الطعن رقم 327 لسنة 2011
صادر بتاريخ 27/03/2012 (جزائي)
هيئة المحكمة: الرئيس فلاح شايع الهاجري والمستشاران رانفي محمد ابراهيم واحمد عبد الحميد حامد.
1 - وجوب القضاء بالبراءة في حال شك محكمة الموضوع في عناصر الاثبات شرط احاطتها بظروف الدعوى والادلة فيها.
2 - شروط صحة اصدار الاذن بالقبض والتفتيش.
3 - اختصاص سلطة التحقيق في تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الاذن بالتفتيش مع خضوعها لرقابة محكمة الموضوع.
4 - صحة الحكم القاضي بالبراءة في جريمة حيازة المخدرات استناداً الى بطلان اذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامـة أسندت إلـى المطعون ضـدها أنـها بتاريـخ 31/1/2011 بدائرة الشارقة - حازت بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال مادة مخدرة (حشيش) في غير الأحوال المرخص بها قانونا، وطلبت عقابها طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 1، 6/1، 48/1، 56/1، 63 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والبند 19 من الجدول رقم 1 والمرفق بالقانون الاتحادي سالف الذكر، وبتاريخ 24/5/2011 حكمت محكمة جنايات الشارقة حضوريا وبإجماع الآراء بسجن المتهمة....... عشر سنوات وتغريمها خمسين ألف درهم عما هو مسند إليها وإبعادها عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. استأنفت المتهمة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1791 لسنة 2011، أمام محكمة استئناف الشارقة، وبتاريخ 27/7/2011 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد ببراءة..... من التهمة المسندة إليها، طعنت نيابة استئناف الشارقة على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل.
وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال ذلك أن الشرطية منى راشد التي قامت بتفتيش مسكن المتهمة قد قامت بضبط المواد المخدرة بغرفتها وفي درج دولاب ملابسها وقد اعترفت المتهمة أمام الشرطية أن تلك المخدرات تعود لها وأنها حصلت عليها من شخصين من الجنسية الإيرانية وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى القول ببطلان أقوال الشاهدة المذكورة ورتب على ذلك القضاء ببراءة المتهمة فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر وفقا للمادة 26 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة " أن الحرية الشخصية مكفولة لجميع المواطنين ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه إلا وفق أحكام القانون " وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في ثبوت الاتهام لكي تقضي بالبراءة إذ أن مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهمة أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات،
وكان يشترط لصحة إصدار الإذن بالقبض والتفتيش أن يكون مسبوقا بتحريات جدية ترجح نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه، وإنه وإن كان
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش موكلا لسلطة التحقيق إلا أن الأمر في ذلك خاضع لرقابة محكمة الموضوع فهي الرقيبة على قيام المسوغات التي تراها سلطة التحقيق مبررة لإصدار الأمر بالتفتيش فإذا هي – في حدود سلطتها التقديرية – أهدرته نتيجة عدم اطمئنانها إلى ما تم من تحريات أو بتشككها في صحة قيامها أصلا أو أنها في تقديرها غير جدية فلا تثريب عليها في ذلك لأنه من الموضوع الذي يستقل به قاضي الموضوع بغير معقب، لما كان ذلك
وكان الحكم المطعون فيه قد شكك في صحة الأمر بالقبض والتفتيش التي تمت الإجراءات في الدعوى بمقتضاه لما ساقته من أسباب سائغة جوهرها انعدام التحريات السابقة على الإذن وذلك وفق ما أورده بقوله " والمحكمة باستقرائها لوقائع القضية وما تم فيها من تحقيقات ووقوفها على أقوال شاهد الضبط الملازم...... الذي شهد أن مصادرهم السرية أفادت بأنه شخص يدعى...... يحوز مواد مخدرة للترويج والتعاطي وقرر أنه لا يعلم عن أية تحريات سابقة، كما أن التحريات بالنسبة للمتهمة شيرين لم تكن مؤكدة، كما أن جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الاذن بالتفتيش ينطق به ما ورد بمحضر ضبط كل من...... – سوري الجنسية - و....... – مصرية الجنسية والذي جاء فيه (أنه في تمام الساعة السادسة من مساء الخميس الموافق 31/1/2011 انتقل فريق الضبط المشكل من الملازم...... والرقيب..... والشرطية...... ومجموعة أخرى من أفراد القسم إلى مقر سكن المذكوران ببناية الهدى بمنطقة المجاز وليس كما ورد في إذن النيابة العامة بمنطقة الخان) وعليه فإن ذلك كله يتم عن ضعف التحري وعدم جديته، ومن ثم لا يسوغ للنيابة العامة إصدار إذن التفتيش لعدم جدية التحريات، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى قوله وكان هذا التفتيش والضبط مبنى على إذن باطل مما يتعين معه بطلان الضبط والتفتيش وما نتج عنهما مرتبا على ذلك براءة المتهمة....... من التهمة المسندة إليها، وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن لا تماري فيه النيابة في أسباب طعنها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون تعييب النيابة العامة الوارد بوجه النعي على غير أساس متعين الرفض.

* * *