طعن رقم 756 و 795 لسنة 22 القضائية
صادر بتاريخ 12/11/2002 (مدني)
هيئة المحكمة: الرئيس منير توفيق صالح والمستشاران احمد المصطفى ابشر ومصطفى جمال الدين محمد.
1- عدم اعتبار يوم اعلان الحكم المطعون فيه أو العلم اليقيني به داخلاً ضمن ميعاد الطعن فيه.
2- اكتساب الحكم الجزائي الحجية في الدعوى المدنية بما مفصول فيه من اساس مشترك بين الدعويين.
3- عدم جواز التمسك امام المحكمة المدنية باستغراق خطأ المتضرر لخطأ الفاعل كون ذلك مخالفاً لحجية الحكم الجنائي البات الصادر بالادانة عن الاصابة الخطأ.
4- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص مدى مساهمة المتضرر في الخطأ شرط اقامة قضائها على اسباب سائغة لها اصلها الثابت في الاوراق.
5- استحقاق الدية بتفويت منفعة الجنس وتفويت الجمال على الكمال اما الارش فثابت بتفويت بعض منفعة الجنس.
6- جواز تعدي التعويض مقدار الدية لعدم اعتبار حكومة العدل جزءاً من الدية.
7- وجوب القضاء بالدية أو الارش عن فقدان أو تفويت منفعة كل عضو في جسم المجني عليه رغم تعدُّد الديات واتحاد الفعل.
8- سلطة محكمة الموضوع في تقدير الادلة لا سيما التقارير الطبية شرط اقامة قضائها على اسباب سائغة لها اصلها الثابت في الاوراق.
9- عدم جواز القضاء بالدية للعجز الدائم في القدرة على البطش ودفع الأذى والدفاع عن النفس لعدم النص عليها في أحكام الشريعة وعدم وجود قياس في المعاني.
10- سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض الجابر للضرر طالما لا نص قانوني ملزم اتباع معايير معينة اضافة إلى جواز احتساب الكسب الفائت كعنصر من عناصر الضرر المادي.
11- عدم جواز الجمع بين الديّة والتعويض عن الضرر الأدبي كونها عقوبةً عن الفعل الضار وفي نفس الوقت تعويضاُ عن الأضرار الأدبية أو المعنوية اللاحقة بالمتضرر.
12- اعتبار عدم بيان الطاعنة اوجه نعيها لناحية عدم تناسب الاتعاب المقضي بها للاطباء الشرعيين واعضاء اللجنة المنتدبين مؤدٍّياً إلى عدم قبول النعي كونه عارياً عن الدليل.
13- عدم جواز تقاضي المتضرر تعويضاً كاملاً في حال اشتراكه في احداث الضرر أو في زيادته.
14- عدم جواز انقاص أو زيادة الدية من ولي الأمر أو القاضي كونها محددة شرعا.
15- وجوب التسوية في الدية بين المسلم وغير المسلم وفاقاً لمذهب ابي حنيفة.
16- تحديد دية الانثى بنصف دية الذكر اما في حال كون الجناية على النفس اقل من ثلث الدية فديتها مثل دية الرجل.
17- وجوب الرجوع الى المحكمة المصدرة الحكم في حال إغفالها البت في بعض طلبات الخصوم دون جواز اللجوء الى الطعن في الحكم لتدارك هذا النقص.
18- عدم استحقاق التعويض عن الأضرار غير المباشرة كونه مقتصراً على الأضرار المباشرة الناشئة عن الفعل الضار.
19- استحقاق الأزواج والأقارب التعويض عن الضرر الأدبي في حال وفاة المصاب.
20- صحة الحكم القاضي بإستحقاق المتضررة في حادث سيارة التعويض عن فقدانها عملها وأجر الخادمة لثبوت حاجتها لمن يعتني بها ويرعاها طيلة حياتها نتيجة إصابتها.
المحكمة،
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن في الطعن 756/22 ق – المطعون ضده في الطعن 795/22 ق- عن نفسه وبصفته أقام الدعوى 725/1997م مدني كلي أبوظبي على الشركة المطعون ضدها فيه – الطاعنة في الطعن الآخر – ابتغاء الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 10701782 درهماً كتعويض عن الأضرار التي لحقت بزوجته وبشخصه وأولاده من جراء إصابتها بعجز نسبته 100% نتيجة اصطدام السيارة المؤمن عليها لدى الشركة المذكورة بها أثناء عبورها شارع بني ياس بتاريخ 16/2/1997م بسبب إهمال قائدها وعدم انتباهه والذي أدين عن الواقعة بالحكم الصادر في الدعوى 659/1997م مرور شرعي أبوظبي، ومن ثم تستحق زوجته مبلغ مليون درهم عن إصاباتها البدنية، ومليون درهم عن الأضرار النفسية، وثلاثة ملايين ونصف المليون درهم عن العطل والضرر وفقدان الوظيفة، ومليون ونصف المليون درهم عن الضرر المستقبلي وتكاليف علاجها، ومليون درهم عن الحرمان من مباهج الحياة ومليون درهم عن الحرمان من إنجاب الأطفال، ويطالب هو عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر بمبلغ 250000 درهم كتعويض عن فقد عمله لمرافقته زوجته للعلاج، ومبلغ 12684 درهماً عن مصاريف ونفقات سفر العائلة والزوج إلى الأردن، وتعويض مقداره 32010 دراهم عن نفقاته وإقامته لمرافقة زوجته خلال فترة علاجها، ومبلغ 250000 درهم مصاريف خادمة وممرضة لزوجته، ومن ثم كانت الدعوى. ندبت محكمة أول درجة السيد الطبيب الشرعي، وبعد أن قدم تقريره، ندبـت لجنة طبيـة ثلاثية، وبعد أن قدمـت اللجنـة تقريرها قضت في 28/2/2000م بإلزام المدعي عليها بأن تؤدي للمدعي.. بصفته قيماً على زوجته مبلغاً مقداره 1491750 درهماً.. ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المدعي – عن نفسه وبصفته – والشركة المدعي عليها هذا الحكم بالاستئنافين 211، 264/2000 أبوظبي على التوالي، ومحكمة الاستئناف قضت في 30/10/2000م بتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المقضي به للمستأنف... بصفته قيماً على زوجته 660468.75 درهماً بدلاً من مبلغ 1491750 درهماً، وبتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من أتعاب للطبيب الشرعي وللجنة الطبية بجعل أتعاب الطبيب الشرعي مبلغ 5000 درهم وأتعاب اللجنة الطبية 21000 درهم؛ فكان الطعنان. دفعت الشركة المطعون ضدها في الطعن الأول – 756/22 ق – بعدم قبوله شكلاً لتقديمه بعد الميعاد.
وحيث إن مبنى دفع المطعون ضدها في الطعن المشار إليه بعدم قبوله لتقديمه بعد الميعاد أنه قد أقيم في 18/12/2000م رغم ثبوت علم الطاعن اليقيني بالحكم المطعون فيه في 18/11/2000 تاريخ استلامه أسبابه، وإذ نصت المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية على أن ميعاد الطعن بالنقض في حالة العلم اليقيني بالحكم هو ثلاثون يوماً من هذا العلم، فإن يوم العلم نفسه يدخل في حساب مدة الطعن، ويكون الطعن بعد انقضائها.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن ميعاد الطعن بالنقض ثلاثون يوماً من تاريخ اليوم التالي لإعلان الحكم أو العلم اليقيني به.. عملاً بنص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية، ومن ثم فإن يوم إعلان الحكم المطعون فيه أو العلم اليقيني به لا يدخل ضمن ميعاد الطعن فيه.
لما كان ذلك وكان الثابت بصحيفة الطعن 756/22 ق أن الحكم المطعون فيه قد أعلن للطاعنين في 18/11/2000م، وإذ أقيم الطعن في 18/12/2000م، فإنه يكون مرفوعاً قبل انقضاء مدة الثلاثين يوماً المحددة كميعاد للطعن، ويضحى الدفع على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولاً: بالنسبة للطعن 795/22 ق.
حيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. إذ حدد نسبة مساهمة المضرورة في إحداث الضرر بواقع 25%، رغم تأكيده على ثبوت الخطأ في جانبها لعبورها الشارع من مكان غير مخصص لعبور المشاة وفق ما ورد بتقرير الحادث، ومن ثم فإن الاستدلال الصحيح في ضوء وقائع الدعوى استغراق خطأ المذكورة خطأ سائق السيارة التي لم تترك له فرصة لتفادي الاصطدام بها، وعلى فرض أن الحكم لم يشأ أن يحرمها من التعويض بالمرة فإنه كان يجب عليه تحميلها النسبة الأكبر من المساهمة في وقوع الحادث لا أن يحمل السائق هذه النسبة، أو كان على أقل تقدير حمل كل منهما نسبة مساوية للآخر في المسئولية، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر أن الحكم الصادر في المواد الجزائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق عليه،
فلا يجوز التمسك أمام المحكمة المدنية في حالة الحكم بإلادانة عن الإصابة الخطأ بأن خطأ المضرور قد استغرق خطأ مرتكب الفعل الضار لمخالفة ذلك لحجية الحكم الجنائي البات الصادر بالإدانة.
لما كان ذلك وكان استخلاص مساهمة المضرور في الخطأ ومداها من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق بما يكفي لحمله،
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - بمساهمة المضرورة في إحداث الضرر بنسبة 25% وتحميل سائق السيارة مرتكبة الحادث نسبة 75% من المسئولية- على حجية الحكم الجنائي الصادر بإدانته بالحبس ستة أشهر عن تهم الإصابة الخطأ والاتلاف والقيادة بتهور والسرعة الزائدة وما ثبت "من مطالعة أوراق الدعوى الجزائية رقم.. أن المضرورة.. قد ساهمت في وقوع الحادث إذ أنها اندفعت في عبور الشارع من مكان غير مخصص لعبور المشاة ودون أن تتأكد من خلو الطريق من السيارات قاطعة الطريق أمام السيارات المارة ودون أن تكون هناك ثمة إشارات مرورية تسمح لها بعبور الطريق مما أدى إلى اصطدامها بالسيارة مرتكبة الحادث والتي كانت تسير بسرعة زائدة عن المقرر مما أدى إلى استعمال قائد السيارة المتسببة في الحادث إلى الفرامل حوالي ستة عشر متراً وقد أكد ذلك ما جاء بتقرير الحادث ومعاينة الشرطة لمكان الحادث وما قرره سائق السيارة مرتكبه الحادث... وكان بإمكان قائد السيارة المتسببة في الحادث تلافيه لو كان أكثر حذراً وانتباهاً أثناء قيادته السيارة بسرعة معقولة ومعتدلة تتناسب مع حالة الطريق..."، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمل قضاء الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بما ورد بسبب النعي يضحى على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث للطعن على الحكم المطعون فيه خطأه، إذ اعتمد في قضائه بالتعويض عن إصابات المضرورة – عدا فقدانها القدرة على الجماع – ومقداره الإجمالي 355625 درهماً تقرير اللجنة الطبية وما ورد به من نسب مئوية عن هذه الإصابات رغم ما في هذه النسب من تداخل وازدواجية وتكرار لعناصر التعويض بما يزيد من مقداره عما هو مستحق قانوناً، وذلك أنه 1- قضى بزيادة المبلغ المحكوم به ابتدائياً حكومة عدل – عن إصابة الرأس بجروح قطعت الجلد وشجاج وكسر بالعظم وآلامه أم الدماغ والجروح والكدمات السطحية بمنطقة الوجه والرأس – وجملته 37500 درهم إلى 50000 درهم دون بيان سبب الزيادة التي لم تكن محل طلب جازم ومحدد من جانب المطعون ضده، وقد نتج عن إصابة الرأس نسب من العجز الواردة في تقرير اللجنة الطبية – في حواس الشم والبصر واللمس وجهاز الحركة ووظائف الكلام والملكات العقلية والصرع والدماغ والقـدرة على دفع البطش ودفع الأذى والدفاع عن النفس والتحكم في البراز وفي البول – والتي قضى الحكم بالتعويض عنها، ومن ثم لا يجوز حساب تعويض منفصل عن الجروح والكسور بمنطقة الوجه والرأس، ويكون الحكم بالتعويض عنها تكرار في التعويض عن نفس الضرر خاصة وأن جميع هذه الجروح والكسور والشجاج قد برأت من غير شين إلاّ ما أصاب الدماغ نفسه من أضرار أثرت على الحواس تم التعويض عنها بصورة منفصلة، فلا يستحق عنها تعويض لأن الموجب له هو الشِّين أو زوال المنفعة، أما النزف تحت جلد العين الذي اعتبره الحكم أحد عناصر التعويض المشار إليه فهو أيضاً مشمول بما أصاب الرأس من إصابة أدت إلى الدية عن فقدان المنافع والحواس. 2- قضى الحكم بمبلغ خمسة آلاف درهم عن كل من كسر عظمة الترقوة وكسر الضلع الصدري الأيمن رغم برئهما على غير شين وعدم تأثيرهما في أية منفعة، فلا يستحق تعويض عنهما، وبفرض استحقاقه فإنه يكون حكومة عدل عن كل منهما بواقـع 1% من دية المضرورة، بما يوازي 375 درهماً دون زيادة لعدم جواز أن تبلغ الأرش المقدر– 3- وزاد الحكم التعويض المقضى به ابتدائياً عن فقد جزء من حاسة السمع ومقداره 25000 درهم إلى مبلغ 26500 درهم دون طلب صريح من المطعون ضده، وبالمخالفة لما ثبت بتقرير اللجنة الطبية الذي تناقض ما تضمنه من سلامة أجهزة السمع بنسبة 100% في الأذن اليمنى ووجود ضعف بسيط في الأذن اليسرى– لم يحدد نسبته وما إذا كان ناتجاً عن الحادث – مع تحديده نسبه عجز 70% ولا يزيل هذا التناقض ما جاء بالتقرير من أن المريضة يمكنها سماع الأصوات ولكنها لا تفهم ولا تدرك معنى الكلام المسموع لأن الحكم قضى للمطعون ضدها بمبلغ 30000 درهم كتعويض مقابل العجز الدائم في الملكات العقلية والتي يدخل فيها إدراك معنى ما يتم سماعه، علماً بأن عجز السمع أحد آثار إصابة الدماغ، ويجب ألاّ تزيد نسبته في الجسم كله عن 15% لما ثبت بالتقرير من أنه في الأذن اليمنى فقط بنسبة 30%، ولم يطلب المطعون ضده دية عن السمع في صحيفة دعواه. 4- لم يبين الحكم أساس احتسابـه مبلغ 15000 درهـم كتعويض عن عجز دائـم في حاسة الشم نسبته 20% واعتمد ما ورد بالتقرير الطبي من أن حاسة الشم تعمل بشكل طبيعي بنسبة 80% رغم كون العجز يرجع إلى تضرر المراكز الدماغية، وعدم جواز زيادة التعويض عن 7500 درهم. 5- اعتمد الحكم في قضائه بتعويض منفصل مقداره خمسة عشر ألف درهم عن عجز دائـم بنسبة 40% بحاسة البصر تقرير اللجنة الطبية الذي لم يحدد نسبة العجز على أساس قوة البصر بل على أساس تأثر المراكز العصبية في الدماغ، وهو ما قضى بالتعويض عما سببه من نسب عجز أخرى، بما يؤدي إلى ازدواجية في التعويض، فضلاً عن أن الضعف في العين اليمنى لا يصل إلى النسبة المشار إليها. 6- اعتمد الحكم ما جاء بالتقرير الطبي من عجز دائم نسبته 50% في حاسة اللمس نتيجة تأثر القشر الحسِّي الدماغي الأيسر الذي يحوي المراكز العصبية المسئولة عن الاحساس بالجهة اليمنى رغم أن المطعون ضده لم يطالب بالدية عن هذا العجز إلاّ بعد ورود التقرير الطبي الشرعي، ولم يرد بتقرير اللجنة الطبية أنه قد أجريت اختبارات أكدت تأثر حاسة اللمس فعلاً ومدى هذا التأثر، ومن ثم يتعين استبعاد هذه النسبة من العجز من عناصر التعويض والتي تتداخل مع التعويض المقدر لوظائف الدماغ. 7- قضى الحكم بتعويض مقداره 28.125 درهماً عن عجز دائم نسبته 75% بجهاز الحركة، ثم أفرد مبالغ أخرى لكسر الحوض وكسر الساق اليسرى اللذان يؤثران في الحركة، ومن ثم يكون قد قضى بتعويض عن هذين الكسرين مرة ضمن نسبة العجز في جهاز الحركة ومرة بصورة منفصلة، وهو ما يؤدي إلى ازدواجية في التعويض، فضلاً عن وجود إزدواجية بين النسبة المشار إليها ومبلغ 33.750 درهماً المحكوم به عن عجز القدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس لارتباط هذا العجز بجهاز الحركة ودخوله في نسبة العجز فيه. 8- قضى الحكم بمبلغ 26.250 درهماً عن عجز دائم نسبته 70% في وظائف الكلام نتيجة إصابة الدماغ التي يستحق عنها دية واحدة، فضلاً عن أن هذه النسبة من العجز تدخل في نسبة عجز السمع لما ورد بالتقرير الطبي من تأثر عصب السمع بحيث لا تستطيع المريضة تفهم وإدراك معنى الكلام المسموع، كما تندرج النسبة المشار إليها في التعويض عن عجز الملكـات العقلية. 9- قضى الحكم بتعويض مقداره 30.000 درهم عن عجز الملكات العقلية الوارد بتقرير اللجنة الطبية رغم أن التفكير جزء من السمع والكلام والتواصل البصري والصوتي، وتدخل كلها في دية واحدة. 10- قضى الحكم بمبلغ 15.000 درهم عن عجز دائم نسبته 20% للصرع والدماغ حالة أن مرجع هذا العجز إصابة الرأس، ويجب ألاّ تصل حكومة العدل عنه إلى الأرش المقدر له وهو 7.500 درهم. 11- قضى الحكم بمبلغ 33.750 درهماً عن العجز الدائم في القدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس وهو ما يدخل في عجز جهاز الحركة ويؤدي إلى إزدواجية توجب إلغاء أحد البندين، فضلاً عن عدم جواز الحكم بدية كاملة عن العجز المشار إليه لأن نسبته 90% لأن الأرش غير المقدر أو التعويض يجب ألاّ يبلغ الأرش المقدر. 12- قضى الحكم بمبلغ 15.000 درهم كتعويض عن عجز التحكم في البراز بنسبة 20% حالة أن التعويض يندرج تحت الأرش غير المقدر الذي يجب أن يكون أقل من الأرش المقدر عن هذه النسبة ومقداره 7500 درهم فضلاً عن أن الثابت من تقرير اللجنة الطبية أن العجز ليس مستمراً وإنما يحدث أحيانا فلا يكون التعويض عنه مستحقاً. 13- اعتمد الحكم في قضائه بتعويض مقداره 37500 درهم عن عدم القدرة على الجماع بنسبة 100% ما تضمنه تقرير السيد الطبيب الشرعي من فقدان الحاسة الغريزية والطبيعية والقدرة على الجماع نهائياً رغم أن هذا التقرير يتناقض تماماً مع ما جاء بتقرير اللجنة الطبية الذي كان يجب تغليبه عليه لصدوره عن ثلاثة أطباء بينهم طبيب شرعي، من أن الدورة الشهرية عادية ويصعب الجزم بشأن الرغبة الجنسية والجماع. 14- قضى الحكم بمبلغ خمسة آلاف درهم حكومة عدل عن كسر مفتت لعظمة الحوض، رغم عدم استحقاق تعويض عن هذا الكسر لإلتئامه من غير شين حيث لم يرد بتقرير اللجنة الطبية أن آثاراً قد ترتبت عن عدم التئامه، فضلاً عن أن التعويض عن العجز في جهاز الحركة والتعويض عن فقدان القدرة على البطش يدخل فيه حساب التعويض عن الكسر المشار إليه. 15- قضى الحكم بمبلغ عشرة آلاف درهم حكومة عدل عن كسر عظمة الساق رغم عدم استحقـاق تعويـض عنه برئ من غير شين، ولدخوله في تقدير نسبة العجز عن الحركة؛ بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد- فيما عدا ما قضى الحكم في شقه الخاص بالتعويض عن العجز في القدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس،
ذلك أن من المقرر أن الدية الكاملة تجب بتفويت منفعة الجنس وتفويت الجمال على الكمال، وهي تفوت بإبانة أي قطع أو إتلاف كل الأعضاء من جنس واحد أو بذهاب معانيها مع بقاء صورتها، أما الأرش فيجب بتفويت بعض منفعة الجنس وهو قد يكون أرشاً مقدرًّا أو غير مقدر، فالأول هو ما حدد الشارع مقداره والثاني هو ما لم يرد به نص فيترك للقاضي تقديره وفق اجتهاده وتستحق عنه حكومة العدل
على أن يقدر التعويض بقدر الضرر التزاماً بالقاعدة الشرعية بأن لا ضرر ولا ضرار وأن الضرر ينبغي أن يزال، فلا يكون تقدير الحكومة جزءًا من الدية، ولا يوجد ما يمنع شرعاً من أن يجاوز التعويض الجابر للضرر على أساس حكومة العدل مقدار الدية الشرعية طالما أنه جابر للضرر الذي وقع فعلاً لأن تحقيق العدالة يكون في إزالة آثار الضرر التي لحقت بالمضرور،
ويتعين القضاء بالدية أو الأرش عن فقد أو تفويت منفعة كل عضو بجسم المجني عليه مهما تعددت الديات وإن اتحد الفعل،
وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم في اللسان بالدية وفي الأنف بالدية كما قضى عمر رضى الله عنه لرجل بأربع ديات بضربة واحدة على رأسه فأذهب عقله وسمعه وبصره ومنفعة ذكره.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها - ومنها التقارير الطبية - والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق بما يكفي لحمله،
وكان الطاعن بصفته قيما على زوجته قد أقام الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار الجسمانية والأضرار النفسية التي لحقت بها من جراء الحادث والتي خلفت لديها عجزاً نسبته 100% وهو ما يندرج فيه كافة ما أصاب المذكور من أضرار، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه بأن مجموع المبالغ المستحقة عن الديات والأرش هو مبلغ 625 355 درهماً على سند من "وجوب تعدد الديات بتعدد الإصابات حتى لو كانت من جراء فعل واحد.. وأن تقدير التعويض مسألة يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو الاتفاق يلزمه بإتباع معايير معينة.. وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى تقرير اللجنة الطبية وتقرير الطبيب الشرعي لإجراء فحص المصابة وبيان ما بها من إصابات.. وترى تقدير التعويض للمصابة على النحو الآتي : مبلغ خمسون ألف درهم كحكومة عدل عن إصابتها بالرأس من جروح بمنطقة الرأس قطعت الجلد وشجاج بالرأس وكسر العظم وآلام.... الدماغ والجروح والكدمات السطحية بمنطقة الوجه والرأس. مبلغ خمسة آلاف درهم عن كسر بمنطقة الترقوة، مبلغ خمسة آلاف درهم عن كسر الضلع الصدري الثاني الأيمن. مبلغ 250 26 درهم عن العجز الدائم بحاسة السمع بنسبة 70%. مبلغ خمسة عشر ألف درهم تعويض عن العجز دائم بنسبة 20% بحاسة الشم. مبلغ خمسة عشر ألف درهم تعويض عن العجز الدائم بنسبة 40% لحاسة البصر، مبلغ ثمانية عشر ألف وسبعمائة وخمسون درهماً عن العجز الدائم بنسبة 50% لحاسة اللمس. مبلغ ثمانية وعشرون ألف ومائة وخمسة وعشرون درهماً عن العجز الدائم بنسبة 75% بجهاز الحركة. مبلغ ستة وعشرون ألفاً ومائتي وخمسون درهماً عن العجز الدائم في وظائف الكلام والنطق بنسبة 70%. مبلغ ثلاثون ألف درهم عن العجز الدائم بالملكات العقلية بنسبة 80%. مبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم للصرع والدماغ بنسبة 20%. مبلغ ثلاثة وثلاثون ألف وسبعمائة وخمسون درهماً عن العجز الدائم في المقدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس. مبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم في التحكم في البراز بنسبة 20%. ومبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم في التحكم في البول بنسبة 20%. ومبلغ سبعة وثلاثون ألف وخمسمائة درهم عن العجز الدائم على القدرة على الجماع بنسبة 100% وفقاً لما جاء بتقرير الطبيب الشرعي. مبلغ عشرة آلاف درهم حكومة عدل عن كسر مفتت بعظمة الحوض بالشعبة العلوية والسفلية لعظم العانة. مبلغ عشرة آلاف درهم عن كسر بعظمة الساق اليسـرى، ومن ثم يكون مجموع المبالغ المستحقة عن الديات والأرش سالفة الذكر مبلغ 625.355 درهماً. " وكان هذا التقدير للتعويض ليس فيه قضاء بما لم يطلبه المطعون ضده ولا ينطوي على تداخل أو تكرار لعناصر التعويض أو زيادته عن الأرش المقدّرعن تفويت بعض منفعة الجنس، ولم تجاوز به محكمة الموضوع سلطتها في تقدير الأرش غير المقدر أي حكومة العدل بما يتكافأ ومقدار الضرر، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يضحى على غير أساس خليقاً بالرفض.
أما بالنسبة لما قضى به الحكم من تعويض عن العجز في القدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس فهو سديد.
ذلك أنه لما كان هذا العجز - الذي قضى الحكم بتعويض عنه مقداره 750 33 درهماً - ليس من المعاني التي حدد لها الفقهاء دية، وكان لا قياس في المعاني وإنما يتبع فيها النص، ومن ثم لا يكون له ذاتية مستقلة تبرر القضاء بالتعويض عنه باعتباره نتيجة فقدان معان أخرى قضى للمضرورة بالتعويض عنها ولا يجوز التعويض عن معنى واحد مرتين، وبالتالي يتعين نقض الحكم فيما قضى به من دية عن العجز المشار إليه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، إذ قضى للمطعون ضده بمبلغ 000 300 درهم كتعويض للمضرورة عن فقد عملها، حالة أن راتبها لا يزيد عن ثلاثة آلاف درهم، وليس محققاً استمرارها في هذا العمل مدة سبع أو ثماني سنوات حتى تستحق كل المبلغ المحكوم به عن فقدانه، بما يوجب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تقدير التعويض الجابر للضرر من مسائل الواقع التي تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، طالما لم يرد نص في القانون أو الاتفاق يلزم باتباع معايير معينة في خصوص تحديد مقدار التعويض، وأن القانون لا يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت الذي هو عنصر من عناصر التعويض عن الضرر المادي، ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام لهذا الأمل أسباب معقولة، وذلك باعتبار أن الفرصة وإن كانت أمراً محتملاً أو مجرد أمل إلاّ أن تفويتها ضرر محقق،
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتقدير مبلغ ثلاثمائة ألف درهم كتعويض عن فقد المضرورة عملها على ما توصل إليه من "أن الثابت من الأوراق أنها أنهيت خدماتها من جراء الحادث من عملها رقيبة فنية للتغذية بالقيادة العامة للقوات المسلحة بتاريخ 14/11/97 لعدم قدرتها على القيام بممارسة مهامها الوظيفية كأخصائية تغذية مع العلم بأنها لم تتجاوز سن الأربعين من عمرها وقت الحادث إذ إنها من مواليد 18/2/1958 فضلاً عن فقدان الأمل في حصولها على عمل آخر نتيجة إصابتها "، وهو استخلاص سائغ لم تجاوز به محكمة الموضوع سلطتها في تقدير التعويض عن الكسب الفائت شاملاً فوات فرصة المضرورة في الاستمرار في عملها أو الحصول على عمل آخر، ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الصدد جديراً بالرفض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ قضى للمضرورة بمبلغ 000 25 درهم مقابل مصاريف العلاج والأدوية رغم أن مثل هذه النفقات لا تخضع للتقدير وإنما يحكمها فواتير العلاج وأدوية حقيقية، وهو ما لم يثبت في الدعوى، وقد تلقت المضرورة علاجها مجاناً في المستشفى الحكومي. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم المستأنف في تقديره لمبلغ 000 25 درهم مقابل مصاريف العلاج والأدوية، باعتباره أحد عناصر التعويض عن الضرر المادي الذي يخضع في تقديره لسلطة محكمة الموضوع، طالما كان هذا التقدير سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق، ولا شك أن ما أورده الحكم من وصف لما لحق بالمضرورة من إصابات بالغة في مواضع عديدة من جسدها ما يجعلها في حاجة مستمرة للعلاج وتعاطي الدواء خاصة وقد قدم الطاعن صوراً ضوئية لفواتير تدريب المضرورة على اللغة والنطق وأخرى صادرة عن صيدلية الجزائر " بشراء أدوية؛ بما يضحى معـه هذا التقدير في محله، ويكون النعي على الحكم بعدم استحقاق المذكورة مصاريف علاج وأدوية متعين الرفض، على أن يخصم من المبلغ المقضي به 25% من قيمته تمثل نسبة مساهمة المضرورة في الخطأ ليكون المبلغ المستحق عن هذا العنصر من عناصر الضرر 18750 درهماً.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، إذ قضى للمطعون ضده بمبلغ 000 200 درهم كتعويض عن الضرر الأدبي، رغم قضاءه للمضرورة بالدية والأرش وهو ما يغطي التعويض عن هذا الضرر.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر أن الدية شرعاً هي المال الواجب دفعه عوضاً عن الجناية على النفس أو ما دونها فهي بجانب اعتبارها عقوبة على الفعل الضار تشكل تعويضاً للأهل عن فقد ذويهم وتعويضاً للمضرور عن حرمانه من العضو الذي فقده أو فقد منفعته، بما مفاده أنه لا يجوز للمضرور -الذي قضي له بدية عن فقد عضو أو فقد منفعته - طلب التعويض عن الأضرار الأدبية أو النفسية أو المعنوية التي أصابته نتيجة ذلك الفقد؛ لأن الحكم بالدية قد شملها بالضرورة لدخول ذلك الطلب في الغاية من الحكم بالدية وهي ترضية المضرور ومواساته عن فقد العضو أو منفعته. لما كان ذلك وكان مؤدي نص المادة 299 من قانون المعاملات المدنية أنه لا يجوز تعويض المضرور عن أضرار استحقت الدية تعويضاً عنها لأنه في هذه الحالة يكون قد جمع بين تعويضين عن ضرر واحد وهو ما لا يجوز شرعاً أو قانوناً، بخلاف ما إذا كان قد تخلف عن فقد العضو أو منفعته الذي استحقت عنه الدية شين أو تشويه ألحق بالمجني عليه آلاماً نفسية فهو ضرر آخر خلاف ذلك الذي تغطيه الدية،
وإذ لم يلزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه – ردّاً على ما أثاره المطعون ضده عن نفسه وبصفته قيما على زوجته وولياً طبيعياًّ على أولاده من نعي على الحكم المستأنف بمخالفته القانون "لرفضه الحكم لهم بالتعويض عن الأضرار الأدبية" – على أن "المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها ومن الآلام النفسية والمعنوية المثمتلة في الإحساس بالألم والمعاناة التي لاقتها المجني عليها من جراء إصاباتها العديدة والحزن لما أصابها من عجـز في أغلـب حواسها كالسمع والشم والبصر والملمس والمشي والنطق والكلام والعقل والتفكير والقدرة على التبرز والتبول والعجز الجنسي كل هذا بالقطع يؤثر على حياتها اليومية ويجعلها غير قادرة على ممارسة حياتها الطبيعية، وقد أدت هذه الإصابات إلى أضرار مادية أخرى بالمجني عليها وهذه الأضرار لاتغطيها ما قضى بها من ديات وأروش فضلاً عن أن هذه الأضرار قد أصابت مشاعرها بالأسى والخزن والآلام النفسية التي سوف تلازمها طوال حياتها كما تؤثر على حياتها الزوجية والتي أصبحت عاجزة عن ممارستها.. وتقدرها المحكمة بمبلغ مائتي ألف درهم تعويضاً عن تلك الأضرار الأخرى التي لم تغطيها الديات والأرش المحكوم بها"؛ في حين أن القضاء بالديات والأرش يغطى الأضرار المعنوية الناجمة عن الإصابات المشار إليها والتي قضي الحكم بالتعويض عنها، ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السابع للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ذلك أن المبلغ المحكوم به كأتعاب خبرة كبير ولا يتفق مع حجم ما بذل من جهد.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد قضى بتخفيض المبالغ المحكوم بها ابتدائياً كأتعاب للسيد الطبيب الشرعي من ثمانية آلاف درهم إلى خمسة آلاف درهم، وتلك المحكوم بها ابتدائياً كأتعاب للجنة الطبية الثلاثية من ثلاثين ألف درهم إلى واحد وعشرين ألف درهم توزع بالسوية بينهم. وإذ لم تفصح الطاعنة عن وجه عدم تناسب الأتعاب المحكوم بها مع ما بذل من جهد، فإن نعيها في هذا الخصوص يكون عارياً عن دليلة غير مقبول.
ثانياً: بالنسبة للطعن 756 لسنة 22 ق.
حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والخطأ في فهم الواقع الثابت بالأوراق والقصور والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع من خمسة وجوه : حاصل الوجه الأول منها، استناد الحكم في إثبات مساهمة المضرورة في وقوع الحادث بنسبة 25% والسائق بنسبة 75% إلى اندفاعها في عبور الطريق من مكان غير مخصص لعبور المشاه دون التأكد من خلو الطريق من السيارات ودون أن تكون ثمة إشارات تسمح لها بالعبور مما أدى إلى اصطدامها بالسيارة مرتكبة الحادث في حين أن الواقع الثابت بالأوراق يدحض هذا الزعم لأن أقرب ممر لعبور المشاة يبعد عن مكان الحادث بحوالي 500 متر وهو ما إضطر المصابة للعبور في هذا المكان، وقد قام المختصون بعد وقوع الحادث بجعله ممراً رسميا لعبور المشاة، وحتى لو فرض جدلاً وكان ثمة خطأ منها فإن خطأ قائد السيارة مرتكبة الحادث قد استغرق خطأها، وقد تمسك الطاعنون في مذكرتي دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بحجية الحكم الجنائي بإدانة قائد هذه السيارة وحده دون إشارة إلى مساهمة المجني عليها أمام المحكمة المدنية، وهو ما يمتنع معه عليها معاودة بحث الفعل الضار، وأن عبورها من غير المكان المخصص للمشاة ما هو إلاّ تسبب فيكون السائق هو المسئول عن الحادث لكونه السبب المباشر في إحداث الضرر، وهو دفاع جوهري التفت عنه الحكم إيراداً له ورداًّ عليه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى نص المادة 290 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أنه ليس للمضرور أن يقتضي تعويضاً كاملاً إذا اشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه،
ويتوقف ما ينقص من تعويض في هذه الحالة على مبلغ رجحان نصيب المضرور أو الضار في إحداث الضرر. لما كان ذلك وكان استخلاص توافر اشتراك المتضرر بفعله في إحداث الضرر أو زيادته من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها من الأوراق بما يكفي لحمله، وكان من المقرر أن حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني لا تكون إلاّ في حدود ما فصل فيه فصلاً لازماً من ناحية وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وما أثبته من وقائع واستند إليه من أسباب ضرورية للمنطوق، أما ما عدا ذلك من الوقائع والأسباب فلا يتقيد به القاضي المدني التي تبقى له حرية النظر في الأمور التي لم يفصل فيها الحكم الجنائي أو لم يكن فصله فيها ضروريا، ومن ثم فإن البحث في مدى مساهمة المضرور في وقوع الحادث لا محل له أمام المحكمة الجنائية إلاّ في مجال تقدير العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى، ولا تثريب على المحكمة المدنية إن هي قدرت التعويض المستحق للمضرور بمراعاة نسبة مساهمته في إحداث الضرر. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن "الحكم الجنائي بإدانة متهم لا يحول بين المحكمة المدنية وبين بحث ما إذا كان الغير أو المضرور نفسه قد اشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه ومراعاة ذلك في تقدير التعويض... وكان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى الجزائية.. أن المضرورة.. قد ساهمت في وقوع الحادث إذ إنها اندفعت في عبور الشارع من مكان غير مخصص لعبور المشاة ودون التأكد من خلو الطريق من السيارات قاطعة الطريق أمام السيارات المارة ودون أن تكون هناك ثمة إشارات مرورية تسمح لها بعبور الطريق مما أدى إلى اصطدامها بالسيارة مرتكبة الحادث.. وبناءاً عليه تقدر المحكمة نسبة مساهمة المضرورة في الحادث بنسبة 25%.."؛ وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق لا مخالفة فيها للقانون، وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها بما يكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يضحى على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه خطأه، إذ ألغى قضاء الحكم المستأنف بتغليظ الدية على سند من عدم انطباق هذا التغليظ على واقعة الدعوى لا سيما وأن المحكمة قد انتهت إلى مساهمة المضرورة في إحداث الضرر، في حين أن إيذاء ما دون النفس ينطبق عليه تغليظ الدية، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر أن الدية محددة شرعاً بمائة من الإبل أو آلف دينار من الذهب أو إثنى عشر ألف درهم من الفضة، بما يعادل مبلغ 000 150 درهم، فلا يجوز لولى الأمر ولا للقاضي أن ينقص منها شيئاً أو يزيد عليها،
وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، واستند في إلغائه قضاء الحكم المستأنف بتغليـظ الدية إلى عدم جواز هذا التغليظ بزيادة الحد الأعلى للدية "وأن التغليظ يكون بالتثليث أو التربيع أي بتحديد نوع الإبل وليس بزيادة عددها، كما أن الفقه المالكي يغلظ الدية في القتل العمد إذا قبلها ولى الدم.." وهو ما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، بما يكون معه النعي فاقد الأساس متعين الرفض.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والقانون ومخالفة أحكام المحكمة الاتحادية العليا، ذلك أنه بخس المضرورة حقها بقضائه بنصف ما تستحقه من ديات وأرش باعتبارها كتابية لها نصف دية المرأة المسلمة، بأن احتسب لها مبلغ 250 26 درهماً عن عجز دائم في حاسة السمع بلغت نسبته 70%، ومبلغ 15000 درهم عن عجز دائم نسبته 20% في حاسة الشم، ومبلغ 000 15 درهم عن عجز دائم نسبته 40% في حاسة البصر، ومبلغ 18000 درهم عن عجز دائم نسبته 50% في حاسة اللمس، ومبلغ 125 28 درهماً عن عجز نسبته 75% في حاسة الحركة، ومبلغ 250 26 درهماً عن عجز نسبته 70% في القدرة عن الكلام وفهمه، ومبلغ 000 15 درهم عن الصرع والدماغ، ومبلغ 750 33 درهماً عن فقد نسبته 90% من منافع الحركة والدفاع عن النفس ودفع الأذى، ومبلغ 37500 درهم عن عجز قدّره الحكم بنسبة 100% في القدرة على الجماع، ومبلغ 000 30 درهم عن عجز دائم بالملكات العقلية - التفكير والذاكرة والمحاكاة وإصدار القرار - نسبته 80%، وقد اعترض الطاعن أمام محكمة الموضوع على ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي من أن حاسة التذوق تؤدي وظيفتها بصورة طبيعية وليس بها عجز رغم ما أثبته من تأثر جميع حواس المضرورة من الإصابات الدماغية وطلب التعويض المناسب عن إصابة هذه الحاسة، إلاّ أن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد على هذا الطلب ولم يقض بدية كاملة عن عجز نسبته 20% في منفعة السيطرة على البراز والبول، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول سديد، ذلك أن من المقرر قضاءاً التسوية في الدية بين المسلم وغير المسلم تمشياًّ مع مذهب أبي حنيفة ومن تابعه على ذلك
ومنهم علقمة ومجاهد والشعبى والنخعى والثورى وهو ما يقضى بالمساواة في الديـة بين المسلم وغير المسلم مطلقاً لما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أن النبي صلي الله عليه وسلمّ قال "دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم" وعن دية المجوسى قال النخعي والشعبى وأصحاب الرأي ديته كدية المسلم.
لما كان ذلك وكان من المقرر في الفقه المالكي أن دية الأنثى نصف دية الذكر هذا في النفس أما دون النفس فإذا كانت الجناية على الأنثى أقل من ثلث الدية فديتها مثل دية الرجل، وإذا كانت الثلث فأعلى فديتها على النصف من دية الرجل
فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال "عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديته" رواه النسائي والدارقطنى وصححة بن خزيمة، وفي الموطأ عن سعيد بن الحسيب أنه كان يقول : تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية : إصبعها كإصبعه وسنّها كسنّه وموضحتها كموضحته ومنقلتها كمنقلته، وفيه عن عروة بن الزبير مثله أن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل. وإذ لم يلزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن دية المرأة الكتابية نصف دية المرأة المسلمة ورتب على ذلك الحكم للمضرورة بمبلغ "26.250 درهماً.. عن العجز الدائم بحاسة السمع بنسبة 70%، ومبلغ خمسة عشر ألف درهم تعويض عن عجز دائم بنسبة 20% بحاسة الشمّ، ومبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم بنسبة 40% لحاسة البصر، مبلغ ثمانية عشر ألف وسبعمائة وخمسون درهماً عن العجز الدائم بنسبة 50% لحاسة اللمس، مبلغ ثمانية وعشرون ألف ومائة وخمسة وعشرون درهماً عن العجز الدائم بنسبة 75% بجهاز الحركة، مبلغ ستة وعشرون ألف ومائتين وخمسون درهماً عن العجز الكامل في وظائف الكلام والنطق بنسبة 70%، مبلغ ثلاثون ألف درهم عن العجز الدائم بالملكات العقلية بنسبة 80%، مبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم للصرع والدماغ بنسبة 20%، مبلغ ثلاثة وثلاثون ألف وسبعمائة وخمسون درهماً عن العجز الدائم في المقدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس، ومبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم في التحكم في البراز بنسبة 20%، ومبلغ خمسة عشر ألف درهم عن العجز الدائم في التحكم في البول بنسبة 20%، ومبلغ سبعة وثلاثون ألفاً وخمسمائة درهم عن العجز الدائم عن القدرة على الجماع بنسبة 100% " في حين أن العجز الدائم في حاسة الشم وفي كل من الدماغ والتحكم في البراز والتحكم في البول بلغت نسبته 20% أقل من ثلث دية الرجل فتكون دية المضرورة مثل ديته، ومن ثم يستحق عن كل عجز 20% من دية الرجل ومقدارها 150.000 درهم، بما يوازي 30.000 درهم لكل بما جملته 120.000 درهم، أما المبالغ المحكوم بها عن العجز الدائم بنسبة 70% في حاسة السمع، 40% في حاسة البصر، 50% في حاسة اللمس، 75% في جهاز الحركة، 70% في وظائف الكلام والنطق، 80% في الملكات العقلية، 90% في المقدرة على البطش ومنع الأذى والدفاع عن النفس (على ما هو ثابت بتقرير اللجنة الطبية الذي اعتمده الحكم)، فإن الدية عن العجز في كل منها أعلى من الثلث فتستحق على النصف من دية الرجل، ولما كان هذا النصف يوازي 75.000 درهم، فإن الدية المستحقة عن عجز حاسة السمع تكون 75.000×70÷100=52.500 درهم، والدية عن عجز حاسة البصر 75.000×40÷100=30.000 درهم، والدية عن عجز حاسة اللمس 75.000×50÷100=37.500 درهم، ودية العجز في جهاز الحركة 75.000×75÷100=56.250 درهماً، ودية العجز في وظائف الكلام والنطق 75.000×70÷100=52.500 درهم، ودية العجز في الملكات العقلية 75.000×80÷100=60.000 درهم، بما جملته 52.500+30.000+37.500+56.250+52.500+60.000=288.750 درهماً - مع استبعاد ما قضى به من دية العجز في المقدرة على البطش ودفع الأذى والدفاع عن النفس ومقدارها 33.750 درهماً نتيجة نقض الحكم في هذا الشق - أما العجز عن الجماع بنسبة 100% فيستحق عنه نصف دية الرجل أي مبلغ 75.000 درهم، ومن ثم يكون إجمالي قيمة الديات:- 120.000+288.750+75.000=483.750 درهماً - بخلاف ما قضى به الحكم من مبالغ كحكومة عدل وهي 50.000 درهم عن إصابات المضرورة بالرأس من جروح وشجاج وكسر 5.000 درهم عن كسر عظمة الترقوة، 5.000 عن كسر الضلع الصدري الثاني الأيمن، 10.000 درهم عن كسر مفتت بعظمة الحوض..، 10.000 درهم عن كسر بعظمة الساق اليسرى. وجملة هذه المبالغ 80.000 درهم - ومن ثم تكون مجموع مبالغ الديات والأرش هو 483750+80.000=563.750 درهماً يستنزل منه مبلغ 140.937.5 درهماً يوازي نسبة مساهمة المضرورة في الخطأ وهي 25%، فيكون صافي المستحق من الديات والأرش : 563.750-140.937.5=422.812.5 درهماً، وليس المبلغ الذي توصل إليه الحكم ومقداره 355.625 درهماً، بما يعيبه ويوجب نقضه في هذا الخصوص. هذا والنعي مردود في الشق الأخير منه ذلك أن الحكم المطعون فيه بما لمحكمة الموضوع من سلطة في الأخذ بالتقرير الطبي - قد اعتمد في قضائه تقرير اللجنة الطبية المشكلة من استشاري الطب الشرعي وعضوية كل من استشاري جراحة المخ والأعصاب واستشاري الأنف والأذن والحنجرة بوزارة الصحة والذي نص صراحة على أنه تبين من الفحوصات سلامة حاسة التذوق تماماً وأنها تؤدي وظيفتها بصورة طبيعية ولا يوجد فيها أي عجز، ومن ثم فلا على الحكم التفاته عن طلب التعويض عن العجز المدعى به في هذه الحاسة، أما عن القول بوجوب احتسابه دية كاملة عن العجز في التحكم في كل من منفعة البول ومنفعة البراز فقد سبق تناوله في الرد على الشق الأول من هذا النعي.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الخامس من السبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه خطأه إذ بخس المضرورة حقها في التعويض عن فقدها عملها بتقديره بمبلغ جزافي مقداره 300.000 درهم رغم حملها لمؤهلات علمية عالية وتقاضيها راتباً ومزايا تجاوز عشرة آلاف درهم، وأخطأ في رفضه الحكم لها بمصاريف خادمة قولاً منه بأنها لم تقدم ما يفيد استئجارها لها رغم توافر الدليل على احتياج المذكورة إلى خادمة بل وممرضة في ضوء إصاباتها المبينة بتقرير اللجنة الطبية والتقرير الطبي الشرعي، وقد أغفل الحكم تناول طلب الطاعن التعويض عن الأضـرار المستقبلية وتتمثـل في تكاليف ومصاريـف العلاج، وحرمان المضرورة من الإنجاب، ورفض الحكم للطاعن عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده التعويض عما أصابه من أضرار مادية تتمثـل في فصله من العمـل اعتباراً من 17/8/1997م نتيجة عدم تمكنه من العودة لعمله بعد حصوله على إجازة بدون راتب مدة ستة أشهر لمرافقة زوجته في سفرها للعلاج، وتكبده مبلغ 12.648 درهم نفقات سفر أولاده إلى الأردن لعدم وجود من يرعاهم، ومبلغ 32.010 درهماً تكاليف إقامة بالفنادق، وما عاناه وأولاده من آلام نتيجة إصابة زوجته والدتهم، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه عن النعي في شقه الأول - الخاص بتقدير التعويض عن فقد العمل بمبلغ 300.000 درهم - فهو مردود بما جاء في تناول السبب الرابع من أسباب الطعن 795/22ق.
والنعي غير مقبول في شقه الخاص بإغفال الحكم تناول طلب الطاعن طلب التعويض عن حرمان المضرورة من الإنجاب، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أنه أغفل الفصل في هذا الطلب الموضوعي، ومن ثم فإن وسيلة تدارك هذا الخطأ يكون بالرجوع إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم لنظر الطلب والحكم فيه بعد إعلان الخصم به عملاً بنص المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية ولا يغير من ذلك النص في منطوق الحكم المذكور - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيما انتهى إليه من رفض باقي طلبات الطاعن - من رفضه ما عدا ذلك من طلبات، لأن ذلك إنما ينصرف إلى الطلبات الأخرى التي بحثها الحكم وأبدى الرأي فيها دون تلك التي أغفل الفصل فيها.
والنعي مردود في شقه الخاص بعدم تناول طلب الطاعن التعويض عن تكاليف ومصاريف العلاج ذلك أن الحكم المطعون أيد قضاء الحكم المستأنف بتقدير تعويض مقداره 25.000 درهم عن نفقات العلاج، والنعي غير سديد في شقه الخاص بطلب الطاعن عن نفسه وبصفته وصياً على أولاده القصر التعويض عن الأضرار المادية والأدبية.
ذلك أن مؤدى نص المادتين 292 و293/2 من قانون المعاملات المدنية أنه يشترط للحكم بالضمان أن يكون ما لحق المضرور من ضرر نتيجة طبيعية للفعل الضار. أما الأضرار غير المباشرة وهي التي لا تكون نتيجة طبيعية للخطأ فإن علاقة السببية تنقطع بينها وبين الخطأ ولا يكون المدعى عليه مسؤولاً عنها.
وأن القضاء بالضمان للأزواج وللأقربين من الأسرة عما يصيبهم من ضرر أدبي يقتصر على حالة موت المصاب،
وإذ قضى الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - برفض طلب الطاعن عن نفسه وبصفته ولياً على أولاده القصر التعويض عن الأضرار المادية والأدبية على سند من "أن التعويض عن إيذاء النفس يكون لمن وقع عليه الضرر مباشرة، أما الأزواج والأولاد فإنهم لا يستحقون تعويضاً إلاّ في حالة فقد مورثهم، وكان الثابت من الأوراق أن المصابة... على قيد الحياة، فإنها هي التي تستحق تعويضاً عن إصاباتها، إذ إنه يعوض عن الضرر المباشر الذي ينسب إلى فعل محدثه، أما الأضرار غير المباشرة التي لا تنسب إلى فعل المعتدي فلا يكلف بجبرها.." ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشق يكون على غير أساس.
أما النعي على الحكم رفضه طلب الطاعن الحكم للمضرورة بمصاريف خادمة فهو في محله، ذلك أن الثابت من تقرير اللجنة الطبية الذي اعتمده الحكم في قضائه أن المضرورة قد تخلف لديها من جراء إصاباتها نسب عجز متفاوتة في العديد من حواسها ووظائف جسمها على التفصيل السالف بيانه في تناول الوجهين الثالث والرابع لهذا السبب من سببي الطعن وأن حالتها "وبعد مرور ثلاث سنوات على الإصابة والعلاج ذات صفة نهائية ومستقرة، ولا يتوقع حدوث أي تحسن ملموس في المستقبل"، بما يقطع بعدم قدرتها على الاعتماد على نفسها لقضاء احتياجاتها اليومية دون الاعتماد على مساعدة الآخرين وعنايتهم ورعايتهم لها في كل وقت طيلة حياتها، ومن ثم فإن احتياجها لمن يعتني بها في أمور حياتها ثابتة من واقع هذا التقرير، ولا يدحضها قول الحكم بأنها لم تقدم ما يفيد استئجار خادمة رغم اعتماده تقرير اللجنة الطبية عن حالتها، بما يعيبه ويوجب نقضه في هذا الخصوص.
ولما كان الحكم المستأنف قد قضى للمضرورة بمبلغ 500.000 درهم كتعويض إجمالي عن فقدانها لعملها وعن أجر خادمة، وقدّر الحكم المطعون فيه التعويض عن فقد العمل بمبلغ 300.000 درهم واستبعد أجر الخادمة من التعويض المقضي به ابتدائياً، فإن هذه المحكمة تستخلـص من هذا القضاء استبعـاد الحكم مبلغ 200.000 درهم من المبلغ الإجمالي المشار إليه يمثل أجر الخادمة. ومن ثم فإن هذه المحكمة ترى في مبلغ 60.000 درهم تعويضاً جابراً لهذا العنصر من عناصر الضرر - وفي ضوء ثبوت مساهمة المضرورة في الخطأ بنسبة 25% - يكون التعويض المستحق عنه 45.000 درهم، وهو ما يتعين معه تعديل المبلغ الإجمالي المقضي به ابتدائياً عن التعويض عن فقد العمل وأجر الخادمة ومقداره 500.000 درهم إلى 270.000 درهم.
وحيث إن الموضوع صالح للفصـل فيه بالنسبة لما قضى فيه في الطعـن 795/22ق من نقض الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به للمطعون ضده فيه من تعويض عن الضرر الأدبي مقداره 200.000 درهم، وما قضى فيه في الطعـن 765/22ق من نقض الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به من ديات وأرش وما قضى به من رفض طلب الحكم للمضرورة بمصاريف خادمة، ولما تقدم.

* * *