طعن رقم 100 لسنة 28 القضائية
صادر بتاريخ 02/06/2008 (مدني)
هيئة المحكمة: الرئيس مصطفى جمال الدين محمد والمستشاران: أمين أحمد الهاجري ومحمد يسري سيف.
1- حق كل من الطرفين في العقود الملزمة للجانبين بالامتناع عن تنفيذ التزاماته في حال عدم تنفيذ الطرف الاخر التزاماته دون اعتبار ذلك فسخاً للعقد.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 247)
2- سلطة محكمة الموضوع في تقدير انجاز المقاول الاعمال المعهودة اليه وفقاً للمواصفات والمدة المتفق عليها ومعرفة سبب التأخر في انجاز العمل في حال توفره.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 875)
3- سلطة محكمة الموضوع في الاخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه عند اطمئنانها الى الاسس المبني عليها دون الزامها بالرد على الاعتراضات الموجهة اليه من الخصوم.
4- صحة الحكم القاضي باستحقاق المقاول من الباطن قيمة اعمال المقاولة المنجزة منه في تركيب الكهرباء في مشروع البناء واعتبار التأخير في انجاز هذه الاعمال عائداً لسبب اجنبي.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 890)
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى 237 لسنة 2002 تجاري كلي أبو ظبي على المؤسسة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي لها مبلغ 200000 درهم ... على سند من أنها أسندت لها أعمال مقاولة من الباطن لتركيب الكهرباء لمشروع 200 فيلا بمنطقة الباهية وإذ لم تنجز المطعون ضدها الأعمال المتفق عليها وانسحبت من المشروع ما الحق بها الضرر فقد أقامت الدعوى. أقامت المؤسسة المطعون ضدها الدعوى 493/2002 تجاري كلي أبو ظبي على الطاعنة بطلب الحكم بندب خبير هندسي لتصفية حساب عقد المقاولة بين الطرفين وإلزام المدعى عليها بأن تؤدي لها المبالغ التي ينتهي إليها تقرير الخبرة وفائدة بواقع 12% من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام على سند من أنها أنجزت 60% من أعمال المشروع المتفق عليها وتوقفت بسبب تأخر الطاعنة في إنجاز الأعمال المدنية وتوريد المواد اللازمة لإتمام الأعمال، وإذ إمتنعت عن سداد مستحقاتها واستولت على معداتها فقد أقامت الدعوى. ومحكمة أول درجة ندبت خبيرا هندسيا وبعد أن قدم تقريرية الأصلي والتكميلي قضت في 30/1/2005 أولا برفض الدعوى 237/20002 ... ثانيا في الدعوى 493/2002 أبو ظبي بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 860,306 درهم ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. أستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 123/2005 أبو ظبي، ومحكمة الإستئناف أعادت المأمورية لذات الخبير، وبعد أن قدم تقريره قضت في 31/12/2005 بتعديل الحكم المستأنف في شق قضائه في الدعوى 493/2002 إلى إلزام المستأنفة – الطاعنة – بأن تؤدي للمستأنف ضدها – مبلغ 241630 درهما ورفض الإستئناف وتأييد الحكم في باقي قضائه. فكان الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى الطاعنة به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ استند في قضائه بإلزامها بالمبلغ المحكوم به باقي قيمة مقاولة الباطن ورفض دعواها بالتعويض إلى تقرير خبرة قاصر ركن في تحديد قيمة الأعمال التي أنجزتها المطعون ضدها من الباطن على الدفعة السادسة، في حين أن هذه الدفعة تخص المقاول الرئيسي ولا علاقة لها بمقاولي الباطن وتشمل جميع الأعمال المنفذة داخل الموقع بمعرفة جميع المقاولون وعلى المواد المستخدمة والموردة إلى الموقع، ولا تبين نسبة الأعال المنجزة لأي مقاول، وأنه طبقا للدفعة السادسة تكون 75% من نسبة الإنجاز للمقاول الرئيسي و25% لمقاول الباطن وهو ما أقر به الخبير ثم عدل عنه، وتحتسب الدفعة طبقا للأسعار المتفق عليها بين المقاول الرئيسي ودائرة بلدية أبو ظبي وليس بالأسعار التي تم التعاقد عليها مع مقاولي الباطن، وأن المطعون ضدها لم تستكمل الأعمال المتعاقد عليها في كامل المشروع، وتم حصر ما أنجزته في كشوف موقع عليها من الطرفين، وأن كتاب المقاول الرئيسي يؤكد أن تنفيذ الأعمال حتى 1/11/2001 لم يتجاوز ما يعادل 60 فيلا والمتبقى 140 فيلا، ولم يتم تسليم العمل إبتدائيا ونهائيا أو إجراء أعمال الصيانة، ويجب خصم 10% من قيمة كل دفعة كضمان لإستكمال الأعمال المنجزة، ولم يراع الخبير ما أقرت به المطعون ضدها من استلام دفعات بشيكات لم تصرف، وأن إنسحاب الأخيرة المفاجئ من المشروع بدون إنذار الحق بها أضرار تتمثل في إرباك الطاعنة واضطرارها إلى تكثيف العمالة ودفع رواتب ساعات إضافية أكثر والبحث عن مقاول آخر بديل وضياع الوقت والجهد في ذلك، ولم تقم المطعون ضدها بتنفيذ التزامها بتقديم مهندسين وفنيين حسب العقد مما أضطر الطاعنة إلى تعيينهم بما يتعين معه تعويضها عن هذه الأضرار بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر وفقا لم تقضي به المادة 247 من قانون المعاملات المدنية أنه في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما ألزم به. مما مفاده أنه إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ إلتزامه كان للطرف الآخر ألا يوفي بالتزامه من غير حاجة إلى تنبيه أو إلى حكم بفسخ العقد متى كان التزام كل منهما هو مقابل إلتزام الآخر ويقتصر الأمر في ذلك على وقف تنفيذ الإلتزام ولا يعد ذلك فسخا للعقد الذي يوجب أن يسبقه إعذار وفقا ما تقضي به المادة 272/1 من ذات القانون. ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير ما إذا كان المقاول قد قام بإنجاز الأعمال المعهودة إليه وفقا للمواصفات المتفق عليها وفي المدة المحدودة، وما إذا كان التأخير في الإنجاز أو التوقف عن الأعمال يرجع إلى فعل المقاول أو إلى سبب أجنبي لا يد له فيه أو إلى فعل رب العمل أو المقاول الأصلي في أعمال المقاولة من الباطن، هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى كانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة وكافية لحمل قضائها ولها أصلها الثابت في الأوراق، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى يخضع لمطلق سطلتها في الأخذ به متى إطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها مع ما إرتأت أنه وجه الحق في الدعوى طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي إنتهت إليها وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصم من مطاعن عليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه. لما كان ذلك وكان الثابت من تقارير الخبرة المرفقة ملف الدعوى أن عقد المقاولة من الباطن المبرم بين الطرفين لم يكن معتمدا من المقاول الرئيسي والإستشاري إذ أنهما كانا يجهلان وجود المؤسسة المطعون ضدها مقاولا من الباطن ويعرفان فقط الطاعنة بصفتها مقاولا ثانيا من الباطن، وأن الخبير راجع إستشاري المشروع واستلم منه نسخة من الدفعة السادسة الصادرة من دائرة بلدية أبو ظبي بالتقييم حتى 31/10/2001 وتشمل جميع الأعمال المدنية والكهربائية والميكانيكية والصحية التي قام بها المقاول الرئيسي وجميع مقاولي الباطن ومن بينهم طرفي الدعوى، وتشمل كذلك المواد المستخدمة والموردة للموقع، وتوصل الخبير إلى ما تستحقه المطعون ضدها من باقي قيمة أعمال المقاولة بعد مراجعة بنود أعمال الكهرباء وجداول العمل المنجز منها حتى 31/10/2001 على اعتبار أن العقد المبرم بين الطرفين ينص على قيام المطعون ضدها بكامل أعمال التركيب الكهربائي في المشروع، وبمراعاة إجمالي قيمة الأعمال أالتي تم إنجازها مخصوما منها جميع المبالغ التي تسلمتها المطعون ضدها ولا يدخل فيها قيمة الشيكات التي لم تصرف بسبب عدم وجود رصيد. وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بعد أن أعاد المأمورية لذات الخبير المنتدب في الدعوى أمام محكمة اأول درجة لبحث اعتراضات الطرفين على تقريرية السابقتين على ما استخلصه من التقارير من أن قيمة الأعمال المنفذة من المطعون ضدها مبلغ 500,455 درهم وأن إجمالي المبالغ التي استلمتها من الطاعنة هو 369,213 درهما ليبقى المستحق لها مبلغ 630,25,241 درهما وأنه عن طلب الطاعنة التعويض جراء ما لحقها من أضرار بسبب إخلال المطعون ضدها بإلتزاماتها العقدية وانسحابها من المشروع دون أسباب تبرر ذلك فقد ثبت من تقرير الخبرة عدم صحة هذا الطلب لإخلال الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها في البند الثالث من عقد المقاولة بعدم توريد المواد التي تستعملها المطعون ضدها في تنفيذ الأعمال المسندة إليها وذلك تجنبا لأي توقف للأعمال، وتبين من مستند الدفعة السادسة عدم وجود أي مواد كهربائية مشونة بالموقع، مما يؤكد صحة الأسباب التي بررت بها المطعون ضدها عدم إتمامها للأعمال التي تعاقدت عليها وإضطرارها للتوقف، وأن الطاعنة لم تقدم أي دليل على الأضرار الي تدعى بها وخاصة ما يكون قد احتسب عليه من غرامة تأخير، وإذ كان هذا الإستخلاص سائغا وله أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمله فإن النعي بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *