الطعن رقم 448 و 500 لسنة 2014 مدني
صادر بتاريخ 24/11/2014
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/شهاب عبدالرحمن الحمادي رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة: مصطفى الطيب حبورة والحسن بن العربي الفايدي.
1- اعتبار نفي الوارث الذي يدفع بعدم الاحتجاج عليه بالورقة العرفية المنسوبة إلى مورثه التوقيع عليها علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق كافياً دون ضرورة الحلف.
2- لا مجال لنفي الوارث علمه في حال عدم إنكار المورث توقيعه على المحرر حال حياته.
3- عدم جواز طعن الوارث بصحة الواقعات في المحرر إذا ناقشه المورث أو الوارث.
4- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعنات الرامي إلى استحقاقهن التعويض عن نصيب مورثهن بناء على إقرار صادر عنه باستلام قيمة نصيبه في أرض المجاز وتوجيهه اليمين الحاسمة إليهن تعسفاً لكفاية عدم علمهن بالواقعة معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
5- سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومنها تقارير الخبراء.
6- سلطة محكمة الموضوع القضاء بتعويض إجمالي عن الأضرار المادية والأدبية التي ألمت بالمضرور دون إلزامها بإتباع معايير حسابية لكل عنصر من عناصر الضرر.
7- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضده الأول بأداء التعويضات المحكوم بها لفائدة الطاعنين عن الضرر المادي والأدبي على ما ثبت له من مستندات الدعوى وتقريري الخبير المنتدب الأصلي والتكميلي والحكم الجزائي القاضي بإدانته سائغا وله أصل ثابت بالأوراق.
8- سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقارير الخبراء وتفسير العقود والإقرارات دون الخروج عن مقاصد عاقديها.
9- شروط اعتبار الإقرار القضائي ملزماً للمقر به.
10- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن التعويض في أرض المجاز موافقا مع ما قرره الطاعن بمحضر التحقيق بأن هو ووالدته لم يتمكنا من نصيبهما في أرض القاسمية وهو ما يفيد بأن المبلغ المسلم لوالدته كان مقابل نصيبهما في أرض المجاز سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق.
11- ماهية الاقرار القضائي.
12- جواز ورود الاقرار القضائي في مذكرة الدفاع المقدمة من المقر.
13- عدم اعتبار ما هو وارد على لسان الشخص تأييدا لادعائه من أقوال فيها مصلحة لخصمه من قبيل الإقرار الملزم.
14- ماهية الدفاع الملزم للمحكمة بحثه.
15- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية عن التعويض وتقدير توافر العلاقة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها دون معقب.
16- نطاق إكتساب الحكم الصادر في المواد الجزائية الحجية أمام المحاكم المدنية.
17- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت خطأ الطاعن بالاستناد إلى الحكم البات الصادر في القضية الجزائية والقاضي بإدانته بالتزوير والمشاركة فيه وهو ملزم للقاضي المدني من حيث الخطأ ونسبته إلى فاعله وقد نتج عن عمله الإجرامي ضررا بعدم شمول اسم مورثهما بالإعلام الشرعي المزور أسبابه سائغة.
18- وجوب إلمام محكمة الموضوع بكافة عناصر الدعوى وإقامة قضاءها وفقا للأدلة المطروحة عليها والرد على الدفاع الجوهري للخصوم وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور.
19- مناط سلطة محكمة الموضوع في تقدير تقرير الخبير والأخذ به محمولاً على أسبابه.
20- اعتبار إلتفات قضاء الحكم المطعون فيه عن طلب الطاعن إعادة المأمورية إلى المختبر الجنائي وأرفق مستندات للمضاهاة لتوقيع مورث الطاعنات معاصرة لتوقيعه على الإقرار المطعون فيه بالزور بالرغم من كونه دفاعاً جوهرياَ معيباً بالقصور المبطل.
المحكمــــة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق الأخرى – تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم 448 لسنة 2014 – أقاموا الدعوى رقم 4231 لسنة 2011 مدني كلي الشارقة على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن أو منفردين بأن يؤديا لهم التعويض المناسب عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية على سند من القول أن ...... و...... – والدي الطاعنين – هما شقيقان للمطعون ضدهما – ومن ضمن ورثة والدهم المرحوم ..... المتوفي بتاريخ 3/12/1978 وتم إصدار إعلام وراثة له برقم (45 ق – س – 1978 ) من محكمة أبوظبي الشرعية بتاريخ 12/12/1978 إلا أنه بتاريخ 23/5/1992 استصدر المطعون ضده الأول إعلام وراثة شرعي آخر له تحت رقم (106 ح – م – 1992) اسقط فيه اسمي والديهما (....و.....) من ورثة مورثهم الأصلي زورا واستعملا الإعلام المزور في التصرف بالبيع ونقل ملكية قطعتي الأرض المشار إليهما بالصحيفة والكائنتين بمنطقتي المجاز والقاسمية بالشارقة والمملوكتين أصلا لمورث الطرفين وبالتالي حرما مورثي الطاعنين ومن بعدهما ورثتهما من نصيبها الشرعي في قيمة هذين العقارين ؛ وقد تحرر عن ذلك القضية الجزائية رقم 2088 لسنة 2005 جنايات الشارقة ضد المطعون ضده الأول بتهمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو – الإعلام الشرعي – الأخير واستعماله ؛ وقد أدين المذكور وتمت معاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ بحكم نهائي وبات ؛ وان ما أتاه ألحق بالطاعنين أضرارا مادية متمثلة في حرمانهم من نصيبهم الشرعي في ثمن بيع الأرض المباعة وتفويت الفرصة عليهم في بيعها بالسعر الحالي المرتفع كما لحقتهم أضرارا معنوية تتمثل في التشكيك في نسبهم والإساءة لسمعتهم مما اضطروا معه إلى رفع هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان؛ قضت محكمة أول درجة بجلسة 25/3/2012 بندب خبير في الدعوى ونفاذا لهذا القضاء باشر المهمة وأودع تقريرا خلص فيه إلى (1) أن المطعون ضده كان يضع يده على أرض القاسمية وهو الذي باعها (2) وأن المطعون ضده الثاني كان يضع يده علي أرض المجاز وهو من قام ببيعها – (3) قدم المطعون ضدهما إيصال استلام المرحوم ..... مورث الطاعنين (الأولين) لنصيبه من بيع أرض المجاز ومحضر شرطة رسمي يفيد استلام والدة الطاعن الثاني والوصية عليه باعتباره قاصراً بكامل نصيبه الميراثي في كل شركة المتوفي (4) أودع المطعون ضده الثاني مبلغ (2024,24) درهم كباقي من الحصة الميراثية لورثة الطاعنين الاولين الأول ومبلغ 3,533,66 درهم الباقي من الحصة الميراثيه لوالدة الطاعن الثاني– خزينة المحكمة تصرف لهم دون قيد أو شرط – (5) ثبت أن سعر البيع يتفق مع سعر السوق ؛ وبعد الاطلاع على التقرير طعنت الطاعنة الأولى بالجهالة على إقرار استيلام والدها ..... بتاريخ 3/1/1994 لمبلغ (257,000) درهم نصيبه في ثمن أرض المجاز – وبجلسة 28/2/2013 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بتقديم مستندات رسمية أو عرفية معترف بها من المطعون ضدهما وذلك لإجراء المضاهاة – بمعرفة المحكمة – بينها وبين التوقيع المذيل به هذا الإقرار تمهيداً لتحقيق الطعن بالجهالة وإن كان له مقتضي ؛ وإلزام الطاعنين بتحديد مبلغ التعويض – محل المطالبة ونفاذا لذلك قدم الطاعنون مذكرة تضمنت تحديد الطاعنين الأولين للتعويض بمبلغ أربعة ملايين درهم وللطاعن الثاني مبلغ خمسة مليون درهم كتعويض مطالب به كما قدما مستندين للمضاهاة وبعد اطلاع المحكمة على المستندين ، وبجلسة 5/6/2013 قضت المحكمة برفض الدعوى ، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 826 لسنة 2013 مدني ؛ وبجلسة 30/9/2013 قضت محكمة الاستئناف بندب المختبر الجنائي بالشارقة لإجراء المضاهاة ونفاذاً لذلك باشر الخبير المهمة وأودع تقريراً خلص فيه إلى أنه تعذر الجزم بأن التوقيع المنسوب للمرحوم/ ...... والمذيل به المحرر العرفي المؤرخ في 3/1/1994 يخصه وصادر عن يده من عدمه؛وبجلسة 25/2/2014 قضت برد بطلان المحرر العرفي المذكور وإعادة المأمورية لذات الخبير لبيان ما إذ كان هناك عقارات متعددة من عدمه ؛ ونفاذا لذلك أودع تقريرا تكميليا خلص فيه إلى عدم وجود أعيان أخرى من تركة المرحوم ...... ويكون للمطعون ضده الثاني نصيب وراثي فيما عدا قطعتي الأرض محل الدعوى – وأوضح حصة جميع الورثة بما فيهم كنسبة وقيمة وبجلسة 6/5/2014 قدم المطعون ضده الأول مذكرة تعقيبيه على تقرير الخبير طلب فيها توجيه اليمين الحاسمة لكل من الطاعنات الثلاث الأوائل ، وقد رفض حلفها ورها لمن وجهها لورودها على واقعة لا تتعلق بأشخاصهن وأنها كيدية وتعسفية ؛ وبتاريخ 3/6/2014 قضت المحكمة بتوجيه اليمين الحاسمة للطاعنات لتحلفها كل واحدة منهن بالصيغة المقترحة من المطعون ضده الأول فحددّت جلسة 17/6/2014 – لحلف اليمين – حضرتها الطاعنة غادة بصفتها ونيابة عن باقي الطاعنات ورفضت أدائها كما لم تردها على موجهها ، وبتاريخ 30/6/2014 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي للطاعنة ..... عن نفسها وبصفتها وكيله عن شقيقاتها ....و....و.... مبلغ قدره 57,203,50 درهم يقسم بينهم الأربعة بالتساوي بأن يؤدي للطاعنة المذكورة بصفتها وكيلة عن والدتها ...... مبلغا قدره 15,843,50 درهم وبأن يؤدي للطاعن ...... مبلغا قدره 127,887 درهم – كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية ورفضت ما عدا ذلك، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل ، كما طعن المطعون ضده الأول بالطعن رقم 500 لسنة 2014 مدني – وإذ عرض الطعنان علي هذه المحكمة – في غرفة مشورة وأمرت بضمهما لصدور حكم واحد بشأنهما وأنهما جديران بالنظر في جلسة مرافعة وأدلى كل واحد من الخصمين مذكرة جوابية رامية إلى رفض خصمه.
أولاً: في الطعن رقم 448 لسنة 2014 مدني.
وحيث تنعي الطاعنات بالسبب الأول في شقه الأول على الحكم المطعنون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال حين قضي برفض طلبهن "بخصوص أرض المجاز" في مواجهة المطعون ضده الثاني رغم أنه هو المسؤول عن بيعها باستعماله ذات الإعلام الشرعي الثابت تزويره في الدعوى الجزائية رقم 2088 لسنة 2009 وعلى سند رفض أداء اليمين الحاسمة الموجهة إليهن من المطعون ضده الأول ودون البحث في الطعن بالجهالة في التوقيع المنسوب إلى مورثهن بالإقرار باستلام مبلغ 257000 درهم في نصيبه من الأرض المذكورة المؤرخ في 3/1/1994 وأنهن يكفيهن فيه نفي علمهن بأن التوقيع ليس لمورثهن وفق المادة 11 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية ودون أن يفطن بأن المطعون ضده الأول لا صفة له في توجيه اليمين الحاسمة إليهن لعدم تعلقها بشخصه ولكون المطعون ضده الثاني هو الذي قام ببيع أرض المجاز وهو ما حجبه عن بحث طلبهن بتمكينهن من حصة مورثهن في أرض المجاز ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – وما هو عليه نص المادة 11 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أنه " (1) يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفي أن ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق (2) ومع ذلك فليس لمن ناقش موضوع المحررات أن ينكر ما نسب إليه من خط أو أمضاء أو ختم أو بصمة وأن يتمسك بعدم علمه بأن شيئا من ذلك صدر ممن تلقى عنه الحق... " ومفاده أنه يكفي بالنسبة للوارث الذي يدفع بعدم الاحتجاج عليه بالورقة العرفية المنسوبة إلى مورثة التوقيع عليها أن ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق ، ومن ثم فالنص المذكور خلا من حلف اليمين بمعنى أنه بموجب نص المادة 11 من القانون الإماراتي سالف الذكر أنه يكفي للوارث أن ينفي العلم دون الحلف
وأن مؤدى الفقرة الثانية منه أنه لا يحق للوارث أن ينفي علمه وأن يتمسك به إذا لم ينكر المورث توقيعه على المحرر حال حياته
كما لا يحق لهذا الوارث أن يطعن بصحة الوقائع في المحرر إذا ناقشه المورث أو الوارث لاكتساب الورقة العرفية الحجية بالنسبة إليه.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنات الرامي إلى استحقاقهن التعويض عن نصيب مورثهن ...... بناء على إقرار صادر عنه والذي أقر فيه باستلام مبلغ 257000 درهم قيمة نصيبه في أرض المجاز ، ولنكول الطاعنات أداء اليمين الحاسمة الموجهة إليهن من المطعون ضده الأول بشان عدم علمهن باستلام مورثهن المبلغ المذكور منه ، وقد قضت المحكمة بتوجهيها إليهن إلا أن الطاعنة الأولى ...... عن نفسها وبصفتها وكيلة عن والدتها وشقيقاتها (باقي الطاعنات) قررت رفضها ورفضهن لحلف اليمين لكونها يمين تعسفية ولا ترغب في ردها إلى موجهها إليهن وعلى هذا الأساس اعتبرتهن المحكمة ناكلات عن حلف اليمين بعدم علمهن باستيلام مورثهم نصيبه في الأرض المكورة وهي يمين حاسمة بالنسبة للواقعة المطلوب الحلف عليها وخلصت معه المحكمة إلى صحة الإقرار العرفي الذي يفيد تسليم مورثهن لنصيبه من بيع الأرض – محل التداعي – الكائنة بناحية المجاز لكون طلب التعويض المادي عن حرمانهن من نصيبهن الميراثي في تلك الأرض يكون على غير سند متعين الرفض" ودون أن يفطن بأن نص المادة 11 من قانون الإثبات سالف الذكر يعفيهن من أداء اليمين ويكفيهن في ذلك عدم العلم بالواقعة خصوصاً أن مورثهن لم يسبق له أن ناقش المحرر – الذي بمقتضاه أستلم نصيبه من المطعون ضدهما وأن المحكمة نفسها قضت بتاريخ 25/2/2014 برد وبطلان المحرر العرفي المؤرخ في 3/1/1994 والمنسوب صدوره لمورثهن – موضوع الطعن بالجهالة – ورغم ذلك قبلت توجيه اليمين الحاسمة إليهن وهو ما يجعل تلك اليمين تعسفية في حقهن ودون أن تفطن المحكمة إلى ما وقعت فيه من تناقض وهو ما حجبها عن بحث صحة توقيع مورثهن على المحرر العرفي من عدمه وذلك بتكليف الخصوم – مدعين أو مدعي عليهما بالإدلاء بمستندات معاصرة للمضاهاة وفق ما قرره المختبر الجنائي في هذا الصدد ولم يبحث كذلك مدى مسؤولية المطعون ضده الثاني عن بيعه للأرض – محل التداعي – والمثبت بتقرير الخبير المنتدب وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه في هذا الخصوص ، على أن تكون مع النقض الإحالة.
وحيث ينعى الطاعنون بالسبب الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب حين قضي لهن بمبالغ مالية عن الضرر المادي في الأرض – القاسمية– استناداً إلى تقرير خبير الدعوى وبتعويض عن ضرر أدبي بمبلغ خمسة آلاف درهم بالرغم من عدم تناسب المبالغ أو ذلك التقدير مع سعر الأرض المنوه عنها الحقيقي مقارنة بأسعار السوق السائدة من تاريخ التصرف فيها بموجب الإعلام الشرعي الثابت تزويره بمقتضي حكم جزائي بات صادر في الدعوى رقم 20188 لسنة 2009 جنايات الشارقة ودون الأخذ بعين الاعتبار الأضرار الجسيمة التي أصابتهم نتيجة تصرف المطعون ضده الأول الإجرامي والذي بلغ حد الإساءة إلى سمعتهم والنيل من كرامتهم وشرفهم واعتبارهم بين أهليهم ووطنهم وإذ لم يحدد الحكم المطعون فيه لهم التعويض المناسب لجبر تلك الأضرار فإنه يكون معيبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وهو ما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها – ومنها تقارير الخبراء – ولها الأخذ بها كلما اطمأنت إلى النتيجة التي انتهت إليها على أسس فينه مقبولة
كما يحق لمحكمة الموضوع القضاء بتعويض إجمالي عن الأضرار المادية والأدبية التي ألمت بالمضرور مادام ليس في القانون ما يلزمها بإتباع معايير حسابية لكل عنصر من عناصر الضرر وهي صاحبة الحق في تقدير قيمة التعويض حسبما تراه مناسبا لجبر تلك الأضرار متى أبانت عناصرها ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها وذلك في نطاق ما تقضي به المادة 292 من قانون المعاملات المدنية من وجوب تقدير الضمان في جميع الأحوال تقدير ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب شرط أن تكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام المطعون ضده الأول بأداء التعويضات المحكوم بها لفائدة الطاعنين عن الضرر المادي وكذا المبلغ المحكوم به لكل واحد منهم عن الضرر الأدبي على ما ثبت له من مستندات الدعوى وتقريري الخبير المنتدب الأصلي والتكميلي والحكم الجزائي القاضي بإدانته في الدعوى الجزائية رقم 2088 لسنة 2009 جزاء الشارقة بتهمة الاشتراك في التزوير واستعماله بإسقاط اسمي أخويه / ...... (مورث الطاعنات) و.....من ضمن الورثة ؛ وهو ما أصابهم من ضرر مادي بعدم تمكينهم من نصيبهم في الأرض – موضوع التداعي – والكائنة بمنطقة القاسمية بالشارقة وحرمانهم من إرثهم فيها حسبما حدده ، الخبير في تقريره التكميلي كما قضى لكل واحد منهم بمبلغ مالي عن الضرر الأدبي وذلك في إطار السلطة التقديرية للمحكمة ؛ وإذ كان الذي خلصت إليه المحكمة سائغا وله أصل ثابت بالأوراق كافيا لحمل قضائها ويتضمن الرد الكافي على كافة أوجه دفاع الطاعنين ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن ينحل إلى جدل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل وتحديد التعويض الجابر للضرر وهو مما لا يجوز التمسك به أمام المحكمة الاتحادية العليا ويكون الطعن في هذا الخصوص حريا بالرفض.
وحيث ينعى الطاعن الثاني بالسبب الأول في شقه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حين رفض طلبه باستحقاق التعويض في أرض المجاز بناء على إقرار والدته المضمن بمحضر الشرطة رقم 2/45/116/1996 إداري أبوظبي والذي يفيد استيلامها مبلغ 214000 درهم نصيبها ونصيبه بصفته قاصرا وكانت وصية عليه وان طلب إيداع مبالغ من المطعون ضده الأول كان مقابل نصيبه في أرض القاسمية وبالتالي فلا يشمل أرض المجاز فضلا على أن المبلغ المسلم إلى والدته لم يكن في صالحه – كقاصر – وغير مناسب لقيمة العقار سعره الحقيقي وهو ما لم يبحثه الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في غير محله ؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها ومنها تقارير الخبراء ، ولها في سبيل تفسير العقود والإقرارات دون الخروج عن مقاصد عاقديها ويكفيها أن تبني حكمها على أسباب سائغة ولها أصل ثابت بالأوراق يكفي لحمل قضائها؛
وكان من المقرر قانونا أن الإقرار القضائي ملزم للمقر به مادام واضحا وغير معلق على شرط أو مقرون بأي تحفظ أو قيد وان عباراته صريحة وواضحة.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعن التعويض في أرض المجاز بناء على ما أورده بأسبابه من " أن الثابت من محضر الشرطة رقم 2/45/116/96 إداري شرطة أبوظبي بأنه بتاريخ 18/2/1996وبناء على أمر رئيس النيابة العامة بأبوظبي استلمت ...... مبلغ 214000 درهم من المطعون ضده الأول قيمة نصيبها وولدها ....... – الوصية عليه في التركة وأن المطعون ضده الأول تقدم بطلب إيداع مبالغ بصندوق محكمة أول درجة بتاريخ 17/1/2012 مقررا بأن تلك المبالغ عائدة لهما كحصة في أرض القاسمية " وانتهت المحكمة إلى رفض طلبه التعويض المادي عن حرمانه من نصيبه الميراثي في تلك القطعة ؛ وكان هذا الاستخلاص موافقا مع ما قرره الطاعن بمحضر التحقيق المؤرخ في 12/11/2009 جوابا عن سؤال موجه إليه من وكيل النيابة – المحقق – الذي قرر فيه بأن هو والدته لم يتمكنا من نصيبهما في أرض القاسمية وهو ما يتفق ويفيد بأن المبلغ المسلم لوالدته كان مقابل نصيبهما في أرض المجاز ؛ وكانت أسباب الحكم سائغة ولها أصل ثابت بالأوراق يكفي لحمل قضائها ويبقي ما نعاه من عدم تناسب المبلغ مع قيمة وسعر العقار وأنه لم يراع مصلحته كقاصر على غير أساس لكونه كان تحت إشراف قضائي ، ومن ثم يكون النعي مجرد جدل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل ، ويكون الطعن حريا بالرفض في هذا الخصوص.
ثانياً : في الطعن رقم 500 لسنة 2014 مدني
وحيث ينعي الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق حين قضي للمطعون ضده الثاني كافة مستحقاته في أرض " القاسمية" رغم أن والدته ...... – والتي كانت وصية عليه قد استلمت كافة مستحقاته الأرثية في قطعتي الأرض – مجاوز والقاسمية– وذلك بموجب إقرار بالاستلام منها وتنازلت عن الشكوى ، وأن طلب الإيداع المقدم منه بتاريخ 17/1/2013 لنصيبه في قطعة أرض القاسمية لا يعتبر إقرارا منه بعدم التسليم لمخالفته الثابت بالمحضر الرسمي رقم 116/96 والذي أخذت به المحكمة في قضائها وأن إقرارها كان شاملا لجميع حصته الارثية كما أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الدفاع المثار منه بقضائه لباقي الطاعنات بالتعويضات في أرض القاسمية رغم تنازل مورثهن عن مستحقاته في نفس الأرض وأقر باقي ورثته بذلك بموجب إقرار مؤرخ في 8/7/2009 والذي لم يكن محل طعن منهن ، وإذ أطرح الحكم ما ذكر فإنه يكون معيبا بمخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع هو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في وجهيه مردود؛ بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإقرار القضائي هو اعتراف خصم بالحق المدعي به لخصمه في مجلس القضاء قاصدا بذلك إعفائه من إقامة الدليل عليه وكون الأقوال المنسوبة إلى الخصم تعتبر إقرارا منه أولا تعتبر مسألة قانونية تدخل تحت رقابة محكمة النقض
وأن الإقرار القضائي قد يرد في مذكرة الدفاع التي يقدمها المقر إلا أنه يشترط فيه ما يشترط في الأعمال القانونية من وجود الإرادة ويجب أن يكون غير معلق على شرط وغير مقرون بأي تحفظ أو قيد عباراته صريحة وقاطعة
ولا يعد من قبيل الإقرار الملزم ما يرد على لسان الشخص تأييدا ألادعائه من أقوال فيها مصلحة لخصمه ما دام لم يقصد من إدلائه بهذه الأقوال أن يتخذها خصمه دليلا عليه
وأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي تلتزم المحكمة ببحثه هو الدفاع الذي من شأنه إن صح – لتغير به وجه الرأي في الدعوى.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى استحقاق المطعون ضده لنصيبه في أرض القاسمية وذلك حسبما أورده بأسبابه " وكان البين من الأوراق أن الطاعن / ...... تقدم بطلب بتاريخ 17/1/2012 لقاضي محكمة أول درجة الإيداع مبلغ 20,024,04 درهم للمطعون ضده الثاني ومبلغ 3,533,66 درهم لوالدته / ...... وأقر في نفس الطلب بأن هذا المبلغ عبارة عن نصيبهم في الإرث العائد لهم من المتوفي / ...... في أرض القاسمية ، وقد تم التصريح له بإيداع هذه المبالغ . . " وإذ كان الإقرار الصادر عنه قضائيا وجاء صريحا في موضوعه وألفاظه ومن ثم كان اعتماد الحكم عليه في محله وإذ أهملت المحكمة الإقرارات الصادرة عن باقي ورثة مورث الطاعنات والمؤرخ في 8/7/2009 فلا تثريب عنها في ذلك لكونه يبقى محصورا في أطرافه ولا يحتج به على الطاعنات واللواتي يعتبرن غيرا فيه خصوصا أنهن ينكرن تسليم مورثهن نصيبه في تركه والده بصفة نهائية ومن ثم فلا تثريب على المحكمة أن اطرحت دفاعه لعدم جوهريته ويكون النعي بهذا الشأن على غير أساس متعين الرفض.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين قضى بمسؤوليته عن التعويض المحكوم به للمطعون ضدهم في أرض القاسمية رغم انتفاء العلاقة السببية بين الخطأ والضرر بحيث لم يقم الدليل على امتناعه أو تقصيره في تسليم حقوقهم الارثية ، ودون أن يفطن بأن تحرير الإعلام الشرعي كان في علم مورثهم في عام 1992 والذي لم يتوف إلا في سنة 1998- وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ؛ ذلك أن استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية عن التعويض وتقدير توافر العلاقة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك طالما كان تقديرها سائغاً مستندا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها الثابت بالأوراق
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر في المواد الجزائية يكتسب الحجية أمام المحاكم المدنية في المسائل المكونة للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية لناحية الوصف القانوني والشرعي للفعل ونسبته إلى فاعله.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت خطأ الطاعن على ما خلص إليه من الحكم الصادر في القضية الجزائية رقم 20188 لسنة 2009 جزاء الشارقة والقاضي بإدانته من اجل التزوير والمشاركة فيه والذي أصبح نهائيا وباتا وهو ملزم للقاضي المدني من حيث الخطأ ونسبته إلى فاعله وقد نتج عن عمله الإجرامي ضررا بعدم شمل اسم مورثهما بالإعلام الشرعي المزور وهو ما استخلصته المحكمة في حكمها المطعون فيه ، وكانت أسبابه سائغة ولها أصل ثابت بالأوراق يكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن ينحل إلى جدل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحديد عناصر المسؤولية التقصيرية وتحديد التعويض المناسب والجابر للضرر ، وهو مما لا يجوز التمسك به أمام المحكمة الاتحادية العليا ؛ ويكون الطعن حريا بالرفض في هذا الخصوص.
وحيث ينعى الطاعن بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع الجوهري حين قضى برد وبطلان المحرر المؤرخ في 3/1/1994 المنسوب إلى مورث الطاعنات وذلك بالمخالفة لنص المادة 24 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية ودون الالتفات إلى مذكرته المودعة بتاريخ 10/2/2014 بعد إيداع التقرير مباشرة وأرفقها بمستندات مذيلة بتوقيعات لمورث الطاعنات والموجود أحولهما لدى محكمة أبوظبي دائرة المالية ، وكذا لدى صندوق معاشات ومكافآت التقاعد لإمارة أبوظبي للاطلاع على أصل توقيعات مورث الطاعنات – ملف المعاشات رقم 7960 وإعادة المأمورية لمختبر الخطوط وتشكيل لجنة ثلاثية وإلزامها بالانتقال إلى الإدارات المذكورة بمذكرته إلا أن المحكمة أغفلت الرد على ذلك إيجابا أو سلبا مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في محله ؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بتعين على محكمة الموضوع أن تلم بكافة عناصر الدعوى وتقيم قضاءها وفقا للأدلة المطروحة عليها فيها وأن ترد على الدفاع الجوهري للخصوم الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ؛ فإذا أغفلت المحكمة التحدث في حكمها عن الأدلة المؤثرة في النزاع مع تمسك الخصم بدلالتها ولم تمحص ما ورد بها بما يفيد أنها أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور؛
- وأنه وان كان الأصل أن تقرير الخبير هو عنصر من عناصر الإثبات في الدعوى مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولها أن تأخذ به محمولا على أسبابه إلا أن مناط ذلك أن تكون النتيجة التي انتهى إليها الخبير بأسباب تؤدي إليها وأن يكون في هذا التقرير ما يكفي لتكوين عقيدة المحكمة والوصول إلى حقيقة الواقع في الدعوى بحيث يواجه عناصر النزاع الواقعية ويعرض لما يثيره الخصوم في شأنها بما يكفي لحمل النتيجة التي توصل إليها.
لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بطلبه إعادة المأمورية إلي المختبر الجنائي وأرفق مستندات للمضاهاة لتوقيع مورث الطاعنات معاصرة لتوقيعه على الإقرار المطعون فيه بالزور – وفق ما أورده بوجه النعي ؛ وكان دفاعه جوهريا – لو صح – قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا النظر والتفت عن دفاع الطاعن إيرادا أو ردا فإنه يكون قد اخطأ في فهم الواقع في الدعوى وهو ما يعيبه بالقصور المبطل بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة في هذا الخصوص.

* * *