الطعنان رقما 74 و135 لسنة 2011
صادر بتاريخ 13/11/2012 اداري
هيئة المحكمة: الرئيس الدكتور عبد الوهاب والمستشارون شهاب عبد الرحمن الحمادي ومحمد عبد الرحمن الجراح والبشير بن الهادي زيتون ومحمد احمد عبد القادر.
1 - تعريف الهيئة العامة في المحكمة الاتحادية العليا وتحديد اختصاصها.
2 - اعتبار دعوى الغاء القرار الاداري دعوى عينية هدفها مراقبة مشروعية القرار الاداري بصرف النظر عن الجهة الادارية الصادر عنها.
3 - مفهوم الالغاء القضائي للقرار الاداري وتحديد اثره.
4 - وقوف سلطة القاضي الاداري عند حدّ القضاء بإلغاء القرار الاداري المشوب بعيب عدم المشروعية دون جواز القضاء بإلزام الادارة القيام او الامتناع عن عمل ما.
5 - صدور حكم الغاء القرار الاداري مؤدٍ الى اعتبار القرار الملغى غير موجود مع التزام جهة الادارة بإتخاذ الاجراءات الكفيلة إعادة بناء المراكز القانونية.
6 - حق رافع دعوى الغاء القرار الاداري في المطالبة بالتعويض عن القرار الاداري الملغى كون حكم الالغاء بمثابة اعلان عن خطأ الادارة.
7 - انتهاء الهيئة العامة في المحكمة العليا عملاً بدورها القضائي واختصاصها الى القضاء بإلغاء القرار الاداري المشوب بعيب عدم المشروعية بعد ثبوت صدور احكام متعارضة من الدوائر الادارية في مسألة اعادة الموظف الى عمله.
8 - سلطة الهيئة العامة بالمحكمة العليا في التصدي للفصل في موضوع الاحالة عند فصلها في مسألة العدول عن مبدأ مستقر او في قرار متعارض مع المبادىء القانونية في ملف محال اليها في احدى دوائر المحكمة.
9 - اعتبار اخطاء الادارة المتتالية بسبب نشاط اداري واحد اخطاءً مندمجة مشكلة خطأً قانونياً واحداً.
10 - صحة الحكم القاضي بإلغاء قرار مؤسسة صندوق الزواج انهاء خدمة احد الاعلاميين لديها لثبوت خطأ الادارة في انهاء الخدمة خارج الحالات المحددة حصراً في القانون اضافة الى ادخالها الغش والتلاعب على محكمة التصدّي.
11 - اعتبار الالتزام بحجية الحكم الملتمس فيه والصادر عن المحكمة العليا متمثلاً بوقوف الهيئة العامة في المحكمة العليا عند حد تقرير العدول عن المبدأ القانوني موضوع الدعوى دون المساس بمسألة القضاء بإلغاء القرار الاداري.
12 - اكتساب الحكم قوة الامر المقضي مؤدٍّ الى عدم جواز مناقشة الخصوم المسألة المفصول فيها بالحكم.
13 - صحة الحكم المنتهي الى الالتزام بحجية حكم الالتماس في مسألة التلاعب والغش من الادارة والغاء قرار انهاء خدمة احد الاعلاميين في مؤسسة صندوق الزواج.
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن– تتحصل في أن الطاعنة – في الطعن 74 لسنة 2011 إداري – أقامت الدعوى رقم 137 لسنة 2008 إداري كلي أبوظبي اختصمت فيها المطعون ضدهما في ذات الطعن، بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن أن يؤديا لها بصفتها مبلغ 60/148,1,054 درهما قيمة مستحقاتها من رواتب وعلاوات وبدل أجازة من تاريخ إنهاء خدمتها في 1/2/2002 وحتى تاريخ عودتها إلى عملها، بالإضافة إلى مبلغ مليوني درهم تعويضا ماديا وأدبيا عما لحقها من أضرار، زائدا فوائد المبلغ المحكوم به من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وحتى تمام السداد. على سند من أنها بتاريخ 1/7/2001 التحقت بالعمل لدى صندوق الزواج بوظيفة إعلامي بالدرجة الأولى، وبتاريخ 1/2/2002 صدر القرار الإداري رقم (3) لسنة 2002 بإنهاء خدمتها. وأنه وإذ صدر لصالحها حكم في الدعوى رقم 120 لسنة 2002 إداري كلي أبوظبي يقضى بإلغاء ذلك القرار وما ترتب عليه من آثار، وبعد أن أصبح هذا الحكم باتا، أقامت دعواها الماثلة (137/2008). ومحكمة أول درجة ندبت خبيرا في الدعوى وبعد أن قدم تقاريره الأصلية والتكميلية، قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما بصفتهما بأن يؤديا للطاعنة 60/952,309 درهم قيمة مستحقاتها المالية، ومبلغ - / 200,000 درهم تعويضا ماديا وأدبيا. استأنف المحكوم ضدهما قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 131 لسنة 2010 إداري أبوظبي. ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 31/1/2011 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من مستحقات الطـاعنـة (المستأنف ضدها )، وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض مادي وأدبي، طعن الطرفان على قضاء محكمة الدرجة الثانية بطريق النقض بالطعنين رقمي 74,135 لسنة 2011 نقض إداري. وإذ عرضا على الدائرة الإدارية في غرفة مشورة، ورأت جدارتهما بالنظر في جلسة فقد تم نظرهما على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وحيث إن الدائرة الإدارية، رأت بجلستها المنعقدة بتاريخ 15/6/2011 إحالة الطعنين معا إلى الهيئة المشكلة وفقا لنص الفقرة الأولى من المادة (65) من قانون المحكمة الاتحادية العليا للفصل فيه عملا بالفقرة الثانية من المادة المذكورة. على سند من أن هذه المحكمة أصدرت إحكاما تقرر أن الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمة الموظف يترتب عليه ضرورة إعادته إلى الخدمة وصرف كافة مستحقاته المالية، وأن ذلك لا يعد تدخلا أو حلولا للسلطة القضائية محل السلطة الإدارية. وإنما هو إعمال لحق السلطة الأولى في الرقابة القضائية والقانونية على القرارات التي تصدرها السلطة الثانية، وأن ذلك لا يتعارض مع قاعدة " الأجر مقابل العمل " طالما كان منع الموظف من أداء عمله راجعا إلى جهة الإدارة، سواء كان المانع ماديا أو قانونيا. بينما صدرت أحكام أخرى تقرر أنه ولئن كان مقتضى إلغاء قرار إنهاء الخدمة أن تصبح الرابطة الوظيفية وكأنها لا زالت قائمة، إلا أنه ليس من شأن ذلك أن يعود للموظف حقه في الراتب طوال مدة سريان قرار الإنهاء، لأن الأصل أن الراتب مقابل العمل الوظيفي وليس للموظف سوى الحق في التعويض عن الإنهاء غير المشروع إذا توافرت عناصره. وأنه ليس للمحكمة أن تتدخل في صميم أعمال السلطة الإدارية، وأن مهمتها قاصرة على مجرد إلغاء القرارات الإدارية التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون.
وحيث إن الهيئة إذ نظرت الطعنان على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، فقد قررت حجزهما للحكم بجلسة اليوم.
وحيث إنه يتعين بداية التنويه إلى أن هذه الهيئة، هي في حقيقتها إحدى دوائر المحكمة الاتحادية العليا. غير أن المشرع حدد تشكيلها في المادة (56) من قانون المحكمة، ولم يتركها للجمعية العمومية للمحكمة تشكلها كما في باقي دوائرها. فهي تتألف من رئيس المحكمة أو من ينوب عنه رئيسا، ومن عضوية أربعة قضاء لا يزيد عدد المناوبين فيهم على قاضيين.كما حدد المشرع كذلك اختصاصاتها بالنظر والفصل فيما يحال إليها من دوائر المحكمة الأخرى – عدا دائرة المواد الدستورية – من دعاوى أو طعون، للعدول عن مبدأ مستقر، أو النظر في المبادئ المتعارضة التي سبق صدورها من المحكمة، وتصدر الهيئة إحكامها بالعدول بأغلبية أربعة قضاة على الأقل. وهي إذ تنظر في الدعوى أو الطعن المحال إليها، تملك السلطة الكاملة في العدول عن مبدأ إلى مبدأ آخر، أو ترجيح مبدأ قانوني على مبدأ قانوني آخر سبق صدوره، دون أن تحاج أو تواجه بأن العدول قد يضر بمن صدر الحكم في الدعوى أو الطعن لصالحه. وهي إذ تنظر في النزاع، إنما تنظره باعتبارها محكمة آخر درجة، وأن حكمها هو الحكم البات الذي لا معقب عليه.
وحيث إن دعوى إلغاء القرار الإداري، هي دعوى عينية يبتغي رافعها مخاصمة القرار الإداري في ذاته بغض النظر عمن أصدره، استهدافا لمراقبة مشروعيته، وأن
الإلغاء القضائي للقرار الإداري هو جزاء لمخالفته مبدأ المشروعية، يؤدي إلى إلغاء القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه كما لو كان هذا القرار لم يصدر قط، دون أن يتوقف ذلك على تدخل جهة الإدارة. بيد أنه جرى الأمر على أن تصدر الإدارة قرارا كإجراء تنفيذي مادي بحت لإزالة القرار الملغي تنفيذا للحكم وقيامها بواجبها الذي تفرضه عليها الصيغة التنفيذية التي تزيل بها الأحكام القضائية تأكيدا لما تضمنه الحكم، باعتبار أن المحكوم له إنما يستمد حقه مباشرة من ذات الحكم الحائز لقوة الشيء المحكوم فيه، لا من القرار الصادر تنفيذا له والتي لا تملك الجهة الإدارية سلطة تقديرية في صدوره، وإنما تلتزم فيه منطوق الحكم وتنقل مضمونه من نظام القضاء إلى نظام المجال الإداري باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار المقضي بعدم مشروعيته.
وحيث إن الأصل، أن سلطة القاضي الإداري تقف عند حد القضاء بإلغاء القرار الإداري المشوب بعيب عدم المشروعية، ولا تتجاوز سلطته في هذا الصدد إلى حد القضاء بإلزام الإدارة القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.كالأمر بإعادة الموظف إلى عمله، أو ترقيته أو صرف مرتبة أو مستحقاته، أو الأمر بإزالة بناء تم تشييده أو غير ذلك من إعمال الإدارة ،إلا إذا نص القانون على خلاف هذا الأصل، ذلك أن هذا الأصل هو الذي يتوافق مع طبيعة ودور القضاء الإداري الحديث من حيث انه قضاء رقابة على مشروعية عمل الإدارة، لاضفاء رقابة على التقدير والملائمة الإدارية التي تستقل بها الإدارة وحدها. كما أن هذا الأصل يتفق مع مبدأ الفصل بين سلطات الدولة وكذلك مع مبدأ الفصل بين الإدارة العاملة والقضاء الإداري.
وأنه متى صدر حكم الإلغاء فإن القرار الملغي يعتبر كأن لم يكن وبأثر رجعي، وعلى جهة الإدارة أن تتخذ كافة الإجراءات التي تكفل إعادة بناء المراكز القانونية، بفرض أن القرار الملغي لم يصدر أصلا، وفي حال امتناعها القيام بذلك، فإن امتناعها يصبح غير مشروع ويعرضها لدعوى التعويض، لأن ذلك يعد امتناعا عن تنفيذ حكم قضائي. ولا يفوت الهيئة أن تشير في هذا الصدد إلى أن
الوقوف بدعوى الإلغاء عند حد القضاء بمشروعية أو عدم مشروعية القرار الإداري، لا يمنع رافع الدعوى من أن يضمن دعواه طلبا بالتعويض عن القرار الإداري الملغي باعتبار أن حكم الإلغاء بمثابة إعلان عن خطأ الإدارة، أو أن يرفع دعوى تعويض مبتداه أمام القاضي المدني بعد صيرورة حكم الإلغاء باتا.
وحيث إنه ولما كانت الدائرة الإدارية بهذه المحكمة، قد أصدرت عدة أحكام متعارضة في هذا الصدد، سارت بعضها في الاتجاه الذي يقضي بإعادة الموظف إلى عمله وباستحقاقه لجميع مستحقاته الوظيفية إن قضى بإلغاء القرار ( الاتجاه الأول ) ]الطعن 89 لسنة 21 قضائية عليا، جلسة 21/2/2001. الطعن رقم 20 لسنة 25 قضائية عليا، جلسة 30/3/2003. الطعن رقم 130لسنة 26 قضائية عليا، جلسة 23/5/2004. الطعن رقم 772 لسنة 25 قضائية عليا، جلسة 19/12/2004. الطعن رقم 177 لسنة 26 قضائية عليا، جلسة 19/4/2006. الطعن رقم 143 لسنة 27 قضائية عليا، جلسة 25/6/2006 الطعن رقم 160 لسنة 2009 نقض إداري، جلسة 30/9/2009[ فيما نحت أحكام أخرى باتجاه الوقوف عند حد القضاء بإلغاء القرار الإداري غير المشروع ( الاتجاه الثاني ) ] الطعنان رقما 438,419 لسنة 25 قضائية عليا، جلسة 30/4/2006. الطعن رقم 224 لسنة 26 قضائية عليا، جلسة 15/10/2006. الطعنان رقما 511,506 لسنة 2009 نقض إداري، جلسة 12/5/2010[ فإن الهيئة وإعمالا لدورها القضائي وعملا باختصاصاتها القانونية، وتأسيسا على ما أفصحت عنها من أسباب، تقر المبدأ الذي يقف بالقضاء الإداري – كأصل عام – عند حد القضاء بإلغاء القرار الإداري المشوب بعيب عدم المشروعية، دون ما يخالفه من مبادئ.
وحيث إن قضاء الهيئة بالمحكمة قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى دوائر المحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة للنظر في العدول عن مبدأ مستقر أو في إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية، فإن الهيئة إذا ما فصلت في مسألة العدول أو التعارض، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة المحيلة، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل فيه بعد أن قالت كلمتها في موضوع الإحالة.
وحيث إن الطعنين سبق القضاء باستيفائهما لشروطهما وأوضاعهما الشكلية.
أولا : الطعن رقم 74 لسنة 2011 نقض إداري.
حيث إن مبنى الطعن بسببيه يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه حينما قضى دون رد أو تسبيب كافيين بإلغاء الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من أحقية الطاعنة في التعويض، على سند من أن القضاء بإعادتها إلى عملها وصرف كافة مستحقاتها الوظيفية، يعد تعويضا كافيا عما أصابها من أضرار. حال أن ما قضى للطاعنة من مبالغ مالية يعد أثرا لقضاء الإلغاء، وهو قضاء منفصل عن طلب التعويض الذي يتأسس على الخطأ الذي اقترفته الإدارة " مؤسسة صندوق الزواج " من حصول غش وتلاعب باصطناع قرار وقف الطاعنة عن العمل، أسفر عن إطالة أمد الفصل في النزاع وتكبد الطاعنة لمصاريف التقاضي وما قاسته من آلام نفسية لكثرة المراجعات. وهو ما لم يفطنه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه متى تتابعت أخطاء الإدارة بسبب نشاط إداري واحد، فإن أخطاءها تندمج معا لتشكل خطأ قانونيا واحدا تسأل عنه الإدارة.
ولما كان البين من سائر أوراق الطعن أن الإدارة " مؤسسة صندوق الزواج " أصدرت قرارها الإداري رقم (3) لسنة 2002 بإنهاء خدمة الطاعنة، وأن هذا القرار الغي بالحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 30/9/2002، لصدوره خارج إحدى حالات إنهاء الخدمة المنصوص عليها حصرا في قانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية (القانون الواجب التطبيق وقتذاك) وبعد مضى فترة الاختبار المنصوص عليها كذلك في ذات القانون. وأنه وأثناء مراحل نظر النزاع المتعددة قدمت المؤسسة المطعون ضدها القرار الإداري رقم (142) لسنة 2001 تأييدا لدفاعها من أن إنهاء خدمة الطاعنة تم خلال فترة الاختبار، وأنه وبناء على هذا القرار قضت المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 733 لسنة 27 ق.ع نقض إداري عند تصديها لموضوع الدعوى برفض دعوى الطاعنة. وإذ التمست هذه الأخيرة من حكم التصدي بعد أن تبين لها الغش والتلاعب اللذين قامت بهما الإدارة ( مؤسسة صندوق الزواج ) على محكمة التصدي، فقد قضت محكمة الالتماس بجلسة 25/5/2008 في الالتماس رقم 4 لسنة 2007 ق.ع نقض إداري بإلغاء الحكم الملتمس منه وتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 30/9/2002. وكان مفاد ما سبق أن الإدارة أخطأت مرتين : أولهما عندما أصدرت قرار الانتهاء خارج الحالات الحصرية لإنهاء الخدمة المنصوص عليها في القانون. وثانيهما حينما أدخلت الغش والتلاعب على محكمة التصدي، وهما خطآن ارتكبتهما الإدارة ( مؤسسة صندوق الزواج) بسبب نشاط إداري واحد وهو إنهاء خدمة الطاعنة، الأمر الذي يوجب اعتبارهما خطأ واحدا لاندماجهما معا. وإذ قضى الحكم المطعون فيه – أيا ما كان الأساس الذي أقام عليه قضاءه – برفض طلب التعويض المادي والأدبي عن خطأ الغش والتلاعب، اكتفاء بما قضى للطاعنة كأثر لإلغاء قرار إنهاء خدمتها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويغدو النعي في غير محله، مما يتعين معه رفضه.
ثانيا : الطعن رقم 135 لسنة 2011 نقض إداري.
حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب عندما قضى بأحقية المطعون ضدها لكافة ما كانت تتقاضاه من رواتب وعلاوات وبدلات.في حين انه ولئن كان مقتضى الحكم بإلغاء قرار إنهاء الخدمة وما ترتب على ذلك من آثار، اعتبار مدة خدمة الموظف متصلة، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في الراتب، لان الأصل في الراتب أنه مقابل العمل، ولما كانت المطعون ضدها لم تعمل من تاريخ إنهاء خدمتها، فإنها لا تستحق ما قضى لها من رواتب وغيرها من المستحقات. كما أن واقعة الغش والذي قضى حكم الالتماس على أساسها بإلغاء الحكم الملتمس فيه وبتأييد الحكم المستأنف، فقد صدر قرار النيابة بحفظ البلاغ المقدم من المطعون ضدها بشأن الواقعة.فضلا عن أن حجية حكم الالتماس لا تعني استحقاق المطعون ضدها لكل البدلات كما ورد بتقرير الخبير المنتدب الذي انفردت محكمة أول درجة بتأييده، دون الحكم المطعون فيه الذي تخلى عن إعمال رقابته على هذا التقرير، الأمر الذي يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي في شقه المتعلق برواتب المطعون ضدها وعلاوتها وبدلاتها، سديد بما ساقته هذه الهيئة في معرض فصلها في طلب الإحالة، وما انتهت إليه من أن الأصل أن سلطة القاضي الإداري تقف عند حد القضاء بإلغاء القرار الإداري المشوب بعيب عدم المشروعية، ولا تتجاوز سلطته في هذا الصدد إلى حد القضاء بإلزام الإدارة القيام بعمل أو الامتناع عن عمل إداري، مما كان يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تأييد الحكم المستأنف إلزام الإدارة بإعادة المطعون ضدها إلى عملها وصرف رواتبها وكافة مستحقاتها.إلا أنه والتزاما من الهيئة بحجية الحكم الملتمس فيه الصادر عن هذه المحكمة في الالتماس رقم (4) لسنة 2007 بتاريخ، 25/5/2008، والذي هو حكم بات وملزم، فإن الهيئة تقف عند حد تقرير العدول عن المبدأ، دون المساس بما قضى به حكم الالتماس من تأييد الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 30/9/2002.
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بسلامة قرار إنهاء خدمة المطعون ضدها وانتفاء التلاعب والغش، فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن قوة الأمر المقضى التي اكتسبها الحكم تحول دون معاودة الخصوم مناقشة ما اكتسبه الحكم في هذا الشأن.
ولما كان حكم الالتماس آنف البيان قد بحث مسألة التلاعب والغش وانتهى إلى وقوعهما، ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء الحكم الملتمس فيه ( الذي انتهى إلى رفض الدعوى )، وتأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بإلغاء قرار إنهاء خدمة المطعون ضدها وما ترتب على ذلك من آثار وبإعادتها إلى وظيفتها وصرف كافة مستحقاتها وقد حاز هذا الحكم قوة الأمر المقتضى به، مما يمتنع معه على الطاعنين معاودة بحث المسألة مرة أخرى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه حجية حكم الالتماس في هذا الصدد، فإن النعي عليه في هذا الشق يضحى على غير أساس.

* * *