طعن رقم 426 و523 لسنة 18 القضائية
صادر بتاريخ 18/03/1997
هيئة المحكمة: الرئيس عبد العزيز فودة والمستشاران محمد عبد القادر السلطي ومحمد وليد الجارحي.
1- وجوب التزام العامل بالالتجاء الى دائرة العمل قبل مقاضاة صاحب العمل في حال نشوء النزاع عن أي حق من الحقوق المنصوص عليها في قانون العمل.
2- عدم الزام المطعون ضده بالالتجاء الى دائرة العمل قبل رفع الدعوى عند قيامها بين الطاعنة والمطعون ضده على اساس مطالبة هذا الاخير بالتعويض استنادا الى المسؤولية التقصيرية عن الفعل الضار المنسوب للطاعنة.
3- شروط قيام الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
4- اختلاف دعوى التعويض عن الفصل التعسفي عن دعوى التعويض عن الفعل الضار وتاليا عدم توافر الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
5- لا قيد على من هو مرتبط بعقد بإقامة دعواه على أساس المسؤولية التقصيرية عند خروج ما يدعيه عن نطاق العقد.
6- ماهية إختلاف أحكام كل من المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية.
7- جواز رجوع المضرور على المتسبب بكلتي المسؤوليتين العقدية والتقصيرية عند تعدد الاخطاء وتشكيل البعض منها خطأ عقديا والبعض الآخر خطأ تقصيريا.
8- تعريف التغرير وفاقاً لنص المادة 185 معاملات مدنية.
9- عدم جواز التمسك بالتغرير في المسؤولية التقصيرية.
10- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية شرط إقامة قضائها سائغا.
11- سلطة محكمة الموضوع في تكييف الفعل الضار تحت رقابة المحكمة العليا.
12- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية عن طريق الظروف والملابسات المحيطة بالمفاوضات بين الطرفين ومدى ثبوت أو نفي الضرر الناتج عنه.
13- إعتبار تفويت الفرصة عنصراً من عناصر الضرر الذي يحكم بالتعويض عنه.
14- انتهاء الحكم المطعون فيه الى ثبوت الضرر وعلاقة السببية بينه وبين الخطأ جدلاً موضوعياً من غير الجائز إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمة،
بعد الاطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة.
حيث أن الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية.
وحيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق- تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 523 لسنة 18 ق/ المطعون ضده في الطعن رقم 426 لسنة 18 ق " ...." اقام الدعوى رقم 60 لسنة 1994 مدني ابو ظبي على /....."مهندسون استشاريون" بطلب مبلغ 800.000 درهم تعويضا له عن الربح الفائت. وقال شرحا لها، أنه اثناء عمله لدى المدعى عليها تلقى عرضا من شركة سعودية للعمل فيها براتب مغر، عرض الامر على المسؤولين بالمدعى عليها فتمسكوا به للعمل في ابو ظبي، وجرى توقيع عقد معهم على مشروع خاص امتدادا للعقد الاول وبالتالي رفض العرض السعودي، الا أن الشركة المدعى عليها انهت هذا العقد وفوتت عليه فرصة العمل في السعودية ملحقة الضرر به، دفعت المدعى عليها بعدم قبول الدعوى لرفعها مباشرة دون اللجوء الى دائرة منازعات العمل وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل في طلب التعويض في الدعوى رقم 13 لسنة 1994 وفي 95/1/8 حكمت محكمة اول درجة: اولا: برفض الدفع المبدى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 13 لسنة 1994 عمال وبنظرها. ثانيا: بالزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي تعويضا قدره مائة الف درهم والزامها المصروفات ومبلغ مائتي درهم مقابل اتعاب المحاماة.
استأنف ............ برقم 143 لسنة 95 و................ برقم 156 لسنة 95 ومحكمة الاستئناف قضت برفضهما فأقام الاول الطعن بطريق النقض رقم 523 لسنة 18 ق، والثانية رقم 426 لسنة 18 ق.
اولا: عن الطعن رقم 426 لسنة 18 ق:
حيث أن الطعن اقيم على ثمانية اسباب تنعي الطاعنة بالسبب الاول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وحاصل ما تقوله بيانا لذلك انها دفعت امام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لانه كان يتعين على المطعون ضده الالتجاء الى دائرة العمل قبل رفع الامر الى القضاء للفصل في طلب التعويض واذ خالف الحكم هذا النظر وقضي برفض الدفع وبقبول الدعوى فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن التزام العامل بالالتجاء الى دائرة العمل قبل مقاضاة صاحب العمل وفقا لصريح المادة السادسة من قانون العمل الاتحادي رقم 8 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 12/ لسنة 1986 مقصور على حالة ما "اذا تنازع صاحب العمل أو العامل أو أي مستحق عنهما في أي حق من الحقوق المترتبة لأي منهما بمقتضى احكام هذا القانون"
لما كان ذلك وكان النزاع المطروح في الدعوى الماثلة لا يتعلق بحقوق المطعون ضده قبل الطاعنة التي كان يعمل لديها والناشئة عن عقد العمل الذي يحكمها القانون المذكور، انما اقتصر النزاع فيها على مطالبته بالتعويض استنادا الى المسئولية التقصيرية عن الفعل الضار المنسوب للطاعنة نتيجة تمسكها به للعمل لديها وتفويت فرصة العمل لدى الشركة السعودية ثم عادت فأنهت عقد عمله لديها، ومن ثم فإن المطعون ضده لا يلتزم بالالتجاء الى دائرة العمل قبل رفع دعواه امام المحكمة للفصل في هذا النزاع باعتباره لا يمثل حقوقا عمالية مما عنتها المادة 6 من قانون العمل ومن ثم كان النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير اساس.
وحيث أن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث من اسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون عندما رفض دفعها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل في موضوعها في الدعوى رقم 13 لسنة 1994 بخصوص طلب التعويض موضوع الدعوى المطروحة.
وحيث أن هذا النعي غير سديد ذلك لأن مؤدى قيام الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن تتحد الدعويان المنظورة والسابقة- موضوعا وخصوما وسببا وان تكون المسألة الواحدة فيهما اساسية لا تتغير، قضى فيها نهائيا في الدعوى السابقة بعد أن تناقش الطرفان فيها واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الاول استقرارا جامعا وان تكون هي بذاتها الاساس فيما يدعي به بالدعوى الثانية بين الخصوم انفسهم.
لما كان ذلك وكان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 13 لسنة 1994 مدني جزئي ابوظبي واستئنافيه رقمي 439 و443 لسنة 1994 أن الدعوى اقيمت من المطعون ضده بطلب التعويض عن الفصل التعسفي لقيام الطاعنة بانهاء العقد بإرادة منفردة ودون مبرر استنادا لأحكام المادة 115 من قانون العمل المعدلة بالقانون رقم 12 لسنة 1986 بينما اقيمت الدعوى رقم 60 لسنة 1994 بطلب التعويض عن الفعل الضار من جانب الطاعنة وهو تأكيدها للمطعون ضده بالاستمرار في العمل لديها وضرورة رفض العرض السعودي ثم انهاء خدمته باعتباره يمثل خطأ تقصيريا- الغش والخداع والتغرير- يستوجب التعويض عنه طبقا لأحكام قانون المعاملات المدنية فإن المسألة في الدعويين تكون مختلفة موضوعا وسببا واذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص هذا النظر وقضي برفض الدفع فانه يكون قد اعمل صحيح القانون بما لا قيام معه لسبب الطعن.
وحيث ان الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والرابع من اسباب الطعن الخطأ في القانون وفي بيان ذلك تقول أن المطعون ضده اذ كان يرتبط بعقد عمل مع الطاعنة فإنه لا يملك تجاه الاخيرة الا دعوى المسئولية العقدية ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط فيها المضرور بعلاقة عقدية سابقة وانه سبق واقام الدعوى 13 لسنة 1994 للمطالبة بالتعويض عن انهاء عقد عمله المحدد المدة وهي مسئولية عقدية وقضى له فيها فعلا بالتعويض بحكم نهائي، ومن ثم فلا يجوز له رفع الدعوى الحالية حيث لا يجوز له الجمع بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية. واذ خالف الحكم هذا النظر وطبق قواعد المسئولية التقصيرية فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك لانه من الاصول المقررة انه لا قيد على من يرتبط بعقد أن يقيم دعواه على اساس المسئولية التقصيرية اذا ما كان ما يدعيه مما يخرج من نطاق العقد، ولا مجال فيه لإعمال أحكامه اذ لا يتحقق بذلك القول بالجمع بين المسئوليتين لاختلاف السبب المنشئ للالتزام في كل منهما.
لما كان ذلك وكان مؤدى نص المادة 115 من قانون العمل المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1986 هو أن التزام صاحب العمل بعدم فصل العامل الا للأسباب التي اوردها في المادة 120 هو التزام عقدي تنظمه احكام القانون والعقد معا وتبين وتحدد المسئولية عن الاخلال بتنفيذه وكانت المادة 282 من قانون المعاملات المدنية تنص على أن كل اضرار بالغير يلزم فاعله بضمان الضرر بما يعني أن المشرع على هذا النحو اذ خص المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلا منهما بأحكام تستقل بها عن الاخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضعا منفصلا عن المسئولية الاخرى، فقد افصح بذلك عن رغبته في اقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي اصاب احد المتعاقدين قد وقع بسبب اخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه صحيحا أو عند الاخلال بتنفيذه.
اما إذا ثبت ضد احد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وادى الى الاضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشا أو خطأ جسيما مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيسا على أنه أخل بالتزام قانوني آخر مغاير لالتزامه بموجب العقد اذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقدا أو غير متعاقد فإذا ما تعددت الأخطاء بحيث يشكل البعض منها خطأ عقديا والأخر خطأ تقصيريا فإنه يجوز للمضرور أن يرجع على المتسبب بكلا المسئوليتين كل منهما على السبب القانوني الذي اقيمت عليه متى رتبت كل من المسئوليتين حقه في التعويض عن ضرر حاق به مغايرا لذلك الذي رتبه الخطأ الآخر.
لما كان ذلك وكانت الدعوى المطروحة اقيمت بطلب التعويض تأسيسا على احكام الفعل الضار بما لا مجال معه لإعمال احكام العقد وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة في هذا الخصوص بما اورده في مدوناته ( أن الدعوى رقم 13 لسنة 1994 رفعت حسبما ثبت من الاطلاع على الحكم المرفق بالاوراق بطلب الحكم بالزام الشركة المستأنفة بأن تؤدي له بدل سكن، بدل شحن عند العودة، بدل مواصلات تعويض عن فسخ عقد العمل والضرر في هذه الدعوى بسبب اخلال الطرف الآخر في تنفيذ العقد، اما الدعوى الحالية فليس اساسها العقد وانما اقامها المستأنف عليه للتعويض عن مسلك الشركة المستأنفة الذي انطوى على غش حين رفض عقد العمل المقدم من احدى الشركات بالسعودية وبذلك فإن هذا الخطأ يستند الى احكام المسئولية التقصيرية في القانون المدني والمحظور في الجمع بين احكام المسئوليتين العقدية والتقصيرية هو أن الفعل الضار الواحد الذي ارتكبته الشركة وسبب الضرر يمكن اعتباره خطأ عقديا وخطأ تقصيريا في حين أن الخطأ الذي نشأ عنه الضرر مختلف في الدعويين سالفي الذكر" فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ومن ثم كان النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس من اسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول انها تمسكت امام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده لم يثبت صدور أي وقائع احتيال أو تدليس من جانب النائب عن الشركة طبقا لما توجبه المادة 185 من قانون المعاملات المدنية وما اورده الحكم المطعون فيه من وقائع لا تتوافر فيها اركان التدليس والتغرير، واذ التفت الحكم عن هذا الدفاع فإنه يكون معابا بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون.
وحيث أن هذا النعي غير منتج ومن ثم غير مقبول، ذلك أن نص المادة 185 من قانون المعاملات المدنية على أن "التغرير هو أن يخدع احد المتعاقدين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضي به بغيرها" مجال اعماله في سلامة ارادة المتعاقد ورضاه في انشاء العقد بالعبارة الدالة عليه طلبا لآثاره.
ولما كان الحكم المطعون فيه وقد انتهى كما جاء في الرد على أسباب الطعن السابقة الى أن الدعوي مرفوعة على اساس قواعد المسئولية التقصيرية فلا محل للطاعنة المحاجة بحكم المادة المشار اليها ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه التفاته عن هذا الدفاع ويكون النعي غير مقبول.
وحيث ان الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسببين السادس والثامن من اسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن اركان المسئولية المدنية غير متوافرة لان المطعون ضده لم يثبت أي خطأ أو ضرر أو علاقة سببية بما يوجب رفض دعواه، ذلك أنه بالنسبة لركن الخطأ فإنه لم يثبت استعمال نائب الشركة لأي طرق احتيالية معه تدفعه للتعاقد وتوقيع عقد العمل وان ارادته كانت مشوبة بالتدليس أو التغرير. واما بالنسبة لركن الضرر فإنه غير ثابت لان العرض المزعوم من الشركة السعودية لم يتأكد بأي قبول منه، والشركة لم تتسبب في تفويت أي فرصة على المطعون ضده وقد بنى الحكم المطعون فيه قضاءه بالتعويض على اساس فكرة الكسب الفائت وهو من الامور المحتملة، والاحتمال لا يبنى عليه ضمان واذ قضى بالرغم من ذلك بتأييد حكم محكمة اول درجة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في غير محله ذلك لأنه من الأصول المقررة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الإستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي اليه وقائع الدعوى،
اما تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه فيعد من المسائل القانونية التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وتمتد هذه الرقابة الى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ أو نفيه من تلك الوقائع والظروف التي كان لها اثر في النتيجة التي خلص اليها.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على أن مسلك الطاعنة عندما تلقي المطعون ضده عرضا من إحدى الشركات السعودية وهي شركة- ...... السعودية المحدودة- على استخدامه بصفة مهندس بأجر قدره 250.000 فرنك وعرض على الطاعنة هذا العقد المرفق بالأوراق أفادوه بالبقاء في العمل وقاموا بتوقيع عقد عمل آخر معه مؤرخ 1993/9/30 بأجر شهري قدره 27.077 درهم وبذلك فإن الشركة الطاعنة بطلبها للمطعون ضده البقاء في العمل وتوقيعها عقد عمل آخر بخلاف العقد الاصلي ورفع الاجر الى سبعة وعشرين الف وسبعة وسبعين درهما يعد اقرارا منها بصحة العقد، أي العقد مع الشركة السعودية كما قدم المطعون ضده خطابا مترجما للعربية ومصدق عليه من محكمة بلجيكية ورد فيه أن المدير الفني لشركة ............... التابعة لها "....... العربية السعودية" أنه مند بداية 1993 اتصل المطعون ضده بالشركة عارضا خدماته فدعته الى السعودية واتفقت معه على العمل لديها غير أن الاخير رفض توقيع العقد في بداية اكتوبر 1993
واستخلص الحكم من ذلك أن فعل الطاعنة انطوى على الغش بعرضها على المطعون ضده التعاقد معها بعقد جديد ورفع راتبه وأدى ذلك الى رفض الاخير التعاقد مع الشركة السعودية وهو يشكل الخطأ الموجب للمسئولية فإن هذا الاستخلاص الذي انتهى اليه الحكم من واقع ما ثبت له من الادلة والظروف والملابسات المحيطة بالمفاوضات بين الطرفين هو استخلاص سائغ اما بالنسبة للضرر وهو الركن الثاني من اركان المسئولية فإن ثبوته أو نفيه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى بينت العناصر التي قضت في الدعوى على اساسها وكان الدليل الذي اخذت به في حكمها مقبولا.
كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفويت الفرصة يعد من عناصر الضرر الذي يحكم بالتعويض عنه.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن ناقش أدلة الدعوى انتهى الى ثبوت ركن الضرر وعلاقة السببية بينه وبين الخطأ بقوله ( فانه من المقرر أن تفويت الفرصة ضرر محقق فإذا كانت الفرصة امرا محتملا فان تفويتها ضرر محقق ولا يمنع القانون من أن يحسب في الكسب الفائت ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب ما دام لهذا الأمل اسباب مقبولة، وبذلك فإن قيام الشركة المستأنفة بإدخال الغش على المستأنف عليه حتى رفض عقد العمل المقدم له من السعودية ثم قيامها بفصله عن العمل بعد ذلك بأسبوعين مباشرة طبقا للمستندات المقدمة منه فإن ذلك قد حرمه من مرتبه الذي كان سوف يتقاضاه من عمله في السعودية وليس في القانون ما يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع). واذ كان هذا الذي خلص اليه الحكم سائغا وله اصل ثابت في الاوراق ويكفي لحمل قضائه بثبوت الضرر بحق الطاعنة فان ما تنعاه الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وهو ما لا يقبل اثارته امام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع من اسباب الطعن بطلانه للقصور في اسبابه والفساد في استدلاله، وفي بيان ذلك تقول أن المطعون ضده قدم صورة خاصة بالمستند المنسوب صدوره عن الشركة السعودية فاعترضت عليها الطاعنة وطلبت تقديم الاصل وكذلك بالنسبة للمستندات الاخرى المقدمة من المطعون ضده رفق مذكرته 1995/9/10 الى محكمة الاستئناف واذ قضى الحكم المطعون فيه استنادا لتلك الاوراق المذكورة من الطاعنة والتي لا حجية لها فإنه يكون قد خالف قواعد الاثبات بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير منتج ذلك لان الحكم المطعون فيه اقام قضاءه بصحة واقعة عرض الشركة السعودية على المطعون ضده للعمل لديها على ما استخلصه من واقعة طلب الطاعنة من المطعون ضده البقاء في العمل وتوقيعها عقدا آخر بخلاف العقد الاصلي ورفع الاجر واعتبر ذلك اقرارا منها بصحة العرض وكذلك خطاب المدير الفني لشركة ...... وشهادة فندق "......" بالرياض، واذ لم تكن هذه المستندات محل نعي من الطاعنة وهي كافية لحمل قضاء الحكم فإن النعي يكون غير مقبول. واما بخصوص المستندات المرفقة بمذكرة المطعون ضده 1995/9/10 فإن البين من الاطلاع عليها انها اصلية ومصدقة وقد رد الحكم المطعون فيه على ما ورد بسبب النعي بخصوصها بقبول مثل هذه المستندات إعمالا لنص المادة 13 من قانون الاثبات ومن ثم يتعين رفض هذا الشق من سبب الطعن.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن 426 لسنة 18 ق ع.
ثانيا: بالنسبة للطعن 523 لسنة 18:
وحيث إن الطعن اقيم على سبب واحد ينعي الطاعن بموجبه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض بين اسبابه ومنطوقه وفي بيان ذلك يقول أن الحكم بعد أن قطع بأحقية الطاعنة بالربح الفائت انتهى في منطوقه الى عكس ذلك برفض الطلب بما يعيبه بالتناقض ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قضى للطاعن بمبلغ مائة الف درهم تعويضا له عن كسب الفائت وهو ما يتفق مع الاسباب ولا يتناقض معها ومن ثم يكون النعي على غير اساس ويتعين رفض هذا الطعن كذلك.

* * *1 -