الطعن رقم 196 لسنة 2020 مدني
صادر بتاريخ 04/05/2020
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/شهاب عبدالرحمن الحمادي رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: الحسن بن العربي فايدي، جمعة ابراهيم محمد راشد
1- الغاية من توثيق أو التصديق على عقد بيع المحل التجاري لدى كاتب العدل وقيده في السجل التجاري هو حماية المتعاقدين والغير من الدائنين للبائع وأصحاب الحقوق على المحل المبيع.

قانون اتحادي رقم 18: بإصدار قانون المعاملات التجارية (مادة 42)
2- بطلان العقد لعدم وجود لعقد بيع للرخصة التجارية في مفهومه القانوني موقع بين الطرفين ومشتمل لأركانه القانونية من تحديد للمبيع وثمن بيعه.

قانون اتحادي رقم 18: بإصدار قانون المعاملات التجارية (مادة 44)
3- سلطة محكمة الموضوع في الأخذ بتقرير الخبير محمولا على أسبابه شرط أن تكون النتيجة التي خلص إليها التقرير متفقة مع ما هو ثابت بالأوراق.
4- اعتبار الحكم المطعون فيه مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لطرحه اعتراضات الطاعن على تقرير الخبرة المأمور به استئنافيا ودون أن يبين عناصر المفاضلة على تقرير الخبير المنتدب ابتدائيا وتقرير الخبير الاستشاري ودون اللجوء إلى خبرة ثالثة تحكيمية.
المحكمة
حيث إن الوقائع _ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق الأخرى _ تتحصل في أن المدعي (المطعون ضده ) أقام الدعوى رقم 276/2019 مدني جزئي خورفكان على المدعى عليه (الطاعن ) بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 265,152,25 درهم مع فائدة 9% من تاريخ المطالبة حتى السداد التام على سند من القول إن المدعى عليه يملك محلا لتجارة العبايا والشيل ونظرا لكونه في ضائقة مالية أقرضه المدعي بطلب منه مبلغ 230,700 درهم على أن يقوم بسداده متى طلب منه ذلك وقد قام المدعي بتحويله له على دفعات بحسابه المفتوح بمصرف أبوظبي الإسلامي وبعد عجزه عن الوفاء عرض عليه بيعه المحل التجاري (............. ) على أن تتم تجربته لمدة ثلاثة أشهر وفي حالة رغبته يتنازل له عن المحل التجاري ورخصته وبالفعل تسلم ثلاثة أشهر ابتداء من فبرائر إلى آخر أبريل 2018 وسدد كامل المصروفات من إيجار المحل ورواتب العمال وغيرها إلا أن المدعى عليه قام بإلغاء الرخصة التجارية للمحل ودون إعطائه أية ضمانات أخرى رافضا التنازل عن الرخصة التجارية للمحل المذكور مما حدا به إلى إقامة الدعوى الماثلة.
وأثناء تداول الدعوى قدم المدعى عليه مذكرة جوابية طلب فيها رفض الدعوى، وتقدم بدعوى متقابلة طلب فيها الحكم بثبوت صحة انعقاد البيع للمحل التجاري بفرعيه الرئيسي والفرعي وإلزام المدعى عليه تقابلا بأن يؤدي له مبلغ 900 ألف درهم تعويضا عن الأضرار اللاحقة به نتيجة أفعال المدعى عليه بفسخه عقد البيع بإرادته أصلا واحتياطيا ندب خبير لبيان حقيقة الدعوى وإجراء محاسبة بين الطرفين ومدى التزام كل طرف بالتزاماته وتحديد الأضرار اللاحقة به من طرف المدعى عليه تقابلا وبيان قيمتها.
ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 17/1/2019 بندب خبير في الدعوى ونفاذا لذلك أنجز تقريرا في الموضوع وبعد التعقيب عنه قضت بجلسة 27/6/2019 برفض الدعويين الأصلية والمتقابلة؛ استأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم 68/2019 كما استأنفه المدعى عليه بالاستئناف رقم 69 /2019 ومحكمة الاستئناف حكمت بقبول الاستئنافين شكلا وقبل الفصل في الموضوع بإجراء خبرة حسابية لتحديد ماهية وقيمة الأضرار التي قد يكون تسبب فيها المستأنف في الاستئناف 68/2019 في المحل التجاري المذكور وفي محتوياته، ونفاذا لذلك أنجز الخبير المنتدب تقريرا في الموضوع وبعد التعقيب عنه من الطرفين قضت نفس المحكمة بما يلي :-في موضوع الاستئناف رقم 68/2019 المرفوع من المدعي أصليا بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى الأصليـــة والقضـــاء مجددا ببطــلان عقـــد البيــع _ موضوع الدعوى _ وإلزام المستأنف ضده بأن يؤدي للمستأنف مبلغ 200,700 درهم .
وفي موضوع الاستئناف رقم 69/2019 المرفوع من المدعي تقابلا بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى المتقابلة والحكم مجددا بإلزام المستأنف ضده تقابلا بأن يؤدي للمستأنف تقابلا مبلغ 72133,33 درهم وإجراء المقاصة في التنفيذ بين المبلغين المحكوم بهما، طعن الطاعن في هذا الحكم بالنقض بالطعن الماثل، وإذ عرض الطعن على هذه لمحكمة _ في غرفة مشورة _ فقررت بأنه جدير بالنظر في جلسة علنية يعلن لها الأطراف؛ وقدم المطعون ضده مذكرة جوابية طلب بمقتضاها رفض الطعن.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حين قضى ببطلان عقد البيع للمحل التجاري رغم أن العقد أبرم أمام كاتب عدل بخورفكان ووثق تنازله عنه وتم إصدار رخصة جديدة باسم المطعون ضده بتاريخ 4/2/2018 وتم عمل إعلان ذلك بإحدى الجرائد اليومية وأن المتنازل له هو الذي اكتفى بذلك ووقف عند هذا الحد دون إتمام إجراءات نقل الملكية بالسجل التجاري وقام بفسخ العقد عمليا بإخلائه ونقل كل ما يمكن نقله ولذا فالعقد تم صحيحا بين الطرفين عن إرادة حرة ولا يشوبها أي عيب من عيوب الرضى وهو ما اطرحه الحكم المطعون فيه مما يصمه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد؛ ذلك أن المقرر قانونا عملا بنص المادتين 42 و 44 من قانون المعاملات التجارية على أنه ولئن كان عقد بيع المحل التجاري من العقود الرضائية التي تتم وتنتج آثارها وما يترتب عليها من التزامات شخصية في جانب المتعاقدين متى كانت صحيحة مستكملة أركانها القانونية إلا أن المشرع أوجب إلى جانب إبرام هذا العقد صحيحا بين طرفيه إجراءات تالية هي توثيقه أو التصديق عليه لدى كاتب العدل وقيده في السجل التجاري حتى لا يلحقه البطلان ويتراخى انتقال ملكية المحل المبيع فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير إلى تاريخ القيد في السجل التجاري واتخاذ إجراءات النشر في الصحف على النحو الذي نص عليه القانون والمشرع إنما يهدف من اتخاذ هذه الإجراءات إلى حماية المتعاقدين والغير من الدائنين للبائع وأصحاب الحقوق على المحل المبيع.
لما كان ذلك وكان البين بالأوراق وما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه (بأن البين من أوراق الدعوى أنه لا وجود لعقد بيع للرخصة التجارية موضوع النزاع في مفهومه القانوني موقع بين الطرفين ومشتمل لأركانه القانونية من تحديد للمبيع وثمن بيعه واحترامه لكافة الإجراءات القانونية التي أوجبتها المواد 42 -44- 46 و47 من قانون المعاملات التجارية تحت طائلة البطلان...) وخلص مما ذكر إلى بطلان العقد لعدم تسجيله بالسجل التجاري وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذه النتيجة فإن النعي عليه يضحي على غير أساس خليقا بالرفض ومن ثم يكون الطعن في هذا الشق جديرا أيضا بالرفض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع حين رفض القضاء بتعويضه عن كافة الأضرار اللاحقة به من جراء ما قام به المطعون ضده من تخريب للمحل التجاري بكافة مقوماته وعناصره المادية والمعنوية وتكسير الديكورات مما دمر سمعة المحل التجارية التي أسسها الطاعن على مدى أربع سنوات وهو ما أثبته تقرير الخبرة الابتدائي وتقرير الاستشاري وأن الحكم عوض الأخذ بما ذكر أو رده بأسباب سائغة أخذ بتقرير الخبير المنتدب منها رغم قصوره وابتنائه على أسس غير صحيحة والتفت عن اعتراضاته الجوهرية والمؤيدة بحافظة المستندات ومنها فواتير المصروفات على النفقات بالمحل والتي لم يتم الاطلاع عليها ودون الإشارة إليها رغم تأثيرها في تغيير وجه الرأي في الدعوى مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الأخذ بتقرير الخبير محمولا على أسبابه إلا أن شرط ذلك أن تكون النتيجة التي خلص إليها التقرير متفقة مع ما هو ثابت بالأوراق وأن يفصح الخبير عن المصدر الذي استقى منه ما خلص إليه ودليله في ذلك وأنه إذا ما اعتد الحكم بهذا التقرير رغم الاعتراضات الموجهة إليه من الخصم وكانت هذه الاعتراضات تتضمن دفاعا جوهريا لو بحث وصح لكان له أثر في تقدير عمل الخبير والنتيجة التي خلص إليها وأغفل الرد على أوجه دفاعه فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب مما يوجب نقضه.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح اعتراضات الطاعن على تقرير الخبرة المأمور به استئنافيا ودون أن يبين عناصر المفاضلة على تقرير الخبير المنتدب ابتدائيا وتقرير الخبير الاستشاري ودون اللجوء إلى خبرة ثالثة تحكيمية للوقوف على حقيقة الواقع في الدعوى بما يعجز هذه المحكمة عن رقابتها في هذا الشأن ومن ثم يكون حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع الجوهري مما يوجب نقضه في هذا الشق مع الإحالة.

* * *