طعن رقم 381 لسنة 27 القضائية
صادر بتاريخ 15/10/2008 (مدني)
هيئة المحكمة: الرئيس رانفى محمد ابراهيم والمستشاران: مصطفى الطيب حبوره والسيد عبد الحكيم السيد.
1- انتفاء بطلان الحكم في حال عدم حضور احد قضاة هيئة المحكمة المصدرة الحكم جلسة تلاوته شرط توقيعه على مسودة الحكم وثبوت حضوره المرافعة والمشاركة في المداولة في محضر الجلسة.
2- التزام محكمة الاحالة بالتقيد بالحكم الناقض لناحية المسائل القانونية الناظر فيها كونه مكتسباً قوة الشيء المحكوم به.  

قانون اتحادي رقم 11: بإصدار قانون الاجراءات المدنية (مادة 184)
3- سلطة محكمة الموضوع في تفسير المستندات شرط عدم الخروج عن المعنى الظاهر في عباراتها وعدم اعتمادها واقعة بلا مستند.  

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 265)
4- صحة الحكم القاضي بالزام الدائنة الزوجة المطلقة بتسديد الدين موضوع الدعوى لدائنها طليقها استناداً الى عجزها عن إثبات ايفاء ما يترتب في ذمتها له بعد احالة الدعوى الى التحقيق.
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى (441/98) مدني كلي أبو ظبي على الطاعنة طالبا إلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ (130,680 درهم) على سند من أن المبلغ المطالب به يمثل قيمة ديون قام بسدادها لصالح المدعى عليها وقت أن كانت زوجته وفي عصمته وأنها امتنعت عن السداد دون مبرر قانوني. وقد أنكرت المدعى عليها انشغال ذمتها بالمبلغ المطالب به حيث أن حساباتها وحسابات المدعى عليها انشغال ذمتها بالمبلغ المطالب به حيث أن حساباتها وحسابات المدعي كانت متداخلة أبان قيام الزوجية التي كانت مانعا أدبيا منها من مطالبته بالإيصالات والمستندات سيما أنها قد منحته توكيلا عاما لإدارة أعمالها.
قضت محكمة أول درجة بتاريخ 31/1/1999م بإلزام المدعى عليها بالمبلغ المطالب به والمصروفات، استأنفت المدعى عليها بالإستئناف رقم (152/99) وقضت محكمة الإستئناف في 5/4/1999 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. أقام المدعي (المستأنف ضده) الطعن رقم (318/21ق) وقضت محكمة النقض في 6/12/2000 بنقض الحكم وإحالة القضية لمحكمة الإستئناف لنظرها مجددا بهيئة مغايرة. وبعد تعجيل الاستئناف قضت المحكمة في 28/1/2002 بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالطعن الماثل، وإذ عرض هذا الطعن في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرها.
وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بالبطلان، ذلك أن الهيئة التي أصدرت الحكم الطعون فيه ووقعت على مسودته، غير الهيئة التي حجزت الإستئناف للحكم في جلسة 1/10/2001، إذ أن القاضي (منذر المفتي) كان ضمن الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للحكم ولم يحضر جلسة النطق به ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر من غير الهيئة التي سمعت المرافعة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن من المقرر أنه متى كان القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة بعد حجز الدعوى للحكم قد وقعوا مسودة الحكم ثم حصل مانع لدى أحدهم غير منه لولايته ولم يحضر جلسة تلاوة الحكم فإن ذلك لا يرتب بطلانا يلحق بالحكم متى أثبت في محضر الجلسة ذلك لما كان ذلك وكان الثابت أن القاضي المذكور في وجه النعي لم يكن من بين القضاة الذين حضروا جلسة المرافعة واشتركوا في المداولة ووقعوا على مسودة الحكم، وإنما كان عضوا بالهيئة التي نطقت بالحكم وفقا لما أثبت بمحضر الجلسة. ومن ثم يكن الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحا ومستوفيا كافة مقوماته القانونية بما يضحى النعي عليه بقالة البطلان على غير أساس.
وحيث تنعى الطاعنة بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المطعون ضده قد أقر بسداده لمبلغ (74,229) درهما قيمة سيارات وأنه استخدم التوكيل الممنوح له لشراء وبيع سيارات باسم الطاعنة والإقتراض من البنوك، وأن الإيداع في حد ذاته ليس دليلا على المديونية، وإنما كان إيداعا لأموال الطاعنة في حساباتها الناتجة عن بيع السيارات، وإن قيام الزوجية وطبيعة العادات لمجتمعنا يكون مانعا أدبيا وحائلا دون الحصول على أية أوراق أو إيصالات، وأن التراخي في رفع الدعوى المدنية وإقامتها بعد حدوث واقعة الطلاق داف على عدم جدية المطعون ضده في دعواه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى تأييد حكم أول درجة بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضى به فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر أن مفاد نص المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض لتحكم فيها من جديد بناءا على طلب الخصوم، يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم النقض فقط في المسألة القانونية التي فصل فيها، وكان يقصد في المسألة القانونية في هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد، فأكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيها بشأنها في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها، بحيث يمتنع على محكمة الإحالة ولا محكمة النقض إذا تصدت للفصل في الموضوع المساس بهذه الحجية. وأن من المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير الأدلة والأخذ بما تراه منها كافيا لاقتناعها ولها سلطة تفسير المستندات بما لا يخرج عن مدلولها ومعناها الظاهر ولا معقب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها من الأوراق.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى صحة مديونية الطاعنة للمطعون ضده بالمبلغ المطالب به تأسيسا على الثابت من خطاب البنك الصادر بتاريخ 14/12/1994، أن البنك قام بخصم مبالغ من حساب المطعون ضده بالبنك وفي تواريخ مختلفة على نحو ما ورد بصحيفة الدعوى وتحويلها إلى حساب الطاعنة لسداد قروض لهذه الأخيرة وخلت الأوراق مما يفيد قيام الطاعنة بسداد هذا المبالغ، كما أنها لم تنكر أنها قد دخلت في حسابها بالفعل أو تجحد ما ورد بهذا المستند، ومن ثم تعد ذمة الطاعنة مشغولة بهذه المبالغ ولم تقم الطاعنة دليلا على أن سداد المبالغ المطالب بها كان من مالها الخاص رغم أن المحكمة قد مكنتها من إثبات مزاعمها بإحالة الدعوى إلى التحقيق، إلا أنها قد عجزت عن إزاحة عبء الإثبات وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضائه ملتزمة في ذلك حجية الحكم الناقض ومن ثم لا يعدو ما تثيره الطاعنة بوجه النعي أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة وهو ما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي غير مقبول.

* * *