طعن رقم 212/2016
صادر بتاريخ 22/6/2016 (تجاري)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي / شهاب عبدالرحمن الحمادي - رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: البشير بن الهادي زيتون وعبدالله بوبكر السيري.
1- سلطة محكمة الموضوع في إنزال التكييف القانوني الصحيح على الدعوى وفهم طلبات الخصوم دون توقفها على حرفية العبارات وتقدير مدى ترابط الدعاوى المقدمة أمامها لضمّها والفصل فيها بحكم واحد.
2- صحة الحكم القاضي بضمّ الدعاوى المقدّمة لاتحاد الخصوم والموضوع فيها كونها منصبّة على تقييم المال المشترك من عقارات وشركات توصلاً إلى قسمته.
3- مفهوم مبدأ «عدم إضرار الطاعن بطعنه».
4- بعض إجراءات تقديم دعوى الشيوع وأثر الحكم الصادر فيها.
5- عدم جواز الإدلاء بالجدل الموضوعي حول تقدير محكمة الموضوع تقارير الخبرة في دعوى القسمة وتقييم المال المشترك لأول مرة أمام المحكمة العليا.
المحكمــــة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن كان أقام الدعوى رقم 19/2003 مدني كلي أم القيوين في مواجهة المدعى عليه – المطعون ضده – طلب فيها ندب خبرة فنية يتولى معاينة العقارات والمصانع والشركات المملوكة شيوعاً للطرفين وتقيمها وحصر قيمتها وإجراء الحساب بشأنها وبيان التجاوزات التي إرتكبها المدعى عليه في إدارتها ثم تقسيمها بين الطرفين أخذاً في الإعتبار ما تسفر عنه نتائج المحاسبة والتدقيق وذلك على سند من القول أن كل من المدعي والمدعى عليه تاجران تربطهما علاقة شراكة في الممتلكات الواردة حصرا بلائحة دعواه إلا أنه بداية من سنة 2001 بدأ المدعى عليه بالإنفراد بالإدارة ويتصرف في الشركات والمصانع والمباني بأنها ملك خاص وهو ما أضطر المدعي وحدا به إلى إقامة الدعوى. ندبت المحكمة لجنة خبرة سرعان ما وقع إستبعادها وإسناد المهمة إلى خبير واحد إتفق عليه الطرفان وقد أودع تقريره ضمنه برنامج قسمه اعترض عليه الخصوم فأرجعت له المأمورية وأودع تقريرا تكميليا رد فيه على إعتراضات المدعي وبتاريخ 29/3/2009 حكمت المحكمة بإنتهاء الدعوى الأصلية بتقديم تقرير الخبرة النهائي فيها واعتماد المشروع الأول لقسمة أصول الشركات والمصانع والعقارات وإلزام كل طرف بما تضمنه مشروع القسمة المعتمد من إلتزامات متبادلة بينهما حسبما ورد بنص الحكم.
لم يقبل الطرفان بذلك الحكم فقاما بإستئنافه بالإستئنافين رقمي 23 و 24/2009 وبجلسة 19/10/2009 حكمت محكمة الاستنئاف برفض الإستئنافين وتأييد الحكم المستأنف طعن المدعي على ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 505/2009 والمحكمة العليا قضت بجلسة 16/3/2010 بنقض الحكم المطعون فيه وتصدت لموضوع الإستئنافين وقضت بإلغاء الحكم المستأنف وعدم إختصاص محكمة أم القيوين الابتدائية الكلية بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة أم القيوين الجزائية. فأعيد نظر الدعوى أمام محكمة الإحالة – المحكمة الجزئية بأم القيوين – وقيدت تحت رقم 108 لسنة 2010 مدني جزئي وبجلسة 1/6/2010 حضر المدعي وقدم مذكرة وحافظة مستندات وطلب قصر نظر الدعوى على الشركة الأصلية للأنترلوك على سند من أنه أفرد باقي الشركات وهي الدعوى 125/2010 بخصوص الشركة الأهلية لصناعة البلاط تقيما وتقسيما والدعوى 126/2010 بندب خبير لتقيم مصنع الطابوق الوطني ومصنع الاتحاد الوطني للمنتجات الإسمنتية بأم القيوين تم تقسيمهما بين الطرفين. والدعوى رقم 127/2010 بطلب ندب خبير لمعاينة المحلات الأربعة المشتركة المقامة على القطعة رقم 74 بلوك رقم 3 الراس بالمنطقة 203 وإجراء الحساب عن إيراداتها وتقييمها تقيما شاملا وتقسيمها بين الطرفين. والدعوى 128/2010 مدني جزئي أم القيوين بطلب ندب خبرة لمعاينة البنايات المشركة الكائنة بإمارة الشارقة : بناية برج المدينة بمنطقة أبوشغارة، وبناية أبوموسى بمنطقة القاسمية، وبناية ثالثة قيد الإنشاء – بناية الشهباء – بمنطقة الخان وذلك لإجراء المحاسبة بشأنها ثم الحكم بتقسيمها. وقد قامت المحكمة بضم جميع هذه القضايا تباعا للدعوى الأصلية 108/2010 ثم أصدرت حكمها بتاريخ 31/8/2010 على ضوء تقرير الخبرة الأول المقدم في الدعوى رقم 19/2003 وذلك بتقسيم المصانع والشركات والبنايات المشتركة بين المدعي والمدعى عليه بأن يختص المدعي عبداللطيف محمد الزرعوني بمصنع الطابوق الوطني ومصنع الاتحاد الوطني للمنتجات الإسمنتية وبرج المدنية بالشارقة والمبنى قيد الإنشاء بالشارقة – برج الشهباء – والرخصة التجارية للشركة الأهلية للنقليات مع إلزامه بأن يؤدي للمدعى عليه مبلغ 938,405 درهم من ماله الخاص وأن يختص المدعى عليه......... بالشركة الأهلية للأنترلوك والشركة الأهلية لصناعة البلاط والرخام وبرج أبوموسى بالشارقة والأربعة محلات الكائنة بأم القيوين، والرخصة التجارية بإسم الشركة الأهلية للفيبر جلاس مع إلزامه بنقل رخصة الشركة الأهلية للنقليات بإسم المدعي............ وفي الطلب العارض بقبوله شكلا ورفضه موضوعا وبإلزام المدعي والمدعى عليه بمصاريف الدعوى رقم 108/2010 وبإلزام المدعي بمصاريف الدعاوى 125و126و127و128/2010.
لم يقبل المدعي بهذا الحكم فطعن عليه بالإستئناف رقم 81/2010 كما لم يقبل به المدعى عليه فطعن عليه بالإستئناف رقم 33/2011 ضمت محكمة الإستئناف الإستئنافين وقبل الفصل في الموضوع ندبت لجنة خبرة ثلاثية لاعادة التقيم وإعداد مشروع قسمة فأودعت اللجنة تقريرها بجلسة 28/4/2014 ثم إعادته لها لبحث إعتراضات طرفي النزاع فأودع التقرير التكميلي بجلسة 11/10/2016 تضمن مشروعين للقسمة تبنت المحكمة أحداهما في غياب اتفاق الطرفين على أي منهما وحكمت بجلسة 15/2/2016 في الموضوع بتقسيم المصانع والشركات والعقارات المشتركة بين المستأنف والمستأنف ضده : 1- بأن يختص المستأنف......... بالعقار المقام على قطعة الأرض رقم 966 أبوشعارة الشارقة ومصنع الطابوق الوطني أم القيوين والعقار المقام على قطعة الأرض رقم 74 بلوك في الرأس 203 أم القيوين والأهلية للأنتروك ش..ذ.م.م أم القيوين والعقار المقام على قطعة الأرض رقم 1005 الخان. وأن يختص المستأنف ضده عبدالرحمن الزرعوني بالعقار المقام على قطعة الأرض رقم 308 – القاسمية الشارقة والشركة الأهلية لصناعة البلاط والرخام أم القيوين وشركة الاتحاد الوطني للمنتجات الاسمنتيه ش.ذ.م.م مع إلزامه بأن يؤدي من ماله الشخصي لـ........... مبلغ 1,070,500 درهم وإلزام المستأنف............. بأن يؤدي للمستأنف ضده............ مبلغ 2,663,153,57 درهم نتيجة لتصفية حسابات المسحوبات والمبالغ التي يتحملها كل من طرفي الدعوى. وإلزام المستأنف بالمصروفات طعن المدعي.......... على هذا الحكم للمرة الثانية بطريق النقض بالطعن الراهن ونظر الملف بحجرة مشورة وحددت له جلسة مرافعة أعلن بها الخصوم.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب. حاصل السبب : الأول الخطأ في تطبيق القانون وقصور التسبيب ذلك لأنه رفض دفاع الطاعن بعدم جواز ضم الدعاوي 125 و 126 و 127 و 128/2010 للدعوى 108/2010 لعدم الارتباط، ذلك لأن المدعي قد حدد طلباته في الدعوى 108 وحصرها على إجراء المحاسبة بشأن شركة واحدة وأفرد طلب المقاسمة والتقييم لباقي الشركات والأموال بدعاوي مستقله وذلك لتسهيل المهمة على الخبرة إلا أن المحكمة تجاوزت طلبه وقررت ضم الدعاوي اللاحقة للدعوى الأصلية رغم عدم وجود إرتباط.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لمحكمة الموضوع إعطاء الدعوى تكيفها القانوني الصحيح..... وفهم طلبات الخصوم فيها وما عناه المدعي دون توقفه على حرفية العبارات والألفاظ التي تصاغ فيها هذه العبارات، ولها في هذا الخصوص تقدير مدى ترابط الدعاوى المردده أمامها بين ذات الخصوم وفي ذات الموضوع والجدوى من ضمها لبعضها للفصل فيها بحكم واحد حرصا على حسن سير العدالة وعلى عدم تقطيع أوصال الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أرتأى أن جملة الدعاوى الذي رفعها الطاعن بعد إعادة نشر القضية رقم 108/2010 أمام ممحكمة أم القيوين الجزئية لا تخرج عن موضوع الدعوى الأصلية الأولى رقم 19/2003 بحكم إتحاد الخصوم والموضوع الذي هو في نهائية المطاف تقييم المال المشترك بين الخصمين من مصانع وعقارات وشركات وإجراء الحساب بشأنه توصلا إلى قسمته بينهما ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن رأت ضرورة ضم القضايا اللاحقة أرقام 125و126و127و128 إلى القضية الأولى لنظرها معا وليصدر فيها حكم واحد.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسب الثاني من أسباب الطعن بطلان الحكم لإسائته مركزه القانوني ومضارته بطعنه، ذلك لأن الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 108/2010 والقضايا المضمومة قد قضى بإعتماد أحد مشاريع القسمة المقترحة من الخبير السابق ندبه في الدعوى رقم 19/2003 وألزم الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 938,405 درهم وهو الحكم الذي طعن عليه بالإستئناف من قبل الطاعن وحده دون خصمه إلا أن الحكم قضى بمشروع قسمه أسوأ من الأول وبإلزام الطاعن بأداء مبلغ 2,663,153,57 درهم وهو مبلغ يفوق ما قضي به عليه ابتدائيا أي 938,405 درهم وهو ما يعتبر إساءة لمركز القانوني ومضارته بطعنه بما يوجب الحكم ببطلانه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ومن ثم مرفوض ذلك لأن المعنى المقصود من مبدأ عدم مضارة الطاعن بطعنة هو إمتناع المحكمة التي رفع أمامها الطعن على الحكم الأول الذي لم يقبل به من طعن عليه بأن تسيء لمركزه القانوني سواءا بالزيادة فيما حكم به عليه أو بإنقاص ما كان قد حكم به له وجعل مركز خصمه أفضل مما كان عليه في الحكم السابق وهذا مالايصح ولا ينطبق على الحكم المطعون فيه الذي تبني مشروع قسمة يختلف عن المشروع الأول وعوض عن النقض في قيمة بعض المال الذي أل إلى خصم الطاعن بإلزام الأخير بأداء مبلغ مالي جراء ذلك وإن كان هذا المبلغ أكثر من المبلغ الذي حكم به إبتدائيا إلا أن يقابل ذلك زيادة في قيمة ما أل إليه من المال المشترك بمقتضى مشروع القسمة الأخير ولا يعد ذلك من قبيل تسوئ وضعه كما أن تقديره بأن مشروع القسمة الثاني أسوأ من المشروع الأول هو تقدير ذاتي لأنه في مثل هذه القضايا التي لا يتفق فيها الخصوم على إنهاء حالة الشيوع بالتراضي وتبقي مشروع قسمة موحد يبقى للقاضي وجه الحسم في الموضوع على ضوء ما يطمئن إليه من تقارير الخبرة المكلفة للغرض.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بسبب الطعن الثالث والرابع بطلان الحكم لقضائه بما لم يطلبه الخصوم وقصوره وإهماله لدفاع الطاعن بالتفاته عن المطاعن الجوهرية الموجهه منه لتقريري لجنة الخبرة وفي سبيل ذلك يقول أن جملة الدعاوى المضمومة والصادر فيها الحكم قد رفعت من الطاعن ولم يقابلها المطعون ضده بأي دعاوى متقابلة ومن ثم فان القضاء لهذا الأخير بمبالغ لم يطلبها ولم تسدد رسومها يشوب الحكم بالبطلان المتعلق بالنظام العام كما شاب الحكم القصور لأخذه بتقرير خبرة لم ينجز المأمورية على الوجه المطلوب ولم يبحث في الذمم الدائنة والمدنية لشركة الأهلية للبلاط والأهلية للانترلوك وشابته عديد التناقضات والنقائص.
وحيث إن الوجه الأول من النعي غير صحيح ذلك لأنه في قضايا القسمة والخروج من حالة الشيوع ترفع الدعوى من شريك واحد أو أكثر في مواجهة باقي الشركاء والحكم الصادر بتبني مشروع قسمة محدد تعتمده المحكمة ينجز عنه حتما إفراد كل شريك بجزء من المال المشترك وقد يقضي له إلى جانب ذلك بمبلغ مالي إضافي تعويضا عما نقض من نصيبه يدفعه الطرف الذي نال الجزء الأوفر، وهو ما تقتضيه أعمال القسمة لوجود بعض العقارات أو الأعين والشركات الغير قابلة للقسمه والتي من باب الجدوى والمردودية أن ينتفع بها شخص واحد، وعليه فلا يعد ذلك من قبيل الحكم بما لا يطلبه الخصوم ويضحى تعييب الحكم بالبطلان غير قائم على سند قويم من القانون.
أما عن الوجه الثاني من النعي فقد تعلق بمنازعة في وقائع ومفردات حساب خاصة ببعض الشركات وقيمة العقارات وهي مساءل موضوعية تنطوي تحت سلطة محكمة الموضوع في تحصيل الوقائع وتقدير أدلة الدعوى ومنها تقارير الخبرة التي لاغني عنها في مثل هذه الدعاوي المتعلقة بالقسمة وتقييم المال المشترك، وإذ كانت الدعوى قد أخذت حقها من البحث والتمحيص وتوالي عليها أكثر من خبير ولجنة خبرة منذ إنطلاق النزاع في سنة 2003، فإن تبني المحكمة لا حدى مشاريع القسمة التي ترى أنه أقرب إلى تحقيق العدالة بين الشركاء هو الحل الذي يفرضه إنهاء الخصومة تقاضيا بعد أن إستحال ذلك تراضيا ومنع تأبيد النزاع بأجال لاطائل منها من شأنها إرهاق كاهل كليهما وتعطيل مصالحهما في سعيهم وراء عدالة مطلقة يصعب تحقيقها ويستعان عنها في مثل هذه الحالات بعدالة نسبيه قد تراعي مصلحتهم المشتركة وتقيهم مضيعة الوقت وتأبيد الخصومة وعليه يضحي جميع ما ورد بهذا الوجه من النعي من قبل الجدل الموضوعي الذي لا يجوز التحدي به أمام هذا المحكمة وتعين لجميع ما ذكر تقرير الحكم برفض الطعن.

* * *