طعن رقم 260 لسنة 19 القضائية
صادر بتاريخ 17/02/1998 (مدني)
هيئة المحكمة: الرئيس عبد العزيز فودة والمستشاران محمد عبد القادر السلطي ومحمد وليد الجارحي.
1- الوكالة المطلقة في توكيل المحامين في الطعن بالنقض دون قصرها على شركة معينة او توقيتها او تعلقها بنزاع بعينه غير جائز تخصيصها بغير مخصص.
2- عدم قابلية أحكام المحكمين للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
3- جواز الطعن في الاحكام الصادرة بالمصادقة على حكم المحكمين أو ببطلانه بطرق الطعن المناسبة.
4- عدم قابلية الأحكام الصادرة بالمصادقة على حكم المحكمين أو ببطلانه للطعن بطريق الاستئناف عند تفويض المحكمين من الخصوم بالصلح أو في حال تنازل الخصوم صراحة عن حق الاستئناف أو عند عدم زيادة قيمة النزاع عن عشرة آلاف درهم.
5- ماهية القصد من التنازل عن الحق في الاستئناف المشار اليه في البند 3 من المادة 217 من قانون الاجراءات المدنية والذي من شأن تحققه جعل الاستئناف مرفوضاً.
6- سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود شرط عدم الانحراف عن عبارات العقد في جملتها دون عبارة معينة منها.
7- وقوع التنازل عن الاستئناف على قرار المحكمين فقط دون انصرافه بأي حال الى الحكم الصادر عن المحكمة بالمصادقة او بالبطلان.
المحكمة،
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 279 لسنة 1994 مدني كلي أبوظبي. على الطاعنة بطلب الزامها بشرط التحكيم الوارد بعقد المقاولة من الباطن المحرر بينهما وإلزامها بتسمية محكمها واحالة النزاع للتحكيم للحكم لها بمبلغ 6.602.347 درهما وبعد أن ضمت اليها دعاوي أخرى بين ذات الطرفين، وبعد ان اتفق الطرفان على تسمية محكميهما والمحكم المرجح وحلفتهم المحكمة اليمين القانونية. باشروا عملهم ثم أودعوا قرارهم للتصديق عليه. أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 417 لسنة 1996 بطلب ابطال حكم المحكمين واعتباره كأن لم يكن وحكمت محكمة أول درجة في 1996/12/16 في الدعوى الأخيرة ببطلان حكم المحكمين وفي الدعوى 279 لسنة 1994 برفض طلب التصديق عليه وحددت جلسة 1997/1/9 لنظر الموضوع. استأنفت الطاعنة برقم 423 لسنة 1996 ومحكمة الاستئناف قضت بعدم جواز الاستئناف فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن المطعون ضدها تدعي بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، ذلك لأن الطعن موقع من المحامية ........ بناء على توكيل صادر لها وللمحامي ....... من المدعو ........ بتاريخ 1997/2/24 وهذا الأخير قام بتوكيلهما بناء على توكيل صادر له في 1990/7/10 من المدعو ...... بصفته شريكا في الشركة الطاعنة والتوكيل الأخير صدر بناء على اتفاقية التعاون المبرمة في 1990/2/13 بين الطاعنة ممثلة بالمدعو ..... وشركة ...... العالمية ممثلة بالمدعو ....... والتي انتهت مدتها في 1995/2/13 ولم يتم تجديدها. وفي جلسة 1997/3/17، أصدرت هيئة التحكيم حكما قضى باثبات انهاء العلاقة بين المذكورين في التاريخ المشار إليه وعليه فإن الوكالة الصادرة من المدعو ...... ممثلا للطاعنة، لصالح المدعو ........ قد انتهت بانتهاء العلاقة بينهما وبهذا تكون الوكالة الصادرة في 1997/2/24 للمحامين ........ و....... صادرة من غير ذي صفة مما يترتب عليه أن الطعن قد قدم من غير ذي صفة وقد سبق أن أثير هذا الدفع أمام محكمة الاستئناف ولم تلتفت اليه.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك لأن الوكالة الصادرة من الطاعنة للمدعوين ........... و............. جاءت مطلقة وعن كل ما يتعلق بالشركة الطاعنة ومنها توكيل المحامين وإجازتهم الطعن بطريق النقض. ولم يرد بها أي قيد من حيث توقيتها أو قصرها على نزاعات معينة وإذ لا تخصيص بغير مخصص، وإذ قام .......... وكيل الشركة بتوكيل مقدمة الطعن بموجب الوكالة الرسمية المصدقة بتاريخ 1997/2/24 برقم 344452 فإنها تكون قد صدرت ممن له صلاحية في هذا الشأن
ومن ثم يكون الدفع غير سديد ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على سند من أن المادة 13 من مشارطة التحكيم المؤرخة 1995/2/26 نصت على التنازل عن استئناف حكم المحكمين وهو ما يخص قرار المحكمين ذاته وليس حكم المصادقة أو البطلان.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأن من المقرر أن مفاد نص المادة 217 من قانون الاجراءات المدنية أن أحكام المحكمين لا تكون قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن،
أما الأحكام الصادرة بالمصادقة على حكم المحكمين أو ببطلانه فإنه يجوز الطعن فيها بطرق الطعن المناسبة،
واستثناء من ذلك لا تكون الأحكام الصادرة بالمصادقة على حكم المحكمين أو ببطلانه قابلة للاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين من الخصوم بالصلح أو كان الخصوم قد نزلوا صراحة عن حق الاستئناف أو كانت قيمة النزاع لا تزيد عن عشرة آلاف درهم.
والمقصود بالتنازل عن الحق في الاستئناف المشار إليه في البند 3 من المادة 217 سالفة الذكر والذي لا يقبل بتحققه الإستئناف هو التنازل الصريح عن الحق في استئناف الحكم الصادر من المحكمة بالمصادقة على حكم المحكمين أو ببطلانه، وليس التنازل عن الحق في استئناف حكم المحكمين في حد ذاته لأن حكم المحكمين لا يقبل في الأصل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن ومنها الاستئناف حسبما أشار اليه ذلك البند (1) من المادة آنفة البيان.
ولما كان من المقرر أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير العقود إلا أن ذلك مشروط بألا تنحرف عن عباراته وبأن يكون تفسيرها بالمعنى الذي تحتمله عبارات العقد وألا تتقيد في هذا الخصوص بما تفيده عبارة بعينها بل ينبغي عليها أن تأخذ بما تفيده عباراته وبنوده في مجملها.
لما كان ذلك وكان النص في البند 13 من مشارطة التحكيم المرفق صورتها بالأوراق على أن (يعتبر قرار التحكيم نهائيا وملزما بصورة قانون على كلا الطرفين ولا يخضع الى أي استئناف أو تأجيل، كذلك يعد قرار التحكيم قابلا للتنفيذ بصورة قانون في أي من المحاكم القضائية سواء في دولة الامارات العربية المتحدة أو المملكة المتحدة بريطانيا بموجب المادة 217 اجراءات مدنية القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 الخاص بدولة الامارات العربية المتحدة وبذلك قد تنازل كلا من الطرفين وبصورة صريحة عن حقهما في اجراء أي استئناف) مفاده أن التنازل عن الاستئناف إنما ينصب على قرار المحكمين فقط ولا ينصرف بأي حال الى الحكم الذي تصدره المحكمة بالمصادقة أو بالبطلان.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب في أسبابه الى القول بأن الاستئناف المطروح (وارد على حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 1996/12/16 القاضي ببطلان حكم المحكمين في أحد شقيه وبعدم التصديق على الشق الآخر، وحيث خلصنا الى أن تنازل الطرفين عن حقهما في استئناف حكم المحكمة الوارد في البند 13 من اتفاقية التحكيم يعني تنازلهما عن حقهما في استئناف حكم المحكمة الوارد على حكم المحكمين) ورتب على ذلك عدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه – دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن وعلى أن يكون مع النقض الاحالة.

* * *