طعن رقم 263 و267 لسنة 10 القضائية
صادر بتاريخ 09/01/1990
هيئة المحكمة: الرئيس محمد محمود الباجوري والمستشاران محمد عبد الخالق بغدادي وفهمي الخياط.
1 - وجوب التأمين على السيارة قبل قيادتها في الطريق العام.
2 - تحقق الخطر أو وقوع الحادث في عقد التأمين مؤدًّ ألى التزام الشركة المؤمنة بالتعويض.
3 - وقوع الالتزام بالتعويض على عاتق شركة التأمين لا على عاتق المؤمن له.
4 - قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام المؤمن له بالتعويض بالتضامن مع شركة التأمين معيب له بالخطأ في تطبيق القانون.
5 - جواز تعديل الطلبات خلال فترة حجز الدعوى للحكم المصرح فيها بتقديم المذكرات وإعلان الخصم بها.
6 - عدم بيان الطاعن الاهمال المنسوب إلى الحكم المطعون فيه وعدم بيانه الدليل مؤدًّ إلى عدم قبوله.
7 - الجدل حول أخذ المحكمة شهادة الشاهد غير مقبول أمام المحكمة العليا.
8 - عدم جواز الإحالة في أسباب الطعن الى المذكرات المقدمة أمام محكمة أخرى.
9 - وجوب تحديد أسباب الطعن بشكل دقيق لا غموض فيه تمكيناً لمحكمة النقض من بسط رقابتها.
10 - حالة التزام القاضي بتقدير التعويض وفقاً لجسامة الضرر دون الالتزام بالدية المحددة لتلف العضو بشكل كامل.
11 - عدم إلزام المحكمة بتعقب الخصم في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
12 - الجدل الموضوعي غير جائز أمام المحكمة العليا.
13 - اختلاف بدل الانذار والتعويض عند انتهاء الخدمة عن التعويض المستحق بموجب الحادث المؤمن عليه.
14 - عدم جواز الجمع بين التعويض المستحق للعامل لسبب انهاء خدمته والتعويض المستحق له بسبب الحادث بموجب عقد التأمين.
15 - عدم قبول الدفاع غير المرفق بدليل.
المحكمة،
بعد الاطلاع على الأوراق وتقرير التلخيص الذي تلاه العضو المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن واقعة الدعوى أخذا من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تخلص في أن المطعون ضده الاول في الطعن رقم 673 لسنة 986 ضد ...... شركة ......... للتأمين بأبو ظبي، وقال في شرح تلك الدعوى إنه في 1984/5/15 وهو جندي في وزارة الدفاع كان يركب السيارة العسكرية لاندروفر رقم 394 التابعة للقوات المسلحة بطريق أبو ظبي / طريف وقد صدمتها من الخلف السيارة رقم 88033 تويوتا كروزر عمومي أبوظبي والمملوكة للمدعى عليها الأولى وكان يقودها المرحوم ..... ونتيجة الحادث أصيب المدعى بشلل بالنصف الاسفل من الجسم وشلل بعضلات البطن وظل بالمستشفى المركزي من 1984/5/15 إلى 1984/5/23 وحّول إلى المستشفى العسكري ثم إلى ألمانيا للعلاج من حالة الشلل وعدم التحكم في البول وبقي في ألمانيا من 1984/10/5 إلى1985/4/18 وأعيد مرة أخرى للمستشفى العسكري، وأصيب بحالة عجز كامل نتيجة الحادث وانهيت خدماته من وزارة الدفاع، وأن السيارة التي تسببت في الحادث مؤمنة تأميناً شاملاً لدى المدعى عليها الثانية وانتهى إلى طلب الزام المدعى عليهما بالتضامن والانفراد بدفع تعويض مقداره 500 الف درهم ، وبناء على طلب المدعى عليها تقديم تفاصيل التعويض وموافقة المحكمة عدل المدعى دعواه وطلب أن يدفع له المدعى عليهما مبلغ 50 الف درهم تعويضاً خاصا بسبب ما فاته من دخل منذ انهاء خدماته وحتى الآن 50 الف درهم تكاليف للعلاج وتمريضه ومصاريف العلاج وتعويضاً عاما عن الألم والمعاناة وفقد مقدرته على الاكتساب والحرمان من قوة عمله لكسب عيشه، التشويه والعاهة المستديمة، فقد مباهج الحياة- فقد الفرصة في الزواج والانجاب- فقد السعادة المأمولة- فقدان الدخل في المستقبل وما يفوته من دخل في المستقبل، وما تستدعيه ظروفه من الانفاق عليه في معيشته وسكنه ومصاريف علاجه، الاصابة في عضو الجهاز البولي التي سببت خللاً مستديما كاملاً في تأدية الاعضاء لوظائفها وقدر هذا التعويض العام بمبلغ 400 الف درهم والرسوم والاتعاب والاحتفاظ بتعديل مقدار التعويض الجابر لهذا الضرر حسبما تسفر عنه البينات كما قرر أن محكمة الظفرة الشرعية قررت أن سائق السيارة /88033 المرحوم ............ هو المتسبب في الحادث، ثم في مذكرة المدعي الختامية رفع التعويض عما فاته من دخل الى 850544 درهما كما طلب الحكم له بالدية عن كل من (1) كسر السلسلة الفقرية (2) فقدان حركة الرجلين (3) عدم قدرته على الجماع (4) عدم قدرته على الانجاب (5) عدم قدرته على التحكم في البول (6) عدم تحكمه في الغائط (7) شلل عضلات البطن وحدد تلك الديات بمبلغ 490 الف درهم (7 ديات x 70 الف درهم ) وبتاريخ 88/3/28 قضت محكمة أول درجة (1) برد الدعوى في مواجهة المدعى عليها الأولى جمعية الظفرة التعاونية (2) تدفع المدعى عليها الثانية ...... للمدعي ..... مبلغ 500 الف درهم في الأصل كتعويض عام وخاص (3) تتحمل المدعى عليها الثانية ..... رسم هذه الدعوى البالغ قدرها عشرة آلاف درهم تحصل أولاً لصالح وزارة العدل ( الرسوم المرجأة)، كما تتحمل مصاريف التقاضي الأخرى الخاصة بالمدعي وتقدرها المحكمة بالفي درهم (4) كذا الأمر فيما يتعلق بمصاريف التقاضي الخاصة بالمدعي عليها الأولى .....، فاستأنفت شركة التأمين المحكوم عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 228 لسنة 88 أبو ظبي ، كما استأنفه المدعي بالاستئناف رقم 225 لسنة 1988، وبتاريخ 1988/10/29 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما بتعديل الحكم المستأنف بجعله الزام ..... و..... متضامنين بأن يدفعا الى المضرور ....... مبلغ 770 ألف درهم ولا مصروفات المناسبة عن المبلغ المقضي به وذلك عن الدرجتين ومبلغ الفي درهم اتعاب المحاماة، فطعنت على هذا الحكم بالنقض ..... بالطعن رقم 263 لسنة 10ق.ع.م.كما طعنت علي ..... بالنقض بالطعن رقم 267 لسنة 10ق.
وحيث إنه بالنسبة للطعن 263 لسنة 10ق فإنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفته الاجتهاد القضائي المستقر والقصور في التسبيب ذلك إن الحكم المطعون فيه الزم الطاعنة بالتضامن والانفراد مع شركة الظفرة للتأمين على أساس أن مسئوليتها مسئولية التابع عن المتبوع وأن سائقها المتوفي ثبت خطؤه، وأن تلك المسئولية التقصيرية تعطى الحق في مقاضاتها منفردة أو مع آخرين ولا يعفيها من المسئولية أن جهة أخرى ملزمة بالتعويض وهذا القضاء مخالف لنص المادة 1/46 من قانون السير والمرور لسنة 968 والذي بمقتضاه أصبحت شركة التأمين مسؤولة مباشرة عن تعويض أي شخص يتعرض لأذى بسبب حوادث الطريق وهذا ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا في الطعن رقم 120 لسنة 6 ق.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 1/46 من قانون السير والمرورتنص على أنه لا يجوز لأي شخص أن يقود أو يسمح بقيادة سيارة في طريق عام ما لم تكن مؤمنة تأميناً يكفل التعويض عن موت أي شخص أو تعرضه لأذى جسماني بسبب استعمال تلك السيارة للطريق، ومقتضى هذا النص وجوب التأمين الاجباري على كل مالك سيارة يقود سيارة أو يسمح بقيادة سيارة في الطريق العام ويلقى هذا العقد على عاتق المؤمن لديه أن يدفع التعويض عن أي ضرر تقضي أحكام المادة 46 من هذا القانون ان يؤمن ضده إذا صدر حكم بمثل ذلك التعويض بعد ابرام عقد التأمين وذلك حسبما نصت عليه المادة1/51 من ذلك القانون وذلك مقابل ما يدفعه المؤمن له من المبالغ المتفق عليها في الأجل المحدد في عقد التأمين لمواجهة الاخطار والحوادث المؤمن منها،
فإذا تحقق الخطر أو وقوع الحادث المبين في العقد تعين على المؤمن أن يدفع التعويض لمن اشترط التأمين لصالحه،
واذن فالالتزام بالتعويض يقع على كاهل شركة التأمين قبل المستفيد من التأمين وليس على عاتق المؤمن له،
وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف ذلك وقضى بالزام المؤمن له الطاعنة....... بالتعويض بالتضامن مع شركة....... للتأمين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه بغير حاجة لبحث السبب الثاني من سببي هذا الطعن.
وحيث إنه عن الطعن رقم267 لسنة 10 فإن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه في السبب الأول منه خطأه في القانون وفساده في الاستدلال وقصور التسبيب والخطأ في الاجراءات خطأ أخل بحقها وخالف الثابت في الأوراق عندما قضى بأن محكمة البداية أخطأت في عدم قبول تعديل المطعون ضده لدعواه بالزيادة، فالثابت من ملف الدعوى أن المطعون ضده طلب في صحيفة دعواه الحكم له بمبلغ 500 الف درهم تعويضا عما لحق به من جراء الحادث وعند مطالبته بتقديم تفاصيل المبلغ المطالب به تقدم بلائحة الدعوى معدلة فصل فيها تفاصيل المبلغ وحجزت الدعوى للحكم وصرحت المحكمة بتقديم مذكرات وانقضى ميعاد المطعون ضده لتقديم مذكرته في 88/2/7 وقدم المطعون ضده مذكرته الختامية بتاريخ 1988/2/14 للمحكمة ثم للطاعنة بعد ذلك وقد عدل طلباته من 500 الف درهم إلى مبلغ 04/1.029.544 دراهم ورفض الحكم المستأنف قبول هذا التعديل بعد اقفال باب المرافعة وقبل الحكم المطعون فيه هذا التعديل مخالفا لما استقر عليه قضاء المحكمة العليا والقانون المقارن للمرافعات.
حيث إن هذا النعي على غير أساس ذلك ان الثابت من محضر جلسة 1988/1/24 أمام محكمة أول درجة أنها قررت حجز الدعوى للحكم بجلسة 1988/3/17 مع التصريح للاطراف بمذكرات على أن يبدأ وكيل المدعي بتقديم مذكرته ويسلم صورة منها للأطراف خلال اسبوعين ثم يتقدم وكيل المدعى عليها الأولى.......مرافعته خلال عشرة أيام بصورة للطرفين وعلى أن يقدم وكيل الطاعنة شركة .... للتأمين مرافعته قبل عشرة أيام من الحكم- وبتاريخ 1988/3/7انعقدت جلسة حضرها جميع الأطراف وثبت فيها قولهم ان يوم 1988/3/17المحدد للنطق بالحكم فيه يوم خميس لا تنعقد فيه جلسات للمحكمة وثبت فيه قول الحاضر عن المدعي أنه سلم لكل من الحاضرين عن المدعى عليهما مذكرته الختامية بتاريخ 1988/3/15 وفي تلك الجلسة قررت المحكمة تعديل جلسة النطق بالحكم بحضور الاطراف بجعلها يوم 1988/3/27 وقد تقدم وكيل الطاعنة بطلب بتاريخ 1988/3/7 للمحكمة لامهاله يومين للرد على مذكرة الدعوى ، ثم بتاريخ 1988/3/15 أودع وكيل الطاعنة مذكرة بدفاعه رد فيها على مذكرة المدعي بشأن ما أبداه من طلبات تفصيلية للتعويض والدية ورد فيها على تعديل التعويض بالزيادة مقرراً عدم جواز هذا التعديل الذي أبدى بعد حجز الدعوى للحكم،
لما كان ذلك كان الطاعن قد أعلن المذكرة التي حوت تعديل الطلبات بالزيادة وكان مصرحاً له بتقديم مذكرة قبل جلسة الحكم في 88/3/27 بعشرة أيام ومن ثم فإنه وان كان المدعي قد تجاوز أجل تقديم مذكرته إلا أنه أعلن الطاعن بها في الفترة المسموح بها لتقديم المذكرات وأطلع عليها الطاعن ورد عليها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه اذ اعتد بالطلبات التي ابداها المدعي في فترة حجز الدعوى للحكم وقبل قفل باب المرافعة واعتبرها ومطروحة على بساط البحث أمام محكمة أول درجة وأنها تعيد طرحه أمامها كأثر مترتب على الاستئناف الذي نقلها اليها يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير اساس.
وحيث إن مبنى الطعن في سببه الثاني المنعي على الحكم المطعون فيه بفساد الاستدلال وقصور التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والقانون حينما قضى بالزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 20 الف درهم تحت بند التعويض عن مصاريف العلاج الخاصة بعد أن قدر الحكم المستأنف تعويضاً لهذا الضرر مبلغ ثلاثة آلاف درهم واستند في ذلك فقط على صحة الأخذ بما قال به شاهد المطعون ضده وأهمل اهمالا تاماً العناصر التي تربط ما صرفه بتعويض المطعون ضده ومصاريف العلاج وهذا الربط واجب على الحكم إذ أن ما يصرفه المطعون ضده في ارتياد أماكن الأكل والشراب وسائر المصاريف الشخصية لا تدخل في المصاريف الضرورية للعلاج، كما خالف الحكم القانون مذهب جمهور فقهاء الاسلام عندما أسس قضاءه في التعويض عن مصاريف العلاج الخاصة على شهادة شاهد واحد تجر عليه شهادته مغنماً لأن المستندات التي قدمها المطعون ضده تثبت أن ما تم تحويله إلى المانيا حول من حساب شقيق الشاهد ليساعد نفسه وهو مبلغ يفوق ما ادعى الشاهد صرفه من مصاريف ،وقد يكون لمصاريف الشاهد الخاصة في المانيا فالشهادة تجر المغنم له طالما أن المبلغ حول من حساب شقيقه، يضاف إلى ذلك التفات الحكم عن مناقشة دفوع جوهرية أبدتها الطاعنة في مذكرتها المؤرخة 1988/6/20 وتحيل الطاعنة المحكمة لها منعا للتكرار ويتلخص الخطأ في القانون في عدم تقصي الحكم المطعون فيه لعلاقة السببية بين ما قضى به الضرر الموجب للتعويض خاصة وإن المبلغ قد إدعي به المطعون ضده تحت بند نفقات علاج خاصة صرفها من جيبه الخاص.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك إنه جاء مجهلاً في شقه الخاص بما نسبه من إهمال الحكم المطعون فيه للعناصر التي تربط ما صرفه بتعويض المطعون ضده ومصاريف العلاج، فلم يبين تلك العناصر التي أهملها الحكم ولم يبين بالدليل ما صرفه المطعون ضده في ارتياد أماكن الأكل والشراب والمصاريف الشخصية والتي لا تدخل في مصاريف العلاج بعد أن اثبت المطعون ضده بشهادة شاهده ما أثبته من مصاريف على علاجه
اما النعي في شقه الخاص بمخالفة الحكم بأخذه بشهادة شاهد واحد في تقدير التعويض عن مصاريف العلاج وأن شهادته تجر عليه مغنماً فهو موضوعي لم يثره الطاعن أمام محكمة الموضوع واثارته لأول مرة في طعنها بالنقض ومن ثم فهو سبب غير مقبول أما تعييب الحكم المطعون فيه أنه أغفل دفوعا جوهرية التفت عن مناقشتها فهو بدوره قول مجهل غير محدد فلم تبين الطاعنة تلك الدفوع الجوهرية التي التفت الحكم عنها وأثر اغفالها في نتيجة الحكم المطعون فيه واكتفت بالاحالة إليها في مذكرتها المؤرخة 88/6/20 المقدمة امام الاستئناف ومن
المقرر أنه لا تجوز الاحالة في أسباب الطعن إلى ما ورد في المذكرات المقدمة أمام الاستئناف أو غيرها،
إذ أن محكمة النقض ليست محكمة موضوع ويتعين تحديد أسباب الطعن في صحيفته تحديداً دقيقاً محدداً لاغموض فيه ولا تجهيل حتى تبسط محكمة النقض رقابتها على سلامة تلك الاسباب وتنزلتها منزلتها في محاكمة الحكم المطعون فيه عما يكون قد وقع فيه أخطاء نسبتها له أسباب الطعن.
وحيث إن مبنى الطعن في السبب الثالث النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض في أسباب قضائه للمطعون ضده بمبلغ 50 الف درهم تحت بند التعويض عن فقد الكسب ومخالفته للقانون والفساد في الاستدلال وقصور التسبيب وتهاتره ، ذلك ان الحكم المطعون قيه قضى بجواز تعديل الدعوى الذي تم بعد قفل باب المرافعة فيها وذلك في معرض قضائه بمنح المطعون ضده مبلغ 400 الف درهم تحت باب ( الديات)، في حين أنه تبنى أسباب الحكم الابتدائي فيما يتعلق بالقضاء بملغ50 الف درهم للمطعون ضده نظير ما فاته من كسب، وذلك على الرغم من أن الحكم الابتدائي الذي تبنى الحكم المطعون فيه اسباب رفض الأخذ بتعديل مبلغ المطالبة تحت هذا البند في المرافعة الختامية على أساس أن هذا التقدير لهذا البند من التعويض تقدير جزافي يفوق المطالب به في عريضة الدعوى وأنه لا يحق للمدعي تعديل المطالبة به بعد قفل باب المرافعة وبذلك فإن اسباب الحكم تكون قد تناقضت فأخذ في اسبابه في جزئية منه بتعديل مبلغ التعويض على أساس قبوله لتعديل المطعون ضده دعواه في المذكرة الختامية بعد حجز الدعوى للحكم وأخذ في جزئية أخرى بتسبيب حكم محكمة البداية القاضي بقصر التعويض في هذه الجزئية على المطلوب قبل تقديم المذكرة الختامية أي قبل زيادة المطعون ضده لمبلغ التعويض وهو تناقض لا يوضح على أي اساس قانوني من الاساسين المتعارضين يمكن حمل الحكم وكلاهما مناقض للآخر تماما مما يعيبه بتناقض الاسباب وتهاترها مما يتعيّن معه نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك إن الحكم المستأنف قد سبب قضاءه بالنسبة لهذا المبلغ بعد أن كيّف الطلب على أن المطالبة هي تعويض عن فوات فرص الكسب بسبب العاهة المستديمة وتعليل فرص لكسب لا تعويض من فوات الدخل وأن التقدير في هذا الحال يكون تقديراً جزافياً ضابطه فقط أن يكون التعويض في حدود ما يعين المدعي على إيجاد فرص كسب مستقبلي فقال"1- ونحن نرى إن التقدير الجزافي تحت هذا البند يفوق مبلغ ال50 الف درهم المطالب بها في عريضة الدعوى لكن يجب قصر ما يمكن أن يقضي به في هذا المبلغ ذلك لانه لا يحق للمدعي تعديل مطالباته النهائية في مرافعته الختامية إذ كان الواجب أن يكون ذلك قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم وبطلب يسمح للأطراف بتقديم حتى البينات ضده إن سمحت المحكمة بالتعديل، ولما لم يقبل المدعي ذلك بل ولم يطلب فتح باب المرافعة، بل زاد التعويض المطالب به إلى 89.544 درهما وعلى أساس غير مقبول قانونا لذا نرى أن أقصى ما يمكن الحكم به هنا هو مبلغ 50/ الف درهم، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون إذ ذهب وعلى خلاف ما رآه الحكم المستأنف إلى جواز تعديل الطلبات طالما كان باب المرافعة مفتوحاً بالتصريح بتقديم مذكرات متبادلة بين الطرفين وكان المدعى قد أعلن المدعى عليه بتلك الطلبات فإنه لا تعارض بين اقراره لهذا المبدأ تطبيقا لصحيح القانون واعتناقه أسباب الحكم المستأنف بالنسبة لتقديره التعويض بمبلغ 50 الف درهما نظراً لما رآه من أن هذا التعديل بالزيادة إلى 89ر544 جاء على غير أساس غير مقبول ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه في السبب الرابع مخالفته القانون تطبيقاً وتأويلا وفساد الاستدلال وقصور التسبيب بتحديده عناصر التعويض بالأخذ بالديات كاملة إلى جانب تعويض كامل وذلك من وجوه ثلاث: الوجه الأول: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بقضائه للمطعون ضده بما لم يطلبه اصولاً وهو التعويض الاضافي المحدد بالديات لتمام هذا الطلب بعد حجز الدعوى للحكم وانتهاء ميعاد تقديم مذكرة المطعون ضده الختامية على ما ورد بيانه بالسبب الأول.
الوجه الثاني: طلب المطعون ضده صحيفة دعواه 500 الف درهم عما لحق به من جراء الحادث على التفصيل الوارد في صحيفة تعديل طلباته شاملاً على تعويض خاص وتعويض عام مما يعنى التعويضين المادي والادبي، ومن ثم وإذا كان اعتبار المتفق عليه لتقدير التعويض هو معيار موضوعي بحت فإنه يمتنع على المطعون ضده تعديل مبلغ آخر تحت بند الديات وقد خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر وما أرسته المحكمة العليا من عدم جواز ذلك في الطعن رقم لسنة ق 5.غ.م.
الوجه الثالث: أخطأ الحكم في القانون عندما قدر مبلغاً إجمالياً 400 / الف درهم قرر أنها مناسبة ومعقولة كدية عما أصاب الأعضاء من ضرر بما في ذلك المقدرة على الجماع والانجاب وهذا طريق خاطىء في التقدير إذ أن الدية محددة بحد معلوم وإذا استوفت الدية شرائط استحقاقها تعين القضاء بها بلا زيادة أو نقصان، والدية لا تقدر بل يحددها القانون ولا يجوز تقدير مبلغ المقابل الديات دون تحديد عددها ونوعها وهو ما يعيب الحكم بالبطلان لقصور اسبابه الواقعية وقد خالف الحكم المطعون فيه القانون في معرض تحديده للعناصر التي يبنى عليها تحديد الدية وتقديرها وهي المحددة شرعاً وقانوناً.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول بما سبق الرد به على سبب الطعن الأول ومردود في وجهيه الثاني والثالث لأنهما غير سديدين ذلك أنه يبين أن الحكم المطعون فيه قد رد على الوجه الثاني من النعي بقوله" بالنسبة لموضوع صحة الجمع بين الدية والتعويض فقد تبين أن قانون المعاملات المدنية لا تنطبق لحدوث الواقعة قبل نفاذه، ومهما كان الخلاف فإن قرار المحكمة العليا طعن رقم 161 لسنة 9، وطعن 212 لسنة 9 المؤيد لحكم الاستئناف 128 لسنة 1986 أيدا صحة الحكم بالدية مع التعويض المكمل بجبر الضرر وهو قرار ملزم ....." وهذا الرد الصائب تقره عليه هذه المحكمة، كذلك رد على الوجه الثالث بقوله:" ولذلك فإن اثارة المدعي للمسائل موضوع الخلاف الحالي تعتبر مقبولة وليس في قانون الاجراءات الحالي أو ما سار عليه العمل ما يمنعها مما يجعل قرار محكمة البداية في هذه الناحية في غير محله ويلاحظ أن محكمة البداية أخذت بصحة خمس من تلك الطلبات وقررت المبلغ المستحق باعتبار أن دية كل عضوهي سبعون الف درهم ولكنها وقضت بالدية عن كسر السلسلة الفقرية وشلل عضلات البطن ولسنا في وضع نقول أن فقهاء الشريعة القدامى ووفق الوسائل المتاحة طبياً آنذاك كانوا يعلمون عن كسر السلسلة الفقرية وفي أي من فقراتها وعن شلل عضلات البطن لمعالجة ديتها كما فعلوا بالنسبة للأضرار المرئية والملموسة ولذلك وضعت قاعدة عامة بأنه عندما لا يكون اتلاف العضو كاملاً فتجب في هذه الحالة حكومة عدل- وحكومة عدل تعني عقوبة مالية غير مقدره شرعاً ويقوم القاضي بتقديرها وفقا لجسامة الضرر، كما انه إذا كان ذهاب المنفعة جزئيا قدرت الدية بمقدار تلك المنفعة......ولا شك أن لكل عضو في الجسم منفعة معينة ولم يخلق عبيثاً ولو لم تكن المنفعة ظاهرة كما هو الحال بالنسبة للرجل واليد والعين واللسان والاذن والذكر وغيرها ولاشك أن أي ضرر بأي عضو يقلل من منفعته........وقد اصيبت البطن بضرر الشلل بعضلاتها والسلسلة الفقرية بضرر لكسرها – ولا أنه من الصعب القول قطعاً أن ما حدث من اتلاف للأعضاء كان كاملا فإن التقدير متروك للمحكمة وفق جسامة الاتلاف، ومن رأينا أن أربعمائة الف درهم مناسبة ومعقولة كدية عما أصاب من ضرر بما في ذلك القدرة على الجماع والانجاب"، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه في تقديره لقيمة الأضرار التي لحقت بالمطعون ضده تبين كسر السلسلة الفقرية وشلل عضلات البطن قد قدره على أساس القاعدة الشرعية
أنه عندما لا يكون اتلاف العضو غير كامل يقوم القاضي بتقدير التعويض وفقا لجسامة الضرر دون الالتزام بالدية المحددة لتلف العضو تلفاً كاملاً
ولما كان حالة التزام القاضي بتقدير التعويض وفقاً لجسامة الضرر دون الالتزام بالمدة المحددة لتلق العضو بشكل كاملاً
الحكم المستأنف قد قدر اصلا 350 الف درهم دية الاعضاء التالفة ورفضت التعويض من كسر السلسلة الفقرية وشلل عضلات البطن فإن الحكم المطعون فيه إذ رفع التعويض إلى 400 الف درهم يكون قد قدر وفي حدود سلطته الموضوعية الضرر عن تلف السلسلة الفقرية وشلل عضلات البطن بمبلغ خمسين الف درهم طبقاً للقاعدة التي أوردها ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن مبنى الطعن في سببه الخامس النعي على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب والخطأ في تطبيق القانون من أربعة أوجه :
الوجه الأول: اشار الحكم في أسبابه للطعن رقم 161 لسنة212,9 لسنة 9 وفسره على أنه يوجب الجمع بين الدية والتعويض بينما المفهوم من حكم المحكمة العليا أن كل ما ارساه هو تقديره أن الدية ليست عقوبة محضة ولا تعويضا محضا فلا تثريب على أن من المحكمتين الجنائية والمدنية أن تحكم وفق طلب المدعى بها سيما وأنها محددة، ولا يمتنع على المحكمة المدنية أن تنظر في طلب التعويض المكمل لجبر الضرر زيادة على مبلغ الدية، وهذا يخالف الوضع في هذه الدعوى إذ أن المدعي طلب تعويضا أدبياُ ومادياً تحددا، وجاءت مطالبة بالديات زيادة عما قدره المطعون ضده فعلا على أساس أن تقديره جابر للضرر الذي لحق به فلا استكمال لتعويض الضرر بعد ذلك فلا يجوز الجمع بين الدية والتعويض كما فهم الحكم المطعون فيه خطأ من حكم المحكمة العليا.
الوجه الثاني: إن ما قصد الشارع جبره بموجب الديات قد شمله المطعون ضده في طلب التعويض المادي والادبي ولهذا السبب كان يتعين أن يلزم المطعون ضده بالتقدير الذي حدده هو كحد أقصى لم يجبر ضرره ولا يسمح له بالمطالبة بالديات على أساس أن الدية في حالة وفاة المتسبب في الحادث ينحسر عنها وصف العقوبة وتبقى فقط في حيز وصف التعويض وقد ثبت في الدعوى وفاة السائق المتسبب في الحادث.
الوجه الثالث: استشهدت المحكمة الاستئنافية بحكم المحكمة الاتحادية على اساس أنه يلزم بالجمع بين الدية والتعويض العام حتى إن كان هناك تكرار لعناصر التعويض وبناء على هذا النظر الزمت نفسها بالحكم بالتعويض والدية معا تحت ذات العناصر المكونة للتعويض في الحالتين العام والخاص مما يشوب الحكم بقصور التسبيب وفساد الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
الوجه الرابع: اغفل تسبيب المحكمة ما اشارت اليه الطاعنة من أن الدية شرعت لرتق الفتق الذي لحق بالمجني عليه وأن التعويض شرع لجبر الضرر الذي لحق بالمجني عليه وبالتالي يمكن أن تتداخل عناصرها ولهذا فإن الحكم الذي يخفق في تحديد العناصر التي من أجلها يحكم بالدية( بعد موت المتسبب في الحادث الذي توقع عليه العقوبة اصولا) وذلك بعد قضائه بالتعويض العام يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا السبب في أوجهه الاربعة مردود بما سبق الرد به على الأسباب السابقة وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يطبق على واقعة الدعوى قانون المعاملات المدنية لوقوعها قبل نفاذه والذي لا يجوز الجمع بين الدية والتعويض والمنصوص فيه على تخير أنسب الحلول من مذهبي الامام مالك والامام أحمد بن حنبل وقدر الدية عن الاعضاء التي تلفت والتعويض عن الاعضاء التي لم تبين تلفها تلفاً كاملاً وكانت أسبابه سائغة تكفي لحمل قضائه وتؤدي إلى النتيجة التي وصل اليها فإن هذا النعي في وجوهه ينحل إلى جدل موضوعي لا محل للنعي عليه بالقصور.
ولا عليه إن هو لم يتعقب الطاعن في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن السادس والسابع والثامن والحادي عشر والثاني عشر النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق وفساد الاستدلال وقصور التسبيب وقالت الطاعنة في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بالديات رغم إن الديات كتعويض وليست كعقوبة شملتها عناصر التعويض التي حددها المطعون ضده في دعواه وبذلك تكون محكمة الاستئناف قد أخطأت في إضافة عناصر التعويض تحت بند الديات مما شكل ازدواجية في العناصر التي قدرت المحكمة بموجبها التعويض تحت بند الديات وتحت بند التعويض العام مرة أخرى فزاد بذلك التعويض عن جبر الضرر والقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار، وعار الحكم القصور ومخالفة القانون حينما قدر مبلغاً هو مبلغ التعويض تحت بند الديات وقد تسبب هذا القصور في عدم تمكين الطاعنة من تحديد أي الديات المطلوبة من المطعون ضده وافق عليها الحكم وأبها لم يوافق عليها مما يعجزمحكمة النقض عن بسط رقابتها على هذا التسبيب ولم تستطع الطاعنة أن تفقه من التسبيب إذا كان تقدير مبلغ 400 الف درهم يعني اعتباره أن الديات السبعة المطالب بها غير ثابتة وأن حكومة العدل هي التي اتبعت في تقديره أم أن ما يفهم من ذلك أن خمسة ديات ثابتة وأن حكومة العدل هي تقدير لديتي شلل عضلات البطن وكسر السلسلة الفقرية وجاء تسبيب الحكم بالنسبة لهذا التحديد مجهلا لا يمكن من استقصاء الطاعن لعناصر الديات التي اعتبرتها المحكمة حتى يمكن تمحيص ما إذا كانت القواعد الشرعية قد روعيت بواسطة المحكمة أما أنها خالفتها مما يجيز للطاعنة الطعن عليها بالنقض، وقد أشار الحكم المطعون فيه إلى أن الحكم الابتدائي أخذ بخمس ديات من تلك الطلبات التي طلبها المطعون ضده، ولكن واقع الأمر أن الخمسة ديات التي أوردها الحكم الابتدائي وقرر ثبوتها لم يصدر بها الحكم لأن المحكمة الابتدائية رفضت مبدأ تعديل الطلبات في الدعوى بإضافة طلب الديات بعد قفل باب المرافعة وقد قرر الحكم الابتدائي نفسه ثبوت أربع ديات من السبعة المطالب بها وقد اعتمد دية لم يطالب بها المطعون ضده وهي القدرة على الصلب ورفضت دية كسر السلسلة الفقرية وشلل عضلات البطن لأنهما ليستا لهما منفعة مستقلة وإنما يتدرجان في منافع القيام والجلوس والتحكم في البول والغائط وربما الانجاب، ولكن محكمة الاستئناف أخذت بمبدأ حكومة العدل لكي تضمن حكمها تعويضا عن هاتين الحالتين وجاءت اسبابها في ذلك قاصرة ومعيبة لأن التعويض الشرعي لحكومة العدل هو" يعاقب الجاني إذا عطل منفعة عضو غيره أو أذهب معناه مع بقاء هيكله أو صورته أو آلته كذهاب البصر او السمع فإن ذهب بعض منفعة العضو وجب فيه بعض الدية إن كان التبعيض معروفاً أو ممكن التقدير كذهاب بصر عين واحدة فإن لم يمكن التقدير يجب عند الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة) حكومة وعند المالكية يقابل النقص بما يناسبه من الدية أي بحساب ما ذهب. ولم توضح أسباب الحكم المنفعة المستقلة للسلسلة الفقرية التي ذهب بعضها حتى تقدر لها المحكمة ( حكومة عدل) ونفس الشيء بالنسبة لعضلات البطن، وعلى فرض صحة القضاء بالديات فإن تقدير المطعون ضده للتعويض جاء اكثر من المبلغ الذي حدده المطعون ضده ابتداء كتعويض جابر للضرر وهذا يخالف القانون فإذا كان المطعون ضده قد حدد مبلغ 500 الف درهم كتعويض جابر لكل الضرر الذي أصابه بما في ذلك ما أنفقه من جيبه الخاص على العلاج وما فاته من دخل ولو رجعنا إلى تفصيل ما ذكره تحت بند التعويض العام لوجدناه يشمل جبر ضرر كل عضو أتلفه الحادث أو ذهب بمنفعته وحددت التقارير الطبية الاضرار النهائية واستقرار حالة المطعون ضده وإذا كانت المحكمة تلتزم في تقدير التعويض بالاخذ بمعيار ذاتي فكان يتعين عليها الأخذ بما قدره المطعون ضده فتنقضه ولا يزيد وقد أخطأت المحكمة الاستئنافية في القانون حينما قضت للمطعون ضده بمبلغ 50 الف درهم تحت بند فوات فرص الكسب وهو ذات التعويض المطلوب تحت بند ما فات من دخل ورفضته محكمة أول درجة وخالفت الثابت في الأوراق وقضت للمطعون ضده بتعويض أكثر مما هو لازم لجبر الضرر ذلك أن الثابت في الأوراق أن وزارة الدفاع بوصفها مخدوم المطعون ضده قد منحته مبلغ 70 الف درهم كتعويض كما منحته راتب أربعة أشهر من إنهاء خدمته كبدل إنذار.
وحيث إن هذا النعي في جميع أسبابه غير سديد
ذلك انه وقد ثبت فيما تقدم من ردود على أسباب الطعن الخمسة الأول سلامة تعديل المطعون ضده لطلباته التي أبداها في مذكرته وأعلن بها الطاعنة في فترة حجز الدعوى للحكم وسلامة الحكم فيما ذهب إليه من جواز الجمع بين الدية والتعويض وسلامة تسبيب قضائه في تقديره الديات وما أنفقه المطعون ضده من مصاريف علاج وتقدير التعويض عن فوات فرصة الكسب وأن الحكم أسس قضاءه في ذلك كله بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى اليها بالنسبة لتقديره التعويض عن الديات والمصاريف وفوات الكسب مما ينتفي معه النعي عليه بالقصور ومخالفة القانون وكانت أسباب هذا النعي لا تعدو أن تكون امتداداً للمجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الادلة وتقدير التعويض فإنها تكون مردودة بذات الاسباب السابق الرد به على اسباب الطعن الخمسة الأول بوصفها جدلا موضوعياً
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه في السبب العاشر خطأه في القانون عندما لم يخصم المبالغ التي استلمها المطعون ضده من وزارة الدفاع جهة عمله من مجموع المبلغ الذي قدرته كتعويض فالحديث الشريف لا ضرر ولا ضرار يحدد عناصر التعويض ومبلغه وقد استلم المطعون ضده من راتب أربعة اشهر كبدل انذار ويتعين استنزاله مبلغ التعويض الكلي إذ ضمن عناصر ذلك التعويض ما قضت به المحكمة الاستئنافية كتعويض عن فوات الدخل مبلغ 50 الف درهم ، وما دفعته وزارة الدفاع للمطعون ضده دفعته لجبر الضرر الذي لحق به من جراء الحادث فكان يتعين خصمه أيضا من مبلغ التعويض الكلي .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن ما حصل عليه المطعون ضده من بدل انذار وتعويض عن انهاء خدمته إنما سنده سبب قانوني آخر مرده إلى علاقة العمل بين المطعون ضده ووزارة الدفاع وتحكمها قواعد عقد استخدامه وحقوقه قبلها عند انهاء خدمته وهذا التعويض يختلف موضوعاً وسببا ومصدرا عن موضوع التعويض المستحق للمطعون ضده بموجب الحادث المحكوم بعقد التأمين
ولا يجوز للطاعنة الاستفادة من هذه العلاقة واحتساب ما حصل عليه المطعون ضده مقابل خدمته لدى وزارة الدفاع وانتهاء تلك الخدمة من المبالغ المستحقة له كتعويض عما أصابه من الحادث ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه اذ لم يستجب لهذا الطلب يكون قد أنزل القانون منزلته الصحيحة.
وحيث إن مبنى الطعن في سببه التاسع النعي على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تأويله إذ حكم للمطعون ضده بمبلغ300 الف درهم تحت عنوان التعويض العام مطرحا ما أثبتته محكمة أول درجة من رؤيتها للمطعون ضده سلامة الجزء الأعلى من جسمه تماما ويمكن للمطعون ضده أن يضمن لنفسه فرص الكسب المستقبلي إذا تمكن من شراء عقار يستثمره أو منشأة تجارية يديرها، وهو ما يحدث خللاً في تقييم عناصر الضرر التي من أهم عناصره أن يؤمن التعويض للمطعون ضده مصدراً للعيش في المستقبل بعد أن فقد عمله، ويعتبر خطأ الحكم في تقييم عناصر الضرر خطأ في القانون وينتج عن ذلك أن تقدير المحكمة للتعويض يكون قد بني على أساس خاطىء قانوناً مما يستلزم نقض الحكم لهذا السبب، كما أن اقرار المحكمة الاستئنافية للتعويض العام كبند أو عنصر منفصل من بنود وعناصر التعويض، يحدث ازدواجية في تحديد عناصر الضرر إذ سبق للمحكمة أن أفردت مبلغ 50 ألف درهم تحت بند فوات الدخل وهذا العنصر يدخل بالضرورة ضمن عناصر التعويض العام.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قضي للمطعون ضده باستحقاقه مبلغ 120 الف درهم كتعويض عما تكبده من مصاريف وتأييده للحكم المستأنف فيما قضاه بتعويض عن فقد الكسب قال: " أما عن التعويض العام بالنسبة لما عاناه ويعانيه المدعي وهو شاب في ربيع شبابه وعنفوانه فإن آلامه والأذى الذي سفره مغترباً له ولأسرته قد لا يجبره المال حتى ولو وجد مصدراً للدخل كتجارة أو عقار وتقدر له تعويضا ثلاثمائة الف درهم وبذلك يكون جملة ما استحقه 770 الف درهم"، لما كان ذلك و كان الثابت من أوراق الدعوى إن المطعون ضده يحمل الجنسية السودانية وقدم من السودان ليعمل في الدولة كجندي في وزارة الدفاع ومن ثم فإنه اختار الغربة في سبيل كسب رزقه من قبل وقوع الحادث ومن ثم يستوي في الألم اغترابه بالعمل في دولة الامارات أو وجوده مغترباً للعلاج في بلد أوروبية ومن ثم فإن إقامة الحكم قضاءه على هذه الأسباب للحكم للمطعون ضده بهذا التعويض يكون غير سائغ ولا يحمل القضاء له بهذا المبلغ وهو ما محتمله ويتسع له سبب الطعن، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه جزئياً بالنسبة لهذا الشق من التعويض.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح لفصل فيه ومن ثم فإن المحكمة تتصدى للفصل فيه عملاً بالمادة 16 من القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 1978 بتنظيم حالات وإجراءات الطعن بالنقض.
وحيث إن المطعون ضده لم يقدم الدليل على استحقاقه لمبلغ الثلاثمائة الف درهم المقضي له بها كتعويض عام ومن ثم فلا محل للحكم بها اكتفاء بمبلغ الخمسون الف درهم المقضي بها عن فوات الكسب، ويتعين لذلك خصم هذا المبلغ من مجموع ما قضى به تعويض .
وبالنسبة للطعن 267 لسنة 10 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضاه برفض الدعوى بالنسبة للطاعن.

* * *