الطعن رقم 743 و 851 لسنة 2018 مدني
صادر بتاريخ 25/02/2019
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/شهاب عبدالرحمن الحمادي – رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة/الحسن بن العربي فايدي و جمعه ابراهيم محمد راشد.
1- سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتحقيق عناصرها وبيان وجه الحق فيها وتمحيص ما قدم من أدلة والموازنة فيما بينها وتفسير المستندات والمحررات واستخلاص الصفة في الخصوم.
2- عدم جواز تطرق الخبير إلى المسائل القانونية أثناء ممارسته لمهمته الفنية.
3- اعتبار مناط اعتداد المحكمة بتقرير الخبير واعتبار ما ورد به بأسبابــه أســــبابا مكملـــــــــــــــة لحكمها عدم إغفالها دفوعا جوهرية غير متناولة في تقرير الخبير وعدم إلتفاتها عن الاعتراضات الموجهة من الخصوم إليه دون تكليف الخبير ذاته أو خبراء آخرين ببحثها وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب.
4- عدم جواز النظر في المراكز القانونية للخصوم المسندة بأحكام حازت حجية الأمر المقضي.
المحكمة
حيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق الأخرى – تتحصل في أن المدعية /............. (الطاعنة في الطعن رقم 851 لسنة 2018 مدني) أقامت الدعوى رقم 4276 لسنة 2015 مدني الشارقة على المطعون ضدهم بغية الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ في 21/11/2013 وإلزام المدعى عليهم بالتضامن بأن يؤدوا لها مبلغ 3,700,000 درهم وبندب خبير لتقدير وتحديد التعويض الجابر للأضرار اللاحقة بها بعد تبيان أسباب انهيار البناية ومن كان سببا في ذلك – على سند من القول أنها اشترت من المدعى عليه الأول /............ قطعة الأرض المبينة مساحة وأوصافا بصحيفة الدعوى بمبلغ إجمالي وقدره 3,700,000 درهم وقامت المدعى عليها الثانية /.......... لمقاولات والبناء لصاحبها........... ببناء العقار المبيع وأن المدعى عليها الثالثة هي من قامت بالمخططات والاستشارات الحسين وشركاؤه للاستشارات الهندسية وقد أصدرت لها شهادة الإنجاز من بلدية الشارقة، وبتاريخ 8/5/2015 حدث انهيار لسقف العقار، وقد قامت بلدية الشارقة بتاريخ 12/5/2015 بإخطارها بتنبيهها بإخلاء العقار بشكل فوري، ومن ثم تم إعداد تقرير من ذات البلدية بتدهور حالة الخرسانة، وعملا بنص المواد 543، 544، 552 من قانون المعاملات المدنية فإن ما حصل بالبناية يعتبر عيبا خفيا ومن ثم يحق لها المطالبة بفسخ عقد البيع والمطالبة بالتعويض الجابر للأضرار اللاحقة بها ومن ثم أقامت الدعــــــوى الماثلــــــــــة، وأثنـــــــــاء تداول القضية أمام المحكمة الابتدائية قدم المدعى عليهما الثانية والثالثة مذكرة جوابية أثارا فيها الدفع بعدم سماع الدعوى لمرور أكثر من عشر سنوات، وبجلسة 4/2/2016 أودعا صحيفة بإدخال خصم جديد في الدعوى وهو الطاعن /....... على سند من أنه هو من قام بشراء العقار من المدعى عليه الأول وأنه هو من قام بعرض العقار على البيع للمدعية، وإذ كان العقار مسجلا باسم المدعى عليه الأول، فقد احضر هذا الأخير التوقيع على عقد البيع لصالح المدعية سالفة البيان، وقدم المدخل في الدعوى مذكرة جوابية التمس فيها من المحكمة الحكم بعدم قبول إدخاله في الدعوى في مواجهته لرفعها على غير ذي صفة.
وبجلسة 14/3/2016 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى قبل الخصم المدخل في الدعوى، وقبل الفصل في الموضوع ندب خبير هندسي لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوق الحكم ونفاذا لذلك أنجز تقريرا في الموضوع (مدرج بأوراق القضية) وبعد التعقيب عنه من الخصوم، وبجلسة 15/8/2016 قدمت المدعية مذكرة طلبت فيها الحكم بفسخ عقد البيع وبإلزام المدعى عليهم بالتضامن بأن يدفعوا إليها مبلغ 3,700,000 درهم قيمة ثمن المبيع ومبلغ 138,410 درهما – قيمة التسجيل – ومبلغ 666,166 درهما – قيمة بنائها لملحقين جديدين بالفيلا – ومبلغ 40,950 درهما – قيمة أعمال الصيانة ومبلغ 500,000 درهم قيمة التعويض الأدبي ومبلغ 270,000 درهم قيمة إيجار الفيلا من 1/10/2015 إلى 29/9/2017 مع فائدة قانونية بواقع 9% سنوياً بالإضافة إلى مبلغ 1,615,526 درهما على سبيل التعويض المادي والأدبي.
وبجلسة 28/11/2016 قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليهما الثانية والثالثـــــــة بأن
يؤديا للمدعية مبلغ ثمانمائة (800) ألف درهم مع فائدة 5% سنويا اعتبارا من تاريخ المطالبة 9/10/2015 وحتى تمام السداد، ورفض الدعوى قبل المدعى عليه الأول ورفضت ماعدا ذلك.
استأنفت المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم 1323 لسنة 2016 كما استأنفه المدعى عليه الأول وورثة المرحوم...... بالاستئناف رقم 1355 لسنة 2016.
وبجلسة 29/3/2017 قضت محكمة الاستئناف تمهيديا بإعادة المأمورية إلى الخبير السابق، وقد أنجز تقريرا في الموضوع وبعد التعقيب عنه قدمت المدعية بجلسة 11/12/2017 صحيفة بتصحيح شكل الاستئناف بإدخال ورثة صاحب مؤسسة...... للحكم عليهم بالطلبات، وبعد جواب بعض الورثة الرامي إلى إلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى، قبل الخصم المدخل في الدعوى والحكم مجدداً بقبول إدخاله وقبول الدفع بصورية التاريخ المضمن بشهادة الإنجاز وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى أصلا واحتياطيا إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ادعاءاتهم، وترى الخبرة أن تكون مطالبة المدعية هي قيمة الاصلاحات وإعادة الشيء لأصله وتمكينها من العودة إليها بعد تمام الإصلاحات مع استحقاقات القيمة الإيجارية لاضطرارها السكن خارجها من تاريخ قرار البلدية بالإخلاء من 8/7/2015 حتى تمام الإصلاح كما أنها تضررت ضررا أدبيا من هذه العيوب وأن الفيلا فقدت سمعتها في حال إعادة البيع للغير وترفع تقدير هذه الأضرار إلى هيئة المحكمة.
وبجلسة 15/8/2016 قدم الحاضر عن المدعية مذكرة التمس فيها الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ في 21/11/2013 وبإلزام المدعى عليهم بالتضامن بــــــــــــــــأن يدفعــــــــــــــوا لهــــــــــا مبلــــــــــــــغ 3.700.000 درهم قيمة الثمن ومبلغ 138,410 درهـــــــــم قيمة تسجيـــــــــــــــــــل الفيـــلا – ومبلــــغ 666,166درهما قيمة بناء ملحقين جديدين بالفيلا ومبلـغ 40,950 درهـــــــــما قيمــة أعمـــال الصيانة ومبلغ 500,000 درهم قيمة التعويض الأدبي ومبلغ 270,000 درهم قيمة إيجار الفيلا من 1/10/2015 حتى 29/9/2017 مع فائدة قانونية بواقع 9% سنويا بالإضافة لطلب مبلغ 1,615,526 درهما على سبيل التعويض المادي والأدبي.
وبجلسة 11/12/2017 قدمت المدعية صحيفة بتصحيح شكل الاستئناف وبإدخال ورثة صاحب مؤسسة..... للحكم بالطلبات وقد تقدم بعض الورثة بمذكرة التمسوا فيها بإلغاء الحكم فيها قضى به بعدم قبول الدعوى قبل المدخل في الدعوى /...... والقضاء مجددا بقبول إدخاله وقبول الدفع بالصورية للتاريخ المعطى كشهادة إنجـــــــاز المبنــــــى وإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى واحتياطيا – بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المستأنفان بكافة طرق الإثبات بأن الفيلا – موضوع الدعوى مقامة من أكثر من عشر سنوات وأن المستأنفة الثانية أقامت الهيكل الخرساني فقط، وبعد ذلك قضت نفس المحكمة بجلسة 2/8/2018 بما يلي أولا: في الاستئناف 1355 لسنة 2016 برفضه بالنسبة للمستأنف الأول.............. وبالنسبة للمستأنفة الثانية بإلغاء الحكم فيما قضى به بعدم قبول الدعوى قبل..... لعدم توافر الصفة والقضاء مجددا بقبول الدعوى قبله لرفعها على ذي صفة وبإلغائه فيما قضى به بإلزام المدعي عليهما الثانية والثالثة (مؤسسة....... لمقاولات البناء و...... وشركاه للاستشارات الهندسية) بأن يؤديا للمدعية بالتضامن فيما بينهما مبلغا قدره 800,000 ألف درهم وفائدة قانونية بمقدار 5% سنويا وبرفض الدعوى قبلهما.
ثانياً: في الاستئناف رقم 1323 لسنة 2016 بإلغاء الحكم المستأنف وفسخ عقد البيع المؤرخ في 21/11/2013 وبإلزام المستأنف ضده الرابع بأن يؤدي للمستأنفة مبلغ 3,700,000 درهم مع فائدة على هذا المبلغ المقضي به بواقع 9% من تاريخ 4/2/2016 وبرفضه فيما عدا ذلك.
طعن الطاعن...... في هذا الحكم بالطعن بالنقض رقم 843 لسنة 2018 كما طعنت فيه الطاعنة............. بالطعن بالنقض رقم 851 لسنة 2018، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة وفي غرفة مشورة – قررت تحديد جلسة مرافعة وضمهما للحكم فيهما بحكم واحد، وقدم المطعون ضدهم/.......... وبعض ورثة المرحوم /........... مذكرة جوابية طالبوا فيها برفض الطعن، كما قدمت الطاعنة /............ مذكرة بالرد على المطعون ضده ملتمسة الحكم وفق طلباتهـا الواردة بالطعن رقم 851 لسنة 2018.
أولاً بالنسبة للطعن رقم 843 لسنة 2018 مدني:-
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب حين قضى بصفته في الدعوى وإلزامه برد ثمن المبيع بعد قضائه بفسخ عقد البيع ودون أن يفطن بأنه أدخل كخصم في الدعوى من المطعون ضده الأول، وقد قضت محكمة أول درجة بجلسة 14/3/2016 بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة، وقد تمسك بحجية هذا الحكم لكونه أصبح نهائيا. وباتا ولا يجوز الطعن عليه لانقضاء المواعيد القانونية عملا لنص المادة 159 من قانون الإجراءات المدنية كما عاب على الحكم المطعون فيه اعتماده على تقرير خبير رغـــم تطرقـــــه لبحث مسائل قانونية ليست من اختصاصه بالمخالفة لنصوص القانون ولما ورد في مدونات الحكم التمهيدي الصادر في الموضوع بعدم التصريح له بسماع شهادة شاهد – رغم تمسك دفاعه بعدم سماع الشاهد والتمس بطلان تقرير الخبرة وعدم الاعتداد به لمخالفته الثابت بالأوراق الرسمية وكذا ما ورد بتقريره المودع أمام محكمة أول درجة وهو ما يشوبه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في وجهيه سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتحقيق عناصرها وبيان وجه الحق فيها وتمحيص ما قدم من أدلة والموازنة فيما بينها وتفسير المستندات والمحررات واستخلاص الصفة في الخصوم فهي أمور خاضعة للسلطة التامة لمحكمة الموضوع ولا يجوز لها التخلي عنها لسواها أو تفويض فيها غيرها،
وأن المقرر قانونا بأنه لا يجوز للخبير التطرق إلى المسائل القانونية أثناء ممارسته لمهمته الفنية
وأن اعتداد المحكمة بتقرير الخبير واعتبار ما ورد به بأسبابــه أســــبابا مكملـــــــــــــــة لحكمها مناطه أن لا تغفل دفوعا جوهرية لم يتناولها الخبير في تقريره ولم يبحثها هي إكمالا للنقص الوارد فيه وأن لا تلتفت عن الاعتراضات الموجهة من الخصوم إليه دون تكليف الخبير ذاته أو خبراء آخرين ببحثها وأن مخالفة الحكم لما ذكر يصم قضاءه بالقصور مع التسبيب المؤدي إلى نقضه.
كما أن المقرر أنه متى اسندت المراكز القانون للخصوم بأحكام بأنه حازت حجية الأمر المقضي فلا يجوز النظر فيها.
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أدخل كخصم في الدعوى من المطعون ضده الأول وأن محكمة أول درجة قضت بجلسة 14/3/2016 بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة ولم يستأنفه المطعون ضده الأول – طالب الإدخال – وكــــــــذلك المطعون ضدها الثانية مما جعل الحكم أصبح نهائيا وباتا ولا يجوز الطعن فيه بثمة طعن لكونه لا يعتبر من الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي والفاصل في الخصومة كلها لأن محكمة أول درجة قد استفنذت ولايتها في هذا الشق وهو ما أطرحه الحكم المطعون فيه – كما أن الثابت بالمستندات الرسمية عدم وجود علاقة بين طرفي الدعوى والخصم المدخل (الطاعن) إذ المطعون ضدها الثانية أقرت أمام محكمة أول درجة بعدم وجود علاقة بينها وبين الطاعن وأن التعاقد بنقل ملكية العقار – الفيلا – موضوع الدعوى تم بينها وبين المالك الحقيقي والفعلي للمبيع وهو المطعون ضده الأول وأن الأخير أعرض عن هذه الحقيقة الثابتة وأقام افتراضاته على شهادة الشاهد بالمخالفة للقانون والواقع والمستندات الرسمية وما ورد بمنطوق الحكم التمهيدي القاضي بندبه واعتمده الحكم المطعون فيه رغم تمسك دفاع الطاعن بعدم سماع شهادة الشاهد وما خلص إليه الخبير من خلاصة بما يخص سند الملكية للطاعن بكونه سندا عرفيا لعدم وجود قيمة إيجارية أو استثمارية يحق معه للمدعو /...... باستكمـــــــــال البنــــــــــاء واستثماره وقد سايره في ذلك الحكم المطعون فيه ودون أن يفطن بأن موضوع الدعوى هـــــــو فسخ عقد البيع المؤرخ في 21/11/2013 المحرر بين المطعون ضده الأول والمطعون ضدها الثانية والتي اشترت منه بموجب سند الملكية الرسمي رقم 16225 والرقم الحكومي 2331 قطعة الأرض رقم 401 بمنطقة الموافجة بالشارقة بمبلغ 3,700,000 درهم وأن العقار قامت ببنائه المطعون ضدها الثالثة وصدر لها من بلدية الشارقة شهادة بالإنجاز مؤرخة في 27/6/2013 والمطعون ضدها الرابعة بصفتها استشاري المشروع، وقد حدث انهيار في سقف العقار بتاريخ 8/5/2015 وفق شهادة صادرة عن الإدارة العامة للدفـــــــــــــــــــــاع المدني، ومن ثم فالعلاقة كانت تعاقدية فيما بينهم وأن الطاعن لم يكن طرفا فيها نهائيا بصفة رسمية وهو ما أطرحه الحكم المطعون فيه وساير تقرير الخبير المنتدب رغم قصوره في هذا الشأن ودون الوقوف على الحقيقة وما ورد بتقرير نفس الخبير في تقريره الأول أمام محكمة أول درجة مما حجبه عن بحث الآثار المترتبة عن قضاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى في حق الطاعن والذي أصبح نهائيا وباتا ومرتبا لآثاره القانونية بهذا الخصوص ودون البحث – بعد ذلك – في مدى مسؤولية باقي أطراف الدعوى الأصليين ومن صحيفة الدعوى ودون اللجوء إلى خبرة ثالثة تحكيمية لإزالة التناقض بين الخبرتين – فيما تمضي أسباب انهيار العقار– وما إذا كان ناشئاً عن تقصير أو عيب في مواد الإنشاء– وصولاً لوجه الحق في الدعوى وهو ما يشوب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة ودون حاجة للتطرق لباقي أسباب النقض.
ثانيا بالنسبة للطعن رقم 851 لسنة 2018:
وحيث إنه وقد تم نقض الحكم المطعون فيه في الطعن رقم 843 لسنة 2018 وكان الفصل في الدعوى – يتوقف على تحقيق المسائل التي أشار إليها الحكم الناقض ومن ثم فإن الحكـــــم المطعون فيه يكون منقوضا مع الطعن الماثل نظرا لارتباطهما ارتباطا غير قابل للتجزئة.

* * *