المرافقة الأولى بطلب تعديل الحكم المستأنف والقضاء لها بجميع طلباتها الواردة في صحيفة الدعوى، وبعد أن عرضت المحكمة الصلح على الطرفين ولم يتم واستوضحتهما في بعض نقاط الدعوى قضت بجلسة 19 – 4 – 2016، أولاً: بقبول الاستئنافين شكلاً – ثانياً: في موضوع الاستئناف الأصلي تعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن تاريخ استحقاق أجرة مسكن الحضانة وبدل الأثاث ليصبح اعتباراً من تاريخ خروجها من مسكن الزوجية الحالي (الكائن ...) وتعديله فيما قضى به بشأن تاريخ استحقاق نفقة الزوجية ونفقة البنوة لتصبحان اعتباراً من تاريخ الحكم وتعديله فيما فضى به بشأن تاريخ استحقاق نفقة سكنى العدة لتصبح اعتباراً من صيرورة حكم التطليق باتاً وخروج المدعية من مسكن الزوجية الحالي. ثالثاً: في موضوع الاستئناف المقابل – الفرعي – إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب المدعية أجرة خادمة مصاريف استقدامها ورسوم الفحص الطبي وتثبيت الإقامة في جواز سفرها والقضاء مجدداً بإلزام المدعى عليه بأجرة خادمة مبلغ ألف درهم شهرياً ومصاريف استقدامها ورسوم الفحص الطبي وإثبات الإقامة في جواز سفرها وفيما قضى به من رفض طلبها كسوة العيدين للمحضونين والقضاء مجدداً بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي لها بدل كسوة العيدين للمحضونين (ج. ول. وخ.) بمقدار ألفين وأربعمائة درهم بالتساوي بينهم قبل أسبوع من كل من عيدي الفطر والأضحى وتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن مقدار النفقة وفروعها وأجرة مسكن حضانة وأجرة حضانة لتصبح النفقة الزوجية بمقدار ألفين وخمسمائة درهم شهرياً شاملة جميع أوجه النفقة ما عدا السكن وأجرة مسكن حضانة بمقدار ستين ألف درهم سنوياً وأجر حضانة بمقدار سبعمائة درهم شهرياً وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن رفض طلبها المهر والقضاء مجدداً بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مهرها ومقداره ألف وخمسمائة دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي اعتباراً من تاريخ الحكم رابعاً: تأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن المدعى عليه في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن المطروح بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة في 18 – 5 – 2016 طلب فيها نقضه وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بالرد – في الميعاد – التمست في ختامها رفض الطعن.
وحيث أنه بعد عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة سرية لنظره.
ومن حيث أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع إذ أيد الحكم المستأنف في قضائه بتطليق المطعون ضدها عليه طلقة بائنة إمضاء لقرار الحكمين، هذا في حين أنها طلبت الطلاق بادعاء أنه يضربها ولا ينفق عليها ولم يعد لها مسكناً شرعياً وهو ما عجزت عن إثباته بعد أن ثبت براءته بحكم نهائي من تهم الضرب وقيامه بالإنفاق عليها وأولاده والذين يعيشون جميعاً معه في بيت واحد ولذا قضى الحكم بالنفقة اعتباراً من تاريخ الحكم، ومع ذلك فقد لجأت إلى طلب ندب حكمين في الدعوى أودعا تقريراً مخالف للواقع والقانون حيث لم يراعيا وضع رأيهما مجتمعين إذ عينت المحكمة حكمين من الجدول د/ث. ف. ود/ي. ع. وتم استدعاءه من قبلهما لمناقشته فتقابل مع الحكم الأول الذي ناقشه بمفرده ولم يتقابل مع الحكم الآخر وبذلك لم تحقق الغاية من ندب الحكمين في أن يجتمعا معاً مع طرفي الدعوى ليبدي كل منها رأيه ويقدم خبرته، كما خلا تقرير الحكمين من التسبيب وهو شرط جوهري أن يبينا أسباب قرارهما وما استند إليه فضلاً عن أن الحكمين لم يبذلا الجهد الكافي للإصلاح بين الطرفين خاصة مع تمسكه بأنه تصالح مع المطعون ضدها بدليل أنها والأولاد يعيشون معه جميعاً تحت سقف بيت واحد، إضافة إلى أن قرار الحكمين انتهى إلى التفريق كلها من جانب المطعون ضدها بعد عجزها عن إثبات ادعاءاتها، غير أن الحكم قضى على خلاف ما تقدم وأمضى قرار الحكمين بالتفريق دون بدل ولم يتدخل بسلطته في تعديل قرار الحكمين وتقدير البدل، الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر وفق ما تقضي به المواد 118/1، 119، 120، 121 من قانون الأحوال الشخصية وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون وجرى به قضاء هذه المحكمة أنه إذا لم يستطع الزوج طالب التطليق إثبات الضرر الواقع عليه من الزوج الآخر واستمر الشقاق بينهما وتعذر على القاضي ومن قبله قسم الإصلاح والتوجيه الأسري الإصلاح بينهما بعثت المحكمة حكمين في الدعوى من أهليهما إن أمكن وإلا فيمن يتوسم فيه الخبرة والقدرة على الإصلاح وعلى الحكمين اللذين تعينهما المحكمة تفهم وتقصي أسباب الشقاق بين الزوجين والعمل على إزالتها وبذل الجهد لإصلاح ذات البين، وعليهما مجتمعين أو منفردين جمع الطرفين لسماع أقوالهما في مجالس عائلية يحددان زمانها ومكانها لا يحضرها إلا الزوجان ومن يقرر الحكمان ضرورة حضوره، وأنه في حال عجز الحكمين عن الإصلاح بين الزوجين فإن الحكمين يقرران التفريق بطلقة بائنة إذا كانت الإساءة كلها من جانب الزوج دون المساس بشيء من حقوق الزوجية المترتبة على الزواج والطلاق وإذ كانت الإساءة كلها من جانب الزوجة قرر الحكمان التفريق بمقابل تدفعه الزوجة، وإن كانت الإساءة من كليهما قرر الحكمان التفريق بينهما ببدل يتناسب مع الإساءة أو دون بدل وإذ لم يعرف المسيء من الزوجين، وكانت الدعوى مرفوعة من الزوج اقترح الحكمان رفض دعواه وإن كانت الزوجة هي طالبة التطليق أو كان كل منهما طالباً التطليق قرر الحكمان التفريق بينهما دون بدل، ويقدم الحكمان قرارهما إلى المحكمة التي عينتهما مسبباً متضمناً مدى إساءة كل من الزوجين أو أحدهما إلى الآخر.
وإلزام الحكمين بتسبيب قرارهما ليس كإلزام القاضي بتسبيب حكمه في تحصيل الوقائع وطلبات الخصوم وموجز دفاعهم الجوهري وذلك لاختلاف طبيعة عمل كل من الحكم والقاضي لأن الهدف من بعث الحكمين هو أصلاً الإصلاح ما أمكن بين الزوجين، ولذا يكفي الحكمين لتسبيب قرارهما إثباتهما فيه عرض الصلح على الزوجين وتعيين أي من الزوجين الملزم بالبدل في حالة استحقاقه والإشارة ما أمكن إلى نص الفقرة التي ارتأيا تطبيقها من المادة 120 سالفة الذكر،
وعلى القاضي أن يحكم بمقتضى قرار الحكمين إن اتفقا لأن طريقهما الحكم لا الشهادة أو الوكالة، وعلى القاضي أيضاً تعديل قرار الحكمين فيما خالف أحكام القانون والمقصود بتدخل القاضي في تعديل قرار الحكمين هو تدخله فيما قرره الحكمان من الإلزام بالبدل وتناسبه مع الإساءة وليس تدخله في التطليق طالما كان باتفاقها بعد عجزهما عن الإصلاح بين الزوجين، ومن المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على قرار الحكمين متى استندت إلى أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيها لأحكام القانون، لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل ما أثاره الطاعن في سبب الطعن وأورد القاعدة القانونية السابقة في مدوناته قد أيد الحكم المستأنف في قضائه بالتفريق بين الزوجين بطلقة بائنة دون المساس بما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق، أن كل حكم اجتمع مع الزوج المعين له واستمع إلى وجهة نظره وعرضا عليهما الصلح في أكثر من جلسة فوافق المستأنف بينما رفضت المستأنف ضدها وأصرت على التطليق ورأيا بالاتفاق تطليقها على المستأنف طلقة بائنة دون المساس بحقوق الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق تأسيساً على أن الإساءة كلها من جانب الزوج عملاً بالمادة (120/1) من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، ومن ثم فإن قرارهما يكون مسبباً تسبيباً كافياً ولا يمكن تعديله بشأن البدل لعدم مخالفته نصوص القانون، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن قانون الأحوال الشخصية لم يرتب أي أثر قانوني على عدم اجتماع كل حكم مع كل طرف ما دام أن الحكمين مجتمعين أو منفردين استمعا لأقوال كل طرف وأطلعا على وجهة نظره وعرضا الصلح في عدة جلسات وجاء قرارهما بالاتفاق وبذلك تتحقق الغاية من بعثها وعليه فإن ما انتهى إليه الحكم المستأنف يعد صحيحاً موافقاً للقانون، والنعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس)) وهي أسباب سليمة وسائغة لها أصلها الثابت في تقدير الحكمين ولا مخالفة فيها لصحيح القانون وتتضمن الرد المسقط لكل ما أثاره الطاعن من دفاع وحجج مخالفة بسبب الطعن، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ومن حيث أن السبب الثاني من وجهين ينعى الطاعن بالوجه الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أيد الحكم المستأنف في قضائه بإثبات حضانة المطعون ضدها لأولاده أخذاً بصلاحيتها للحضانة في حين أنها غير أمينة على نفسها بعد أن أقدمت على محاولة الانتحار وقدم دليل على ذلك أمام محكمة الاستئناف غير أنها لم تعره اهتماماً، وبالتالي فإن استقلال المطعون ضدها بحضانة الصغار بعيداً عنه يعرض حياتهم للخطر مما يسقط حضانتها لهم غير أن الحكم قضى على خلاف ذلك، الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد نصوص المواد 142، 143، 146 من قانون الأحوال الشخصية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحضانة هي حفظ الولد الصغير وتربيته وصيانته ورعايته، ويشترط في الحاضن ذكراً كان أم أنثى أن يكون عاقلاً رشيداً أميناً على مصلحة المحضون وعنده القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته مع السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة وألا يكون قد سبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض، وأن الأصل أن الحضانة للأم عند النزاع على الحضانة سواء كانت الزوجية قائمة أو منتهية لأن الأم محمولة على الصلاح والقدرة على الحضانة وهي أحق بها حتى من الأب ما دامت صالحة لها وراغبة فيها وعلى من ينازعها عبء إثبات ما يدعيه، وأن مدار الحضانة هو نفع المحضون ومتى تحقق نفعه في شيء وجب المصير إليه ولو خالف في ذلك مصلحة ولي النفس لأن حق الصغير في الرعاية والحفظ أولى من حقه، وتقدير مدى توافر شروط الحضانة في الحاضنة ومبررات ودواعي إسقاط الحضانة عنها وحرمانها من حضانة الصغير هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع باستخلاصها من سائر المستندات والأدلة المطروحة عليها بغير معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضائها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمله. لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد القاعدة القانونية السابقة في مدوناته قد عرض لدفاع الطاعن المبين بوجه النعي وأطرحه مؤيداً الحكم المستأنف في قضائه بإثبات حضانة المطعون ضدها للأولاد ج. ول. وخ. على ما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 1 – 3 – 2016 قول المستأنف ضدها بأنه في شهر 10/2015 في أحد الأيام في نهاية الأسبوع من الشهر أخذ الزوج المستأنف الأطفال إلى منزل والدته وبقيت هي والخادمة وهو في المنزل وأصبح يضربها ويسبها ويحاول أن يضاجعها بالقوة (وكان ذلك في أيام الخميس والجمعة وصبيحة السبت) فاتصل بالإسعاف عندما أخبرته بأنها أخذت حبوب بنادول ودواء يدعى اندرال وكانت في حالة صدمة فحضرت الإسعاف وذهبوا إلى المستشفى وبعدها تم الكشف عليها لم يتبين أخذها أية حبوب لأنها ادعت ذلك حتى تخرج مما هي فيه مع المستأنف أي من ضربه وسبه وغير ذلك، وأضافت أنها لم تقيد ضدها أي محاولة انتحار ولم تفعل ذلك سابقاً، لما كان ذلك وكانت الأم المستأنف ضدها محمولة على توافر شروط الحضانة فيها وعجز عن إثبات خلاف ذلك أو قيامها بمحاولة الانتحار إذ خلت الأوراق من وجود تقرير طبي يفيد ذلك، وعليه فإن ما انتهى إليه الحكم المستأنف يعد صحيحاً موافقاً القانون والنعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس)) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه المحكمة المطعون في حكمها في حدود سلطتها الموضوعية من صلاحية المطعون ضدها للحضانة لأولادها وعدم توافر مقتضى حرمانها منها سائغاً وله ما يسانده في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا مخالفة فيها للقانون وكافياً لحمل قضائها ويتضمن الرد المسقط لكل حجة مخالفة أثارها الطاعن بوجه الطعن ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ومن حيث أن الطاعن ينعى بالوجه الآخر من السبب الثاني عدا الشق الأخير منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك أنه وفر مسكن حاضنة لتحضن فيه المطعون ضدها أولاده بالتالي فإنها لا تستحق أجرة مسكن حاضنة غير أن الحكم قضى على خلاف ذلك وألزمه بأجرة مسكن حاضنة الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر وفق ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 148 من قانون الأحوال الشخصية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الأصل هو استحقاق الحاضنة أجرة مسكن حاضنة نقداً إلا إذا كانت تملك مسكناً تقيم فيه أو مخصصاً لسكناها والمقصود بالمسكن المخصص لسكنى الحاضنة هو المسكن الذي يعده ولي المحضون ويكون مملوكاً له باعتباره أنه من نفقتهم الواجبة عليه شرعاً بقدر حاله، ولا يغني عن ذلك قيامه بتأجير مسكن لها من الغير لاحتمال إنهاء عقد الإيجار عقب الحكم لها به كما لا يضير ولي المحضون أن يدفع للحاضنة أجرة المسكن بدلاً من دفعه للمؤجر واستخلاص ما إذا كانت الحاضنة تملك مسكناً تقيم فيه أو إعداد ولي المحضون مسكن الحضانة المملوك له من عدمه هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق وتكفي لحمله، لما كان ذلك،
وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد القاعدة القانونية السابقة قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بأجرة مسكن حاضنة على ما أورده بأسبابه من أنه ((وحيث لم يقدم في الإثبات ملكية المدعية لمسكن تقيم فيه أو مخصص لسكناها الأمر الذي تقضي المحكمة بإلزام المحكمة المدعى عليه بسداد مبلغ ... أجرة مسكن حاضنة ... وذلك عند انتهاء عقد إيجار المسكن الحالي)) وأضاف الحكم المطعون فيه لذلك رداً على دفاع الطاعن الوارد بوجه الطعن بعد أن أورد القاعدة القانونية الواردة في المساق المتقدم قوله ((لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 1 – 3 – 2016 إقرار المستأنف ضدها بأنها تقيم في نفس المسكن مع المستأنف والأولاد إلى الآن وإقرار المستأنف بذات الجلسة أنه يسكن في شقة مؤجرة في منطقة المحيصنة الرابعة (تابعة للأوقاف) بقيمة إيجارية تبلغ 42000 درهم وهي تتكون من غرفتين وصالة والمسكن مؤثث والديوان هو من يدفع عنه منذ خمس سنوات مما يعني استحقاقها لأجرة مسكن الحضانة وبدل الأثاث ليصبح اعتباراً من تاريخ خروجها من مسكن الزوجية الحالي (الكائن ...) وهي أسباب سليمة وسائغة ولها معينها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ولا مخالفة فيها للقانون وكافياً لحمل قضائها بإلزام الطاعن بأجرة مسكن حاضنة وتتضمن الرد المسقط لكل حجة مخالفة ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ومن حيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والأخير من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ قضى بإلزامه بتوفير خادمة أو دفع راتبها ألف درهم شهرياً رغم عدم توافر شرط إلزامه بها وقضى بزيادة نفقة المطعون ضدها مستدلاً على ذلك بكبر حجم مديونيته مع أنها ليست دليل ثراء وإنما دليل ضيق الحال سيما وأن صافي راتبه المتبقي بعد سداد التزاماته مبلغ 5936 درهماً وهو ما لم يراعه الحكم وقضى بأجرة مسكن حاضنة بأكثر مما يدفعه لنفسه وأولاده من أجرة مسكن وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في جملته مردود، ذلك إن المشهور في مذهب المالكية الواجب الرجوع إليه طبقاً لنص الفقرة الثالثة المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية لخلو القانون المذكور من نص بشأن أجرة خادم المحضون أن الأب تلزمه نفقة خادم ولده في الحضانة إن احتاج إلى خادم وكان الأب مليئاً واستظهار ذلك ويسار المكلف بالنفقة وتحديد مقدارها والأجور المفروضة هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع من واقع ما قدم في الدعوى من أدلة ومستندات وإقرارات بغير معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد القاعدة القانونية السابقة قد أقام قضاءها بإلزام الطاعن بأجرة خادمة للمحضونين على ما أورد بأسبابه من أنه ((لما كان ذلك وكان البين من الأوراق إن بعض أولاد المستأنفة من المستأنف ضده في سن يحتاجون فيه للخدمة لصغرهم لا سيما وأن المستأنفة تعمل، وقد أقر المستأنف ضده بمحضر جلسة 1 – 3 – 2016 بتوفير الخادمة في منزل الزوجية واطلعت المحكمة على دخله وقدرته على توفير خادمة لأولاد، ومن ثم فقد ساغ القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب المستأنفة أجرة خادمة ومصاريف استقدامها ورسوم الفحص وتثبيت الإقامة في جواز سفرها والقضاء مجدداً بإلزام المستأنف ضده بأجرة خادمة مقدارها 1000 درهم شهرياً ومصاريف استقدامها ورسوم الفحص الطبي وإثبات الإقامة في جواز سفرها)) كما أقام الحكم قضاءه بزيادة نفقة المطعون ضدها المفروضة ابتدائياً من مبلغ 1500 درهم شهرياً إلى مبلغ 2500 درهم وجعل أجرة مسكن الحاضنة مبلغ 60,000 درهم سنوياً وأجرة الحضانة 799 درهم شهرياً بعد أن أورد القاعدة القانونية السابقة ووقف على حالة الطاعن المادية بما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن راتب المستأنف ضده الصافي هو 22,055 درهم شهرياً ومدين للبنك العربي المتحد بمقدار 1,427,036 درهم (قسطه الشهري 56/9.619 درهم) المجموع الكلي للالتزامات حسب إفادة البنك المذكور 1,458,773 درهم، كما أن الثابت بإفادة البنك المذكور أيضاً أنه يستقطع من راتبه شهرياً لصندوق خليفة للمتعثرين 2500 درهم شهرياً ونفقة 3000 درهم ومديونية شخصية 1000 درهم والثابت بإفادة دائرة التنمية الاقتصادية بدبي أن لديه تسع رخص تجارية فعالة (مدير لرخصتين منها وشريك في سبع) وبإفادة هيئة الطرق والمواصلات بدبي أنه يملك ثلاث سيارات، وبإقراره بمحضر جلسة 1 – 3 – 2016 أن أجرة مسكن الزوجية هي 42000 درهم سنوياً ويكون المسكن من غرفتين وصالة والديوان هو من يدفع منذ خمس سنوات (ولم تنازع المستأنفة في ذلك) ومن ثم فقد ساع القضاء بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن مقدار النفقة الزوجية وفروعها وأجرة مسكن حضانة وأجرة حضانة لتصبح النفقة الزوجية بمقدار 2500 درهم شهرياً شاملة جميع أوجه النفقة ما عدا السكن وأجرة مسكن حضانة بمقدار 60.000 درهم سنوياً وأجرة حضانة بمقدار 700 درهم شهرياً ومناسبه ما عدا ذلك من نفقات وأجور)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه في شأن ما تقدم كله سائغاً وله معينه الثابت بالأوراق ويؤدي للنتيجة التي انتهى إليها الحكم ولا مخالفة فيها للقانون ويتضمن الرد المسقط لكل حجة مخالفة، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث أنه ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
لذلك
حكمت المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومبلغ خمسمائة درهم مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة مبلغ التأمين.

* * *