طعن رقم 324 لسنة 2008 (جزاء)
صادر بتاريخ 13/10/2008
هيئة المحكمة: الرئيس د. علي ابراهيم الإمام والأعضاء محمد نبيل رياض، عبد المنعم محمد وفا، عبد العزيز عبد الله الزرعوني، ماجد علي قطب.
1- سلطة محكمة الموضوع إستخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة .
2- وجوب أن يكون التعويل على الدليل في الحكم مؤدياً الى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الإستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل .
3- وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين .
4- شروط سلامة الحكم بالإدانة في جريمة حيازة مبالغ متحصلة من جريمة في ظروف تحمل على الإعتقاد بعدم مشروعية مصدرها .
5- إعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بتوفر ركن العلم لدى الطاعن من أن المال متحصل من جريمة من كبر حجم العملية المتفق عليها وحصول الطاعن على نسبة 10% نتيجة إلغاء الصفقة مشوباً بالتعسف في الإستنتاج والفساد في الإستدلال والخطأ في تطبيق القانون .
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي .......... وسماع المرافعة والمداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة قد اتهمت: 1) ........ 2) ...........
بأنهما بتاريخي 24/4، 15/11/2007 بدائرة مركز شرطة الراشدية حازا المبالغ النقدية المبينة بالتحقيقات والمتحصلة من جريمة خيانة الأمانة في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها وطلبت عقابهما بالمادتين 121/1، 407/2 عقوبات وادعى المجني عليه مدنياً.
وبتاريخ 18/6/2008 حكمت محكمة أول درجة بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر وبإحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة.
لم يرتض المحكوم عليهما هذا الحكم فطعنا عليه بالاستئنافين رقمي 3662، 3706 سنة 2008 وبتاريخ 29/7/2008 حكمه المحكمة برفضها وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المحكوم عليه ........ في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ 28/8/2008 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن دفع أمام درجتي التقاضي بعدم علمه بتصرف المتهم الهارب بالأموال دون علم الشركة الشاكية وأنه تسلمه لتلك الأموال تصرف قانوني للشروع في القيام بصفقة تجارية وأن أقوال المتهم الثاني تؤكد ذلك كما أن تصرفه في مبلغ 300 ألف درهم تصرف مشروع جرى عليه العرف ولم يعن الحكم بالرد على دفاع الطاعن من شيوع التعامل في مجال المجوهرات على إخفاء اسم شخص المشتري كما لم يعرض لدفاع الطاعن بأن أقوال المتهم الثاني تفيد عدم معرفة الطاعن بأن المتهم الهارب غير مخول بتحويل الأموال واستخلاص الظروف والملابسات التي توحي بالاعتقاد بعدم مشروعية مصدر الأموال لا يكون إلا بإجماع هذه الظروف وبيان نوع التعامل وطبيعة المتعامل عليه والعرف التجاري وليست فقط بحجم المبلغ المتعامل عليه واعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أدلة لا تصلح للإدانة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى لأن الأصل ان تبني المحكمة حكمها على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن يتم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات كما
انه من المقرر أيضاً أن من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤدياً الى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ذلك
أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة، لما كان ذلك وكان
من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة حيازة مبالغ متحصلة من جريمة في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها أن يبين الحكم فوق اتصال المتهم بالمال المسروق أنه كان يعلم علم اليقين أن المال متحصل من جريمة وأنه يورد الأدلة التي يعتمد عليها في ثبوت هذا العلم وأن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم اليقيني وأن يستخلصه استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه دون تعسف في الاستنتاج
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بتوافر ركن العلم لدى الطاعن من أن المال متحصل من جريمة بما أورده في اسبابه من أن هذا العلم قائم من كبر حجم العملية المتفق عليها مما كان يستدعي الحيطة كما أن حصول الطاعن على نسبة 10% نتيجة إلغاء الصفقة يؤكد هذا العلم، وكان ما ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص لا يتوافر به العلم اليقيني لدى الطاعن بعدم مشروعية المال مشوب بالتعسف في الاستنتاج وقائم على الظن يدحضه قول المتهم الثاني بعدم علم الطاعن والذي يعمل في تجارة المجوهرات اسم المشتري وحقيقة الواقعة، لما كان ذلك وكان ما أبان عنه الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه لا يتوافر به العلم اليقيني لدى الطاعن بعدم مشروعية المال مما ينتفي معه الركن المعنوي اللازم لتجريم الطاعن في التهمة المسندة إليه مما يشوب الحكم بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والتصدي للفصل في الدعوى عملاً بالمادة 249/2 من قانون الإجراءات الجزائية والقضاء ببراءة الطاعن.

* * *