طعن رقم 527 لسنة 2015 تجاري
صادر بتاريخ 23/12/2015
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي / شهاب عبدالرحمن الحمادي – رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة: البشير بن الهادي زيتون وعرفة أحمد دريع.
1- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه على الطاعنة بمبلغ أرفع من الأول مشوباً بمخالفة القانون لمخالفته قاعدة عدم إمكانية مضارة الطاعن بطعنه.
2- اعتبار إلتفات قضاء الحكم المطعون فيه عن المعطيات الثابتة بالأوراق وتأييده الحكم المستأنف الذي اعتمد على تقرير الخبرة الأول الذي تجاوز طلبات المدعي مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال.
3- اعتبار نعي الطاعنة بضرورة خصم قيمة الوحدات الأربعة من المبالغ المستحقة للمطعون ضدها مردوداً لخلو الأوراق من الأدلة على قيام المطعون ضدها فعلاً ببيع هذه الوحدات.
المحكمــــة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 798/2010 في مواجهة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 4,311,947 درهم مع الفائدة والمصاريف على سند من القول أنه بتاريخ 30/6/2008 تعاقدت الشركة المدعية مع المدعى عليها على حجز الطوابق 11، 13، 15، 16، 18، 21 على أن تسدد لها نسبة عشرة بالمائة من قيمة هذه الطوابق على أن يكون للمدعية الحق الحصري في بيع وتسويق هذه الوحدات وتستحق عن ذلك عمولة تقدر بالفرق بين السعر المتفق عليه في العقد وبين السعر الذي تقوم المدعية بالبيع به للعملاء، وتسدد كامل العمولة على ثلاثة دفعات، كما يتم إرجاع مقدم الثمن الذي دفعته المدعية فور سداد المشترين للدفعة الأولى. وقد نفذت المدعية الالتزام المحمول عليها بالعقد وباعت جميع الوحدات إلا أن المدعى عليها رفضت سداد العمولة المتفق عليها فكانت الدعوى. ندبت محكمة أول درجة خبيراً أودع تقريره الذي انتهى فيه إلى أن ذمة المدعى عليها مشغولة بمبلغ 5,215,852 درهم للمدعية وهو المبلغ الذي صدر به الحكم الابتدائي لصالح الأخيرة. استأنفت المحكوم عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 56 لسنة 2012 ومحكمة الاستئناف أعادت المأمورية لخبير ثان حدد المديونية لفائدة المدعية بمبلغ 2,303,848 درهم وبجلسة 14/10/2014 حكمت محكمة الدرجة الثانية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بأداء مبلغ 2,303,848 درهم. طعن الطرفان على هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين 632/2014 (بالنسبة للمدعية) و633/2014 (بالنسبة للمدعى عليها) ومحكمة النقض حكمت في 25/2/2015 برفض الطعن 632 وفي الطعن 633 بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة. وإذ أعيد عرض الاستئناف أمام محكمة الإحالة فحكمت بجلسة 28/6/2015 برفض الاستئناف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ونظرت القضية بغرفة مشورة وحدد لها جلسة مرافعة أعلن بها الخصوم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب.
حاصل السبب الأول والثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتناقض أجزاء الحكم وتماحي أسبابه وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم قد خالف قاعدة أصولية ثابتة بشأن عدم مضارة الطاعن بطعنه، فالحكم الاستئنافي الأول الذي طعن عليه الطرفان بالنقض كان قد عدل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة (كمستأنفة) بأداء مبلغ 2,308,848 درهم فقط بعد أن كان محكوم عليها ابتدائيا بمبلغ 5,852,215 درهم، ولما كان الطرفان قد طعنا بالنقض على هذا الحكم وقضى برفض الطعن رقم 632 المرفوع من المطعون ضدها وقبول طعن الطاعنة رقم 633 والنقض والإحالة فإن مؤدي ذلك أن استئناف الطاعنة وحده يبقى معروضا على محكمة الإحالة التي لا تملك إلا إعادة النظر في المبلغ المحكوم به عليها بحكم الاستئناف الأول والذي نقض لصالحها، فإما أن تلغيه أو تعدل فيه نزولا أو في أسوأ الحالات الابقاء عليه كما هو، إلا أن الحكم قد ضارها بطعنها لما قضى برفض استئنافها وتأييد الحكم المستأنف الذي كان قد قضى عليها بمبلغ يزيد على خمسة مليون درهم، هذا من جهة ومن أخرى فإن محكمة الإحالة قد اختلط عليها فهم المراكز القانونية لكل من الطاعنة والمطعون ضدها وذلك لما اعتبرت أن الطاعنة هي بمركز السمسار الذي يقوم بتسويق الوحدات، حال أن العكس هو الصحيح فالطاعنة هي المالكة والمطعون ضدها هي السمسار، وهذا الخلط ومخالفة قواعد قانونية أصولية يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك لأن الفقرة الثانية من المادة 150 من قانون الإجراءات المدنية قد أرست قاعدة أصولية بعدم إمكانية مضارة الطاعن بطعنه وهي قاعدة التزامها فقه قضاء هذه المحكمة وسار عليها في جميع أحكامه.
لما كان ذلك وكان المعروض على محكمة الإحالة بعد نقض الحكم لصالح الطاعنة ورفض طعن خصمها أن تقصر نظرها على استئناف الطاعنة فحسب والأخذ في الاعتبار أنها طعنت بالنقض على الحكم الاستئنافي الأول الذي قضى بإلزامها بأداء مبلغ 2,308,848 درهم حيث يبقى للمحكمة خيارين فقط إما إلغاء هذا المبلغ أو التخفيض فيه أو الابقاء عليه كما هو دون تعكير وضعها ومضارتها بطعنها والقضاء عليها بمبلغ أرفع من الأول الذي لم تقبل به وإذ رأى الحكم خلاف هذا وقضى بتأييد الحكم المستأنف الذي قضى عليها بمبلغ يزيد على خمسة ملايين درهم فإنه يكون مشوباً بمخالفة القانون، هذا إلى جانب الخطأ الواضح في تحصيل واقع الدعوى وما وقعت فيه المحكمة من خلط بين المراكز القانونية وصفة كل من الطاعنة والمطعون ضدها واعتبار الأولى سمسارا على خلاف الواقع الثابت بالأوراق من كونها المالكة، وجميع ذلك يعيب حكمها بما ورد بأسباب الطعن ويوجب نقضه.
وحيث إن حاصل سبب الطعن الثاني فساد الاستدلال وقصور التسبيب ذلك لأن الحكم أحجم على الأخذ في الاعتبار الإقرارات الصادرة عن المطعون ضدها من كون جملة مستحقاتها لدى الطاعنة هي بمبلغ 3,854,520 درهم وكذا إقرارها بتوصلها بمبلغ 1,342,371 درهم بعد تاريخ 22/9/2009، وعدم طرح قيمة الوحدات العقارية الأربعة التي بين الخبير أنها موقعة من العملاء فقط دون الطاعنة بما يعني أن المطعون ضدها تكون قد باعتها بنفسها واحتفظت بثمنها أو أنها احتفظت بها لنفسها.
وحيث إن النعي في شقه الأول في محله ذلك لأنه يبين من الأوراق ومما سجل على الأطراف بتقارير الخبرة أن كلاهما يقر بأن جملة ما تطالب به المطعون ضدها من مستحقات هو مبلغ 3,854,520 درهم بطرح منه مبلغ 1,342,371 درهم التي أقرت المطعون ضدها باستلامه بعد تاريخ 22/9/2009 وإذ ألتفت الحكم عن المعطيات الثابتة بالأوراق وذهب إلى تأييد الحكم المستأنف الذي اعتمد على تقرير الخبرة الأول الذي تجاوز طلبات المدعي فإنه يكون مشوب بالقصور وفساد الاستدلال لما يوجب نقضه لهذا السبب أيضا،
أما ما ذهبت إليه الطاعنة من ضرورة خصم قيمة الوحدات الأربعة من المبالغ المستحقة للمطعون ضدها فهو نعي مردود ولا ينال من صحة الحكم الذي التفت عن طلبها هذا لخلو الأوراق مما يدل على أن المطعون ضدها قد قامت فعلا ببيع هذه الوحدات واحتفظت بثمنها أو أنها تملكتها ويتعين لذلك رفض هذا الشق من سبب الطعن، وبناء عليه واستنادا لسبب الطعن الأول والثالث والشق الأول من السبب الأول تعين نقض الحكم. ولما كان الطعن للمرة الثانية فالمحكمة تتصدى لنظر الموضوع.
وحيث إنه لما كان الثابت بالأوراق وما سجل على طرفي النزاع بتقرير الخبرة الثاني فإن كلاهما مقر بأن المبلغ الإجمالي المستحق للمطعون ضدها قبل تاريخ 22/9/2009 وهو 3,854,520 درهم وبما أنها أقرت باستلام مبلغ 1,342,371 درهم بعد ذلك التاريخ فإن صافي ما تستحقه هو مبلغ 2,512,149 درهم علما بأن طلب الطاعنة بخصم قيمة الوحدات الأربعة لا يقوم على سند صحيح في غياب ثمة دليل على حصول بيعها أو تملك الطاعنة لها إلا أنه وإعمالا لمبدا عدم مضارة الطاعنة بطعنها فإنه يتعين الحكم في حدود المبلغ المحدد بالحكم الاستئنافي الأول أي 2,308,848 درهم.

* * *