الطعن رقم 534 لسنة 2013 مدني
صادر بتاريخ 13/5/2014
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/شهاب عبدالرحمن الحمادي رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة: مصطفى الطيب حبوره والحسن بن العربي فايدي.
1- سلطة محكمة الموضوع في تقدير مشروعية فصل صاحب العمل المدعى عليه للعامل المدعي.
2- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بعدم مشروعية فصل المطعون ضده لحصوله دون إنذار ودون اتخاذ الإجراءات القانونية ودون تقديم الدليل على تعديه على صاحب العمل المدعى عليها ولعدم اعتبار مديونية العامل لأحد البنوك والذي استندت إليه المؤسسة في إخطار الفصل مبرراً مشروعاً لفصله من العمل سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
3- ماهية بدل الإجازة.
4- وقوع عبء اثبات استنفاد العامل لمدة الإجازة أو أي جزء منها على عاتق صاحب العمل.
5- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده في كامل بدل الإجازة المستحقة عن السنتين السابقتين لإنهاء خدمته على سند من إقرار صاحب العمل أمام دائرة العمل بأحقية المطعون ضده في المطالبة بمستحقاته القانونية ولعدم تقديم الطاعنة الدليل على صرف رواتبه خلال الإجازة أو صرف البدل المقرر لها استخلاصاً سائغاً مبنياً على ما له أصله الثابت بالأوراق.
6- ماهية الاقرار.
7- عدم اعتبار إدعاء الشخص بأن الآخر مدين له بدين متنازع عليه بينهما إقرارا بما يطالب به من مقدار.
8- سلطة محكمة الموضوع في تفسير سائر المحررات في الدعوى شرط ألا تكون قد اجتزأت من أي من المحررات ما أقامت عليه قضاءها دون جزء مكمل لما اجتزأته له مدلوله وأثره وبما يناهض ما توصل إليه الحكم من تفسير ونتيجة.
المحكمـة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق الطعن– تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 1558/2012 عمالي كلي الشارقة على المؤسسة الطاعنة انتهى فيها إلى طلب الحكم بأن تؤدي له مبلغ 343,202 درهماً قيمة مستحقاته العمالية عبارة عن رواتب متأخرة، بدل عمولة، بدل إنذار، تعويض عن الفصل التعسفي، بدل إجازة سنوية، مكافأة نهاية الخدمة، بدل تذكرة عودة للبلاد وبدل هواتف ومصاريف نثرية، على سند من أنه عمل لديها اعتباراً من 9/2/2010 وحتى 4/3/2012 بأجر شهري مقداره 31,000 درهم، وأنها قامت بفصله دون مبرر مما يحق له المطالبة بهذه المستحقات. كما وأقامت الطاعنة دعوى متقابلة انتهت فيها إلى طلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي لها مبلغ135,652 درهماً وتعويض عن بدل الإنذار، 7500 تعويض عن فسخ عقد العمل ومحكمة أول درجة ندبت خبيراً في الدعويين وبعد أن قدم تقريره حكمت في 29/4/2013 " أولاً: في الدعوى الأصلية: بإلزام المدعى عليها أن تؤدي للمدعي مبلغاً وقدره 151,427 درهماً و. . . . بدل تذكرة العودة . . . حال انتهاء الإقامة وألزمتها بالفائدة التأخيريه بواقع 5% سنوياً . . . ورفضت ماعدا ذلك من طلبات. ثانياً: في الدعوى المتقابلة: بقبولها شكلاً وفي موضوعها برفضها بالنسبة للطلبين الأول والثاني وبعدم قبول الطلب الثالث . . . )). استأنف المطعون ضده والطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين 518، 677/2013 عمالي الشارقة على التوالي، ومحكمة الاستئناف قضت في 28/7/2013 " في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف والقضاء في موضوع الدعويين الأصلية والمتقابلة بإلزام المستأنفة ( المؤسسة ) بأن تؤدي للمستأنف ضده ( العامل ) مبلغ 87,875 درهماً وتذكرة عوده إلى موطنه عن الإلغاء والمغادرة ))، فكان الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالوجه الثالث من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله، حين قضى بأن فصل المطعون ضده كان تعسفياً ورتب على ذلك استحقاقه للتعويض عن الفصل وبدل الإنذار ومكافأة نهاية الخدمة ملتفتاً عن دفاعها المؤيد بالمستندات أنه قام بإرسال رسائل عبر البريد الالكتروني صادرة من " الايميل " الخاص به يحمل جزءاً منها سباباً لمدير الطاعنة وألفاظاً غير لائقة أدبياً في التعامل المنهي ومنها – معذرة – عبارة " كنت اعتقد أنني أشكلأهمية لصديقي أكثر من . . . .( الساقطات ) اللواتي يحتفظن بأغراضهن لديه لشهود دون أن يشكروه ولهذا السبب لم استأذن منه – في تخزين أغراض صديقه الذي توفي أثناء المعرض في مكتب المدير – ولكن الآن فهمت أنني مخطئ. )) إلا أن المحكمة رفضت اعتبار هذه العبارات اعتداء على صاحب العمل بالقول والكتابة، كما أن المطعون ضده أصر على ذلك وعدم تقديم اعتذار لصاحب العمل مدير الطاعنة بالرغم من لفت نظره لذلك خطاياً بالخطاب المؤرخ 5/2/2013 ولم يمتثل لتعليمات الإدارة وترك العمل بإرادته المنفردة ودون سابق إنذار أو عذر مشروع مدعياً أن الرسالة المسيئة لم تصدر منه وأن صاحب الطاعنة هو الذي بعثها لنفسه، بما يجعل فصلها له دون إنذار مشروعاً، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها – وعلى ما هو مقرر – وصولاً إلى ما إذا كان فصل صاحب العمل المدعى عليه للعامل المدعي كان مشروعاً ووفق أحكام القانون من عدمه من سلطة محكمة الموضوع متى جاء قضاؤها في ذلك سائغاً له أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمله.
لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أسست مشروعية فصلها للمطعون ضده على أحكام الفقرتين (ه) و(ط) من المادة 120 من قانون العمل واللتان تنصان على حالتي عدم قيام العامل بواجباته الأساسية وقيام العامل أثناء العمل بالاعتداء على صاحب العمل أو زملائه فيه، إلا أنها أسست طعنها الماثل على ما ادعته من واقعة اعتداء المطعون ضده على صاحب العمل بالقول والكتابة وعلى التفصيل السالف بيانه بوجه النعي، وقد أنكر المطعون ضده صدور هذه الرسائل منه، وبأن رقم الايميل الصادرة عنه الرسالة التي تستند إليه الطاعنة لا يخصه، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض دفاع الطاعنة على سند من أنها قامت " بفصل العامل من العمل دون إنذار ودون اتخاذ الإجراءات القانونية ودون سبب مشروع للفصل ودون أن تقدم الدليل على تعديه على صاحب المدعى عليها بالقول ولإنكار العامل إرساله للبريد الالكتروني للمؤسسة ولأن مديونية العامل لأحد البنوك والذي استندت إليه المؤسسة في إخطار الفصل ليس مبرراً مشروعاً لفصله من العمل "، وكان هذا الاستخلاص سائغاً له أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمل الحكم، وبما يضحى معه النعي جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها، وفي ضوء فشل الطاعنة في تقديم الدليل الرسمي أو غيره الذي يثبت صدور هذه الرسالة – أيا كان وجه الرأي في مدى اعتبارها تعدياً على صاحب العمل أثناء العمل في معنى الفقرة (ط) من المادة 120 – من المطعون ضده، بما يوجب رفضه.
حيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ حين قضي للمطعون ضده بمقابل أجازه ستين يوماً على سند من أنها لم تقدم الدليل على حصوله على أجازات أثناء فترة عمله بلغت 35,5 يوماً ودون أن تخصم منه أية مبالغ عن هذه المدة، وأن خبير الدعوى قام بخصمها من مقدار مدة الإجازات المستحقة له وانتهى إلى أن مقدار المتبقي منها هو 34 يوماً يستحق عنها مبلغ 24,937 درهماً، بما يعيب الحكم ويستوجب نفضه.
وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد النص في المادتين 78 و 79 من قانون العمل أن بدل الإجازة هو البدل النقدي المستحق للعامل حال عدم حصوله أثناء مدة عمله على إجازته السنوية أو عن المترصد من إجازاته المستحقة عند فصله تعسفياً أو تركه العمل بعد مدة الإنذار المقررة بجانب حقوقه الأخرى،
كما ومن المقرر أن على صاحب العمل اثبات استنفاد العامل لمدة الإجازة أو أي جزء منها وفق أحكام القانون.
- لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد استندت في دفاعها إلى كشف أعدته من جانبها أوردت فيه تفاصيل مدد قالت بأن المطعون ضده حصل عليها تراوحت ما بين نصف يوم ويوم واحد وخمسة أيام وسبعة أيام وثمانية عشر يوماً دون تقديم مستندات تؤيد هذا الكشف ودون بيان ما إذا كانت هذه المدد بطلب من المطعون ضده خصماً على إجازته السنوية، وإذا قام الحكم المطعون فيه قضاءه بأحقيته في كامل بدل الإجازة المستحقة عن السنتين السابقتين لإنهاء خدمته – وأن احتسبه على المرتب الأساسي – على سند من أن صاحب العمل أقر أمام دائرة العمل بأحقية المطعون ضده في المطالبة بمستحقاته القانونية – دون تحفظ – ولعدم تقديم الطاعنة الدليل على صرف رواتبه خلال الإجازة أو صرف البدل المقرر لها، وكان هذا الاستخلاص سائغاً مبنياً على ماله أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمله، لا يعيبها لتفاته عما توصلت إليه الخبرة من استحقاق المطعون ضده لبدل عن 34 يوماً فقط بقيمة 24,933 درهماً في ضوء عدم بيانه - الخبير – لكيفية احتسابه لهذه المدة وسندها من المستندات والقانون، بما يضحى معه النعي قائماً على غير سند متعين الرفض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيقه القانون، وإذ احتسب للمطعون ضده كامل راتب شهر فبراير2012 في حين أن الثابت بالمستندات وأعمال الخبرة أنها قامت في 5/2/2012 بإنذاره بالفصل مع خصم خمسة أيام من مرتبه لإرساله لصاحبها رسائل تحمل عبارات مسيئة له وغير لائقة وقد تسلم تلك الرسالة دون أي ملاحظات بما يشكل اعترافاً ضميناً منه بصحة هذا الخصم، ثم قامت بفصله من العمل في 25/2/2012 دون اعتراض، ومن ثم فلا يستحق سوى 25 يوم عمل مخصوماً منها خمسة أيام ليكون صافي المستحق له من عن شهر فبراير مرتب 20 يوماً فقط بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستحقاق المطعون ضده لكامل أجر فبراير على سند من أن الطاعنة أخطرته في 25/2/2012 بإنهاء خدمته مع منحه مهلة 30 يوماً، ثم أخطرته بكتابها المؤرخ 1/3/2012 بإنهاء خدمته مع إلغاء مهلة الإنذار مع تسليمه مستحقاته العمالية والذي استلمه في 4/3/2012 وبالتالي تكون مدة خدمته من 1/2/2010 إلى 1/3/2012، وبأنه يستحق راتب فبراير ومقداره 25,000 أخذاً بإقرار صاحب العمل أمام دائرة العمل، وكان هذا الاستخلاص سائغاً متفقاً مع ماله أصله الثابت بالأوراق وفي ضوء عدم ثبوت مشروعية خصم الأيام الخمس التي تطالب الطاعنة بخصمها عن المطعون ضده على ما سبق تقريره، بما يضحى معه النعي في حقيقته جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، إذ قصر مديونية المطعون ضده في دعواها المتقابلة في مبلغ 39,000 درهم على سند من أن صاحبها أقر بذلك أمام دائرة العمل وأخذاً كذلك بما قرره المطعون ضده في مذكراته، في حين أن رسالتها إليه تضمنت أن هذا المقدار أن هو إلا تقدير مبدئي للمديونية وجارٍ إحصاء كافة ديونه للمؤسسة وكذلك الديون الأخرى الشخصية، كما أن خبير الدعوى قدر هذه المديونية بمبلغ 123,000 درهم بعد إطلاعه على كافة المستندات بما فيها الشيكات التي تسلمها من الطاعنة وبعد خصم ما تم سداده من قبله، فيكون الحكم من ثم قد استند إلى مديونية مؤقتة وأطرح تقرير الخبرة في هذا الخصوص، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى النص في المادة 51 من قانون الإثبات أن الإقرار هو أخبار الإنسان ويشكل قاطع ومحدد عن حق عليه لآخر معفياً بذلك هذا الآخر من إثباته،
ومن ثم فلا يعد الادعاء بأن هذا الآخر مدين له بدين متنازع عليه بينهما إقرارا بما يطالب به من مقدار وإنما يعد ادعاءً منه بذلك المقدار،
وأنه وأن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير سائر المحررات في الدعوى إلا أن شرط ذلك ألا تكون قد اجتزأت من أي من المحررات ما أقامت عليه قضاءها دون جزء مكمل لما اجتزأته له مدلولة وأثره وبما يناهض ما توصل إليه الحكم من تفسير ونتيجة.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طرفي الدعوى متفقان على أن مقدار ما استدانة للمطعون ضده من الطاعنة خلال فترة عمله الممتدة من 9/2/2010 وحتى 1/3/2012 هو مبلغ 150,000 درهم في الجملة وانحصر النزاع في مقدار المسدد والمتبقي منه حيث يدعي المطعون ضده سداده لستة عشر قسطاً بواقع 6,000 درهم شهرياً وقسط بقيمة 15,00 خصمت جميعها من مجموع مرتبة لصالح مديونيته ولما مجموعه 111,000 درهم وأن المتبقي عليه هو مبلغ 39,000 درهم بينما تدعي الطاعنة أن المدفوع هو مبلغ 27,000 درهم في الجملة والمتبقي 123,000 درهم، هذا وقد طلب المطعون ضده من خبير الدعوى مراجعة قيود المؤسسة وحساباتها خلال مدة عمله للوقوف على مقدار ما سدده إلا أنه لايبين من تقريره مراجعته لما توفر من تلك القيود وبالأخص ما كان يودع في حساب المطعون ضده المصرفي، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتحديد مقدار المتبقي من المديونية على أنه مبلغ 39,000 درهم على دعامة واحدة وهي أن صاحب العمل أقر أمام دائرة العمل وعلى ما ورد في كتاب الإحالة المؤرخ 19/3/2012 بأن مديونية المطعون ضده هي مبلغ 39,000 درهم مجتزءاً ما ورد في هذا الكتاب من أن صاحب العمل أفاد قائلاً: ((ونطالبه بمبالغ مالية لا تقل عن 39,000)) وهو مالا يستفاد منه أن المديونية المطالب بها هي تحديداً 39,000 درهم حيث أن عبارة " لا تقل عن " قد تعنى أن المديونية تزيد عن هذا المقدار، وفي ضوء ما جاء في كتاب الطاعنة للمطعون ضده المؤرخ 1/2/2012 والملازم لقرار فصله بأنه " في إطار حساب الديون النقدية المشغولة بها ذمتكم لصالح المؤسسة يرجى العلم أنها في تاريخ 1/فبراير/2012 تساوي مبلغ 39,000 درهم وذلك في مراجعة مبدئية، تقوم الآن بمراجعة كافة ديونكم لصالح المؤسسة شاملة المذكور أعلاه وكذا الديون الأخرى المتضمنة . . . "، وبالتالي فلا يكون ما أفاد به صاحب المؤسسة اقراراً غير قضائي بمقدار ما سدده ومقدار المتبقي عليه. وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه – باستناد خطأ إلى ما اعتبره إقرار بمقدار مديونية في حين إدعاء بذلك المقدار– عن التصدي لمستندات الدعوى المتعلقة بهذه المديونية ورأي الخبرة فيها وما انتهت إليه من أن المقدار هو 123,000 درهم فإنه يكون قد أخطأ فهم الواقع في الدعوى وشابه قصور يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعات الدعوى في هذا الخصوص، وبما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.

* * *