طعنان رقما 500 لسنة 2009 و 61 لسنة 2010 مدني
صادر بتاريخ 06/04/2010
هيئة المحكمة: السيد القاضي/عبد العزيز محمد عبد العزيز – رئيس الدائرة، وعضوية السادة 0القضاة: صلاح محمود عويس ومصطفى الطيب حبوره.
1- ماهية موجب المحكمة مصدرة الحكم عند نقض الحكم واحالة القضية اليها للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم.
2- صحة قضاء محكمة النقض بأحقية المطعون ضدهما الاولين بالتعويض عن التأخير في الوفاء بالدين سواء اكان مدنياً او تجاري دون اعتبار رفع الدعوى بها مطالبة بفوائد محرمة شرعاً ومن الجائز المطالبة بها على استقلال.

قانون اتحادي رقم 18: بإصدار قانون المعاملات التجارية (مادة 88)
3- صلاحية المحكمة بتحديد نسبة الفوائد ازاء خلو الاوراق من الاتفاق عليها بين الفرقاء.

قانون اتحادي رقم 18: بإصدار قانون المعاملات التجارية (مادة 76)
4- لا وجود للفوائد المركبة عند ثبوت كون الفائدة المحددة بـ 5% سنوياً على المبالغ المحكوم بها من تاريخ المطالبة متجاوزة لاصل الدين.

قانون اتحادي رقم 18: بإصدار قانون المعاملات التجارية (مادة 76)
5- مفهوم اجازة تقديم الخصوم طلبات اغفال طبقاً للمادة 139 من قانون الاجراءات المدنية.
6- طرق الطعن في الحكم لدى رفض المحكمة طلب الاغفال المقدم اليها من الخصوم صراحة او ضمناً.
7- اعتبار حجية الاحكام نسبية.
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم في الطعن 500 لسنة 2009 ق مدني أقاموا الدعوى 171 لسنة 2004 العين الابتدائية الاتحادية على الطاعن فيه انتهوا فيها إلى طلب ندب خبير لحساب الفوائد القانونية المستحقة لهم على المبلغ المدعى به في الدعوى 76 لسنة 1991 العين الابتدائية الاتحادية من تاريخ إقامة الدعوى حتى تمام السداد في إبريل 2004 وإلزام الطاعن بها. ومحكمة أول درجة حكمت بعدم جواز نظر الدعوى لعدم جواز الادعاء بطلب الفائدة بصورة مستقلة عن طلب أداء مبلغ الالتزام الأصلي. وإذ استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم قضى في استئنافهم 927 لسنة 2005 بجلسة 20/9/2005 برفضه. طعن المطعون ضدهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 192 لسنة 29 ق ، وبتاريخ 7/4/2009 نقضت هذه المحكمة الحكم المطعون فيه مع الإحالة. وبتاريخ 25/10/2005 حكمت محكمة الإحالة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بسداد فائدة سنوية بواقع 5% للمطعون ضده الأول عن مبلغ 998.83 201 درهما ، وللمطعون ضده الثاني عن مبلغ 130.35 61 درهما وذلك من تاريخ 1/10/91 حتى 24/3/2004 فكان الطعن الأول. كما قدم المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير للمحكمة المطعون في حكمها طلب إغفال التمسوا فيه الحكم لهم بطلباتهم الواردة في صحيفة استئنافهم والتي أغفل الحكم الفصل فيها بعد النقض ، وبتاريخ 13/12/2009 قضت المحكمة الاستئنافية برفض طلب الإغفال فكان الطعن الثاني . وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة رأت أنهما جديران بالنظر.
لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير – في الطعن الأول – وإن أقاموا الدعوى ابتداءاً مع باقي المطعون ضدهم على الطاعن وصدر الحكم الابتدائي ضدهم بعدم جواز نظر الدعوى وقضى في استئنافهم بتأييد الحكم المستأنف إلا أنهم لم يطعنوا في هذا الحكم بطريق النقض مع المطعون ضدهما الأول والثاني وأصبح الحكم الاستئنافى الأول الصادر بتاريخ 20/9/2006 إنتهائيا بالنسبة لهم ولم يصبحوا طرفا في الحكم الاستئنافى الجديد الصادر بعد النقض والإحالة. لما كان ذلك ، وكان لا يجوز – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يختصم في الطعن بالنقض من لم يكن خصما في النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير.
وحيث إن الطعنين استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
أولا : الطعن 500 لسنة 2009 " ...... "
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني لكل من السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ اعتبر الطاعن تاجراً رغم أن التعامل كان بين أفراد عاديين وليس بين مؤسسات تجارية أو بنوك ، كما أنه لا يجوز القضاء بالفوائد لأنها تعد من قبيل الربا المحرم شرعاً ، وإنه على فرض شرعيتها لا يجوز المطالبة بها على استقلال ما لم تكن مقرونة بأداء الالتزام الأصلي.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر أن مفاد نص المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض لتحكم فيها من جديد بناء طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم النقض في المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها أي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد، فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيها في تلك المسائل بحيث يمتنع على محكمة الإحالة ولا محكمة النقض إذا تصدت للفصل في الموضوع المساس بتلك الحجية. لما كان ذلك وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر في الطعن 192 لسنة 29 ق بتاريخ 7/4/2009 إنها نقضت الحكم الاستئنافى السابق الصادر في 20/9/2006 الذي قضى بعدم جواز المطالبة بالفوائد على وجه الاستقلال في معزل عن المطالبة بأصل الدين على ما أورده بمدوناته " أنه إذا كان محل الالتزام مبلغا من المال معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به ، فإنه يكون ملزما بأن يدفع للدائن تعويضا مقابل هذا التأخير قد يتمثل في فائدة تأخيرية تحدد المحكمة نسبتها تسرى من تاريخ المطالبة القضائية بها – سواء كان الدين مدنياً أو تجارياً – وذلك عن الضرر الذي يحيق به من جراء مطل الدين في الوفاء بالدين رغم يساره والحيلولة بين الدائن وبين الانتفاع به وهو ضرر مفترض يعوض عنه الأخير مقابل خطأ التأخير في حد ذاته ، ولا يعتبر رفع الدعوى بها مطالبة بفوائد محرمة شرعاً خلافا للفوائد التي يلتزم بها المدين مقابل منح الائتمان ، والتي أجاز الشرع الحكم بها على مبلغ الدين عملا بنص المادتين 61 ، 62 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1970 – المقضى بدستوريتهما – ونص في المادة 63 منه على عدم جواز رفع الدعوى بطلبها أو باستردادها على استقلال . . . وكان الطاعنان وباقي المدعيين قد انتهوا إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضده بالفائدة القانونية المستحقة لهم من تاريخ إقامة الدعوى رقم 76 لسنة 91 مدني كلى العين حتى تمام السداد في 24/3/2004 ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت بطلب التعويض عن التأخير في الوفاء بالدين موضوع الدعوى وليست مطالبة بفوائد مقابل منح الائتمان ، وبالتالي يجوز رفع الدعوى بالمطالبة بهذا التعويض . ." وإذ كانت محكمة النقض قد بتت في هذا القضاء بأحقية المطعون ضدهما الأولين بالتعويض عن التأخير في الوفاء بالدين سواء أكان هذا الدين مدنيا أو تجارية ولا يعتبر رفع الدعوى بها مطالبة بفوائد محرمة شرعا ويجوز المطالبة بها على استقلال وإذ التزم الحكم المطعون فيه بالحكم الناقض في تلك المسائل فإن ما يثيره الطاعن بوجهي النعي يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق أن نظر ذات الاستئناف قبل النقض والإحالة مما يجعله غير صالح لنظر الدعوى ، كما أن الحكم جاء خلوا من الأسباب وقضى بالفوائد بنسبة 5% مما يترتب عليه تجاوز الفوائد أصل الدين واعتبارها فوائد مركبة محرمة شرعاً بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول – أيا كان وجه الرأي فيه – غير صحيح ذلك أن الثابت من الحكم الاستئنافى الأول الصادر بتاريخ 20/9/2006 – قبل النقض – أنه صدر برئاسة المستشار ...... بينما الحكم المطعون فيه – الصادر بعد النقض والإحالة – صادراً برئاسة المستشار ....... والنعي في شقه الثاني مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضدهما الأول والثاني فائدة سنوية بواقع 5% عن مبلغ 998.83 201 درهم للأول ومبلغ 130.35 61 درهم للثاني تأسيسا على المبلغين المذكورين محكوم بهما في الدعوى 76 لسنة 1991 وأنه إزاء خلو الأوراق من الإتفاق على نسبة الفوائد فإن المحكمة تحددها بالنسبة المذكورة اعتباراً من تاريخ المطالبة في 1/10/1991 وهو تاريخ إقامة الدعوى 76 لسنة 1991 مدني كلى العين وحتى السداد التام الحاصل في 24/3/2004 وهى أسباب سائغة تكفى لحمل الحكم ولا مخالفة فيها للثابت من الأوراق.
والنعي في شقه الأخير المتعلق بالفوائد المركبة غير صحيح ذلك أن البين من الأوراق أن القضاء بفوائد 5% عن المبلغين المذكورين عن المدة سالفة الذكر لا يتجاوز أصل الدين ومن ثم يضحى النعي بكافة أوجه على غير أساس.
ثانيا : الطعن 61 لسنة 2010 ق مدنى.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال إذ قضى برفض طلب الإغفال على سند من أن الطاعنين لم يطعنوا على الحكم الاستئنافى الأول بطريق النقض وإنما طعن عليه المستأنفين الأول والثاني فقط وان ذلك الحكم حاز قوة الأمر المقضى به في حين أن الحكم الاستئنافى الأول قد تم نقضه مع إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتقضى فيه من جديد بكامل أطرافه أمام محكمة الإحالة ومن ثم يتعين بحث الموضوع بالنسبة لكافة الخصوم دون قصره على بعض المستأنفين وإغفال الباقين بما يعيب الحكم الصادر نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية إن إجازة تقديم الخصوم طلبات إغفال هو علاج قرره المشرع لتستدرك المحكمة التي أصدرت الحكم ما فاتها الفصل فيه ،
فإذا كان المستفاد من منطوق الحكم أو أسبابه أن المحكمة قد رفضت الطلب صراحة أو ضمنا فإن الوسيلة للتظلم فيه يكون بالطعن في الحكم بإحدى الطرق المناسبة.
وكان الأصل في حجية الأحكام أنها نسبية فلا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج بها إلا على من رفع عليه ويعتبر الآخرين غير خصوم في الطعن ولا يجوز إدخالهم بعد مضى ميعاد الطعن ولا يجوز الاحتجاج منهم أو ضدهم بالحكم الصادر في الطعن فيما عدا الحالات الواردة على سبيل الحصر في المادة 156 من ذات القانون. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجاب على طلب الإغفال المقدم من الطاعنين بأن الحكم الاستئنافى السابق الصادر بتاريخ 20/9/2006 – قبل النقض والإحالة لمصلحة آخرين – قد غدا قطعياً لعدم قيامهم بالطعن عليه ، وأن الاستئناف المطروح على محكمة الإحالة بعد النقض قاصر على كل من " ...... " " و ...... " فقط دون الطاعنين ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك رفض طلب الإغفال ، وكانت الأوراق قد خلت من توافر أي من الحالات الاستثنائية الواردة في المادة سالفة البيان فإن النعي يضحى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.

* * *